الأموال
السبت 4 أكتوبر 2025 03:46 مـ 11 ربيع آخر 1447 هـ
الأموال رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي
رئيس ”سلامة الغذاء”: المشاركة في ”أنوجا” تعزز حضور مصر في صناعة الغذاء العالمية حسن الخطيب: 9 مناطق حرة عامة تضم 1224 مشروعا باستثمارات تقارب 39 مليار دولار داليا الباز: البريد المصري شريك في تمكين الحرفيين وتسويق المنتجات التراثية 106 شركات غذائية تشارك في الجناح المصري بمعرض أنوجا آي صاغة:الإغلاق الحكومي الأمريكي يدعم مكاسب الذهب وسط توقعات بخفض الفائدة دي بي ورلد مصر تحتفل بافتتاح المعامل الصناعية المركزية المتكاملة بميناء العين السخنة وزير الاستثمار يتفقد المركز اللوجستي الجمركي المطور للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس أسامة ايوب يكتب : خطة ترامب للسلام في غزة.. إملاءات استسلام د.محمد فراج يكتب: مطلوب وقفة جادة لمواجهة المتاجرين بصحة المصريين (2-2) الاثنين المقبل.. معهد طيبة العالي للهندسة يستقبل طلابه الجدد في حفل ترحيبي عليوة جروب توقع شراكة استراتيجية مع إيفنتفاي السعودية لتعزيز ملف تصدير العقار المصري وزير الاستثمار يفتتح المرحلة الثانية من المعامل الصناعية المركزية بميناء العين السخنة

كُتاب الأموال

أسامة ايوب يكتب : خطة ترامب للسلام في غزة.. إملاءات استسلام

أسامة ايوب
أسامة ايوب

نزع هوية غزة الفلسطينية واستبعاد السلطة الوطنية.. بداية لتصفية القضية

اللجنة الدولية لحكم غزة تعنى فرض الوصاية عليها لأجل غير مسمى

حركة حماس فى مأزق استراتيجى بين خيارين لهما أثمان باهظة

الترحيب العربى بالخطة قبل اتضاح تفاصيلها.. هرولة متسرعة

وسط أجواء مثيرة من الترقب حتى كتابة هذه السطور مساء الأربعاء الماضى، وبينما تدرس حماس ردها على خطة ترامب لإنهاء الحرب فى غزة، فمن المؤكد أن الحركة تواجه مأزقا استراتيجيا بين خيارين كلاهما له أثمان باهظة، إذ في حالة موافقتها.. سبيلا لإنهاء معاناة الشعب الفلسطينى الكارثية ووقف حرب الإبادة بالتجويع والتدمير، فإنها تكون قد وقعت على بياض لتصفية القضية الفلسطينية تدريجيا وإفلات مجرم الحرب نتن ياهو من العقاب، فى حين أن رفضها يفتح الباب أمامه للتذرع بهذا الرفض لمواصلة قتل المدنيين والأطفال والنساء واستكمال التدمير وتحول غزة إلى أرض غير صالحة للحياة ودفع الفلسطينيين إلى مغادرتها، وفى الحالتين فإن نتن ياهو سيكون هو الرابح الوحيد إذ سيروج أنه حقق أهداف الحرب بزعم الانتصار المطلق، وذلك هو مكمن الخطر فى خطة ترامب الخبيثة.

...

إن الملاحظة الأولى على هذه الخطة التى يستهدف ترامب فرضها هى أنها تفتقد المقومات الموضوعية العادلة والنزيهة لتسوية السلمية التى تحظى بتفاهم ورضاء الطرفين معا.. حماس ونتن ياهو، وبدون التهديد بأن رفضها من جانب حماس ودون ادخال أى تعديلات أو تحديد واضح لبنودها وتفاصيلها، إنما يعنى الضوء الأخضر لمجرم الحرب لاستكمال ما أسماها المهمة، وحيث بدت خطة ترامب أمر إذعان مجحفا.

...

الملاحظة الثانية والخطيرة هى أن الخطة التى أعلنها ترامب جاءت مختلفة كثيرا عما تم الاتفاق عليه في الاجتماع مع قادة دول عربية واسلامية فى نيويورك الأسبوع الماضى على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو الأمر الذى كشف أن ثمة تعديلات أدخلها نتن ياهو علي الخطة المتوافق عليها وذلك خلال اجتماعه مع ترامب فى البيت الأبيض عشية إعلانه للخطة في صورتها المعدلة، وهو الأمر لاذى أثار الاستياء العربي غير المعلن خلف الكواليس.

ولذا فإنه من غير الممكن ومن غير المقبول تفهم مسارعة حكومات عربية وإسلامية إلى إعلان ترحيبها بالخطة والإشادة بقيادة ترامب لجهود السلام وإنهاء الحرب فى غزة وهو الترحيب الذى يمثل الغطاء السياسى الإسلامى والعربي لترامب لتنفيذ خطته الخداعية التى تصب فى صالح نتن ياهو وحكومة الاحتلال اليهودى الصهيونى وعلى حساب مستقبل الشعب الفلسطينى وقضيته فى نهاية المطاف.

ثم إن الترحيب واسع النطاق الذى حظى به ترامب وحظيت به خطته الخبيثة فى الإعلام العربى وفي الدوائر الرسمية وغير الرسمية.. استباقا لاتضاح ملامحها الحقيقية وتفاصيلها المحددة خاصة بعد تعديلات نتن ياهو.. بدا هرولة مهنية وتسليما واستسلاما مسبقا وحيث من المرجح بل من المؤكد أن الجميع سوف يأسفون بعد أن تتضح حقيقة هذه الخطة الترامبية.

...

إن القراءة الدقيقة والرشيدة لخطة ترامب تفضى إلى أنها فى الحقيقة خطة لاحتلال غزة وتصفية القضية الفلسطينية ومن ثم الحيلولة دون إقامة الدولة بحسب المخططات اليهودية الصهيونية التى يسعى نتن ياهو لتنفيذها بدعم من الراعى ترامب، أى أنها نسخة طبق الأصل ولكن فى صورة مخادعة لما سبق أن أعلنه الاثنان من أنه لا دولة فلسطينية، خاصة وأن الخطة تتضمن نزع سلاح حماس وتسليمه، وهو شرط يعنى حرمان المقاومة من حقها المشروع فى المقاومة المسلحة للاحتلال سبيلا للوصول إلي حق تقرير المصير بحسب المقررات والقوانين الأممية والدولية، ولذا فإن أغلب الظن أن حماس سوف ترفض نزع سلاحها وهو الأمر الذى قد يدفعها لرفض هذا الشرط حتى تقبل الخطة.

اللافت فى هذه الخطة الخبيثة أنها تتضمن عناوين فضفاضة ضبابية دون تفاصيل واضحة ومحددة، غير أن الأخطر هو البند الخاص بنزع قطاع غزة عن هويته الفلسطينية وقطع صلته بالضفة الغربية ثم اخضاعه لحكم لجنة دولية يقودها تونى بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق المتآمر تقليديا على العرب منذ غزو العراق والذى سيكون بمثابة المندوب السامى تحت إشراف ما أسماه ترامب مجلس السلام برئاسته، وهو التوجه الذى يعنى في حقيقة الأمر وضع غزة تحت الوصاية الأمريكية والاحتلال الإسرائيلى فى استعادة للحقبة الاستعمارية الغربية للأقطار العربية فى الماضى.

...

الخطير أيضا فى هذه الخطة أنها استبعدت السلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله عن أمور قطاع غزة رغم أنه كان من المتوافق عليه دوليا وإقليميا أن تمارس السلطة الفلسطينية إدارة وحكم غزة فى اليوم التالى لإنهاء الحرب بينما المهين فى الخطة هو اشتراطها قيام السلطة بإجراء إصلاحات لهياكلها ومؤسساتها قبل إشراكها فى مجرد الإدارة المدنية للقطاع.

حتى انسحاب قوات الاحتلال من غزة بعد وقف الحرب كجزء من التسوية، فإن الخطة الترامبية خلت من جداول زمنية محددة بل إنها تضمنت احتفاظ القوات بالتموضع فى بعض المناطق بزعم الأمن دون تحديد مدى زمنى للانسحاب النهائى.

ثم إنه برغم اشتراط ترامب فى خطته لإنهاء الحرب إطلاق سراح جميع الأسرى الاسرائيليين الأحياء والأموات دفعة واحدة دون ضمانات مؤكدة لإنهاء حرب الإبادة والسماح بادخال المساعدات الإغاثية والإنسانية الكافية، فن الخطة لم توضح أعداد السجناء الفلسطينيين التى تفرج عنهم اسرائيل فى إطار صفقة التبادل، والأهم أنها لم توضح نوعية هؤلاء السجناء خاصة المحكوم عليهم بالمؤبدات وذلك بالمخالفة للتفاهمات السابقة فى هذا الشأن.

...

ضبابية خطة ترامب سوف تفضى فى حالة تطبيقها إلى ظهور نقاط خلافية كثيرة ومن الواضح أن هذه الضبابية مقصودة كى تفتح الباب أمام نتن ياهو للتذرع بأى خلاف لمواصلة حرب الإبادة والتدمير فى غزة وتهجير سكانها واحتلالها وذلك هو الأرجح.

...

إن مكمن الخبث في خطة ترامب والتى يسوقها أمام شعوب العالم خاصة الشعوب العربية والاسلامية على أنها خطة لإحلال السلام ووقف الحرب فى غزة وإنهاء معاناة الشعب الفلسطينى.. هو أنها محاولة للتغطية على جرائم نتن ياهو وقوات الاحتلال ومن ثم التغاضى عن أنه مجرم حرب مطلوب للعدالة بحسب قرار المحكمة الجنائية الدولية، ثم إنه غير خاف أن ترامب استهدف بطرح خطته الرد على الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية والتقليل من دلالاتها حتى تظل مجرد اعترافات رمزية يتلاشى أثرها بمرور الزمن.

غير أن هذا المسعى من جانب ترامب سوف يخيب بل إنه قد خاب بالفعل خلال ليل الأربعاء الماضى وحتى فجر الخميس وقت كتابة هذه السطور بفعل المظاهرات الشعبية الحاشدة فى عواصم ومدن الدول الأوروبية.. تنديدا بهجوم السفن الحربية الاسرائيلية على سفن أسطول الصمود لكسر الحصار على غزة فى المياه الدولية وقبل الوصول إلي سواحل غزة وحيث قامت القوات الاسرائيلية باعتقال أعداد من ركاب الأسطول وبينهم نشطاء وسياسيون وبرلمانيون أوروبيون وبينهم أيضا حفيد نيلسون مانديلا، وحيث يعد هذا التصرف العدائى الاسرائيلى انتهاكا للقانون الدولى ولقانون البحار ويمثل جريمة حرب تقود حكومة تل أبيب إلى المحاكمة الجنائية الدولية.

ولذا فإن اقتحام سفن أسطول الصمود ومنع مسعاه الإنسانى لكسر الحصار عن غزة يكشف بل يؤكد ما هو مؤكد من أن اسرائيل دولة مارقة فوق القوانين والشرائع الدولية والأممية وسوف تظل كذلك وأن خطة ترامب تستهدف فى حقيقها دعمه لتنفيذ مخططاته وأن السلام الذى يروج له ترامب هو وهم وخداع يتعين ألا ينطلى على العرب والمسلمين والفلسطينيين.

...

خلاصة القول هى أنه لا وصف حقيقيا لخطة ترامب سوى أنها إملاءات لأوامر اذعان ومن ثم فإن خطة للاستسلام.. استسلام الفلسطينيين واستسلام حركة المقاومة حماس واستسلام العرب والمسلمين لخداع ترامب ومخططات نتن ياهو.. أى أنها وبكل المقاييس والمعايير ليست خطة للسلام علي الإطلاق.