الأموال
الجمعة، 26 أبريل 2024 06:08 صـ
  • hdb
17 شوال 1445
26 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د. محمد فراج يكتب : عودة السياحة البريطانية.. مكسب كبير.. يمكن مضاعفته

الأموال

قرار الحكومة البريطانية برفع الحظر عن الرحلات الجوية لطيران بلادها إلى

مطار شرم الشيخ.. خبر سار للغاية بالنسبة للسياحة المصرية، الناهضة بقوة

فى العامين الأخيرين لاستعادة ازدهارها.. وهو قرار تتخطى أهميته حركة

السياحة البريطانية القادمة إلى مصر.. فهو يبعث برسائل إيجابية إلى حركة

السياحة الدولية (والاستثمار) بشأن حالة الأمن والاستقرار في مصر، الأمر

الذى من شأنه أن يشجع بلدًا مثل روسيا على اتخاذ قرار مماثل، كما يطمئن

السائحين وشركات السياحة إلى مدى استقرار الأمن فى البلاد، وفي مناطق

المقاصد السياحية خصوصا.

وإذا كان هذا الخبر السار يعطى دفعة مهمة للسياحة المصرية عمومًا، فإنه

قد جاء فى توقيت يضفى عليه أهمية إضافية، حيث أعلنت مصر مؤخرا أن ملف

عودة السياحة الروسية إلى مصر هو أحد الملفات المطروحة على قمة الرئيسين

السيسى وبوتين على هامش قمة «روسيا - إفريقيا» في سوتشى.. كما أن القرار

البريطانى ـ بما يحمله من رسائل إيجابية يأتى فى بداية الشتاء، وعشية

أعياد رأس السنة.. وهى ذروة الموسم السياحى لأبناء البلاد الباردة

(أوروبا وأمريكا وغيرها) تحت شمس مصر الدافئة، ومن هذه الزاوية يمثل

توقيت القرار فرصة يمكن الاستفادة منها بصورة جيدة، إذا أحسنت السلطات

والشركات السياحية المصرية التصرف وتحركت بنشاط وفاعلية فى الوقت القليل

المتاح.

أما بالنسبة للسياحة البريطانية فمعروف أن بريطانيا تعتبر بصورة تقليدية

أحد أهم مصادر السائحين إلى مصر، وبلغ عدد السياح البريطانيين إلى بلادنا

حوالى (1.5 مليون) عام 2010، الذى كان عام الذروة فى السياحة المصرية..

ثم بدأ العدد في الانخفاض تدريجيًا بعد ثورة يناير 2011، وما صاحبها من

عدم استقرار أمنى ليصل إلى (955 ألفا) عام 2014 وإلى (864 ألفا) حتى

نهاية أكتوبر 2015.. حيث جاءت حادثة سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء فى

31 أكتوبر 2015 لتمثل انتكاسة كبيرة للسياحة المصرية بعد أن كانت قد بدأت

تتعافى تدريجيًا مع اتجاه البلاد نحو الاستقرار بعد تخلصها من حكم جماعة

«الإخوان» الإرهابية.

وفور وقوع حادث الطائرة الروسية أعلنت لندن حظر رحلات الطيران البريطانى

إلى مصر، وطلبت من سائحيها مغادرة البلاد، وكانت الدولة الأولى التى تتخذ

مثل هذا القرار، حتى قبل روسيا التى تنتمى إليها الطائرة المنكوبة، والتى

فقدت في الحادث (224) من مواطنيها.. وصحيح أن بريطانيا وروسيا وغيرهما من

الدول قد خففت القيود تدريجيًا، مع الاطمئنان إلى سيطرة السلطات المصرية

على الأمن في البلاد.. وأعادت لندن وموسكو حركة طائراتهما إلى مطار

القاهرة.. إلاّ أن مطار شرم الشيخ ظل فى دائرة الحظر.. كما أن الحركة

السياحية الدولية إلى مصر تعرضت لضرر كبير وتقلصت بنسبة 40٪ عام 2016..

وتعرض الموسم الشتوى (2015 - 2016) لكارثة محققة.. كما انخفض عدد

السائحين البريطانيين إلى مصر لـ200 ألف سائح فقط عام 2016.

إلاّ أنه مع التحسن الواضح فى حالة الأمن والاستقرار في مصر بدأت السياحة

الأجنبية تنشط تدريجيًا من جديد.. وبالرغم من القيود الحكومية بشأن شرم

الشيخ و«التحذيرات الأمنية» فقد بلغ عدد السائحين البريطانيين (415 ألفا)

عام 2018.. غير أنه يظل قليلاً جدًا إذا ما قورن العدد عام 2010 (1.5

مليون) أو حتى عام 2015 (864 ألفًا).

ومن هنا تأتى أهمية القرار الأخير فيما يخص السوق البريطانية، إذ يتوقع

الخبراء أن يقفز عدد السائحين البريطانيين إلى مليون، أو حتى (1.5 مليون

سائح) وأن يتوجه حوالى 600 ألف منهم إلى شرم الشيخ ومن شأن هذا أن يقفز

ببريطانيا إلى المركز الثانى فى السياحة الأجنبية فى مصر عام 2019..

تالية لألمانيا، التى جاء منها (1.7 مليون سائح) إلى مصر عام 2018 ومن

المتوقع أن يزيد العدد عام 2019.

مكسب عودة السائحين البريطانيين بقوة إلى المقاصد السياحية المصرية، هو

مكسب كبير إذا وضعنا فى اعتبارنا أنهم ضمن (10) من الجنسيات الأكثر

إنفاقًا بين السياح على المستوى العالمى، بحكم ارتفاع مستوى دخل المواطن

البريطانى.. كما أن زياراتهم طويلة نسبيًا.. إذ يقضى الواحد منهم (10

ليال سياحية) فى مصر فى المتوسط.

ولسنا بحاجة إلى شرح انعكاس زيادة عدد السياح على النشاط الاقتصادى فى

مدينة كشرم الشيخ، وفى البلاد عموما.. ومعروف أن المحلات والبازارات

والمطاعم ومختلف المنشآت السياحية، وفى مقدمتها الفنادق في مدينة كشرم

الشيخ قد عانت من كساد مدمر منذ حادث الطائرة الروسية.. وهو ما نعتقد أن

التطورات الجديدة تؤذن بنهايته تدريجيا..

وبالنسبة لتوقيت القرار البريطانى، وما يقدمه من فرص، فالمعروف أن حجوزات

الرحلات السياحية تسبق «المواسم» عادة ببضعة أشهر.. لكن من الممكن

الاستفادة من القرار ــ وليس في السوق البريطانية وحدها ــ بالرغم من ضيق

الوقت الباقي أمام حلول موسم أعياد الميلاد ورأس السنة.. وشرط ذلك بالطبع

هو النشاط العلمى المخطط جيدًا والفعال من جانب السلطات والشركات

السياحية المصرية.. لقد رافق القرار البريطانى إعلان واضح وقوى من سفير

بريطانيا في القاهرة وسلطات لندن عن ارتباط القرار باطمئنان الجانب

البريطانى لحالة الأمن في مصر، والإجراءات الأمنية فى المطارات المصرية..

وهى نقطة تستحق التركيز عليها بنشاط إعلامى مصرى (باللغة الإنجليزية..

وفي بريطانيا نفسها.. وليس باللغة العربية داخل مصر كالعادة!!) مطلوب

تنظيم حملة ترويجية منظمة ومخططة جيدًا في الإعلام البريطانى.. تتضمن نشر

مقالات فى الصحف الكبرى، وإجراء مقابلات تليفزيونية من جانب مسئولين

وإعلاميين مصريين.. بما فى ذلك شراء مساحات إعلانية فى وسائل الإعلام،

لإبلاغ رسالتنا.. وإذا تحركنا بالسرعة والفعالية الكافيتين، فإننا نستطيع

ـ بالرغم من الوقت الضيق ـ أن نحقق مكاسب مهمة للموسم الشتوى وأعياد

الميلاد ورأس السنة.. ريثما تأخذ حجوزات الشركات دورتها العادية..

وبالطبع دون انتظار لهذه الدورة.

بل إن تنظيم حملات عاجلة ومكثفة ـ بنفس الطريقة ـ في عدد من الأسواق

السياحية الرئيسية (بالاستفادة من القرار البريطانى) يمكن أن يحقق نتائج

إضافية جيدة للموسم الشتوى وموسم الأعياد.

يشير تقرير للبنك المركزى المصرى (صحف ومواقع ـ 30 سبتمبر 2019) إلى أن

السياحة المصرية قد حققت دخلاً يبلغ (12.6 مليار دولار) فى العام المالى

(2018/ 2019) بزيادة قدرها 28٪ عن العام السابق له.. أى أن السياحة

المصرية تعيش حالة ازدهار تقترب من عام ذروتها (2010).. ونحن نستطيع أن

نعطى هذا الازدهار دفعة كبيرة إذا تحركنا بصورة أكثر علمية وتخطيطًا

ونشاطًا، ولم نهدر أى فرصة لتنشيط سياحتنا.. وعلى سبيل المثال، فإننا

نستطيع أن نمارس (ضغطا ناعمًا) على صانع القرار الروسي، فى قلب بلاده،

ودون انتظار للقرار الرسمى، بالقيام بحملة ترويجية داخل روسيا نفسها،

استنادًا إلى القرار البريطانى الأخير.. وبديهى أن هذا لن يغنى عن الجهود

الرسمية لإلغاء القيود الرسمية على السياحة فى مصر.. لكنه يستطيع أن يحقق

نتائج لا بأس بها، خاصة إذا وضعنا فى اعتبارنا أن مئات الآلاف من السياح

الروس يأتون إلى مصر.. وإلى شرم الشيخ والغردقة.. بالرغم من تردد سلطات

بلادهم ومخاوفها.. عبر عواصم الدول المجاورة كأوكرانيا وبيلاروسيا..

نعم.. نحن نستطيع أن نفعل الكثير.. بشرط أن نتحرك بتخطيط علمى.. وبسرعة وفاعلية..

مصر للطيران
بنك الاسكان
NBE