إصلاحات عميقة ورقمنة شاملة.. سر تجديد الثقة في محمد فريد لرئاسة الرقابة المالية

وسط مشهد اقتصادي عالمي متغير وتحديات محلية تتطلب قيادة استثنائية، يتجدد التكليف الرئاسي للدكتور محمد فريد صالح ليواصل مهمته في قيادة الهيئة العامة للرقابة المالية، الجهة التنظيمية الأهم في مصر للأنشطة المالية غير المصرفية.
فبموجب القرار الجمهوري رقم 421 لسنة 2025، جدد فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي الثقة في الدكتور فريد، ليبدأ فصلا رابعا في رئاسته للهيئة بدرجة وزير، اعتبارا من اليوم الخميس 7 أغسطس 2025.
ويأتي هذا القرار تأكيدا على الدور المحوري الذي لعبه فريد في إعادة تشكيل ملامح القطاع المالي غير المصرفي، وتطوير بيئة تنظيمية داعمة للتمويل والاستثمار، وتعزيز الشفافية والشمول المالي في السوق المصري، على أسس من الابتكار والكفاءة والانضباط المؤسسي.
أدوار استراتيجية محلية ودولية مؤثرة
يشغل الدكتور محمد فريد عضوية مجلس إدارة البنك المركزي المصري، إلى جانب رئاسته للجنة معايير المحاسبة المصرية والمعايير المصرية للمراجعة والفحص المحدود ومهام التأكد الأخرى، بقرار من رئيس مجلس الوزراء.
ويمتد تأثيره إلى الساحة الدولية من خلال توليه عدة مناصب قيادية بارزة، منها نائب رئيس المنظمة الدولية لهيئات الرقابة على أسواق المال (IOSCO)، ورئيس لجنة الأسواق النامية والناشئة (GEMC)، وهي أكبر لجان المنظمة من حيث عدد الأعضاء والتوزيع الجغرافي.
كما يشغل منصب نائب رئيس مجلس إدارة الشركة الأفريقية لإعادة التأمين، ونائب رئيس المجلس الاستشاري الإفريقي المنبثق من تحالف جلاسكو المالي لتحقيق صافي الانبعاثات الصفرية (Africa GFANZ).
مسيرة مهنية متنوعة وقيادة مؤسسية واعية
تنقل الدكتور فريد بين عدد من المناصب القيادية التي رسخت خبرته المتعددة في الإدارة المالية والرقابية، إذ شغل رئاسة البورصة المصرية منذ عام 2017 حتى 2022، بناء على قرارات متتالية من مجلس الوزراء.
وخلال تلك الفترة، لعب دور دولي بارز، حيث تولى رئاسة اتحاد البورصات اليورو آسيوية، واتحاد أسواق المال العربية، ورئاسة مجموعة عمل الأسواق الناشئة باتحاد البورصات العالمية، إلى جانب عضويته في مجلس إدارة اتحاد البورصات الأفريقية.
وقبل رئاسته للبورصة، ترأس شركة Dcode EFC الرائدة في النمذجة الاقتصادية، كما عمل مستشارا بالبنك الدولي في مصر لشؤون التأجير التمويلي ورأس المال المخاطر، وسبق أن شغل منصب نائب رئيس البورصة في 2010–2011.
كما قام بتدريس التمويل الدولي والمشتقات المالية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة (AUC) والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا
سجل أكاديمي متميز متعدد التخصصات
يحمل الدكتور فريد عدة درجات أكاديمية رفيعة من أعرق الجامعات البريطانية، على رأسها درجة الدكتوراه في اقتصاديات التمويل من جامعة كارديف متروبوليتان.
كما حصل على ماجستير القانون التجاري والتمويل الدولي من King’s College London، وماجستير في العلوم الكمية المتعلقة بالتمويل من Bayes Business School بجامعة لندن، وماجستير تحليل المشروعات والاستثمار من جامعة يورك، إضافة إلى ماجستير إدارة الأعمال تخصص بنوك وتمويل من الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا.
كما أتم برامج تدريبية متقدمة من جامعات عالمية منها جامعة كاليفورنيا – بيركلي (Venture Capital Program)، وجامعة كامبريدج (Econometrics Summer School)، وهو حاصل على بكالوريوس التجارة الخارجية والاقتصاد من جامعة حلوان.
محاور التحول والإنجاز في الهيئة العامة للرقابة المالية
التحول الرقمي الشامل
شهد القطاع المالي غير المصرفي في مصر تحول رقمي جذري بفضل قيادة الدكتور فريد، بدءا من إصدار قانون تنظيم التكنولوجيا المالية، وحتى إصدار حزمة من القرارات التنظيمية التي وضعت الإطار الكامل لاستخدام الهوية الرقمية، العقود الإلكترونية، السجلات الرقمية، والتعهد بالتقنيات الحديثة في تقديم الخدمات.
بلغ عدد الشركات التي دخلت بالفعل مرحلة التحول الرقمي 70 شركة، منها 24 تقدم خدماتها بشكل رقمي متكامل، وتم تنفيذ أكثر من 120 ألف عملية تحقق رقمي، وإصدار 80 ألف عقد رقمي، مع قيد شركات تقدم خدمات التعهيد الرقمي، في ظل منظومة رقابية حديثة أطلقت المختبر التنظيمي كمسرّع للابتكار في التكنولوجيا المالية.
تعزيز كفاءة وتنافسية قطاع التأمين
قاد الدكتور فريد تحديثات هيكلية في قطاع التأمين، من خلال رفع الحد الأدنى لرؤوس أموال الشركات، وتحديث نسب استثمار الأموال وهامش الملاءة المالية، مع الاستمرار في بناء القدرات من خلال الدبلومات المهنية في العلوم الاكتوارية.
كما وجه السياسات نحو استغلال أموال التأمين لدعم السوق الاستثمارية المحلية عبر صناديق الأسهم.
تحديث شامل لمعايير المحاسبة المصرية
شهدت فترة رئاسته تحديثات شاملة لأحكام معايير المحاسبة المصرية لتتواكب مع أفضل المعايير الدولية.
أبرز تلك التحديثات كان اعتماد نموذج إعادة التقييم للأصول الثابتة وغير الملموسة، وإدخال نموذج القيمة العادلة للاستثمار، وتعديل المعالجة المحاسبية لفروق العملة، إضافة إلى إصدار تفسير محاسبي خاص بشهادات خفض الانبعاثات الكربونية لأول مرة في مصر والمنطقة، وتطوير معايير تقييم الشركات الناشئة.
إطلاق أول سوق كربون طوعي منظم في المنطقة
في إنجاز هو الأول من نوعه إقليميًا، أطلقت الهيئة العامة للرقابة المالية سوق طوعي منظم للكربون، تم خلاله تسجيل 28 مشروع من دول مختلفة، والموافقة على 6 سجلات كربونية و4 جهات تحقق ومصادقة، مع تنفيذ صفقات على أكثر من 2000 شهادة كربون، ما يضع مصر في مقدمة الدول النامية على صعيد الأسواق البيئية.
فتح قناة تمويل جديدة عبر شركات SPACs
استحدثت الهيئة تحت قيادة الدكتور فريد منظومة متكاملة لتأسيس الشركات ذات غرض الاستحواذ (SPACs)، كوسيلة لتمويل الابتكار والمشروعات الرقمية، من خلال طرحها في البورصة، مما أتاح لشركات التكنولوجيا المالية الوصول إلى مصادر تمويل منظمة وفعالة.
تم الترخيص فعليا لشركتين وقيدهما في البورصة، ضمن جهود الهيئة لخلق بيئة استثمارية أكثر جاذبية.
تطوير قواعد القيد لحماية حقوق الأقلية
أعادت الهيئة النظر في قواعد قيد وشطب الأوراق المالية، بإلغاء سلطة مجلس الإدارة في الشطب الاختياري، وضمان حقوق صغار المساهمين عبر اعتماد أعلى تقييم عادل لسعر السهم، مما عزز من ثقة المستثمرين في البورصة وسوق المال المصري.
تنظيم الاستثمار في الذهب عبر صناديق مالية متخصصة
استجابة للطلب المتزايد من المستثمرين، أصدرت الهيئة إطار تنظيمي لصناديق الاستثمار في المعادن، خاصة الذهب، ما أسفر عن إطلاق 3 صناديق واستعداد رابع للانضمام.
بلغ صافي أصول تلك الصناديق 2.5 مليار جنيه في يوليو 2025، بعدد حسابات تخطى 222 ألف
قيادة مستدامة تعزز الشفافية وتدعم الاقتصاد الوطني
من خلال مسيرته المتعددة، يؤكد الدكتور محمد فريد على أهمية بناء مؤسسات مالية مرنة وحديثة تواكب المتغيرات العالمية، وتخدم الاقتصاد الحقيقي، وتدعم دور القطاع الخاص في عملية التنمية.
رؤيته الإصلاحية تنطلق من مبدأ التمكين عبر التنظيم، وتحقيق التوازن بين الحوكمة والابتكار، وفتح آفاق جديدة للتمويل، في ظل التحديات المتزايدة والفرص المتاحة للاقتصاد المصري.