الأموال
الإثنين، 29 أبريل 2024 10:12 صـ
  • hdb
20 شوال 1445
29 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

 أسامة أيوب يكتب : الذين أساءوا إلى الصحافة والصحفيين فى «الممر»

الأموال

رغم أنه لم يُتح لى مشاهدة فيلم «الممر» كاملاً، لكن من منتصفه تقريبًا،

إلا أن ما شاهدته جدّد وأكد مشاعر الفخر والاعتزاز بجيش مصر.. جنودًا

وضباطًا، حيث أعاد الفيلم إلى ذاكرة من عاصروا تلك الفترة أيامًا مجيدة

من تاريخ مصر والعسكرية المصرية، بقدر ما أحيا تلك المشاعر لدى الأجيال

التي لم تكن قد وُلدت بعد وعلى النحو الذى أتاح لها التعرف على قوة

وشجاعة وبسالة المقاتل المصرى الذى رفض الهزيمة والتي لم يكن مسئولا

عنها، لأنه ببساطة شديدة لم يحارب ولم يدخل المعركة من الأساس.

لقد جسد «الممر» إحدى بطولات الجيش المصرى أثناء حرب الاستنزاف التى

استمرت نحو ثلاثة أعوام ومنذ اليوم التالى للهزيمة واستهدفت إنهاك جيش

العدو الإسرائيلى يوميًا بعمليات فدائية وضربات عسكرية مذهلة.. أفقدته

صوابه وقدراته وأعجزته عن الرد.

والحقيقة التاريخية والعسكرية هى أن الجيش المصرى سطّر في تلك الحرب

ملحمة رائعة تجعلها نموذجًا فريدًا غير مسبوق للمعارك الحربية الفدائية

غير المباشرة.. سوف تظل درسًا عسكريًا لا يقل أهمية عن دروس انتصار

أكتوبر.. تتدارسه معاهد ومراكز الحرب في العالم ولعقود طويلة مقبلة.

إن بطولات حرب الاستنزاف وما تحقق فيها تبقي أمرًا بالغ الأهمية ولا تخفي

دلالاته العسكرية والقتالية باعتبار أنها عكست وأكدت بجلاء احترافية

الجيش المصرى وكفاءته الحربية والذى يُحق للمصريين بل وللعرب أيضًا أن

يفخروا به على مر العصور.

< < <

الأهم فى حرب الاستنزاف أنها كانت المقدمة الموضوعية والحقيقية للنصر

العسكرى المبهر الذى تحقق فى حرب السادس من أكتوبر، إذ إنها أسهمت بدرجة

كبيرة وبالضرورة فى استعادة الجنود والضباط للثقة في قدراتهم وشجاعتهم

والتى لم تُختبر على الإطلاق فى يونيو 1967، كما أنها كانت فى نفس الوقت

تدريبًا مكثفًا وعمليًا وحقيقيًا على خوض حرب التحرير بعد ذلك، بينما

كانت ضرورية لقيادات الجيش لإعداده للحرب بعد إعادة بنائه وفق المعايير

العسكرية الراسخة والتى كانت غائبة في 1967 نتيجة لاستهتار وإهمال وتراخى

القيادة العامة التى لم تكن على المستوى الاحترافى المطلوب.

> > >

أجدنى قد تحدثت عن تلك الحرب المجيدة التى كانت إحدى بطولاتها موضوع

الفيلم، ولم أتحدث عن الفيلم ذاته ذلك لأنى لست ناقدًا سينمائيًا لكى

أتعرّض لأداء الممثلين والتصوير والإخراج وغير ذلك من العناصر الفنية،

كما أنى لست خبيرًا عسكريًا ولا علم لي بفنون الحرب والعمليات العسكرية،

ولذا أترك الحديث السينمائى والعسكرى بكل الموضوعية والاحترام للمتخصصين،

غير أنه أهم ما يمكن أن أقوله كصحفى مصرى وكمشاهد هو أن الفيلم أوضح ووثق

وأكد على من هو العدو الأول والحقيقى الدائم لمصر وللأمة العربية.

< < <

لكن.. تبقى ملاحظة ضرورية استوقفتنى كثيرًا مثلما استوقفت جميع الصحفيين

المصريين ولا أستطيع إغفالها أو التغافل عنها بأية حال، وهى خاصة بشخصية

الصحفى «المسخرة» الذى أظهره صناع الفيلم بصورة مسيئة والذى تحوّل فجأة

وبغير مبرر مهنى إلى مراسل حربى يشارك فى العملية الفدائية التى كانت

محور الأحداث بالتغطية الصحفية!

هذه الملاحظة لا تعنى أن مثل هذا الصحفى «المسخرة» غير موجود فى المهنة

وإن كان نموذجًا بالغ الندرة، ولا تعنى أيضًا أن الصحفيين جميعا على

رأسهم «ريشة» وأنهم جميعا مثاليون، بل إنهم مثلهم فى ذلك مثل أصحاب المهن

الأخرى، لكن وجود هذه الشخصية الصحفية فى الفيلم لم يكن مناسبا على

الإطلاق، باعتبار أن الأحداث تدور حول حرب مقدسة لا مجال فيها لأى سخرية،

إذ إن لكل مقام مقالاً.

< < <

والسؤال: ألم يجد صناع الفيلم سوى شخصية هذا الصحفى الذى يمارس المهنة

بغير أخلاق يقوم كمحرر فنى بـ«تنجيم» راقصات الكباريهات والتى توحى

أسماؤهن الفجة بإيحاءات غير مهذبة وغير أخلاقية لكى يؤدى دور المراسل

الحربى والمحرر العسكرى؟!

السؤال الآخر: ألم يجد رئيس تحرير الصحيفة التى يعمل بها هذا الصحفى سواه

حسبما جاء فى الفيلم لإرساله فى هذه المهمة الصحفية العسكرية بعد أن رفض

أو بالأحرى جَبُن صحفيو الصحيفة على القيام بالمهمة، وهو الأمر الذى يمثل

إهانة لهم جميعًا بقدر ما يمثل إهانة للصحيفة ذاتها التى تفتقر إلى محرر

عسكرى؟!

<< <

الإساءة للصحافة والصحفيين ظلت القاسم المشترك لأحداث الفيلم من خلال

سخرية وإهانة الجنود والضباط للصحفى، وهو مسلك لا يمكن تصور حدوثه

باعتبار أنه ليس من تقاليد وأخلاقيات المقاتلين، أما الإساءة الأكبر فهى

حين حاول صناع الفيلم رد الاعتبار للصحفى بعد أن تبدلت شخصيته بفعل

المعركة وتحول إلى شجاع وجاد، فهى أنه لم يسلم من الإساءة أيضا عندما قال

له أحد الجنود: رغم أن اسمك «إحسان» إلا أنك طلعت راجل، وهى إساءة ليست

موجهة فقط للصحفى ولكن لكل من يحمل هذا الاسم المشترك بين الرجال

والنساء.

< < <

الذى يعرفه وعاصره جيلى والأجيال السابقة من الصحفيين هو أن جميع الصحف

المصرية لديها محررون عسكريون ومراسلون حربيون متخصصون وهم الذين سطروا

بأقلامهم بطولات الجيش المصرى سواء فى حرب الاستنزاف أو فى حرب أكتوبر،

وهم من شاركوا بحضورهم المعارك وبأقلامهم فى التغطية الصحفية لتلك

المعارك، ولم يُعرف أبدًا أن صحفيًا متخصصًا فى تغطية أخبار الراقصات أن

قام بهذا الدور الصحفى.

لقد غفل أو تغافل صناع «الممر» عن تلك الحقيقة وعن أسماء الأساتذة الكبار

من المحررين العسكريين والمراسلين الحربين أمثال الأستاذ صلاح قبضايا

وعبده مباشر ومحمد عبدالمنعم وفاروق الشاذلى وجمال الغيطانى وحمدى

الكنيسى صاحب البرنامج الإذاعى الشهير أثناء حرب أكتوبر (صوت المعركة)

وغيرهم من الصحفيين المتخصصين المحترفين قبل وبعد حرب أكتوبر وحتى الآن.

< < <

لقد أساء صناع «الممر» سواء بغير قصد أو بغير علم إلى الصحافة المصرية

والصحفيين جميعًا وإلى المتخصصين فى الشئون العسكرية بوجه خاص، وفى كل

الأحوال فإن عليهم الاعتذار لجموع الصحفيين، وإلى الجيش أيضًا، ولعله لا

تعليق مناسباً على إساءة صناع الفيلم للصحفيين رغم الجهد الكبير فى

إنتاجه وإخراجه ورغم إظهارهم لعظمة الجيش.. سوى أن «الحلو مايكملش».

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE