الأموال
الأحد، 28 أبريل 2024 03:39 مـ
  • hdb
19 شوال 1445
28 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

الماوي: تثبيت الفائدة الأقرب للواقع مع عودة الثقة للاقتصاد بوصول...تساهيل للتمويل تحصل على المستوى البرونزي لشهادة مايكروفيننزا العالمية MFR”اورنچ” تبرم شراكة استراتيجية مع ”هواوي” لإطلاق خدمات Huawei Cloud...”اتصال” و”رجال الأعمال المصريين” تدشنان شراكة جديدة مع الشركات الهنديةاحمد إسماعيل صبره: ٤ إجراءات إصلاحية عاجلة تساعد المصدرين...”الهوارى” تبني الدولة لاستراتيجية التصنيع يحقق رؤية الصادرات عند مستوي...آي صاغة: 155 جنيهًا تراجعًا في أسعار الذهب بالأسواق المحلية...البحوث الزراعية ومصر الخير يطلقان حملة قوافل بيطرية لعلاج مواشي...كوالكوم تعلن عن الشركات الناشئة المرشحة في القائمة المختصرة لمبادرة...بنك التعمير والإسكان ومؤسسة السويدي يفتتحان أكاديمية بمدينة السادات الصناعيةغرفة صناعة الملابس الجاهزة تعقد جمعيتها العمومية لمناقشة استراتيجية الغرفةقوانين جديدة ”غير موفقة” تعرقل وصول المدخنين لبدائل منخفضة المخاطر...
كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : ليست حادثة قطار.. لكنها جريمة قتل عمد

الأموال

من بين كل حوادث وكوارث قطارات السكة الحديد التى شهدتها مصر فى السنوات

الأخيرة بداية من حادثة قطار الصعيد التى راح ضحيتها نحو ألف قتيل..

ماتوا محترقين في بداية تسعينيات القرن الماضي وغيرها من حوادث لاحقة

والتي كان آخرها حادث انفجار القاطرة فى محطة مصر والتى راح ضحيتها

العشرات.. محترقين أيضًا، ورغم بشاعة تلك الحوادث، إلا أن حادثة مصرع

الشاب محمد عيد تحت عجلات القطار الأسبوع الماضى.. تبقى جريمة قتل متعمد

مع سبق الإصرار والترصد.. لا مجال فيها للتعلل بعطل فنى أو خطأ بشرى.

وإذا كان ضحايا حوادث وكوارث القطارات السابقة قد تفرقت دماؤهم

والمسئولية عن إراقتها بين أخطاء السائقين أو ملاحظى «المزلقانات» أو

الأعطال الفنية أو كبار المسئولين بداية من وزراء النقل والذين استقال

أغلبهم عقب وقوع الحوادث.. «الدميرى مثالاً فى حادث قطار الصعيد، وهشام

عرفات مؤخرًا..

فإن حادثة مصرع الشاب محمد عيد لم تكن حادثة قطار، ولكنها جريمة قتل

ارتكبها وبكل الوحشية «الكمسارى» أو رئيس القطار رقم 934 فى العربة

الرابعة.. مسرح الجريمة، عندما أجبر الشاب وزميله الآخر على القفز من

القطار أثناء سيره بسرعة (50 كيلو مترا) بحسب رواية شهود العيان من

الركاب، بعد أن فتح باب العربة بالمفتاح الذى طلبه من عامل حفظ الحقائب

والمعروف باسم (السِفرى)، إذ إن الأبواب فى القطارات المكيفة تظل مغلقة

طوال سيرها ولا تُفتح إلا في المحطات وبمعرفة ذلك العامل.

< < <

المشهد في العربة الرابعة لحظة ارتكاب الجريمة.. بدا دراميًا مأساويًا..

تحت تأثير جبروت ووحشية ذلك «الكمسارى» معدوم الإنسانية الذى خلا قلبه من

الرحمة التى فطر الله الناس عليها حتى تجاه الحيوانات.. انصاع الشابان

لأمره بالقفز من القطار، ولأن محمد عيد ثقيل الوزن فإنه لشدة هلعه أمسك

بباب العربة ولم يستطع القفز فسقط تحت عجلات القطار التى مزّقت جسده

وفصلت رأسه، بينما نجح زميله خفيف الوزن فى القفز بعيدًا عن العجلات

وأصيب إصابات بالغة لم يتم الإفصاح عنها بدقة بينما يتردد أن ساقه أو

قدمه قد تم بترها.

< < <

المؤلم بل المفجع فى هذه الجريمة وتلك القِتلة البشعة التى ارتكبها

«الكمسارى» هو أن الشاب الضحية فقد حياته بسبب «تذكرة» ركوب لم يكن يملك

ثمنها (70 جنيها) هو وزميله، فكانت حياته وتمزيق جسده هما الثمن الأعلى

والأغلى الذى لا يملك غيره والذى أجبره «الكمسارى» القاتل على دفعه

صاغرًا مجبرًا مذعورًا وفى لحظة واحدة من سنوات عمره الصغير.

إن مسلك ذلك «الكمسارى» القاتل يعكس في واقع الأمر أحقر المبادئ

والتوجهات اللاإنسانية والتى تعنى أن من لا يملك مالا فإن عقابه الموت..

الموت مرضًا وعجزًا عن امتلاك ثمن العلاج والدواء.. أو الموت قتلا وعجزًا

عن امتلاك ثمن «تذكرة» قطار حسبما حدث للشاب محمد عيد الذى قتله

«الكمسارى» لعجزه عن دفع سبعين جنيهًا.

< < <

إن أى محاولة لتحليل وتفسير مسلك ذلك الكمسارى لن تخرج عن أنه شخص عدوانى

ودموى، باعتبار أنه يُدرك تمامًا مثلما يُدرك أى إنسان طبيعى حتى لو كان

طفلا أن إجبار الشابين على القفز من القطار أثناء سيره سوف يسفر حتمًا عن

مصرعهما، ومع ذلك فإنه لم يلجأ إلى خيار آخر رحيم وقانونى في مواجهة

شابين لا يملكان ثمن «تذكرة» الركوب.

إنه من المعلوم للناس جميعًا أنه فى حالة وجود راكب بالقطار بدون «تذكرة»

أو فى حالة امتناعه أو عدم قدرته على دفع ثمنها، فإن الإجراء المتبع هو

تسليمه للشرطة فى أول محطة تالية يقف فيها القطار، وهو الإجراء الذى

تعمّد «الكمسارى» إغفاله مما يعكس وحشيته، وهى الوحشية التى أكدها شهود

العيان من ركاب العربة الرابعة وحسبما جاء فى «الفيديوهات» التى بثتها كل

القنوات التليفزيونية والذين صرخوا فى وجهه بعد سقوط الشاب تحت العجلات

وكان رده عليهم وبكل استخفاف «في ستين داهية»!

< < <

واقع الأمر فإنه بقدر وحشية هذا «الكمسارى» القاتل عن عمد، بقدر ما تحمل

هيئة السكك الحديدية ووزارة النقل المسئولية الكاملة القانونية والمهنية

عن وجوده وأمثاله ضمن موظفيها، لأنه ببساطة شديدة شخص كريه وغير مؤهل

بالضرورة للتعامل مع المواطنين من ركاب القطارات وعلى اختلاف مشاربهم

ومستوياتهم الاجتماعية والثقافية، وهو الأمر الذى يعكس خللا فادحًا فى

المنظومة بالكامل.. غابت فيها أهم المقومات وفى مقدمتها التأهيل المهنى

والنفسى للعاملين، وعلى النحو الذى كان يستدعى استبعاد هذا «الكمسارى»

وأمثاله وأحسبهم كُثر.

< < <

المؤسف بل المخزى فى جريمة مصرع الشاب محمد عيد هو البيان الكاذب الذى

أصدرته هيئة السكك الحديدية عقب الحادث والتى أشارت فيه إلى ما وصفته

بـ«نزول الشابين من القطار أثناء تهدئة سرعته بسبب عطل فنى»، وهو بيان

يفتقد إلى الشفافية وبدا تسترًا على جريمة «الكمسارى» رئيس القطار بهدف

إخفاء الحقيقة الواضحة وضوح الشمس ومن ثم ضياع حق الشاب القتيل وزميله

المصاب؛ القانونى والإنسانى.

لقد أدمت هذه الجريمة قلوب المصريين جميعًا، بينما لم تدم قلب «السكك

الحديدية» ولم تدم بالضرورة قلب «الكمسارى» القاتل الذى لجأ إلى الكذب فى

تحقيقات النيابة.. محاولا التهرب من أدلة إدانته والتى رواها شهود العيان

واستمع إليها المصريون جميعًا!

وإذا كان السيد كامل الوزير وزير النقل قد حرص على الذهاب لأسرة محمد عيد

للعزاء وللمواساة وامتصاص غضبها، وحسنًا فعل، ثم تأكيده بأنه لا تهاون مع

أحد، وإعلانه تحمل أتعاب المحامى وأن الوزارة لن تستأنف حكم القضاء فى

أول درجة، إلا أن كل ذلك لن يعيد الشاب للحياة مرة أخرى.

< < <

وأخيرًا فإن العزاء الحقيقى لأسرة محمد عيد من جانب الحكومة هو إقرار

معاش شهرى استثنائى لهذه الأسرة التى كان ينفق أو يسهم فى الإنفاق عليها،

وفي نفس الوقت فإنه يتعين أيضًا إقرار معاش لزميله المصاب والذى سوف

تتسبب إصابته وربما إعاقته عن سعيه على لقمة العيش.

<< <

ويبقى ضروريًا إقالة أو استقالة رئيس هيئة السكك الحديدية بحكم مسئوليته

القانونية والمهنية والفنية، مثلما يتعين على السيد كامل الوزير وزير

النقل وفقًا لمبدأ المسئولية السياسية أن يتقدم باستقالته مثلما فعل

سابقوه.. وهو ما لم يحدث حتى كتابة هذه السطور.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE