نبيه صدقى يكتب : فلسفة التلبية وأسرارها

الحج شعيرة من شعائر الإسلام التي تحتوي على حكم واسرار كثيرة يضيق هذا المقال عن استوعبها ويكفينا ان نقف متدبرين متأملين علي بعض معانيها , ومن هذا الأسرار ما يحتويه هذا النشيد الإلهي الذي يردده ضيوف الرحمن وهو التلبية (لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) فهذا النشيد الإلهي الذي جعله الحق علامة مميزة لهذه الشعيرة فهو أيضا يشبه الأذان في بعض المميزات فالتلبية علامة مميزة للحج  كذلك الأذان علامة للصلاة هذا مأمور فيه برفع الصوت وهذا أيضا مأمور فيه برفع الصوت وهذا أيضا لايسمعه اي مخلوق من المخلوقات الا ويشهد لصاحبه يوم القيامة سواء كان انسان أو حيوان أو جماد أو أي مخلوق. 

 ثم بعد ذلك لوتدبرنا وتأملنا كلمات النشيد الإلهي لوجدناه يحتوي على معاني وأسرار وحكم كثيرة نقف أمامها عاجزين لا نستطيع أن نصل إلي كل أسرارها .

 فهيا بنا نتدبر ونتأمل معاني ألفاظ التلبية , أما الفقرة الأولي وهي (لبيك اللهم لبيك) فمعني التلبية يدور حول هذه المعاني وهي (الاجابة_الاخلاص_الانقياد_الالتزام) وكل هذه المعاني تنطبق على معني التلبية فأما المعني الأول وهو الإجابة فمعناه وكأن العبد يقول للحق _سبحانه _أنا استجيب لك إجابة بعد إجابة ومادام هناك إجابة لابد يكون هناك طالب ومطلوب فأما الطالب فالحق _جل جلاله _واما المطلوب فما هو قد يكون الطلب الإلهي هوالحج إلي بيته الحرام وهو ما أمر به الخليل ابراهيم ان ينادي به وقد يكون الطلب الإلهي هوالمثياق الإلهي الذي أخذه علينا الحق في عالم الذر أن لا نشرك به شيئا وقديكون الطلب الإلهي هو ان لانعصيه ابدا ولانخالف أوامره سبحانه وبعد هذا نقول الله اعلم بمراده وأيضا التلبية تشمل معني الإخلاص فيكون المعني ان المكلف لايعمل العمل إلا لمن كلفه لارياء ولاسمعة .

ولذلك جاء في بعض الروايات كان من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول (اللهم حجة لا رياء فيها ولاسمعة)

اذن فالأعمال الصالحة لاتكون خالصة إلا لوجهه الكريم سبحانه _وأيضا التلبية تشمل معني الانقياد فيكون المعني ان العبد لاينقاد ولايذعن إلا للأمر الإلهي وحده ولاينفذ إلاماطلب منه وأيضا معني التلبية يشمل معني الإلتزام فيكون المعني أن العبد يلتزم طاعة الخالق_سبحانه

وأما الفقرة الثانية وهي (لبيك لا شريك لك لبيك) نري التلبية ذكرت مرتين ويكون التكرار في دائما للتأكيد فما هو هذا الشئ المؤكد عليه هو أنه لاشريك للحق _سبحانه _ولايشبهه شيء لا في الصفات ولا في الذات ولا في شئ كما قال تعالي (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)

واما الفقرة الثالثة (إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) فالمتدبر في هذهِ الفقرة يجد أن فيها حرف إن والذى يفيد  التأكيد وما الشئ المؤكد في الكلام هو الحمد والنعمة والملك وأما معني الحمد فنجد انها اشتملت علي الام التي تعني معني الاستغراق اي ان جميع المحامد مختصة به _سبحانه _وتفيد ايضا ديمومة الحمد واستمراره وثباته له _سبحانه .

ولو سئلت لماذا نقول لان أيضا النعمة له ومعني النعمة في هذهِ الفقرة ان تفيد أيضا معني الاستغراق و ان جميع النعم ما صغر منها وما كبر منه سبحانه وحده لذلك اتي بلفظ (لاشريك له) والمتدبر في قوله صلي الله عليه وسلم (والملك لا شريك لك) يري المعني انه لا يتصرف ولا يتحكم في هذا الكون كله الا الملك سبحانه ولايملك هذا الكون الا مالك الملك سبحانه وأنه لا تعلو ارادة فوق ارادته ولايعلو امر فوق أمره ولا ينازعه ولا يشاركه أحد في ملكه سبحانه.

 لماذا لا يتصرف ولايتحكم في هذا الكون ولا يملك هذا الكون كله إلا هو ؟ الإجابة هي لانه ملك لاشريك له سبحانه فيما ملك .

وأخيراً لا نستطيع أن نقول إلا أنه حقا نشيد إلهي يشمل كل معاني التوحيد الخالص وحقا انه يطرب الاسماع ويهز المشاعر هزا ويحرك القلوب, بل يكاد يخلعها من مكانها ويحيي النفوس الميتة ويحرك الأشواق إلي البيت الحرام.

 

اللهم ربنا أرزقنا زيارة بيتك واحفظ بلدنا واحفظ جيشنا العظيم وأرحم آبائنا وأمهاتنا وكل المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات بحق هذه الأيام المباركة وصلي على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين واخردعوانا ان الحمد لله العالمين وسلام على المرسلين.