الأموال
الإثنين، 29 أبريل 2024 09:44 صـ
  • hdb
20 شوال 1445
29 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : إعلان بايدن عن وقف وشيك لإطلاق النار فى غزة.. الأسباب والدلالات

أسامة أيوب
أسامة أيوب

انتحار الطيار الأمريكى الشاب.. رفضًا لحرب الإبادة.. لطمة قوية على وجه بايدن

ما بعد ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ غير ما قبل هذا التاريخ

إعلان الرئيس چو بايدن يوم الثلاثاء الماضى غداة انتحار الطيار الأمريكى الشاب أمام السفارة الإسرائيلية فى واشنطن رفضًا واحتجاجًا على إبادة الشعب الفلسطينى.. عن قرب التوصل لوقف إطلاق النار فى غزة قد يكون غدًا الاثنين بالتزامن مع صفقة لتبادل الأسرى.. يعنى أن واشنطن قد مارست ضغطًا على مجرم الحرب نتن ياهو للامتثال لهذا التوجه الذى تأخر كثيرًا، إذ كان فى مقدور بايدن وحده لجم العدو الصهيونى وإجباره على وقف العدوان الوحشى وحرب إبادة الشعب الفلسطينى فى أبشع مجازر دموية عرفتها البشرية فى التاريخ الحديث.

وبحسب إعلان بايدن عن وقف إطلاق النار طوال شهر رمضان المقبل، فمن الواضح أنه أراد إبداء احترامه لهذا الشهر لما له من رمزية دينية إسلامية ولما له من مكانة عند العرب والمسلمين فى محاولة سياسية للتحلى بسلوك حضارى غير عنصرى لغسل يديه من دماء الفلسطينيين العُزل والأطفال والنساء الذين شارك فى قتلهم وتجويعهم وتدمير أرضهم فى غزة، وفى نفس الوقت فإنه يستهدف أن يكون شهر رمضان مبررا إنسانيا وأخلاقيا لوقف العدوان، حتى لا يبدو ذلك رضوخًا من جانب نتن ياهو وتأكيدا لهزيمته العسكرية أمام المقاومة الفلسطينية وفشله فى إنجاز أهداف العدوان سواء تدمير حماس أو تحرير الأسرى بالقوة، وحيث سيكون إطلاق سراح ٤٠ من الأسرى مقابل إطلاق سراح ٤٠٠ فلسطينى من السجون الإسرائيلية بمثابة إنجاز يواجه به غضب الداخل وغضب أهالى الأسرى.

حقيقة الأمر هى أن ثمة أسبابًا واعتبارات هى التى دفعت الرئيس بايدن لهذا التحول المفاجئ والمتأخر.. أولها الضغوط الخارجية والانتقادات الإقليمية العربية والدولية لاستمرار دعمه اللامحدود عسكريًا وسياسيًا للعدوان الصهيونى وحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطينى حسبما تبدى فى المظاهرات الشعبية الحاشدة فى عواصم ومدن العالم ومن بينها المدن الأمريكية ذاتها التى أدانت العدوان والدعم والمشاركة الأمريكية خاصة بعد عرقلة واشنطن لصدور قرار من مجلس الأمن لوقف العدوان باستخدام «الفيتو» ثلاث مرات.

مظاهرات شعوب العالم المتعاطفة مع الشعب الفلسطينى وقضيته العادلة والمطالبة بالحرية لفلسطين، بالإضافة إلى انتقادات المنظمات والمؤسسات الأممية والتى بلغت ذروتها بتصريحات أنطونيو جوتيريش أمين عام الأمم المتحدة قبل الاتحاد الأوروبى أيضًا.. كل ذلك أكد أن تغيرًا كبيرًا فى الرأى العام العالمى قد حدث بعد العدوان الوحشى تجاه إسرائيل وتجاه أمريكا بالضرورة، وهو الخطر الذي تفهمه بايدن وإدارته وأدرك عواقبه عندما اعترف صراحة بأن أمريكا تفقد مكانتها الأخلاقية في العالم باستمرار مشاركتها ودعمها للعدوان وقتل الأطفال.

وفى نفس الوقت فإن بايدن يواجه ضغوطا داخلية مع التغيُّر الكبير فى الرأى العام الأمريكى أيضًا بعد أن كشف العدوان الصهيونى عن جرائم قوات الاحتلال الإسرائيلى ضد الشعب الفلسطينى سواء قبل ٧ أكتوبر أو طوال الأشهر الخمسة الماضية، حيث أغضبت مشاهد قتل الأطفال والنساء والمدنيين بتلك الخسة والوحشية والسادية وأثارت الحنق على بايدن لدعمه لإسرائيل.

هذا الغضب الشعبى الأمريكى ضد الرئيس بايدن يأتى مع قرب الانتخابات الرئاسية فى خريف العام الحالى وتحديدًا فى شهر نوفمبر المقبل، وحيث يسعى الرئيس بايدن للفوز بولاية رئاسية ثانية، بينما أظهر آخر استطلاع للرأى بين مؤيدى الحزب الديمقراطى أن ٧٥٪ من شباب الحزب لن يصوتوا لـ«بايدن» فى الانتخابات، فى الوقت الذى تتضاءل فيه فرصه فى الفوز لاعتبارات متعددة أهمها سنه الكبيرة (٨٢ سنة) ثم لافتقاده اللياقة الصحية الجسدية والذهنية التى تجعله غير مؤهل لرئاسة أمريكا.. أكبر دولة فى العالم.

ثم إن إطالة أمد الحرب على غزة التى تورط فيها بايدن وإدارته بالدعم والمشاركة طوال ٥ أشهر وفشل نتن ياهو في إحراز نصر عسكرى حاسم ضد المقاومة على الأرض وعجزه عن تحقيق أهداف العدوان سواء بالقضاء علي حماس أو تحرير الأسرى والرهائن بالقوة، وحيث بدا واضحا أن استمرار العدوان دون توقف يكلِّف أمريكا المزيد من الأعباء بينما تتزايد الضغوط والانتقادات ضد واشنطن.. كان سببا آخر قويا وإضافيا لذلك التحول الأمريكى المفاجئ والمتأخر للضغط على نتن ياهو لوقف العدوان بداية من غد «الاثنين» وطوال شهر رمضان وفقًا لإعلان بايدن.

<<<

أفلح بايدن إن صدق وأسفر ضغطه على نتن ياهو لوقف العدوان «إطلاق النار» وإيصال المساعدات الغذائية واللوجستية للفلسطينيين خاصة فى شمال غزة التى تواجه مجاعة حقيقية وكارثية، وأفلح أيضا إن حقق ضغطه وقفا دائما للعدوان دون عودة بعد انتهاء شهر رضان، خاصة أن نتن ياهو وحكومته اليهودية المتعصبة المتطرفة التى تقتل الفلسطينيين وأطفالهم استنادا لمقولات تلمودية ومنطلقات توراتية محرّفة من غير الممكن ضمان قبولها لتسوية سلمية لإنهاء احتلالها ولإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وفقا لمقررات الشرعية الدولية، وبالتالى ضمان التوقف عن أطماعها الاستيطانية ومخططاتها لتحقيق المشروع الصهيونى وإقامة إسرائيل الكبرى على أجزاء كبيرة من المنطقة العربية من النيل إلى الفرات.. فى أجزاء من كل من السعودية وسوريا والعراق ولبنان والأردن ومصر!، وهو الأمر الذى يظل مثيرا للشكوك فى النيات الصهيونية اليهودية فى المستقبل.. بداية من وقف العدوان والانسحاب من غزة حتى المضى قدمًا فى مخططاتها وأطماعها الاستيطانية ومشروعها الصهيونى.

<<<

من اللافت أنه بينما يترقب العالم بأسره وقف إطلاق النار فى غزة «العدوان الصهيونى» غدا الاثنين وطوال شهر رمضان المقبل، وهو الحل الوسط الذى قد تكون حماس قد قبلته لإبداء بعض المرونة لتسهيل مهمة الأطراف المنخرطة فى الوساطة والاستجابة لمقترحاتها بعد أن كانت مصممة على ضرورة إقرار وقف دائم لإطلاق النار كشرط لتبادل الأسرى.. من اللافت أن نتن ياهو يصعّد عملياته العسكرية وعدوانه قصفا جويا ومدفعيا برا وبحرا على الفلسطينيين العزل فى غزة كما يواصل حصاره وتجويعه لنحو نصف مليون فى شمال القطاع الذى يموت أطفاله جوعا وجفافا ومرضا داخل المستشفيات التى استنفدت ما لديها من دواء ووقود ومستلزمات طبية.. فى مسلك يعكس إجراما وخسة وكأنه يريد أن يبدو حريصا علي استمرار الحرب رغم هزائم قواته على الأرض أمام المقاومة التى لم تتوقف رغم تصعيد العدوان بل تصاعدت هى الأخرى أيضا.

<<<

فى كل الأحوال فإنه يتعين على المجتمع الدولى والمنظمة الأممية والغرب الأمريكى الأوروبى وبمشاركة فاعلة من الأطراف العربية فى الإقليم، متابعة ومراقبة تطورات الأوضاع فى غزة طوال شهر رمضان وبعده فى حالة الوقف الدائم لإطلاق النار وبعد انتهاء العدوان بشأن الترتيبات المتلاحقة فيما يتعلق بإعادة إعمار غزة وإعادة بناء وتجهيز المستشفيات والمدارس والبيوت ومحطات المياه والكهرباء وغيرها من المرافق والبنى التحتية التى دمرتها قوات الاحتلال، وكذلك ضمان دخول العدد الكافى من الشاحنات لإيصال المساعدات الغذائية واللوجستية لأهل غزة، ثم ما يتعلق بتشكيل الحكومة الفلسطينية الموحدة والمتوافق على تشكيلها من تكنوقراط مع ملاحظة مهمة وهى ألا يتم إقصاء أى فصيل وألا يتم فرض أسلوب وشكل تشكيلها من الخارج باعتبار أنها شأن فلسطينى داخلى.

الأمر المؤكد هو أن ما بعد ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ غير ما قبل هذا التاريخ سواء داخل الكيان الصهيونى اليهودى أو داخل فلسطين العريبة المحتلة أو فى الإقليم أو فى العالم بأسره، إذ إن عملية «طوفان الأقصى» التى قامت بها حركة المقاومة حماس وجناحها العسكرى كتائب عز الدين القسام ولحقت بها حركة الجهاد الإسلامى وجناحها العسكرى سرايا القدس، والتى ستبقى حدثا فارقا فى تاريخ الصراع الفلسطينى ــ الإسرائيلى بل فى تاريخ مجمل الصراع العربى - الإسرائيلى.. قد أحدثت نقلة نوعية متقدمة فى المقاومة الفلسطينية للاحتلال الصهيونى.

هذه النقلة النوعية الفارقة أكدت قدرة المقاومة بالأسلحة المصنعة محليا بأقل الإمكانيات على زلزلة جيش اسرائيل «الذى لا يقهر» داخل معسكراته وجنوده وضباطه، حيث تُعد «طوفان الأقصى» أول وأكبر ضربة عسكرية موجعة يتعرض لها الكيان الصهيونى داخل أراضيه لأول مرة فى تاريخ الحروب مع الجيوش العربية، حيث أكدت ضربات المقاومة فى الاشتباكات على الأرض فى غزة هشاشة الجيش الإسرائيلى وضعف القدرات القتالية لضباطه وجنوده والذين أصابتهم ضربات المقاومة بالأمراض العصبية والنفسية، حيث يعالجون حاليا فى المستشفيات الإسرائيلية على أيدى أطباء تم استقدامهم من الخارج.

الهزيمة النكراء للجيش الإسرائيلى فى عملية «طوفان الأقصى» والتى كانت ردًا مشروعا من المقاومة على جرائم القمع والقتل ضد الفلسطينيين فى الضفة وعلى انتهاك حرمة المسجد الأقصى من جانب المستوطنين والاعتداءات المستمرة على المرابطين والمرابطات ومنعهم من الصلاة فى المسجد.. هذه الهزيمة رد عليها نتن ياهو بالقصف العشوائى لقتل الفلسطينيين العزل والأطفال وتجويعهم، فى خسة لا تشرف أى جيش فى العالم يستقوى على المدنيين العزل ويعتبر ذلك انتصارا عسكريا!

الأهمية الكبرى لعملية «طوفان الأقصى» أنها أعادت إحياء القضية الفلسطينية فى بؤرة الاهتمام العالمى بعد تراجع ونسيان طال لعقود طويلة حسبما تبدى فى تغيُّر الرأى العام وتعاطفه مع الشعب الفلسطينى الرازح تحت الإرهاب والقمع والقتل، فى نفس الوقت الذى كشف نية العدوان الصهيونى البربرى لإبادة الشعب الفلسطينى عن أن إسرائيل هى الدولة الإرهابية وأن اتهامها للمقاومة الفلسطينية بالإرهاب كذب وتضليل، بينما كشف العدوان الصهيونى أيضا عن جريمة الانحياز الأمريكى السافر غير النزيه وغير العادل لإسرائيل والداعم للعدوان، وهو الأمر الذى وصم بايدن وإدارته بالخزى والعار وأفقَدَ الولايات المتحدة مصداقيتها كراعية للسلام وداعمة لحقوق الإنسان والحريات فى العالم.

<<<

ولقد كان إقدام الطيار الشاب الأمريكى على حرق نفسه أمام السفارة الاسرائيلية فى واشنطن أكبر لطمة على وجه أمريكا والرئيس الصهيونى بايدن، إذ إن الشاب المنتحر ظل يردد وهو يموت احتراقا بالنار «لن أشارك فى الإبادة» وهو اعتراف يشى ويكشِّف عن مشاركة قوات أمريكية فى القصف الجوى على غزة، مع ملاحظة أن حادث انتحار الطيار الشاب وقع عشية إعلان بايدن عن قرب التوصل لوقف إطلاق النار فى غزة.

إن انتحار الطيار الأمريكى الشاب على هذا النحو المروّع جاء اختزالا لرفض غالبية الشعب الأمريكى لحرب إبادة الشعب الفلسطينى ولدعم بايدن لإسرائيل فى هذه الحرب، ولقد جاء انتحار الطيار الأميركى اختزالا أيضا لرفض شعوب العالم للعدوان ودعم ومشاركة أمريكا فى هذا العدوان.

مرة أخرى.. إن ما بعد ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ لن يكون مثل ما قبل هذا التاريخ، لذا فإن عملية «طوفان الأقصى» هي البداية الحقيقية لإنهاء الاحتلال الصهيونى وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشريف.

مصر للطيران
أسامة أيوب بايدن وقف وشيك لإطلاق النار غزة.

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE