الأموال
الخميس، 9 مايو 2024 08:33 مـ
  • hdb
1 ذو القعدة 1445
9 مايو 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د. محمد فراج يكتب : أوقفوا هذا القانون ( 1 / 2 )

الأموال

التعديلات على قانون الشهر العقارى، الخاصة برسوم تسجيل الشقق والعقارات، أثارت جدلاً واسعاً فى المجتمع كله، كان طبيعياً أن يمتد إلى وسائل الإعلام وامتد الجدل إلى البرلمان، حيث طالب عدد من أعضاء اللجنة التشريعية بوقف تنفيذ هذه التعديلات المقرر أن يبدأ فى 4 مارس - أى خلال أيام - وإعادة النظر فيها فى جلسة موسعة للبرلمان بكامل أعضائه (المصرى اليوم 24 فبراير).
التعديلات المذكورة أقرت فى أغسطس الماضى فى جلسة لمجلس النواب برئاسة الدكتور على عبدالعال.. وتم نشر قانون الشهر العقارى المعدل متضمناً تلك التعديلات وتم نشره بالجريدة الرسمية تحت رقم 186 لسنة 2020.
على أن يبدأ سريانه من 4/3/2021.. وتتضمن فرض رسوم وأعباء كبيرة على المواطنين الراغبين فى بيع أو شراء الشقق أو توصيل المرافق إليها، حيث يشترط القانون الجديد (تسجيل) الشقق والعقارات كشرط ضرورى لتوصيل أو نقل المرافق العامة (المياه - الكهرباء - الصرف الصحى - الغاز - التليفونات) وكذلك لإصدار تصاريح بناء أو حتى هدم أى عقار.. ويلغى الاعتراف بعقود البيع الابتدائية، حتى لو كانت حاصلة على حكم قضائى بصحة ونفاذ توفيعات أطرافها.
ويفرض القانون الجديد على الشقق أنواعاً مختلفة من الرسوم و(الأعباء) فى مقدمتها :
1 - رسم تسجيل يبلغ (500جنيه) حتى مساحة (100 م2) و(1000 جنيه) على الوحدة السكنية البالغ مساحتها حتى (200 م2) و(2000 جنيه) على الوحدة التى تزيد مساحتها على (200 م2).
2 - (1٪) فى المائة من قيمة العقد لنقابة المحامين.
3 - (2،5٪) ضريبة تصرفات عقارية.
4 - إعلان - من مكتب الشهر العقرى المختص - فى إحدى الصحف اليومية واسعة الانتشار (على نفقة طالب التصرف العقارى)..
وتتضمن الإجراءات ضرورة تقديم طلب التسجيل مرفقاً بجميع سندات الملكية، وتراخيص البناء، وما يثبت التصالح فى مخالفات البناء (غرامات التصالح).. وفى حالة تقديم كل هذه المستندات يحصل طلب التسجيل على (رقم مؤقت).. ثم يتم دفع نفقات الإعلان فى الصحف إلى مكتب الشهر العقارى.. فإذا لم يحدث اعتراض على التسجيل من جانب أى طرف خلال شهر من نشر الإعلان تحول الرقم المؤقت إلى رقم نهائى.. وتتم إجراءات التسجيل.
أما إذا اعترض أى طرف على التسجيل فتحال القضية إلى قاضى الأمور الوقتية الذى يحكم فيها خلال (7 أيام).. فإذا كان الحكم لصالح طالب التسجيل ، تبدأ الإجراءات النهائية.. وإلا تم وقف الإجراءات.
المصرى اليوم - 24 فبراير - ص 2 - حديث لرئيس اتحاد موظفى مصر الأستاذ / وليد فهمى.
وحتى العقارات الثابت ملكيتها قبل صدر القانون، لا يمكن التصرف فيها بالبيع أو إدخال أو نقل المرافق إليها دون تسجيل، حتى لو كانت قد وفقت أوضاعها فيما يتصل بمخالفات البناء. وتصالح أصحابها مع الدولة.. (المصدر السابق).
وعلاوة على ذلك كله فإن إجراءات التسجيل لا يمكن تنفيذها فى مأموريات أو مكاتب الشهر العقارى العادية (الفرعية) بل لابد من إتمامها فى المراكز الرئيسية للشهر العقارى فى المحافظات !! (نفس المصدر)..
***
وقد راجت فى الفترة الماضية شائعات مختلفة حول قضية التسجيل.. لكننا أخذنا معلوماتنا من مصادر رسمية.. فما قاله رئيس اتحاد الموظفين، أكده أهم مصدر رسمى متصل بالموضوع، نعنى جمال ياقوت، رئيس مصلحة الشهر العقارى شخصياً، فى حديث له مع الإعلامى أحمد موسى، على قناة «صدى البلد» - (الأربعاء 24 فبراير).. (وهو موجود على اليوتيوب).
***
ملاحظات أساسية
وتثير التعديلات المشار إليها العديد من الملاحظات القانونية والاقتصادية والاجتماعية فضلاً عن الملاحظات الخاصة بالتوقيت.. وتلك الخاصة بضرورة تحقيق (الرضاء العام) عن القوانين المتصلة بأقسام واسعة من السكان، حرصاً على الأمن والاستقرار.
أولاً : ولنبدأ بالعنصر الخاص بالتوقيت.. إذ ينبغى ملاحظة أن الصيف الماضى قد شهد جدلاً واسعاً حول قضية مخالفات البناء ورسوم التصالح فيها، والتوسع فى هدم المبانى المخالفة، وقد تم فرض الغرامات على المخالفات بصورة جزافية مبالغ فيها بطريقة أثارت غضباً مجتمعياً واسعاً، مما اضطر الحكومة والمحليات إلى إجراء تخفيضات فيها وصلت إلى النصف أو أقل.. الأمر الذى كان له أثره السلبى على مصداقية الحكومة (إذا كنت قد وافقت فى النهاية على إلزامه «س» فلماذا طلبت فى البداية «2 س» ثم دخلت فى مساومة انتهت بقبول مبلغ أقل؟؟!!).
ومن ناحية أخرى فإن الحكومة قد حددت موعداً للتصالح - كحد أقصى - بصورة غير مدروسة، ثم اضطرت لتأجيله عدة مرات.. وهذا أيضاً أمر سيئ بالنسبة لمصداقية الحكومة.
مما لا يقل أهمية عن ذلك هو أن ذلك كله قد جرى فى ظل جائحة كورونا بما لها آثار سلبية شديدة الوطأة على الاقتصاد.. لا تزال مستمرة، ولا يعلم إلا الله متى تنتهى.. وهو ما يجعل قدرة المواطنين على تحمل أعباء كل غرامات التصالح فى المخالفات، أقل بكثير.. وبالتالى فقد كان لابد من القبول بمبالغ أقل بكثير. كدليل على (جدية الرغبة فى التصالح).. علماً بأنه فى الصيف الماضى تم أيضاً رفع أسعار الكهرباء والمياه والغاز بنسبة كبيرة.
ومن ناحية أخرى فقد بدأ تنفيذ قانون تراخيص المحال العامة - ولائحته التنفيذية - بما تتضمنه من رسوم مرهقة على قطاعات واسعة من السكان.
ووسط هذه الظروف الاقتصادية غير المواتية إطلاقاً جاء وقف إصدار تراخيص البناء ليؤدى إلى مزيد من ارتفاع نسبة البطالة بين العمال والحرفيين (والمهندسين) فى هذا المجال الضخم.. علاوة على البطالة التى فرضتها كورونا ليس على بلادنا وحدها، بل على العالم كله..
ثم .. جاءت إجراءات التسجيل - بما تتضمنته من أعباء مرهقة - لتضاف إلى الضغوط السابق ذكرها.. والتى يقع معظمها على الطبقة الوسطى والطبقات الأفقر منها.. ومن شأن هذا كله أن يؤدى إلى زيادة الاحتقان الاجتماعى، فى ظروف تشهد زيادة المؤامرات ضد مصر من أكثر من جهة : إثيوبيا ومياه النيل فى الجنوب - وتركيا من الغرب (ليبيا) والإرهاب المدعوم إقليمياً ودولياً فى سيناء.. ومؤامرات قطر وتركيا فى المنطقة عموماً.. فهل من الحكمة فى هذه الظروف زيادة الضغوط الاقتصادية على الطبقات الوسطى والكادحة، بما يزيد من درجة السخط الاجتماعى؟؟.
ثانياً : إن الإفراط فى فرض الضرائب وجباية مختلف أنواع الرسوم، قد يوفر بعض الموارد المالية للدولة، لكن النظرة الاقتصادية الأشمل تشير إلى نتائج من شأنها أن تعمق الركود الاقتصادى، وتعرقل خروج الاقتصاد المصرى من أزمة كورونا، وفى مقدمتها هذه النتائج السلبية :
1 - المزيد من إضعاف القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة إذا وضعنا فى اعتبارنا تفاقم البطالة، والتراجع الكبير فى السياحة والعديد من الأنشطة الخدمية.
2 - تراجع الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، نتيجة للضغوط الاقتصادية على الطبقات الوسطى بالذات.. إذ تتجه أجزاء أوسع من مدخرات هذه الطبقات لمحاولة العجز فى مواردها، والحفاظ على مستوياتها المعيشية.. وليس إلى الاستثمار، لاسيما وأن هذا الاستثمار تحيط به ظروف غير مستقرة، وتشريعات تفرض رسوماً وأعباء غير متوقعة.
فنتيجة لهذا كله تتباطأ الدورة الاقتصادية، وتتعثر محاولات الخروج من الركود.
وربما ليس من شأنه القول أن نشير إلى أن قطاعاً مهما من الطبقة الوسطى - نعنى مزارعى ومصدرى الحاصلات الزراعية - يعانون معاناة شديدة من تراجع صادراتهم بسبب جائحة كورونا (البطاطس والطماطم.. وغيرهما) وما تفرضه من قيود على حركة النقل، مما يؤثر سلباً بشدة على قدرتهم على توظيف الاستثمارات سواء فى مجالهم المباشر، أو فى المجالات الأخرى، فضلاً عن تأثيره على قدرتهم الشرائية هم وقطاع واسع من الفلاحين.. فهل نحن بحاجة إلى هذا كله؟؟.
ثالثاً: إن المشرعين كان يجب أن يضعوا فى اعتبارهم كل ما ذكرناه - حرصاً على مصلحة البلاد - وهم يجرون هذه التعديلات التشريعية، ويسنون غيرها من القوانين.. ولكن من الواضح أن ذلك لم يحدث بدليل ما رافق قضية التصالح فى مخالفات البناء من مشكلات.. وما يثيره موضوع (التسجيل) من جدال واسع.
وواضح أن التعديلات التشريعية فى مجال (التسجيل) تمت بنفس القدر من العجلة الذى اتسم به سن كثير من القوانين فى البرلمان السابق (برئاسة الدكتور عبدالعال).. ولم تأخذ القضايا الخطيرة التى عالجتها تلك التشريعات حقها من المناقشة المتأنية المستبصرة للعواقب.
رابعاً : لكن ما يثير الدهشة والاستياء هو أن القصور لم يقف عند ذلك، بل امتد إلى تقديرات جزافية ما أنزل الله بها من سلطان، وتفتقر إلى أبسط مظاهر الشعور بالعدالة.
1 - فما دخل نقابة المحامين مثلاً بإجراءات التسجيل، وما دورها فيها، لكى تحصل على (1٪) من قيمة العقد؟؟!! هل قرر السادة المشرعون تقديم (ترضية) جماعية للنقابة، على حساب المواطن، لكى يكسبوا تأييدها، ويتجنبوا نقدها للقانون؟؟!!.
2 - وإذا كان الشهر العقارى يحصل على رسوم التسجيل المقررة - وهى كبيرة بما فيه الكفاية - فلماذا تفرض الدولة ضريبة تصرفات عقارية بهذه النسبة المرتفعة (2،5٪) على معاملات دفع أصحابها الضرائب مسبقاً للدولة على الأموال التى يشترون أو يبيعون بها هذه العقارات (من ضرائب الدخل والأرباح الصناعية والتجارية وغيرها)؟؟!
3 - وإذا كان فرض الضرائب حقاً سيادياً للدولة.. أليس من الواجب أن تكون نسبة هذه الضرائب معقولة، بفرض عدالتها؟؟.
إن رئيس الشهر العقارى نفسه (برنامج «على مسئوليتى» 24/2) اعتبر هذه النسب والرسوم أعلى مما ينبغى.. لكنه قال إننا بالطبع، سنطبق القانون ولا نملك أن نلومه على ذلك.. لكننا نملك أن نندهش من أن موظفاً غير منتخب لديه شعر بالعدالة تجاه المواطن أكثر من لدى «ممثلى الشعب» المنتخبين!!
4 - وإذا كان الراغب فى التسجيل ملزماً - ابتداء - بتقديم سندات ملكية سليمة (ورسمية طبعاً) فلماذا يتعين على أن يدفع نفقات للإعلان عن عملية التسجيل فى إحدى الصحف اليومية؟؟ وإذا كانت الحكومة تفرض أن هذا الإعلان ضرورى، فلماذا لا تتحمله هى من الرسوم الباهظة التى تأخذها؟؟ خاصة وأن كل «الصحف اليومية واسعة الانتشار» مدينة بمليارات الجنيهات للدولة ويمكن إجراء (مقاصة)؟؟ ويفرض إصرار الحكومة على تحصيل تكلفة الإعلان من الراغب فى التسجيل، فلماذا لا تحدد مبلغاً مقطوعاً، أو نسبة زهيدة كمقابل للإعلان؟؟ ولماذا نتركه لتقديرات الموظفين العشوائيين؟؟.
5 - والأهم من ذلك.. لماذا لم تنص التعديلات على أن العقارات المسجلة فعلاً، لاحاجة لتحصيل رسوم تسجيل عليها عند بيعها مرة أخرى؟؟ أم أن كل تصرف عقارى سيترتب عليه دفع الرسوم مرة أخرى؟؟!! هذا مثال سافر لعدم إحكام التشريع، ولترك الباب مفتوحاً للنزاعات.. اللهم إلا إذا كان المقصود هو أن كل تصرف عقارى سيترتب عليه تكرار دفع الرسوم الباهظة المشار إليها.
وللحديث بقية

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE