حسين عثمان يكتب : ماسبيرو

ماسبيرو هو عالم الآثار الفرنسى المتخصص فى المصريات، والذى جاء إلى مصر فى مطلع يناير من عام 1881م، بناءً على دعوة من أستاذه أوجوست مارييت رئيس مصلحة الآثار المصرية ومؤسسها، ليشاء القدر أن يتوفى مارييت بعدها بحوالى أسبوعين، ليخلف جاستون ماسبيرو معلمه فى موقع رئيس مصلحة الآثار المصرية، وهو لم يتعد الخامسة والثلاثين من عمره، وقد أطلق اسمه على المنطقة والشارع الذى يطل عليه مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وذلك تقديراً لجهوده فى مجال إحياء الآثار المصرية، ومواجهة سرقاتها، ومع الوقت صارماسبيرو اسم الشهرةلاتحاد الإذاعة والتليفزيون.

ولا خلاف على ريادة ماسبيرو، فهو الأقدم فى منطقة الشرق الأوسط، وعلى أكتاف كوادره قامت تليفزيونات وإذاعاتوطنية عديدة فى الوطن العربى، كما يعود الفضل لهذه الكوادر فى تأسيس العديد من الكيانات الإعلامية الخاصة الكبيرة، المحتكرة حالياً لساعات البث التليفزيونى والإذاعى، وهو ما يجعلنا نأسف على ما آلت إليه أحوال ماسبيرو، حيث خرجمن المنافسة منذ سنوات، ولم يعد بعد، ونتمنى أن يعود قوياً كما كان، إن لم يكن أقوى، فوجود هيئة وطنية للإذاعة والتليفزيون ضرورة بكل المقاييس، وخصوصاً فى ظل ضبابية المشهد السياسى المتزايدة كل يوم، والذى نحتاج فيه لأداء مهنى واع فى المقام الأول، لا يتطلع إلا لمصلحة مصر وشعبها.

ماسبيرو، هذا المبنى الضخم المطل على نيل القاهرة على مساحة 12 ألف متر مربع، مشكلاته تتلخص فى ترهل إدارى تعانى منه كافة أجهزتنا الحكومية فى مختلف القطاعات، وفى بنية أساسية أهملت صيانتها على مدى سنوات طويلة،فأصبحت تحتاج لجهود وميزانيات مضاعفة، ومع هذه وتلك، تأتى أهمية تحديث معدات وتقنيات وأنظمة البث الإذاعى والتليفزيونى، وضرورة خروج فرق الإعداد والتقديم والتصوير والإخراج عن القوالب المعتادة، والنمطية القاتلة، فكل منهما تجعل شاشة التليفزيون، وموجة الإذاعة، بلا روح تواكب إيقاع العصر ومتطلباته، ولا تصادف توقعات المتلقى، ولا تستطيع بالتالى إدارة هذه التوقعات.

نتفاءل هنا بتشكيل الهيئة الوطنية للإعلام، والتى حلت محل اتحاد الإذاعة والتليفزيون،وإن كانت هناك رسالة نوجهها لكم بعد التهنئة وأطيب التمنيات بالتوفيق، فنوصيكم بأنتحرروا عقولكم قليلاً من تابوهات الأقدمية والتسلسل الوظيفى والقوانين واللوائح، وافتحوا قلوبكم للأرواح الشابة بينكم، فلديكم منها الكثير بكل تأكيد، اسمعوا منها ودعموها وامنحوها الفرصة،ارفعوا من قيم الموهبة والكفاءة بعيداً عن الواسطة والمحسوبية، فلعل وعسى ينهض ماسبيرو من داخله، ولا ينتهى به الحال إلى ماسبيرو زمان وفقط!!.