الأموال
الجمعة، 19 أبريل 2024 10:44 مـ
  • hdb
10 شوال 1445
19 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د.محمد فراج يكتب : قمة ”بايدن - بوتين” تبعد الأزمة الأوكرانية عن حافة الهاوية

الكاتب الصحفى د. محمد فراج أبوالنور
الكاتب الصحفى د. محمد فراج أبوالنور

نزع فتيل المواجهة لا يلغيها.. لكنه يفتح الباب للتفاوض
محادثات روسية - أمريكية ـ أطلسية - أوروبية تعيد الأمل فى السلام
بايدن: مسار دبلوماسى للتهدئة.. وبوتين: متمسكون بالحوار وبمصالحنا
أوكرانيا.. أخطر بؤرة للحرب مطلوب إطفاؤها قبل أن تحرق أوروبا

للمرة الثانية خلال أقل من شهر يعقد الرئيسان الأمريكى جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين قمة افتراضية بينهما عبر الإنترنت، القمة التى أعلنت وسائل الإعلام مساء الأربعاء (٢٩/ ١٢) عن انعقادها بصورة عاجلة (الخميس ٣٠/ ١٢) وسط إجازات أعياد الميلاد.. الطابع العاجل للقمة فرضته ضرورة نزع فتيل التوتر الحاد المتصاعد على الحدود الروسية - الأوكرانية، وفى شرق أوروبا والذى يمكن أن تندلع منه شرارة صغيرة فى أي لحظة فتشعل حربا واسعة فى شرق أوروبا، قد تتحول إلى مواجهة شاملة بين روسيا و«الناتو» خاصة أن زعماء أوكرانيا وعدد من الدول الصغيرة في المنطقة، وخاصة بولندا ودول البلطيق لا يدخرون جهدا في إطلاق التصريحات النارية، فضلا عن تحركات عسكرية فى أوكرانيا بالذات، يمكن أن تطلق شرارة المواجهة لذلك كان خبر انعقاد القمة فى حد ذاته خبرا طيبا وربما لأنه عبَّر عن إدراك العملاقين النوويين لخطورة الوضع، وضرورة نزع فتيل الاشتعال بصورة عاجلة.
الأزمة الأوكرانية التى تثير هذا التوتر ترجع جذورها إلى مرحلة انهيار الاتحاد السوفيتى (٢٦ ديسمبر ١٩٩١) والتى سبقها انهيار حلف وارسو وسقوط النظم الاشتراكية فى شرق ووسط أوروبا عام ١٩٨٩، وانسحاب القوات السوفيتية من هذه البلدان، فبعد تفكك الاتحاد السوفيتى مباشرة تبنت الولايات المتحدة والدول الأعضاء في «الناتو» سياسة توسيع الحلف باتجاه الشرق ومحاصرة وإضعاف روسيا والتى تجسدت فى ضم دول وسط وشرق أوروبا، تباعا إلى الحلف «المجر والتشيك وسلوفاكيا وبولندا ورومانيا وبلغاريا التى كانت أعضاء فى حلف وارسو» وذلك أثناء حكم بوريس يلتسين الذى اتسم بتبعية شبه تامة للغرب، وخاصة الولايات المتحدة وسيطرة اللوبى الصهيونى وما يسمى بـ«الاتجاه الأطلسى» على الدولة الروسية، ثم تمكن «الناتو» من التقدم نحو الدول التى كانت ضمن قوام الاتحاد السوفيتى السابق، ليضم جمهوريات البلطيق الثلاث «استونيا وليتوانيا ولاتفيا» عام ٢٠٠٤، وهى الدول المجاورة مباشرة للحدود الروسية.
أوكرانيا.. الجائزة الكبرى
لكن أوكرانيا ظلت الدولة الأكثر أهمية بين الجمهوريات السوفيتية السابقة - دول شرق أوروبا عموما - التى يسعى حلف «الناتو» لضمها إلى صفوفه، وإبعادها عن روسيا ولا يرجع هذا إلى مساحتها الكبيرة وعدد سكانها (٤٥ مليون نسمة تقريبا) ومستوى تطورها الصناعى والعسكرى فحسب، وإنما يرجع قبل كل شىء إلى موقعها الاستراتيجى الفريد وبالغ الأهمية، إذ تمتد الحدود بينها وبين روسيا بطول ١٥٠٠ كيلو متر «ألف وخمسمائة كيلومتر» محاذية للمنطقة الصناعية والزراعية المركزية فى روسيا، والأكثر ازدحامًا بالسكان، مما يجعل السيطرة عسكريًا على أوكرانيا تمثل تهديدا بالغ الخطورة على الأمن القومى الروسي.
