الأموال
السبت 11 أكتوبر 2025 12:56 صـ 17 ربيع آخر 1447 هـ
الأموال رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي
فيتش: الاقتصاد المصري يواصل التعافي ونظرة مستقبلية مستقرة ستاندرد آند بورز تشيد بإصلاحات مصر وتمنحها تصنيفا أعلى للمرة الأولى منذ 7 سنوات معهد طيبة العالي يتصدر مؤسسات التعليم الخاص بحصوله على تصنيف (A) من هيئة ضمان الجودة والاعتماد د.محمد فراج يكتب: عامان على طوفان الأقصى.. free free Palestine! تايجر العقارية تنتهي من بيع المرحلة الأولى من مشروع أناندا ريزيدنسز في موتور سيتي الإعلامي ماجد علي يعزي الزميل أحمد أبو عقيل في وفاة شقيقه انطلاق رالي Fly In Egypt 2025 بمشاركة 13 دولة لتعزيز السياحة الرياضية والأنشطة الجوية القاضي: ترشيح احمد مصطفى لمنصب دولي يعكس ثقة المجتمع اللوجستي في الكفاءات المصرية «تراثنا» يجمع رموز الدولة والمجتمع الدبلوماسي احتفاءً بالحرف المصرية الأصيلة كجوك: الاقتصاد المصري بدأ يتنفس ويتحسن.. والقطاع الخاص يستحوذ على 60% من الاستثمارات مصر تطالب بخطة عاجلة لاستعادة نظام تسوية المنازعات في منظمة التجارة بحلول 2026 وزير الري: إزالة التعديات على النيل أولوية لاستعادة كفاءة المجرى المائي

كُتاب الأموال

د.محمد فراج يكتب: عامان على طوفان الأقصى.. free free Palestine!

د.محمد فراج ابو النور
د.محمد فراج ابو النور

مرت منذ أيام الذكرى الثانية لعملية طوفان الأقصى –(7 أكتوبر 2023)- التى مثلت انعطافا تاريخيا فى الصراع بين الشعب الفلسطينى ودولة الاحتلال الصهيونى والتى تلتها حرب إبادة همجية لا مثيل لوحشيتها شنها الجيش الصهيونى ضد سكان قطاع غزة راح ضحيتها حتى الآن حوالى سبعين ألف شهيد وعشرة آلاف مفقود تحت أنقاض البيوت التى دمرها القصف المنهجى الوحشى.

ومنذ اللحظة الأولى لعملية "طوفان الأقصى"تراوحت ردود الأفعال عليها بين الحماس من جانب أغلب جماهير الشعوب العربية والإسلامية وقواها السياسية الوطنية والمعادية للصهيونية والإدانة القاطعة من جانب الدول الغربية الكبرى وغيرها من الدول الداعمة للكيان الصهيونى والمتحالفة معه، وفى مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.

أما الدول العربية فقد تراوحت مواقفها بين إدانة العملية نفسها مع إدانة حرب الإبادة الصهيونية الوحشية ضد قطاع غزة دون تمييز بين مقاتل أو مدنى، أو طفل أو شيخ أو امرأة، وبين هدف عسكرى أو مستشفى أو مدرسة أو مركز إيواء للمدنيين، أو خزان مياه أو محطة كهرباء.. ومع التزايد الكبير للخسائر البشرية والمدنية الفلسطينية وأشكال المعاناة اللاإنسانية التى يواجهها سكان القطاع من تهجير قسرى وتجويع وحرمان حتى من قطرة المياه النظيفة بدأت تتصاعد لدى كثير من السياسيين والكُتاب والمتحدثين فى وسائل الإعلام العربية بنبرة اللوم والإدانة ضد حركة حماس وفصائل المقاومة المتحالفة معها باعتبار أن هذه الفصائل هي المسئولة عن جلب المعاناة والكوارث لشعب غزة! وأن الذين خططوا لعملية "طوفان الأقصى" كان عليهم التفكير أولا فى علاقات القوى الفلسطينية الصهيونية وفى رد فعل جيش الاحتلال..إلخ، ودون الإشارة إلى ما كان يمكن وينبغى اتخاذه من خطوات من جانب عدد من الدول الغربية لردع العدوان الصهيونى الهمجى ضد الشعب الفلسطينى الشقيق وللدفاع عن حقوقه الوطنية المشروعة قبل وبعد عملية طوفان الأقصى بما كان يمكن أن يجعل هذه العملية غير واردة، بينما كان ما يحدث فى الواقع هو انتشار لعملية التطبيع بمختلف أشكالها بين عدد من الدول العربية المهمة وبين إسرائيل بالرغم من استفحال عدوانية الشعب الفلسطينى وفى التنكيل به وفي سياسة الاستيطان وتمزيق أوصال الضفة الغربية بمزيد من المستوطنات كل يوم، وفى تهويد القدس وخلق ظروف اقتصادية ومعيشية طاردة للشعب الفلسطينى من أرض آبائه وأجداده وخانقة للسلطة الفلسطينية بغض النظر عن رأى كاتب هذه السطور فيها.

هل كان "الطوفان" خطأ؟

الواقع أنه قبل أى مناقشة لعملية "طوفان الأقصى" أو تقييم لها –إذا كان يحق لنا تقييمها– لابد من الأخذ عددًا من الحقائق بعين الاعتبار وهى حقائق تستحيل مناقشة الموضوع بدون وضعها نصب أعيننا.

أولًا: إن اسرائيل هى دولة احتلال استيطانى توسعى إحلالى عنصرى تقدوم على التمييز الدينى وتستند إلى "وعد إلهى" مزعوم لليهود بالأرض المقدسة الممتدة من النيل إلى الفرات (!!) وليس بفلسطين وحدها!!

ثانيا: إن حق الشعوب فى المقاومة وتحرير أرضها بكل السبل الممكنة هو حق يكفله القانون الدولى، كما يفرضه المنطق الإنسانى الطبيعى وبديهى أن الشعب الفلسطينى ليس استثناء من ذلك، علمًا بأن فلسطين هى الدولة الوحيدة فى العالم الباقية تحت الاحتلال، ويتعرض شعبها سواء في الضفة الغربية أو فى غزة لأشكال الحصار والتنكيل التى تحدثنا عن بعضها، ولسنا بحاجة للتوسع فى الحديث عنها لأنها معلومة لكل عربى.

وتسمى إسرائيل وحلفاؤها كل شكل من أشكال المقاومة السلمية أو المسلحة إرهابا وتقتل أو تعتقل القائمين لسنوات تمتد إلى عقود، بينما تطلق أيدى مستوطنيها الفاشيين بحماية جيشها فى قتل الفلسطينيين وانتزاع أراضيهم وحرق محاصيلهم وبيوتهم، ويقوم مسئولوها الرسميون بقيادة حملات تدنيس المقدسات الإسلامية والمسيحية وكل هذه اعتداءات همجية لابد أن تدفع أى شعب حريص على حياته وأرضه وحريته إلى المقاومة بكافة الأشكال بما فيها المقاومة المسلحة.

ثالثا: إن القضية الفلسطينية خلال السنوات السابقة على "طوفان الأقصى" كان قد تم إدخالها إلى ثلاجة الدبلوماسية الأمريكية والغربية الداعمة لإسرائيل بصورة مطلقة، وأصبحت هذه القضية المقدسة فى "حالة موت إكلينيكى" بعد إفشال كل القرارات الدولية الداعمة ولو جزئيا لحقوق الشعب الفلسطينى وكذلك كل المبادرات العربية القائمة على مبدأ "الأرض مقابل السلام" علما بأن الأرض المقصودة هنا هى الضفة الغربية – بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة وهى تمثل 22% فقط من أراضى فلسطين التاريخية.

وبالرغم من رفض إسرائيل للاعتراف بأى حقوق للفلسطينيين فقد مارست الولايات المتحدة بالذات ضغوطًا هائلة على عدد من الدول العربية بما فى ذلك البعيدة عن اسرائيل لتطبيع علاقات هذه الدول مع العدو الصهيونى فيما يمكن تسميته بسياسة "مكافأة المعتدى" وهو ما يعنى انعدام أى ضغط من أى نوع على دولة الاحتلال لتقديم أى "تنازل!" للفلسطينيين أو حتى تخفيف الاضطهاد والتنكيل بهم، مادامت حركة التطبيع مستمرة وتشمل بلدانا عربية مهمة جديدة كل يوم، بينما تكتفى الدول العربية بترديد شعارات فارغة عن "حل الدولتين" بالرغم من استمرار الكيان الصهيونى فى ابتلاع الأراضى الفلسطينية والتنكيل بالفلسطينيين بلا هوادة، ويكفى أن نذكر أنه فى الشهور السابقة على "طوفان الأقصى" (من يناير – سبتمبر 2023) استشهد أكثر من ثلاثمائة شاب فلسطينى فى الضفة الغربية وحدها على أيدى جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين.

رابعا: فى مثل هذه الظروف التاريخية لا يملك أى شعب يستحق الحياة والحرية أن يترك قضيته تلفظ أنفاسها الأخيرة لأن معنى ذلك هو الاستسلام للعبودية والاندثار، وفقدان الوطن نهائيا.. ومن الطبيعى أن يقوم بمحاولة لإنقاذها وبعثها مهما يكن الثمن باهظا ومهما يكن العدو متفوقا فى القوة أضعافا، لأن الاستسلام يعنى فقدان الوطن والحرية والحياة فى نهاية الأمر، والعبيد وحدهم هم الذين يقبلون بذلك، ويرضون بالاندثار بينما برهن الشعب الفلسطينى طوال تاريخه على طاقات كفاحية هائلة وعلى استماتة فى الدفاع عن وطنه وعن حريته ولذلك استحق تسمية "شعب الجبارين" وهو ما برهنت عليه المقاومة الأسطورية فى غزة.

حرب الإبادة.. والتخاذل العربى

والحقيقة أن نجاح عملية "طوفان الأقصى" ثم الصمود الأسطورى الذى أبدته المقاومة الفلسطينية على مدى عامين بالرغم من الخسائر الفادحة قد برهن على أن الجيش الصهيونى وأجهزة مخابراته العديدة ليسوا بالقوة التى يتحدثون عنها دائما، وأنه يمكن مواجهتهم وإلحاق خسائر فادحة بهم والتأثير بقوة على مجتمع المستوطنين الفاشيين، علمًا بأن هذا التأثير ستظهر عواقبه تدريجيا.

الكارثة الحقيقية التى كشفت عنها حرب الإبادة هذا المستوى المذهل من التخاذل العربى تجاه ما يجرى للشعب الفلسطينى الشقيق فقد استمرت عملية التطبيع جارية على قدم وساق ولم نجد دولًا عربية تقطع علاقاتها السياسية والاقتصادية بإسرائيل أو تقوم بتجميد اتفاقاتها التجارية معها، ناهيك عن استخدام سلاح البترول أو الغاز ضد داعمى الكيان الصهيونى، بل إن طريقا تجاريا جديدا "دبى – حيفا" قد تم تدشينه عبر ثلاث دول عربية بالتزامن مع حرب الإبادة!!

ولو أن التضامن العربى مع الشعب الفلسطينى كان قد تبدى بدرجة معقولة لكان قد أمكن ردع كثير من أشكال التنكيل والتجويع التى شملتها حرب الإبادة، ولتقارن المواقف العربية مثلا بمواقف دول فى أمريكا اللاتينية مثل كولومبيا وفنزويلا والبرازيل ونيكاراجوا أو دول مثل جنوب افريقيا وإسبانيا وايرلندا.

القضية الأولى للضمير الإنسانى

لابد من التأكيد هنا على أنه بالرغم من الخسائر الفادحة فإن الصمود الأسطورى للشعب الفلسطينى والتضافر مع الموقف المصرى الصلب الرافض للتهجير قد نجحا فى إفشال مؤامرة تهجير سكان غزة قسريا إلى مصر ويبقى أن ممارسة ضغوط عربية جدية لإدخال المساعدات الغذائية والإنسانية وتقديم مساعدات جدية فى إعادة الإعمار (ولو عشر ما أخذه ترامب فى جولته الخليجية) هما أمران ضروريان لإفشال مؤامرة التهجير الصهيونية الأمريكية بصورة نهائية.

نتيجة أخرى للصمود الأسطورى الذى أبداه الشعب الفلسطينى ومقاومته فى مواجهة حرب الإبادة هى ذلك الاحترام والتعاطف الحار الذى اكتسبه الشعب الفلسطينى وقضيته فى مختلف أنحاء العالم من اليابان ونيوزيلاندا وأستراليا شرقًا حتى كندا وكولوميبا وتشيلى غربا، وحتى داخل الولايات المتحدة نفسها وفى مختلف بلدان أوروبا، وهو الاحترام والتعاطف الذى أعاد إحياء القضية الفلسطينية وفرضها كقضية أولى للضمير الإنسانى فى العالم كله، ومثل ضغطًا على حكومات غربية كثيرة للاعتراف بالدولة الفلسطينية وفرض عقوبات ضد إسرائيل للمرة الأولى منذ نكبة 1948 وأصبحت أعلام فلسطين ترفرف فى المظاهرات الشعبية الحاشدة فى مختلف أنحاء العالم، والكوفية الفلسطينية غطاء مفضلًا للرأس ووشاحًا على الكتفين لكل أنصار الحرية، ويدوى فى كل مكان هتاف "فلسطين حرة" و"غزة حرة" ومعهما مؤخرا "الموت للجيش الإسرائيلى".

قولوا ما شئتم عن "طوفان الأقصى" لكنّ أحدا لن يستطيع إنكار أن هذه العملية والصمود الأسطورى الذى تلاها فى مواجهة حرب الإبادة الصهيونية الفاشلة قد أعاد القضية الفلسطينية إلى الحياة، ووضعها فى بؤرة اهتمام العالم كله.. " free free Palestine!"