الملاذ الآمن: الفضة تواصل الصعود مدعومة بتوقعات خفض الفائدة الأمريكية
سجلت أسعار الفضة ارتفاعًا ملحوظًا في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، مدعومة بتزايد التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيواصل سياسة التيسير النقدي في ديسمبر المقبل، بحسب تقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن».
وأوضح التقرير أن سعر جرام الفضة عيار 800 ارتفع من 65 إلى 68 جنيهًا، وعيار 925 سجل نحو 79 جنيهًا، فيما بلغ عيار 999 حوالي 85 جنيهًا، واستقر جنيه الفضة عند 632 جنيهًا.
أما عالميًا، فقد صعدت الأوقية من 48 إلى 51 دولارًا، بعد أن كانت قد لامست منتصف أكتوبر مستوى 55 دولارًا — وهو الأعلى منذ أربعة عقود — لتواصل الفضة بذلك مكاسبها لليوم الثالث على التوالي، مستفيدة من توقعات خفض أسعار الفائدة.
وتشير بيانات CME FedWatch إلى أن الأسواق تسعّر حاليًا احتمالية خفض جديد للفائدة بأكثر من 60%، ما يزيد من جاذبية الأصول غير المدرة للعائد مثل الفضة.
ويأتي ذلك وسط مؤشرات اقتصادية أمريكية ضعيفة، أبرزها تراجع مؤشر ثقة المستهلك بجامعة ميشيجان إلى 50.3 في نوفمبر، وهو أدنى مستوى منذ منتصف 2022، إلى جانب انخفاض التوظيف وضعف مبيعات التجزئة.
ويرى التقرير أن هذه التطورات تعزز التوقعات بأن الفيدرالي الأمريكي سيركز على دعم النمو الاقتصادي بدلًا من التشدد في مواجهة التضخم، وهي بيئة عادة ما تكون مواتية للمعادن الثمينة.
وفي سياق متصل، ساهم الحل الجزئي لأزمة الإغلاق الحكومي الأمريكي في تحسين معنويات المستثمرين، رغم استمرار المخاوف بشأن تبعاته الاقتصادية.
فقد أقر مجلس الشيوخ مشروع قانون التمويل بأغلبية 60 صوتًا مقابل 40، تمهيدًا لإعادة فتح الوكالات الفيدرالية خلال الأيام المقبلة، إلا أن تأخر صدور البيانات الاقتصادية الرسمية قد يعيق تقييم الفيدرالي لأداء الاقتصاد.
من جانبه، استقر مؤشر الدولار الأمريكي حول مستوى 99.60، في انتظار إشارات جديدة من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، بينما حذّر بنك ING من أن الأسواق قد تقلل من تقدير مخاطر تراجع الدولار في حال عودة البيانات إلى الظهور وضعف مؤشرات النمو.
ويؤكد التقرير أن الفضة تظل مدعومة بمزيج من الطلب على الملاذ الآمن والتوقعات النقدية المتساهلة، رغم أن تحسن المشهد السياسي قد يحد من وتيرة الصعود.
ويُذكر أن أكثر من 60% من الطلب العالمي على الفضة يأتي من الاستخدامات الصناعية، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والطاقة الشمسية، مما يجعلها حساسة للتقلبات الاقتصادية والابتكارات الصناعية.
وأشار التقرير إلى أن العجز في المعروض من الفضة مستمر للعام الخامس على التوالي، نتيجة ارتفاع الطلب الصناعي واستنزاف المخزونات فوق الأرض إلى مستويات حرجة.
وفي ظل الرسوم الجمركية الأمريكية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، لجأت البنوك وصناديق الاستثمار إلى تخزين كميات كبيرة من الفضة في نيويورك تحسبًا لأي قرارات مفاجئة.
وفي المقابل، أدى الطلب الهندي القياسي إلى تراجع المعروض في لندن وارتفاع معدلات تأجير الفضة إلى مستويات تاريخية تجاوزت 34% الشهر الماضي، مع ظهور ظاهرة التراجع السعري نتيجة ارتفاع الأسعار الفورية بوتيرة أسرع من العقود الآجلة.
ويضيف التقرير أن إدراج الفضة ضمن قائمة المعادن الحيوية الأمريكية يعزز مكانتها كعنصر استراتيجي، إذ أعلنت الحكومة الأمريكية في أبريل عن تحقيق بموجب المادة 232 لدراسة سلاسل توريد المعادن الحيوية وتقليل الاعتماد على الواردات، وهو ما قد يرفع من تقلّبات السوق ويزيد الضغط على الإمدادات.
وحذّر التقرير من أن استمرار صعود الأسعار قد يدفع شركات الطاقة الشمسية إلى ترشيد استهلاك الفضة في الألواح، نظرًا لأنها تمثل نحو 15% من تكلفة الإنتاج، وقد يتجه بعض المصنعين إلى استخدام النحاس كبديل رغم أن التقنية لا تزال محدودة التجارب.
وأشار التقرير إلى أن احتياطيات الفضة في مستودعات رابطة سوق لندن (LBMA) ارتفعت في أكتوبر بنسبة 6.8% لتصل إلى 26,255 طنًا متريًا، بقيمة إجمالية بلغت 41.3 مليار دولار، مما خفّض تكاليف الاقتراض قصيرة الأجل قليلًا رغم بقائها مرتفعة تاريخيًا.
في المقابل، شهدت مستودعات كوميكس الأمريكية خروج نحو 1568 طنًا من الفضة منذ مطلع أكتوبر، ما يعكس تحوّلًا في مراكز التخزين العالمية.
ويشير خبراء السوق إلى أن نقص المعروض المادي في بعض المناطق أدى إلى ارتفاع الأسعار الشهر الماضي، لكن دانيال غالي، كبير استراتيجيي السلع في TD Securities، حذّر من أن السوق ما زالت عرضة لتصحيحات جديدة مع تحسن الإمدادات.
وختم التقرير بالإشارة إلى أن الفضة استعادت بريقها بعد إدراجها رسميًا ضمن قائمة هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية للمعادن الأساسية لعام 2025، الأمر الذي يُتوقع أن يعزز الطلب الصناعي عليها ويزيد من ضيق الأسواق الفعلية، رغم بقاء احتمالات التصحيح قائمة على المدى القصير.
