ومن ناحية أخرى فإن أوكرانيا تسيطر على سواحل طويلة على البحر الأسود، منفذ روسيا إلى المياه الدافئة، والأهم من ذلك أنها تُسيطر على شبه جزيرة القرم الاستراتيجية التى يوجد بها ميناء «سيفاستوبول» القاعدة الرئيسية للأسطول الروسى فى البحر الأسود منذ العهد الإمبراطورى «قبل تأسيس الاتحاد السوفيتى» والقرم هى أرض روسية أصلا، لكنها انتقلت إلى أوكرانيا «بقرار إدارى» من الزعيم السوفيتى أوكرانى الأصل، خروشوف، فى خمسينيات القرن الماضى، ولم يصدق البرلمان الروسى أو السوفيتى على هذا القرار، الذى لم تكن له أهمية استراتيجية طالما ظلت أوكرانيا جزءا من الاتحاد السوفيتى، غير أنه حينما تفكك الاتحاد السوفيتى لم يهتم يلتسين باستعادة القرم (٢٧ ألف كم٢) التي أصبحت بما لها من أهمية استراتيجية قصوى جزءا من أوكرانيا، معترفا به دوليا، بالرغم من انتمائها التاريخى لروسيا، ومن أن (٧٥٪) من سكانها هم من الروس.
ومن ناحية ثالثة فإن أوكرانيا هى دولة المرور «الترانزيت» الأساسية للغاز الروسى إلى أوروبا الوسطى والغربية، كما أن التبادل التجارى ضخم بين البلدين بحكم حجم اقتصاديهما وترابطهما التاريخى منذ العهد السوفيتى، وتجاوزهما وشبكة الطرق الممتدة بينهما، وبالتالي فإن ابتعاد أوكرانيا عن روسيا يمكن أن يتسبب فى خسائر اقتصادية هائلة لموسكو، فضلا عن الجوانب الاستراتيجية ذات الأهمية القصوى المشار إليها أعلاه، وعن اعتبارات «الهيبة والمكانة» بالنسبة لروسيا، علما بأن الروابط التاريخية والسكانية عميقة بين البلدين «حوالى ٢٠٪ من سكان أوكرانيا من أصل روسى»، بل إن اسم «أوكرانيا» نفسه يعنى باللغة الروسية «الطرف أو الحد أو التخوم» حيث تمثل أوكرانيا تاريخيا منطقة الحدود الغربية للإمبراطورية الروسية ثم للاتحاد السوفيتى السابق.
ويجب هنا أن نضيف اعتبارا هاما يتصل بأن الأصول العرقية للشعبين تعود إلى الفروع الشرقية للجنس السلافى، ويتحدثان لغتين متقاربتين بشدة، وكانا حتى وقت قريب يتبعان كنيسة واحدة «الأرثوذكسية الروسية»، بل إن أول دولة أقامتها القبائل الروسية فى القرن العاشر الميلادى وكانت تحمل اسم «كييف كايا روس» أى «روسيا الكييفية»، أى أن الروابط التاريخية والعرقية واللغوية والثقافية بين الشعبين عميقة الجذور، وهى كذلك أيضًا بينهما وبين شعب بيلاروسيا، لذلك كان طبيعيا أن تعتبر هذه الشعوب بعضها البعض «شقيقة»..
وعلى ضوء كل ما ذكرناه كان مفهومًا أن يدور صراع شديد حول أوكرانيا، بين حلف «الناتو» الساعى لضمها، وروسيا الحريصة على الدفاع عن مصالحها الاستراتيجية والأمنية ومكانتها ونفوذها التاريخيين فى البلد المجاور «الشقيق».

أوكرانيا بين روسيا والناتو
ولا يتسع المقام هنا للحديث التفصيلى عن محطات هذا الصراع، وحسبنا أن نذكر أن العمل النشيط للغاية لأجهزة المخابرات الأمريكية والغربية بين صنوف المثقفين والنخبة السياسية والاقتصادية الأوكرانية وحالة السخط الجماهيرى الواسعة بسبب سياسة العلاج بالصدمة والخصخصة المنغلقة من أى ضوابط قانونية مما أدى إلى انتشار البطالة وتدهور مستوى المعيشة والتمايز الاجتماعى الصارخ، كل هذه كانت أسبابا لبروز تيار لا يستهان به، يتطلع إلي الغرب ومساعداته الاقتصادية أو الهجرة إليه كمخرج من أوضاع الأزمة الاقتصادية والمعيشية الطاحنة، وهو ما استندت إليه «الثورة البرتقالية ٢٠٠٤» فى إيصال «بوشينكو» المعروف بولائه للغرب والحركة الصهيونية إلى كرسى رئاسة الدولة، ليفتح الأبواب على مصاريعها للنفوذ الغربى، وليبدأ الحديث عن ضرورة الانضمام للناتو والاتحاد الأوروبى، غير أن «بوشينكو» والتيار الذي يمثله خسر أولى انتخابات رئاسية تالية (٢٠١٠) بسبب انتشار الفساد والبطالة وتدهور الأوضاع الاقتصادية، ليفوز بالرئاسة «بانوكوفيتش» الرافض للناتو والمؤيد لتوثيق العلاقات مع روسيا، والذى عقد معها اتفاقي0ة لمد إيجار قاعدة «سيفاستوبول» حتى عام ٢٠٤٢، كما رفض توقيع اتفاقية إطارية للتعاون مع الاتحاد الأوروبى، كانت تقضي برفع الدعم عن السلع الزراعية الأوكرانية، وفتح الأبواب أمام السلع الزراعية الأوروبية بشروط تفصيلية، مما كان من شأنه الإضرار بالمزارعين الأوكرانيين.
وكان ذلك سببا مباشرا لتحرك الاتجاه الموالي للناتو والاتحاد الأوروبى ضد الرئيس بدعم وتمويل من أجهزة المخابرات الغربية وفيما عرف بـ«ثورة الميدان» التى استخدم المشاركون فيها العنف والسلاح لاقتحام المبانى الحكومية والإطاحة بالرئيس المنتخب، وهى أحداث شارك فيها السيناتور الأمريكى الراحل «جون ماكين» ومساعدة وزير الخارجية الأمريكية «فيكتور نولاند» شخصيا ونشرت الصحف والشاشات صورهما وسط المتظاهرين فى العاصمة الأوكرانية «كييف» - فبراير ٢٠١٤.
السلطات الجديدة أعلنت على الفور عزمها على إلغاء اتفاقية تأجير قاعدة «سيفاستوبول» لروسيا، ومطالبة الأسطول الروسى بمغادرة القاعدة، وأنه سيتم تسليمها لقوات النات، وهو ما لم تكن روسيا مستعدة للقبول به بأى حال، فحركمت قواتها فى القرم للسيطرة على شبه الجزيرة بسرعة، وأجرت استفتاء بين سكانها «ذوي الأغلبية الروسية» الذين وافقوا بأغلبية ساحقة إلى وطنهم الأم.. روسيا (مارس ٢٠١٤).
التحرك الروسى السريع والمفاجئ أثار غضبا عارما فى كل عواصم الناتو التى طالبت موسكو بالانسحاب، وهو مارفضته روسيا، فتم فرض عقوبات اقتصادية قاسية ضدها من جانب أمريكا والاتحاد، وقرر «الناتو» نشر «الدرع الصاروخية» ونشر قوات إضافية فى الدول الأعضاء الأقرب إلى الحدود الروسية، وتقديم مساعدات عسكرية كبيرة لأوكرانيا.
ولم يكن الأوروبيون ميالين إلى التصعيد العسكرى أكثر من ذلك حرصا على عدم دفع روسيا لتعزيز علاقاتها بالصين، كما لم يبد الرئيس الأمريكى ترامب حماسا لاتخاذ إجراءات من شأنها تكبيد أمريكا نفقات عسكرية أكبر من أجل أوكرانيا والقرم، خاصة فى ظل خلافاته مع الحلفاء الأوروبيين حول قضية تمويل الحلف.
مشكلة الدونباس
من ناحية أخرى فإن السلطات الأوكرانية الجديدة «بعد يانوكوفيتش» اتخذت قرارا بإلغاء وضع اللغة الروسية كلغة رسمية ثانية، وبإغلاق القنوات التليفزيونية والإذاعية الناطقة بالروسية فى منطقة الدونباس، جنوب شرقى أوكرانيا، حيث توجد أغلبية سكانية روسية الأصل، وهو الإجراء الذى دفع قيادات المنطقة «محافظتى دونينسك ولوجانسك» لإعلان استقلال المحافظتين، تحت اسم جمهوريات، وتحرك الجيش الأوكرانى إلى المنطقة، واشتعلت الحرب الأهلية ولقى عشرة آلاف إنسان مصرعهم لكن الجيش تعرَّض لخسائر فادحة، دون أن يستطيع السيطرة على المنطقة، التى قدمت لها روسيا دعما عسكريا كبير دون اعتراف باستقلال الجمهوريتين.
