مركز «الملاذ الآمن»: 32% ارتفاعًا في الفضة منذ بداية العام

أظهر تقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن» للأبحاث أن أسعار الفضة تراجعت بالأسواق المحلية بنسبة 1.9% خلال تعاملات الأسبوع الماضي، بينما ارتفعت الأوقية في البورصة العالمية بنسبة 2.4% لتغلق عند أعلى مستوياتها منذ أغسطس 2011، مدعومة بتزايد التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يتجه نحو خفض أسعار الفائدة منتصف سبتمبر.
على المستوى المحلي، تراجع سعر جرام الفضة عيار 800 بنحو جنيه واحد، ليغلق عند 54 جنيهًا بعد أن افتتح الأسبوع عند 55 جنيهًا، أما عالميًا، فقد ارتفعت الأوقية من 41 دولارًا إلى 42 دولارًا، بزيادة قدرها دولار واحد.
وسجل عيار 999 نحو 68 جنيهًا، وعيار 925 قرابة 63 جنيهًا، بينما استقر جنيه الفضة (عيار 925) عند 504 جنيهات.
ومنذ بداية العام، ارتفعت أسعار الفضة محليًا بنسبة 32%، أي ما يعادل 13 جنيهًا للجرام، فيما قفزت الأوقية عالميًا من 29 دولارًا إلى 45 دولارًا، بزيادة 13 دولارًا.
العوامل المحلية
أوضح التقرير أن ارتفاع الجنيه أمام الدولار حدّ من انعكاس موجة الصعود العالمية للفضة على السوق المحلية، ومع ذلك، تشهد مبيعات الفضة طفرة ملحوظة، خاصة مع الارتفاع التاريخي لأسعار الذهب وتراجع القوة الشرائية، ما عزز توجه الأفراد والمؤسسات إلى المعدن الأبيض كبديل استثماري.
ولفت التقرير إلى أن دخول مستثمرين جدد لأول مرة إلى سوق الفضة ساعد على انتشار ثقافة الادخار بها وتنويع المحافظ الاستثمارية، كما ساهم توافر السبائك بمقاسات وأوزان مختلفة مع وسائل تغليف وحماية في زيادة الإقبال عليها.
العوامل العالمية
واصلت الفضة صعودها الحاد عالميًا، لتسجل 42.45 دولارًا للأوقية، وهو أعلى مستوى في 14 عامًا. ويرى محللو TD Securities أن استمرار الطلب الاستثماري، مع عجز السوق عن تلبية الاحتياجات، قد يؤدي إلى نفاد المخزونات في بورصة لندن خلال سبعة أشهر فقط، وربما خلال أربعة أشهر إذا تسارعت وتيرة الشراء، متوقعين إمكانية وصول الأسعار إلى 50 دولارًا للأوقية، وهو مستوى تاريخي لم يتحقق منذ أبريل 2011.
هذا الشح انعكس أيضًا في فجوة الأسعار بين عقود COMEX الآجلة في نيويورك وسوق لندن الفوري، حيث يتم تداول عقود ديسمبر بزيادة تصل إلى 55 سنتًا عن السعر الفوري.
البيانات الأمريكية وضغط السياسة النقدية
الارتفاع الأخير للفضة جاء مدعومًا ببيانات أمريكية أظهرت تباطؤًا حادًا في سوق العمل، ارتفاع طلبات إعانة البطالة الأسبوعية بأسرع وتيرة منذ 4 سنوات، وخفض تقديرات الوظائف غير الزراعية، حيث أضاف الاقتصاد 22 ألف وظيفة فقط في أغسطس مقابل توقعات بـ 75 ألفًا، وارتفاع معدل البطالة إلى 4.3%، وهو الأعلى منذ 2021، وثبات نمو الأجور عند 0.3% شهريًا و3.7% سنويًا.
أما التضخم، فظل عند مستويات معتدلة مع ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك إلى 2.9% سنويًا في أغسطس مقابل 2.7% في يوليو، بينما استقر التضخم الأساسي عند 3.1%.
تشير توقعات الأسواق إلى احتمال بنسبة 88% أن يقوم الفيدرالي بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه يومي 16 و17 سبتمبر، مع احتمال بنسبة 12% لخفض أكبر بواقع 50 نقطة أساس.
وتتوافق هذه التوقعات مع تصريحات جيروم باول رئيس الفيدرالي في ندوة جاكسون هول، حين أكد استعداد البنك لإعطاء الأولوية لاستقرار سوق العمل.
الفضة بين الاستثمار والصناعة
رغم أن الذهب لا يزال المعدن النقدي الأكثر تفضيلًا للبنوك المركزية وصناديق التحوط، إلا أن الفضة تزداد جاذبية بفضل قيمتها المنخفضة نسبيًا، إذ ما زالت نسبة الذهب إلى الفضة مرتفعة فوق 86، مقارنة بمتوسط تاريخي بين 50 و60.
ويشير المحللون إلى أن الفضة أصبحت تتمتع بميزة إضافية، كونها لم تعد مجرد أداة ادخارية، بل عنصرًا أساسيًا في صناعات استراتيجية مثل الطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية والإلكترونيات الدقيقة، ومع تزايد الطلب الصناعي وتقلص المعروض العالمي، باتت الفضة في وضع أقوى من الذهب على المدى المتوسط.
ضغوط سوق الإقراض والمخزونات
أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا استثنى بعض المعادن الاستراتيجية مثل الذهب والجرافيت والتنجستن واليورانيوم من التعريفات الجمركية، بينما لم تُدرج الفضة في القائمة، ما أثار مخاوف بشأن مستقبلها التجاري.
انعكس هذا الغموض على سوق الإقراض، حيث ارتفعت معدلات تأجير الفضة لمستويات غير مسبوقة، مع تحرك المعدلات إلى المنطقة السالبة (-1.2%)، أي أن المستعير يدفع بدلًا من الحصول على عائد، بينما يجني المؤجر نحو 5.5% على أساس ثلاثة أشهر.
كما ساهم إدراج الفضة الشهر الماضي في قائمة المعادن الحيوية للحكومة الأمريكية في زيادة الطلب وخفض المعروض المتاح، ما رفع الفارق بين أسعار عقود COMEX والفضة الفورية في لندن من 25 سنتًا إلى 1.1 دولار للأوقية.
تتجه الفضة بخطى متسارعة نحو مستويات تاريخية جديدة، مدعومة بعوامل اقتصادية وجيوسياسية معقدة، من ضعف الدولار وتباطؤ سوق العمل الأمريكي، إلى تنامي الطلب الصناعي والتحول العالمي نحو الطاقة المتجددة، ومع استمرار اعتقاد المستثمرين بأن الفضة أقل تقييمًا من الذهب، تبدو السنوات المقبلة مرشحة لتكون فترة إعادة تموضع استراتيجي للمعدن الأبيض داخل المحافظ الاستثمارية العالمية.