محمد رضا: حزمة الاتحاد الأوروبي لمصر تتجاوز التمويل إلى شراكة استراتيجية طويلة المدى

أكد محمد رضا الرئيس التنفيذي لمجموعة سوليد كابيتال أفريقيا والخليج العربي، أن الدعم الأوروبي لمصر يعكس ثقة متبادلة وشراكة استراتيجية تتجاوز مجرد التمويل إلى بناء القدرات ونقل الخبرات، مشيرا إلى أن أوروبا تراهن على نجاح التجربة المصرية في التحول الاقتصادي الشامل، باعتبارها نموذج واعد في المنطقة يجمع بين الإصلاح والاستدامة.
دعم أوروبي شامل يتجاوز التمويل
وفي خطوة جديدة تعزز من عمق الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي، تستعد القاهرة لتوقيع الشريحة الثانية من حزمة الدعم الأوروبي بقيمة 4 مليارات يورو خلال القمة المشتركة بين الجانبين في بروكسل، وذلك ضمن برنامج تمويلي شامل بقيمة 7.4 مليار يورو يهدف إلى دعم الاقتصاد المصري في ظل التحولات العالمية والتحديات الداخلية والخارجية.
وقال محمد رضا إن هذه الحزمة تمثل ترجمة فعلية لشراكة استراتيجية تتجاوز الإطار التمويلي لتلامس جوهر التحول الاقتصادي الذي تسعى مصر لتحقيقه، بما يتيح لها فرصا لتعزيز اقتصادها وترسيخ مكانتها كشريك موثوق في الإقليم، قادر على أن يتحول إلى مركز للإنتاج الأخضر والنمو الذكي وركيزة للاستقرار السياسي في جنوب المتوسط.
ويرى محمد رضا أن هذه الشراكة تتطلب التزام متبادل، فالحزمة الأوروبية تمثل ثقة متبادلة واستثمارا طويل الأجل في مصر، لكنها في الوقت ذاته تحمل الحكومة مسؤولية الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات وضمان الشفافية وتسريع وتيرة المشروعات لتحقيق نتائج ملموسة للمواطن في صورة خدمات محسّنة ووظائف جديدة وبيئة أكثر استدامة وعدالة.
استثمار في مستقبل الاقتصاد المصري
وأضاف محمد رضا أن الحزمة الأوروبية ليست مجرد أموال تضخ في شرايين الاقتصاد المصري، بل هي "تصويت بالثقة" في مستقبل الاقتصاد واستثمار في استقراره ونموه واندماجه في النظام الاقتصادي العالمي.
وأوضح أن طبيعة المشروعات الممولة تكشف عن رؤية طويلة المدى للتعاون بين الجانبين، تشمل استثمارات طويلة الأجل، نقل تقنيات متقدمة، وخبرات أوروبية إلى السوق المصري، خاصة في قطاعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر التي تمتلك فيها مصر مزايا تنافسية وموقع استراتيجي يجعلها مركز إقليمي واعد.
دعم التحول الرقمي والإصلاحات الاجتماعية
وأشار محمد رضا إلى أن الاتحاد الأوروبي ركز على التحول الرقمي لتعزيز الكفاءة المؤسسية وتسهيل الخدمات الحكومية والمالية، إلى جانب الإصلاحات الاجتماعية في مجالات الحماية الاجتماعية والتعليم والرعاية الصحية وإدارة الهجرة والتنمية المحلية، وهي ملفات تخدم الأهداف التنموية بعيدة المدى وتحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر حلول اقتصادية وتنموية متكاملة.
وأضاف أن الحزمة التمويلية الأوروبية تشمل 600 مليون يورو كمنح لدعم أولويات مثل الاستدامة والطاقة المتجددة، و1.8 مليار يورو عبر مؤسسات التمويل الأوروبية لدعم مشروعات تنموية كبرى، و75 مليون يورو للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، و100 مليون يورو لبناء القدرات والتنمية المستدامة، إلى جانب تمويل التحول الرقمي ومنظومة التوقيع الإلكتروني في المؤسسات الحكومية المصرية، وهو ما يمثل نقلة نوعية في تحديث بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات.
الاستثمار في الاستقرار والتنمية المحلية
وأوضح رضا أن تخصيص 200 مليون يورو لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتعزيز قدرات الدولة في إدارة الملف يعكس جانبا من التفاهم السياسي والاستثماري معا، حيث يوجه جزء من التمويل إلى تنمية المجتمعات الحدودية والمهمشة بما يحقق استقرارا اجتماعيا واقتصاديا مستداما.
تزامن مع تحسن التصنيف الائتماني وتوقعات إيجابية
ولفت محمد رضا إلى أن توقيع الشريحة الثانية يأتي بالتزامن مع رفع التصنيف الائتماني لمصر من قبل مؤسسات التصنيف الدولية، وإشادة صندوق النقد الدولي بالتقدم في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وأشار إلى أن توقعات الصندوق بانخفاض الدين العام وتحسن المؤشرات الكلية وتراجع التضخم إلى 11.8% العام المقبل وزيادة النمو إلى 4.3% في 2024/2025 ثم 5.6% في 2026، تؤكد أن الدعم الأوروبي ليس إجراء إنقاذيا طارئا، بل تعزيز لمسار الإصلاح الذي بدأ يؤتي ثماره.
تأثير مباشر على الاقتصاد والاستثمار
وأكد رضا أن الحزمة الأوروبية ستنعكس إيجابيًا على التحول الاقتصادي المصري من خلال تعزيز الاستقرار المالي وتقليص الفجوة التمويلية وتقليل الحاجة إلى الاقتراض قصير الأجل.
كما تسهم في سد فجوة التمويل بالنقد الأجنبي من جهة موثوقة، مما يقلل الضغط على الاحتياطي النقدي ويعزز الثقة في الاقتصاد المصري أمام المستثمرين الأجانب.
وأشار إلى أن تمويل مشروعات الطاقة والبنية التحتية سيؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة وتحسين الخدمات الأساسية، كما يساهم في دعم العملة المحلية وخفض معدلات التضخم بفضل تدفق النقد الأجنبي وتحسين القدرة الشرائية للمواطن.
نقل الخبرات وبناء القدرات
أكد محمد رضا على أن الدعم الأوروبي يفتح الباب أمام نقل التكنولوجيا والخبرات الأوروبية إلى السوق المصري، وتمكين الدولة إداريا ورقميا من خلال تحديث البنية التكنولوجية وتبني أدوات التوقيع الرقمي، مما يسرع الإجراءات وتحسين مناخ الأعمال، ويعزز ثقة المستثمرين الدوليين في السوق المصري كمركز إقليمي جاذب ومستقر.