”التقارب”.. منصة وطنية لتوحيد السياسات الصحية والغذائية والمناخية في مصر

في خطوة غير مسبوقة نحو تنسيق الجهود الوطنية لمواجهة تحديات الصحة والغذاء والمناخ، أطلقت مصر فعاليات الورشة الوطنية الأولى لمبادرة "التقارب بين نظم الأغذية والعمل المناخي"، بمشاركة رفيعة المستوى من الحكومة المصرية وشركاء دوليين وإقليميين، تحت مظلة الأمم المتحدة ومنظماتها.
شهد الورشة كل من الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، وعلاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، بحضور ممثلي وزارات التخطيط والخارجية وعدد من الهيئات الدولية، من بينها منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي ومنظمة الأغذية والزراعة "الفاو".
عبدالغفار: لحظة وطنية لرسم مستقبل متكامل
في كلمته الافتتاحية، أكد الدكتور خالد عبدالغفار أن الورشة تمثل لحظة وطنية جامعة، تتجاوز النقاش النظري لتؤسس لواقع جديد قائم على التنسيق والتكامل بين قطاعات الغذاء والصحة والمناخ، ضمن نهج مبتكر وشامل.
وأشار إلى أن المبادرة تأتي بالتعاون مع مركز تنسيق النظم الغذائية بالأمم المتحدة، ومكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر، مشيدًا بالشراكات القوية التي تدعم هذا التحرك.
واستعرض عبدالغفار الجهود الوطنية لتعزيز الترابط بين الصحة العامة والبيئة والغذاء، من خلال الاستراتيجية الوطنية للصحة الواحدة، وخطة الغذاء والتغذية 2022–2030، بجانب الدور الريادي الذي لعبته مصر في مؤتمر المناخ COP27، والذي شهد إطلاق مبادرات محورية مثل "FAST" وصندوق الخسائر والأضرار.
وأوضح الوزير أن مصر حققت تحسنًا ملحوظًا في مؤشرات الصحة والتغذية، أبرزها انخفاض معدلات التقزم بين الأطفال دون سن الخامسة إلى 13% في عام 2021، مع التطلع لخفضها إلى 10% بحلول 2030، عبر برامج غذائية ومدرسية فعالة، رغم التحديات المتمثلة في سوء التغذية والتغيرات المناخية والصدمات الاقتصادية.
واختتم عبدالغفار بالإعلان عن "خطة عمل التقارب – CAB"، التي ستشكل خارطة طريق وطنية لتعزيز التنسيق متعدد القطاعات، داعيًا إلى دمج أهداف نظم الأغذية في السياسات التنموية والمناخية، وترسيخ ثقافة الاستثمار والابتكار لضمان مستقبل غذائي وصحي مستدام.
علاء فاروق: التحول الغذائي لم يعد خيارًا.. بل ضرورة
من جانبه أكد وزير الزراعة علاء فاروق أن الورشة تأتي ضمن جهود اللجنة الوطنية لنظم الغذاء والتغذية، مشددًا على أن التحول نحو نظم غذائية مستدامة وشاملة وعادلة أصبح ضرورة لا تحتمل التأجيل.
ولفت إلى أن مصر، بالتعاون مع شركائها، تعمل على تطبيق سياسات واضحة لدعم الإنتاج المحلي، وتمكين المزارعين، وتحسين الوصول إلى التمويل والتكنولوجيا الحديثة، بما يعزز من قدرة الدولة على توفير غذاء آمن وصحي لجميع المواطنين، لاسيما الفئات الأكثر احتياجًا.
المشاط: "نُوَفِّي" منصة عالمية للربط بين الغذاء والمناخ والطاقة
وفي كلمة مسجلة، شددت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، على أهمية مبادرة "التقارب" في دمج السياسات الوطنية في مجالات الصحة والغذاء والمناخ، ضمن رؤية شاملة تواكب تطلعات التنمية المستدامة.
واستشهدت المشاط بتقرير الأمم المتحدة الذي أشار إلى تأخر العالم عن تحقيق نصف أهداف التنمية المستدامة، مؤكدة أن الدمج بين العمل التنموي والمناخي بات أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
وتحدثت عن الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050، وبرنامج "نُوَفِّي" الذي بات منصة دولية لتكامل مشروعات المياه والطاقة والغذاء، وتجسيدًا لتجربة مصر الريادية في هذا المجال.
مبادرة "التقارب": رؤية وطنية بتوقيع دولي
تُعد مبادرة "التقارب" أداة استراتيجية وطنية تهدف إلى مواءمة السياسات الصحية والغذائية والمناخية، من خلال مسار تشاوري واسع النطاق، تشارك فيه الحكومة مع المنظمات الدولية والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
وترتكز المبادرة على صياغة خطة وطنية قابلة للتنفيذ، تعكس الأولويات المصرية وتضمن الشمول والمساواة، مع تعزيز مرونة النظم الغذائية في مواجهة تغير المناخ، وتكريس التعاون بين كافة الأطراف المعنية لضمان استدامة الأمن الغذائي والصحي والبيئي.