أسامة أيوب يكتب .. ولبنان محلك سر.. فى انتظار الانتخابات الأمريكية

علي العكس من تأكيد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون من أن مبادرته لحل الأزمة السياسية اللبنانية لاتزال مطروحة على الطاولة إلا أن المعطيات في المشهد اللبنانى تؤكد أنها انتهت وفقًا لما جرى على الساحة السياسية طوال شهرين كاملين من جانب الطبقة السياسية والأحزاب الذين عرقلوا تشكيل الحكومة المستقلة برئاسة مصطفي أديب الذى اضطر إلى الاعتذار عن عدم إكمال مهمته التى بدت مستحيلة.
‫<<‬ ‫<‬
فشل المبادرة الفرنسية تبدى ضمنيًا فى رد فعل ماكرون الغاضب باتهامه للسياسيين اللبنانيين جميعًا بالخيانة.. خيانة الشعب اللبنانى.. وخيانة تعهداتهم له بإنجاح المبادرة والتوافق على تشكيل حكومة مستقلة من الاختصاصيين تعبيرًا عن الانتماءات الحزبية والطائفية مع تنحية مبدأ المحاصصة غير الوارد في الدستور.
ومع أن ماكرون لم يستثن أحدًا أو حزبًا أو طائفة من السياسيين.. بداية من الرئيس ميشال عون والذى اتضح أنه أسهم فى عرقلة تشكيل الحكومة برفضه أسماء المرشحين المستقلين الذين عرضهم عليه مصطفى أديب رئيس الوزراء المكلف.
‫<‬ ‫<‬ ‫<‬
غير أن توجيه ماكرون للاتهام الأكبر لحزب الله الذى أصر على تسمية المرشحين فى الحكومة وكذلك الإصرار على الاستئثار بحقائب الوزارات السيادية وفقًا لتشكيلات الحكومات السابقة وعلى النحو الذى يكرّس مبدأ المحاصصة الطائفية في وزارات بعينها وبالمخالفة لما تم التوافق عليه باعتماد مبدأ «المداورة» أى تدوير الحقائب الوزارية بين الأحزاب والطوائف.. هذا الغضب الكبير من جانب ماكرون يعنى أن رهانه على انخراط حزب الله فى الحل السياسى قد فشل، وهو ما دفعه إلى اتهام الحزب بإصراره على الهيمنة على القرار السياسى في لبنان بقوة السلاح وليس بكونه حزبًا سياسيًا.
‫<‬ ‫<<‬
بل إن ماكرون خسر الرهان أيضًا على التزام السياسيين اللبنانيين بتغليب المصلحة العليا للشعب اللبنانى على مصالحهم الذاتية والطائفية، بينما كان رهان اللبنانيين الذين ثاروا في أكتوبر من العام الماضى ضد الطبقة السياسية وفسادها هو الأرجح وهو ما تحقق بالفعل، ودفع ماكرون إلى اتهام الجميع بالخيانة.
‫<<<‬
لقد غاب عن ماكرون أن فرنسا وحدها لا يمكنها الانفراد بالشأن اللبناني بمعزل عن القرار الأمريكى ولا بمعزل عن التدخل والحضور الطاغى في المشهد من خلال حزب الله، ولقد كانت التصريحات التى خرجت من طهران مؤخرًا بأن اللبنانيين وحدهم هم المعنيون بشئون بلدهم بمثابة رسالة للأطراف الدولية والإقليمية المتداخلة في لبنان وإلي ماكرون بصفة خاصة.
‫<‬ ‫<‬ ‫<‬
فى سياق تلك المعطيات.. جاء إعلان ماكرون عن تمديد مهلته للسياسيين اللبنانيين لستة أسابيع مقبلة، وهى مهلة لا تخفى دلالتها التي تعنى ضمنيًا إن لم يكن صراحة.. انتظار نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية ريثما يتضح موقف الإدارة الجديدة سواء بفوز بايدن أو إعادة انتخاب ترامب.
لذا فإن لبنان المرتهن لأجندات ومحاور إقليمية ودولية سوف يبقى محلك سر بدون حكومة وفي مواجهة خيارات وسيناريوهات عديدة وخطيرة