الأموال
الجمعة، 26 أبريل 2024 03:56 صـ
  • hdb
17 شوال 1445
26 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : عيد الجدّة المصرية.. دعوة لتكريم واجب

الأموال

مع احتفال المصريين يوم الأحد الماضى (٢١ مارس) بعيد الأم، تداعت إلى ذهنى فكرة طالما ألحت على نفسى ووجدانى كثيرًا، وهى الدعوة إلى تخصيص يوم فى كل سنة ليكون عيدًا للجدّة للاحتفاء والاحتفال بالأم الأكبر.. أم الأم.. تكريما خاصًا ومستحقًا.. تأخر كثيرًا.
إن ما يدعونى إلى نشر هذه الفكرة هو ذلك الدور الإنسانى والروحى والاجتماعى الذى تلعبه دائمًا الجدّة المصرية في حياة الأحفاد والذى تنامى وتعاظم منذ عشرات السنين رغم تقدم السن فى غالبية الأحوال خاصة بعد أن ألقت عليهن بناتهن الأمهات مسئولية رعاية وتربية الأحفاد، حيث انشغلت الأمهات بالعمل ومن ثم فقد تبدت أهمية وضرورية وأحيانًا حتمية دور الجدّة المصرية.
هذا الدور المهم والعظيم الذى تؤديه الجدات بكل الحب والتفاني لصالح الأمهات ولصالح الأحفاد بالضرورة لم يلق ولا يلقى حتى الآن الالتفات الواجب وتاه وسط صخب عيد الأم وتغافل المجتمع عن الجدّة وعن الاحتفال بها وتكريمها فى يوم خاص من كل سنة.. مثلها مثل الأم.
< <<
صحيح أن الاحتفال بعيد الأم يتضمن بالضرورة وحسبما اعتاد المصريون احتفال الأحفاد بدافع من الآباء والأمهات بالجدات، غير أن تكريم الجدّة والاحتفاء بها فى سياق عيد الأم أو بالأحرى «من الباطن» فيه غُبن كبير لجيل الجدات وإغفال لدورهن العظيم.
< < <
إن دعوتى لتخصيص يوم محدد كل سنة ليكون عيدًا للجدّة تنطلق من أرض الواقع في مجتمعنا المصري وبحكم مشاهداتى ومتابعاتى لأحوال الأسر في عائلات كثيرة لزملاء وأصدقاء ومعارف بل فى عائلتي شخصيًا وحيث يتجلى دور الجدّة فى رعاية وتربية الأحفاد حتى تعود الأمهات من أعمالهن، وفى كثير من الأحيان قد تمتد الرعاية وتطول في حالة سفر الأمهات، بل قد تنتقل الجدّة من بيتها إلى بيت ابنتها لرعاية الأحفاد، وقد يمتد دور الجدّة أيضًا فى حالات مرض أحد الأحفاد، حيث تستعين الأم بالجدّة لتكون بجانبها بخبرتها الطويلة حتى يتعافى الحفيد.
< <<
وإذا كانت الأم منوطاً بها تربية الأبناء ورعايتهم ومتابعتهم دراسيًا في مراحل التعليم، وقد يتواكب مع هذا الدور دور آخر مهم وهو التأديب والتهذيب وتلقين الأخلاق والسلوكيات وأحيانًا العقاب المناسب ردعًا لشقاوة الأطفال، إلا أن الجدّة تتمايز عن الأم بدور آخر ومكمّل وضرورى وهو الحنو والتدليل أو ما يطلق عليه وصف «الدلع» بدافع الحنان والحب، وذلك ما يجذب الأحفاد دائمًا إلى أحضان الجدّة.. هربًا مما يعتقده الأحفاد وبحكم صغر السن شدة من جانب الأم أو الأب.
< < <
ولعل هذه المشاعر الحانية التى يلقاها الأحفاد من الجدات هى التي جعلت أشقاءنا فى السودان يسمّون الجدّة بـ«الحبوبة» والجدات بـ«الحبوبات»، وهى تسمية لا تخلو من دلالة تعكس مكانة الجدّة ومحبتها لأحفادها ومحبتهم لها فاستحقت أن توصف بـ«الحبوبة».
<<<
وفى مصر حيث تطورت وتعددت أسماء الجدة حتى وصلت إلى تسميات غربية وتركية بداية من «تيتة» التى بدأت في التراجع وصارت بفعل التفرنج «نانا» بتشديد حرفى النون وأخيرًا أصبحت «أنّه» بتشديد النون، إلا أن التسمية الكلاسيكية المصرية القديمة والتى كانت سائدة لدى الأجيال السابقة وحتى الجيل الذى أنتمى إليه وهى «ستى» أو «ستو».. تبقي لها خصوصيتها المصرية التراثية والتى تستحقها الجدّة.. أم الأم وتمنحها مقامًا عاليا يجعلها «ست» كل حفيد.
< < <
إن مكانة الجدّة فى العائلة ومقامها الرفيع يستوجبان الاحتفاء والاحتفال والتكريم الواجب من جانب الأحفاد الذين سمعوا أو يتعين أن يسمعوا ذلك المثل الشعبى المصرى الذى تتغّنى به الجدات دائما وهو «أعز الوِلد ولد الولد» وهو تعبير يعكس مدى حب الجدات للأحفاد وإلى درجة أنه يفوق حب الجدة لأبنائها، وهذا الإعزاز للأحفاد لا يقتصر على القول وليس شعارًا ولكنه وحسبما يؤكد الواقع أنه فعل وشعور حقيقى، ولذا فإن تكريم الجدّة واجب مستحق بصرف النظر عن الدور المعاون في رعاية الأحفاد.
< < <
وفي نفس الوقت فإن الدعوة إلى عيد الجدة بمعزل عن عيد الأم لا تقلل بأى حال من الأحوال من مكانة الأم المقدسة، بل إن تكريم الجدّة هو في حقيقته تكريم للأم، لأن تكريم الجدّة يعنى أنها أنجبت وربت أمًا صالحة تستحق الاحتفال ولذا فمن حقها وواجب الأحفاد أن يحتفلوا بأم الأم.
< < <
لقد كان عيد الأم فكرة صحفية لصاحبى العمود الصحفى «فكرة» وصاحبى «أخبار اليوم» الراحلين الكبيرين على ومصطفي أمين، ثم امتدت الفكرة والدعوة إلى آفاق عربية خارج مصر وصارت الفكرة الصحفية المصرية عيدًا للأم فى أرجاء الوطن فى يوم ٢١ مارس من كل عام.
< < <
ومثلما كانت الدعوة إلى عيد الأم فى مصر فكرة صحفية، فقد بدا لى وباعتبارى صحفيًا من جيل تلامذة هذين العملاقين الصحفيين على ومصطفى أمين أن أحذو حذوهما.. مقلدًا ومجددًا بفكرة الدعوة إلى عيد الجدّة المصرية.
< < <
وحتى تكتمل الفكرة وحتى تلقى الدعوة قبولا وترحيبا مجتمعيا وتنفيذا رسميا، فإنى أقترح أن يكون عيد الجدة يوم ٢١ أبريل من كل عام.
ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد.

مصر للطيران
بنك الاسكان
NBE