وتدخلت ألمانيا وفرنسا لوقف القتال، وتم التوصل لما عُرف بـ«اتفاقيات مينسك» التى تقتضى بتغيير الدستور الأوكرانى لمنح «الجمهوريتين» نوعا من الحكم الذاتى والاعتراف بالحقوق الثقافية واللغوية لسكانهما ذوى الأغلبية الروسية، وتشكلت مجموعة عرفت باسم «صيغة نورماندى» للإشراف على تنفيذ اتفاقيات مينسك، ضمت كلا من روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا، غير أن الحكومة الأوكرانية لم تنفذ التزاماتها بمقتضي اتفاقيات مينسك، وعادت إلى حشد القوات لمواجهة «الدونباس» محاولة تصفية الوضع الذي تسميه «انفصاليا» فيها بالقوة العسكرية دون نجاح حتى الآن.
وهكذا نشأ وضع فقدت فيه أوكرانيا القرم، ولا تستطيع استعادة السيطرة على «الدونباس» ولا تريد تنفيذ «اتفاقيات مينسك» وهو وضع لا يعطيها الحق فى الانضمام إلى حلف الناتو وفقًا لميثاق الحلف الذى يمنع قبول الدول المنخرطة فى نزاعات حدودية.
الحرب هى الحل!
الأمر الذى لا يقل أهمية هو أن الاقتصاد الأوكرانى فى حالة من التدهور الشديد بسبب الحرب الأهلية من ناحية، وسوء الإدارة وانعدام الكفاءة والمهنية من ناحية أخرى «رئيس الدولة ممثل كوميدى سابق، وعدد كبير من مساعديه من الهواة» وتفشى الفساد فى أجهزة الدولة وإدارة الاقتصاد من جهة ثالثة.. وبالتالى فإن أوكرانيا بعيدة تماماً عن معايير الانضمام للاتحاد الأوروبى «المقدمة المطلوبة للانضمام لاحقا للحلف الأطلسى، مثلما حدث مع بقية دول وسط وشرق أوروبا الأخرى» ولا يوجد من لديه استعداد لإنفاق مئات المليارات من الدولارات على اقتصاد ينخره الفساد وسوء الإدارة فى دولة كبيرة مثل أوكرانيا، لإنهاض اقتصادها بحيث يصل إلى المعايير المطلوبة لعضوية الاتحاد الأوروبى.
لذلك قررت القيادة الأوكرانية «الهروب إلى الأمام» أو «الهروب إلى الحرب» بالدخول فى مواجهة مع روسيا واستدعاء الناتو لمساعدتها فى هذه المواجهة غير المتكافئة، فحشدت قوات ضخمة لشن هجوم على منطقة الدونباس وهى تعرف أن روسيا لا يمكن أن تترك حلفاءها وبنى جلدتها فريسة للجيش الأوكرانى.. علمًا بأن هناك حوالي سبعمائة ألف منهم يحملون جوازات سفر روسية بالفعل، واجتياح ذلك الجيش للمنطقة يمثل ضربة لـ«هيبة» روسيا لا يمكن أن يسمح بها الكرملين، وبالتالى لجأت روسيا لحشد قوات ضخمة «تقدرها المصادر الغربية بأكثر من مائة ألف رجل» لردع أوكرانيا عن اجتياح المنطقة، لترتفع الأصوات فى عواصم الناتو بأن موسكو تستعد لغزو أوكرانيا «بالرغم من تأكيدات الكرملين المتكررة بأن هذا غير وارد الحدوث» وبضرورة ردع الدب الروسي.
ردع روسيا ومخاطر الصدام
وعلى الفور بدأت واشنطن وغيرها من عواصم «الناتو» تتحدث عن خطط روسية لغزو أوكرانيا، وعن عقوبات اقتصادية بالغة القسوة يمكن أن تشل الاقتصاد الروسى فعلا، مثل الطرد من نظام سويفت للمبادلات المالية الدولية، فى حالة الغزو الروسى لأوكرانيا، وكانت إدارة بايدن المهتمة أكثر من إدارة ترامب بترميم العلاقات مع أوروبا، وتوسع الناتو شرقا قد اتخذت منذ عدة أشهر قرارًا بالتخلى عن اتفاقية سابقة «منذ الثمانينيات» بإزالة الصواريخ متوسطة المدى «حتى ٥٥٠٠كم/ خمسة آلاف وخمسمائة كم» من وسط أوروبا، وأعلنت أنها ستعيد نشر هذه الصواريخ فى شرق أوروبا أيضا، الأمر الذى يعنى إمكانية وصولها للأراضى الروسية خلال دقائق.
كما بدأت أمريكا ودول الناتو فى تزويد الجيش الأوكرانى بأسلحة هجومية مما زاد شهيته للهجوم على «الدونباس» بمساعدة من مستشارين أمريكيين وبريطانيين تم نشرهم شرقى أوكرانيا فى نوع من «حرب الاستنزاف» لا تصل إلى الاحتياج الشامل لكنها ترفع مستوى التوتر بشدة.
ومن ناحية أخرى طالب الناتو روسيا بسحب قواتها من منطقة الحدود مع أوكرانيا، مع الإعلان فى الوقت عن عزم الحلف على نشر صواريخ وأسلحة هجومية أخرى على أراضى أوكرانيا، متزامنا مع نشر قوات أطلسية، وإجراء مزيد من المناورات المشتركة وإمداد الجيش الأوكرانى بأسلحة هجومية أكثر تطوراً.
الخطوط الحمراء
وواضح أن هذا كله معناه ضم أوكرانيا فعليا إلي الناتو بغض النظر عن الوضع القانونى، ووصول قوات الحلف إلى الحدود الروسية فعلا، وتشكيل تهديد خطير للأمن القومى الروسي، وهو ما اعتبره بوتين «تجاوزًا للخطوط الحمراء» لا يمكن أن تسمح موسكو به، وأعلن بايدن أن فكرة الخطوط الحمراء غير مقبولة، وأكد على حق أوكرانيا فى الانضمام للحلف، معيدًا التأكيد على تهديداته بالعقوبات، إذا لم تسحب روسيا قواتها من منطقة الحدود، وعلى تصعيد العقوبات إذا حدث غزو لأوكرانيا، وهو ما أكدته اجتماعات قيادة «الناتو» مؤخرا معلنة أن هذه مسألة سيادية لا يحق لروسيا التدخل فيها، وأن عليها سحب قواتها المحتشدة بالقرب من الحدود الأوكرانية، ومعروف أن الحديث عن «الخطر الروسى» يجعل أوروبا تصطف خلف أمريكا، حتى إذا لم تكن مقتنعة تماماً بوجود الخطر.
ونود هنا التأكيد على أن الروس ليسوا شعباً من الملائكة وأن الكرملين لا يسكنه القديسون!! غير أن الأمريكان والأوكرانيين والأطلسيين أيضا ليسوا كذلك!! وعلى من يتحدث عن خطر أو تهديد أن يبرهن على وجوده فعليا.
وهنا يلفت النظر قول بوتين في مؤتمره الصحفى الأخير: إنك لا تستطيع أن تجلب الصواريخ إلى عتبة بيتى ثم تمنعنى من التحرك داخل البيت بحرية!! فى إشارة إلى مطالبة الناتو لروسيا بسحب قواتها من منطقة الحدود مع أوكرانيا، بينما يريد الحلف أن ينشر صواريخه الهجومية وقواته على الحدود الروسية مباشرة، وهى تستطيع الوصول إلى المدن الكبرى المتواجهة.. الوفدان الأمريكى والروسي فى محادثات حول «الاستقرار الاستراتيجى» (١٠ - ١١ يناير ٢٠٢٢)، ومجلس روسيا - الناتو (١٢ يناير) وهو يستأنف أعماله للمرة الأولى بعد توقف طويل، ثم روسيا مع منظمة الأمن والتعاون فى أوروبا، (١٣يناير).. وبديهى أن كل طرف سيبدى التشدد فى موقفه قبل المباحثات، لكن هذا طبيعى وتظل المواقف قابلة للحلحلة من خلال المفاوضات والحديث وجهًا لوجه، ولا يمكن التنبؤ طبعًا بمقدار التنازلات التى قد يقمها هذا الطرف أو ذلك (تمت كتابة المقال ظهر ٣٠ ديسمبر لظروف النشر)، لكن هذه السلسلة المكثفة من المحادثات، وفى مقدمتها قمة «بايدن - بوتين» العاجلة ـ ونكرِّر ــ فى عطلة عيد الميلاد، تشير إلى إدراك مشترك لضرورة نزع فتيل التوتر الحاد المتصاعد، وخفض أصوات قعقعة السلاح، وهذا فى حد ذاته أمر يبعث على التفاؤل مهما يكن حذراً.

مصر للطيران
د.محمد فراج قمة ”بايدن بوتين” الأزمة الأوكرانية

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE