الأموال
الإثنين، 29 أبريل 2024 08:20 صـ
  • hdb
20 شوال 1445
29 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : عندما يقف بضعة آلاف على عرفات بعد أيام

الأموال

فى حدث إسلامى تاريخى غير مسبوق فى التاريخ الحديث وبسبب تفشى وباء كورونا سوف يقتصر أداء فريضة الحج هذا العام ولأول مرة على بضعة آلاف مسلم فقط من شعب السعودية والمقيمين بها، وهو الإجراء الضرورى الذى فرضته الجائحة ووفقا للقاعدة الشرعية لا ضرر ولا ضرار وبحسب قاعدة حيثما تكون مصلحة الناس فثم شرع الله.

< ‫< ‫<

صحيح أن أداء فريضة الحج قد تعطّل تمامًا عدة مرات في سنوات عديدة خلال الأربعة عشر قرنًا من التاريخ الإسلامى لأسباب تتعلق بانعدام الأمن فى طرق الحج القديمة أو تفشى الأوبئة، غير أن هذه المرة تختلف عن سابقاتها، إذ إن الحج لن يتعطل تمامًا، وسوف تُقام الشعيرة مع الالتزام بالضوابط الاحترازية تجنبًا لتفشى الوباء بين الحجيج.

< ‫< ‫<

.‫. وإذا كان اعتقاد الكثيرين من المسلمين والمؤمنين بالأديان السماوية هو أن تفشى ذلك الوباء اللعين القاتل الذى داهم البشرية كلها بلا استثناء حول العالم والذى وقف العلم والعلماء أمامه حائرين غير قادرين على فك شفرته حتى الآن.. هو أنه رسالة غضب من السماء إلى أهل الأرض بعد أن تفشى الظلم بينهم وابتعدوا كثيرًا عن تعاليم الدين وأضاعوا القيم الأخلاقية والإنسانية.

.‫. لذا فإن الآمال تبقى معقودة على دعاء وتضرع أولئك الآلاف القليلة ممن شاء السماء وشاء حظهم أن يقفوا على عرفات بعد أيام ومن خلفهم تضرع أكثر من مليار ونصف المليار مسلم وعربى حتى يرفع الله البلاء والوباء عنهم وعن البشرية كلها.

ولأن المولى عز وجل يتجلى على السماء الدنيا في ذلك اليوم في ذلك المشهد العظيم ويُشهد ملائكته أنه غفر للحجيج جميعًا، فإن حسن الظن بلطف الله وقدرته وهو الذى على كل شىء قدير سوف يطمع ملايين المسلمين الذين سيكونون حاضرين بأرواحهم وقلوبهم مع الواقفين على عرفات فى رحمته تعالى كى يرفع ذلك البلاء، وتيسير السبيل والأسباب للعلماء حتى يتوصلوا إلى العلاج واللقاح بإذن الله.

< ‫< ‫<

وإذا كان المعلوم أن موسم الحج أكبر مؤتمر إنسانى عرفته البشرية فى العالم.. رمزًا لوحدة المسلمين وتضامنهم وتعاونهم على البر والتقوى وتحقيقًا لمصالحهم ومن بينهم العرب بالضرورة، فإن الحج هذا العام وحيث تسبب الوباء فى حرمان نحو ثلاثة ملايين من أداء الفريضة.. يستدعى التوقف مليًا وبكل أسى وأسف أمام المشهد العربي بامتداد الخريطة العربية.. شرقًا وغربًا.. شمالاً وجنوبًا، وحيث تصادف أن الشعوب العربية وحدها من بين شعوب الأرض هى التى تتقاتل ويحارب بعضها البعض داخل الوطن الواحد في صراع عبثى وحروب أهلية غير مبررة ودون أى دواعى وطنية سوى الصراع على السلطة.

‫< ‫<<

في سوريا شردت الحرب الأهلية نصف سكانها ما بين لاجئين ونازحين فى أسوأ أوضاع غير إنسانية، وفى العراق لايزال الخراب والدمار والانهيار مستمرًا فى دولة كانت من أقوى الأقطار العربية.

وفى اليمن تجرى واحدة من أبشع الحروب الأهلية المدعومة بأجندات خارجية إقليمية والتى شردت وقتلت الملايين من أبناء هذا الشعب الذى يعانى أطفاله من المجاعة والأمراض، وعاد اليمن إلى الوراء عشرات السنين.

وفي ليبيا.. غربًا.. تتعرض هذه الدولة العربية لخطر التقسيم والاحتلال الخارجى، وحيث تجرى الحرب الأهلية بين الشرق والغرب وبمشاركة مرتزقة من خارجها وعلى النحو الذى يمثل أكبر خطر على أمنها القومى من ثم الأمن العربى.

‫< ‫<<

المثير للأسى هو أن تلك الحروب والصراعات العربية - العربية داخل الوطن الواحد جرى تدويلها وتداولها خارج المنظومة العربية، وحيث بات العرب لعبة في أيدى قوى دولية وإقليمية تتعاطى مع هذه الصراعات من منطلق مصالحها وعلى حساب مصالح الشعوب العربية.

‫< ‫< ‫<

المفارقة المؤلمة هى أنه بينما يتقاتل العرب داخل أوطانهم، فإن صراعاتهم المحلية شغلتهم تمامًا أو بالأحرى تم إشغالهم عن قضيتهم المركزية فى فلسطين المحتلة والتى تراجعت كثيرًا في أولويات اهتمامهم بينما تتعرض حاليًا للتقسيم الثالث أو الاحتلال الثالث بقرار نتنياهو ضم ٣٠٪ من أراضيها لدولة الاحتلال، بحيث لن يبقى للفلسطينيين ما يقيمون عليه دولتهم.. هذا إن قدر لها أن تقوم!

‫< ‫< ‫<

عندما يقف الآلاف على جبل عرفات لأداء فريضة الحج هذا العام بعد أيام قليلة، فإن على المسلمين والعرب على وجه الخصوص أن يتوقفوا طويلا لمراجعة باتت ضرورية.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE