الأموال
الأحد، 5 مايو 2024 04:33 مـ
  • hdb
26 شوال 1445
5 مايو 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : فى تفسير تغير المناخ ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدى الناس

أسامة أيوب
أسامة أيوب


هذه الاختلالات والتحولات المتناقضة فى المناخ التى تشهدها كل بقاع العالم هذه ‏الأيام.. هى إنذار بخطر داهم محدق بالبشرية وبالحياة كلها فوق كوكب الأرض‎.‎
فبينما ترتفع درجات حرارة الجو ارتفاعا مروعًا وتقترب من نصف درجة الغليان ‏في بلاد ذات أجواء باردة كما حدث في أوروبا وعلى نحو غير مسبوق في ‏التاريخ، فإن بلاداً أخرى ذات حرارة مرتفعة تشهد أمطارًا غزيرة وسيولا مغرقة، ‏وبينما تجتاح الحرائق الغابات في أوروبا وغيرها، فإن ثمة بحيرات وأنهاراً تجف ‏تمامًا فى نفس الوقت‎.‎
إن هذه الاختلالات والتحولات المناخية التي تجتاح العالم وما أسفرت عنها من ‏كوارث طبيعية أو فى الطبيعة وإن كانت ليست طبيعية أو بفعل الطبيعة، ولكنها ‏فى الحقيقة من صنع البشر أنفسهم من سكان الكوكب، حتى وإن وصفها العلماء ‏بتغيُّر المناخ‎.‎
هذا التغيُّر في المناخ كان متوقعًا منذ عقود وحذر منه العلماء، غير أن حكومات ‏دول العالم خاصة حكومات الدول الصناعية الكبرى بل كل حكومات العالم ‏والشعوب أيضًا لم تصغ جيدًا إلى تلك التحذيرات ولم تأخذها بجدية كافية ‏وضرورية‎.‎
‎‫‎‏<<<‬‏
إن المسئولية الأولى عن التغيُّر المناخى تقع بالدرجة الأولى على تلك الدول ‏الصناعية الكبرى مع تزايد الأنشطة الصناعية الضخمة عامًا بعد عام منذ منتصف ‏القرن الماضى حتى بلغت ذروتها لاحقا مع التقدم الكبير والطفرة العلمية ‏الصناعية، ومن ثمَّ صارت عوادم وانبعاثات هذا النشاط الصناعى الضخم تمثل ‏أكبر عدوان على البيئة والمناخ حتى بلغ التغيُّر ذروته فى السنوات الأخيرة إلى أن ‏بات خطرًا داهمًا حسبما يشهد العالم حالياً‎.‎
المثير أن حكومات الدول الصناعية الكبرى لم تشرع فى اتخاذ الإجراءات اللازمة ‏للتصدى لهذا الخطر والوقاية من تداعياته منذ ظهور بوادره وحتى الآن وبعد أن ‏صار تغيُّر المناخ مهددًا للحياة فوق الكوكب‎.‎
ولأن التصدى لظاهرة تغيّر المناخ يتطلب البدء فورًا باعتبار أنه سوف يستغرق ‏سنوات، فإنه يتعين على حكومات الدول الصناعية الكبرى.. في أوروبا وأمريكا ‏وآسيا أن تمارس سلطاتها بحكم مسئولياتها على الأقل تجاه شعوبها لفرض ‏إجراءات تقليل الانبعاثات الكربونية على الشركات والاحتكارات الصناعية ‏الرأسمالية الكبرى التى لا يعنيها إلا أرباحها ولو كانت على حساب البشر والحياة ‏فوق الأرض‎.‎
‎‫‎‏<<<‬‏
حتى في الدول غير المتقدمة صناعيًا وذات النشاط الصناعى المنخفض ومعها ‏الدول الفقيرة، فإنه من غير الممكن أيضاً إغفال ما يجري فيها من عدوان غاشم ‏على البيئة والذى استشرى في السنوات الأخيرة وكان سببا أيضاً في تغيُّر المناخ ‏لديها بفعل استخدامات الطاقة غير النظيفة، إضافة إلى إساءة التعامل مع الأنهار ‏والمسطحات المائية وحرق المخلفات بطرق ووسائل عشوائية بدائية، مع ملاحظة ‏تزايد معدلات الانبعاثات الكربونية وعوادم السيارات مع تزايد أعداد السكان في ‏تلك الدول والزيادة النسبية في الأنشطة الصناعية دون مراعاة للضوابط والمعايير ‏الضرورية للتقليل من آثاره الضارة‎.‎
واقع الأمر.. إن كل دول العالم الكبرى منها والصغرى على حد سواء وعلى ‏اختلاف قدراتها وأنشطتها الصناعية تشترك في المسئولية عن ظاهرة تغيُّر المناخ ‏التى تداهم الكوكب من أقصاه إلى أقصاه، باعتبار أن السماء واحدة والغلاف ‏الجوى واحد والأرض واحدة مهما تباعدت أو اقتربت دولها، وإن كانت الدول ‏الصناعية الكبرى تتحمل المسئولية الكبرى‎.‎
‎<<<‎
وفى نفس الوقت فإن الأنشطة الصناعية الضخمة وما ينتج عنها من انبعاثات ‏كربونية ليست وحدها المتهم الأول فى ظاهرة تغيُّر المناخ وإن كانت المتهم ‏الأكبر، لكن الحروب متهم آخر باعتبار ما تسفر عنه من انبعاثات ناتجة عن ‏الصواريخ والقنابل والمدافع في المعارك التي دارت وتدور في أرجاء العالم والتي ‏كان أخطرها الحرب الروسية ـ الأوكرانية الدائرة منذ أشهر‎.‎
‎‫‎‏<<<‬‏
هذ الحرب الدائرة حاليا وإن كانت بين دولتين فقط.. روسيا وأوكرانيا، إلا أنها ‏بفعل تداعياتها الاقتصادية والغذائية على كل شعوب العالم صارت حربًا عالمية، ‏وهى حرب سوف يطول أمدها بسبب الدعم الأمريكى والأوروبي للجانب ‏الأوكرانى بالأسلحة الحديثة والمساعدات المالية والاقتصادية‎.‎
‎‫‎‏<<<‬‏
وإذا كانت هذه الحرب قد تسببت في أزمة غذاء عالمية نتيجة نقص إمدادات القمح ‏والحبوب والمواد الغذائية من روسيا وأوكرانيا إلى الأسواق العالمية، وحيث بات ‏شبح المجاعة يخيّم على شعوب العالم الفقيرة خاصة فى أفريقيا، فإن اللافت أن ‏أزمة الطاقة التى تسببت فيها هذه الحرب طالت أوروبا بل كانت أول وأكثر ‏المضارين منها وحيث تصل الأزمة ذروتها في الشتاء المقبل، ومع ذلك فإن أوروبا ‏تواصل عنادها ودعمها لأوكرانيا ضد روسيا دون مبرر سوى الانقياد للولايات ‏المتحدة فى محاولتها الأخيرة للانفراد بقيادة العالم‎.‎
‎‫‎‏<<<‬‏
إن استمرار تداعيات الحرب الروسية ــ الأوكرانية مع المسعى الأمريكى ‏الأوروبي لإطالة أمدها ومع أزمة الطاقة التى تواجهها دول أوروبا والتي سوف ‏تضطرها إلى استخدام الفحم بديلاً للغاز والبترول، ومع مضى الدول الصناعية ‏الكبرى قدمًا فى إغفال مطالب التصدى للتغير المناخى وفقاً لاتفاقية باريس ‏وقرارات مؤتمرات المناخ المتعاقبة، فإن ظاهرة تغير المناخ سوف تتفاقم ويظل ‏العالم يدور فى دائرة مفرغة.. عاجزاً عن إنقاذ الأرض من خراب محدق يهدّد ‏بفناء الحياة فوق الكوكب أو فى أقل تقدير العودة إلى الحياة البدائية‎.‎
‎‫‎‏<<<‬‏
وإذا كانت بعض الأصوات في أوروبا تتحدث حالياً عن أن ظاهرة تغيُّر المناخ ‏التى يشهدها العالم وما أسفرت عنه من حرائق غابات ودرجات حرارة تقترب من ‏درجة نصف الغليان ضربت دول أوروبا الباردة وسيول وأمطار غزيرة وجفاف ‏الأنهار والبحيرات وعلى النحو الذى يهدّد الزراعات.. هي غضب إلهى نزل على ‏الأرض من السماء، وهو تفسير جديد ومفاجئ ومن الغريب أن يصدر عن ‏الأوروبيين الذين لا يؤمنون إلا بالتفسيرات العلمية فقط‎.‎
‎‫‎‏..‬ فإننى من جانبى أجدنى ألجأ وبكل الثقة واليقين إلى تفسير ديني إسلامى من ‏القرآن الكريم باستدعاء الآية الكريمة رقم (٤١) من سورة الروم وهى: «ظهر ‏الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم ‏يرجعون» صدق الله العظيم‎..‎
‎‫‎‏<<<‬‏
ومع ملاحظة أن لفظ «ظهر» يعنى علا وارتفع وزاد على الحد، فإن تغيُّر المناخ ‏الذى تشهده الأرض هو نتيجة فساد أحدثه الناس ولذا فإنهم يذوقون نتيجة بعض ‏أفعالهم في العدوان على البيئة وعلى المناخ فى الكوكب‎.‎

مصر للطيران
تفسير تغير المناخ البر والبحر

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE