الأموال
الإثنين، 29 أبريل 2024 04:45 مـ
  • hdb
20 شوال 1445
29 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

خالد أبوطالب يكتب :  الأمن القومي المصري في صلاة الجمعة

الأموال

الحقيقة التي لا أستطيع إخفاؤها أن عدداً لا بأس به من الذين يعتلون المنابر بزعم أنهم من أئمة المساجد لإقامة شعيرة صلاة الجمعة ، وتشنيف مسامع المصلين بخطبهم العصماء بات كل ما تلقيه أفواههم يثير حفيظتي ليس فقط لسطحية ما يقولون , وإفتقاره إلي اللغة المنضبطة التي تخلط بين العامية والفصحي ، وأحياناً تستعين بمصطلحات أجنبية للتوضيح والبيان ، فصاروا مفتقدين لثبات الجنان ، وفصاحة اللسان ، وحسن البيان .

 

و الحقيقة أن أموراً أخري باتت مستفزة بالنسبة لي من سماع اولئك المفروضين علينا من الذين لا يمتلكون إلا الصوت المرتفع ، والإنفعال الهستيري ، والأداء التمثلي الأقرب إلي مسرحيات يوسف بك وهبي .

 

وأما في شأن الموضوعات فحدث ولا حرج ، فالموضوعات مكررة ، والنماذج متكررة ، وما يعاد يزاد ، فلا قول يفيد ولا علم يستفاد .

 

وأما في شأن المسؤولين فالحقيقة أن الرقابة الغائبة هي من أهم عوامل تفشي ظاهرة أشباه الأئمة ، وإني أقولها وأجري علي الله ، لقد باتت عملة الإمام المعد علمياً وفنياً لتحمل تبعات الإمامة والخطابة عملة نادرة قلما إستطعت الحصول عليها إلا في أحد المساجد الأكثر شهرة أو الأولي بالعناية ، لطابعها التاريخي أو القدسي ، أو لغير ذلك .

 

ولقد نازعتني نفسي مراراً وتكراراً إلي خوض غمار الكتابة في هذا المضمار لألقي بين يدي القراء بخواطري حول هذه الإشكالية التي باتت من وجهة نظري المتواضعة تهدد السلم الإجتماعي ، وتضرب الدين في مقتل ، وتتعارض مع أبسط مقتضيات الأمن القومي المصري .

 

نعم تهدد السلم الإجتماعي وتهدد الدين الإسلامي فبعض هؤلاء الذين يعتلون المنابر في الأماكن النائية والبعيدة عن سلطان الرقابة والإشراف والتوجيه ممن يناط به أن يبسط سلطان رقابته علي مدي توائم وإتساق خطبة الجمعة معه الضوابط الشرعية ، وتحقيقها لمقاصد الشرع ، وغايات الشريعة ، أقول أن بعض هؤلاء النفر من مدعي الخطابة باتوا يبثون خطاباً تحريضياً يهدد السلم الإجتماعي سواء بالتحبيذ لفصيل أو لإتجاه سياسي معين ضد باقي الإتجاهات الأخري ، أو من خلال التحريض ضد غير المسلمين ، أو من خلال إعلاء شعارات سياسية المقصد والغاية وإلباسها ثوب الدين ، والدين منها براء ، ولا ريب أن هذا الإسلوب يخلق حالة من الشحن الإجتماعي المحمول علي أكتاف قيم التطرف ، وعدم قبول الأخر ، بل ويتجاوز ذلك إلي مستوي تكفير المعارضين ، ووصمهم بمخالفة الدين ، وكأن الدين هو ما يدينون به ، وكأن الشريعة هي ما يشترعون ، فصاروا بذلك كمن يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً .... .

 

ولهذه الدعاية التحريضية يجب أن يكون ثمة ضحايا ، ولقد إعتاد اؤلئك النفر من معتنفي الأفكار التكفيرية وضع غير المسلمين في أول خانة في لائحة الأعداء الذين يجب قتالهم وتصفيتهم ، ليعقبها بعد ذلك إن لم يكن يسبقها خانة المسلمين المعارضين لأفكارهم أو حتي المسلمين الذين كفوا أيديهم وألسنتهم عن الخوض في هذه المسألة ، والجميع عندهم من اؤلئك وهؤلاء يستحق القتل لأنه أصلاً لا يستحق الحياة ، ومن بين ثنايا هذا المنظور التكفيري يصير لزاما ً محاربة الجيش والشرطة وحرق الكنائس وتفجيرها ، وإستهداف المسيحين ، وقتل المعارضين تقرباً إلي دين لا يمت للإسلام بأدني صلة .

 

والحقيقة أن هذه الإشارات يجب إلتقاطها بشكل سليم ، فهذه الأعمال الإرهابية ولئن كان الربط بينها وبين الحرب التي تخوض مصر غمارها ضد قوي الشر الظلامية في الداخل ، التي تخوض حرباً بالوكالة ضد الشخصية المصرية والإرادة المصرية والتاريخ والحضارة المصرية التي علمت العالم مالم يكن يعلم وقت كان لا يعلم ، إلا أنني أري حتمية الربط بينها ( أقصد الأعمال الإرهابية ) وبين خطبة الجمعة التي أري فيها النقطة الإستراتيجية ، والموضع المفصلي الذي يمكن أن يرجح كفة الحرب لأي من الطرفين .

خطبة الجمعة هي بمثابة فرصة تستطيع الدولة المصرية من خلالها أن تدرك الإسلام من الضياع ، وأن تستعيد للإسلام صورته الحقيقية التي باتت تخبوا جذوتها تحت وطأة إرتفاع أصوات المدعين والخونة والعملاء الذين إمتلأت بطونهم وجيوبهم بأموال أعداء مصر في الداخل والخارج وهي أموال لو تعلمون قذرة لا تسمن ولا تغني من جوع .

 

أنا أري أن ثمة ضرورة تمليها الحرب التي تخوضها مصر الأن ، ويقتضيها النقد الذاتي ، وهي حتمية الإعتراف بوجود تقصير حكومي من كافة أجهزة الدولة المعنية ، أو التي تظن أنها غير معنية .

 

وفي بيان ذلك أقول بمنتهي البساطة أنه إذا كان من المسلم به أن الحرب التي تخوضها مصر الأن هي من نوع الجيل الرابع من الحروب ، وهي بهذه المثابة حرباً إستخبارتية من الدرجة الأولي ، قبل أن تكون حرباً بالمعني التقليدي المعروف ، غير أنها أيضاً وفضلاً عن ذلك حرباً إستخبارتية من نوع خاص ، بمعني أنها لا تقوم علي إستراق المعلومة ، وإنما علي أساس بث الفتنة والتوجيه الجمعي لإستهداف الوصول بالمجتمعات المستهدفة إلي النقطة الحرجة ، تمهيداً لتفجيرها من الداخل والوقيعة بينها وبين حكوماتها لتظل هذه الحكومات في حالة تشتت يصيبها بالوهن والضعف ويعجزها عن النهوض بما يتعين عليها أن تنهض به ، فإذا كان الأمر كذلك وإذا كانت إحدي الأدوات التي يستخدمها هؤلاء العملاء هي بث الشعارات البراقة والمغرية التي تحمل في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب ، إذن فلا مناص من الإلتجاء إلي وسيلة دفاعية مضادة ترتكز إلي إعادة تصدير الصورة الصحيحة للإسلام الذي أنزل علي محمد عليه الصلاة والسلام ، وليس الإسلام الذي أرسي قواعده حسن البنا و أبوبكر البغدادي ، وشرع له أسامة بن لادن ، وإعتنقه البلهاء من مدعي الدعوة من المتطرفين والإرهابيين والخونة والعملاء .

 

علي الدولة إذن أن تستعين بدين الناس في سبيل تحصينهم ، وألا تتركهم فريسة لأنياب الغدر والخسة والخيانة ، وهذه المهمة أبداً لن ينهض بها خطيب أو إمام من النوع العادي ، بل يجب أن تتسلح الدولة المصرية في هذه الحرب بكتائب من الأئمة المعدين للدفاع عن دينهم وعن وطنهم وعن شرف أهليهم وعرضهم ، ويجب أن تلقي هذه الكتائب دعماً من كل مؤسسات الدولة وتدخلاً مباشراً من المخابرات العامة المصرية ، وإدارة الشؤون المعنوية والتوجيه المعنوي بالقوات المسلحة ، وذلك بالتنسيق مع رجالات الأزهر الشريف ومشايخ العلماء والمفكرين وصولاً إلي تحصين هذه الجبهة .

 

نعم أقول الجبهة فأئمة المساجد وخطباء الجمعة يجب ان يكونوا مقاتلين وان يتحلوا بهذه الروح ، فإذا كانت خطبة الجمعة هي الفرصة المناسبة لشحن الرأي العام من منظور ديني في سبيل التوجيه نحو مصلحة الوطن وتحقيق مقاصد التنمية والإستقرار ، وصد هجمات الأفاقين والأفاكين ، فإن ترك هذه المنابر لمن لا يستحقها وعدم سد هذه الثغرة الخطيرة هو ما سيتيح للعدو التسلل منها ويصير ذلك بمثابة إنتحار غير مبرر من الدولة المصرية ... .

فياسادة خطبة الجمعة مسألة أمن قومي قدروها بهذا القدر وتعاملوا معها علي هذا الأساس وفقنا الله واياكم إلي خير هذا الوطن وسدد خطاكم نحو مصر أفضل .

مصر للطيران
السيسى الحكومة

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE