الأموال
الإثنين، 29 أبريل 2024 03:48 مـ
  • hdb
20 شوال 1445
29 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : أصحاب المعاشات.. بين حكم القضاء وحكم الحكومة

الأموال

بصدور آخر حكم قضائى نهائى الأسبوع الماضى لصالح أصحاب المعاشات بأحقيتهم فى ضم آخر خمس علاوات إلى قيمة ما يتقاضون من معاش، وبعد أن استنفدوا كل مراحل درجات التقاضى أمام محكمة القضاء الإدارى والمحكمة الدستورية والتى استغرق تداولها عدة سنوات، فإن الكرة الآن باتت فى ملعب الحكومة ممثلة فى وزارة التضامن الاجتماعى ومعها بالضرورة وزارة المالية.

إنه ليس سراً ثم  إنه  غير خاف على الحكومة أيضاً أن أصحاب المعاشات هم أكثر فئات المجتمع معاناة، إذ إن ما يتقاضونه من معاش وبعد ما يزيد على الثلاثين سنة من العمل فى خدمة الحكومة والدولة هو فى الأساس بالغ الضآلة.

***

بهذا المعاش الضئيل يعجز أصحاب المعاشات عن  مواجهة متطلبات الحياة الضرورية خاصة بعد تفاقم أزمة الغلاء  فى السلع والخدمات الضرورية.. ناهيك عن تكلفة العلاج والدواء بعد أن بلغوا سن الشيخوخة التى تتضاعف معها معاناتهم الصحية والمادية.

ثم إنه مما زاد معاناتهم مع ضآلة قيمة  المعاش قياساً على ما كانوا يتقاضونه أثناء الخدمة من مرتبات وعلاوات سنوية وحوافز وغيرها.. أنهم حرموا من أحقيتهم  فى آخر  خمس علاوات بسبب تحايل الحكومة على ضمها للمعاش فى مخالفة صريحة للقانون وللعدالة بل وللرحمة أيضاً.

***

صحيح أن تكلفة ضم تلك العلاوات الخمس إلى المعاش تبدو فى واقع الأمر باهظة وتمثل عبئاً إضافياً ومرهقاً للموازنة العامة للدولة، وهو الأمر الذى تتعلل به الحكومة ووزارة التضامن الاجتماعى ومعها وزارة المالية لامتناعها عن تنفيذ الأحكام القضائىة المتتالية والتى كان آخرها الحكم النهائى الأسبوع قبل الماضى.

***

لكن وعلى الجانب الآخر وفى نفس الوقت، فإن أصحاب المعاشات لا ذنب لهم  فى تحمل الحكومة لتكلفة ضم العلاوات الخمس مهما كان حجمها، إذ من المعلوم أن وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالى فى حكومات عهد مبارك كان قد استولى على أرصدة أموال المعاشات وضمها لموازنة الدولة فى واحدة من أخطر وقائع السطو  على أموال الغير ممثلة فى تلك الأرصدة الضخمة المودعة فى بنك الاستثمار القومى والتى كانت تتراوح مابين 600 مليار إلى 700 مليار جنيه على أقل تقدير،  وإن كانت وصلت إلى نحو تريليون جنيه فى بعض التقديرات وفقاً لحجم إجمالى الفائدة المتراكمة على تلك الأموال لدى البنك.

***

ذلك السطو الحكومى على أموال المعاشات بالغة الضخامة والتى هى فى  الأساس حصيلة اشتراكات العاملين فى الدولة فى صندوق المعاشات والتأمينات الاجتماعية والتى كان يتم خصمها من مرتباتهم  طوال  فترة خدمتهم لتغطية تكلفة معاشاتهم بعد التقاعد.. ذلك السطو الحكومى حتى لو كان قد تم فى ظل النظام السابق.. كان سبباً فى ضآلة قيمة المعاشات أساساً، باعتبار أن ذلك الرصيد الضخم كان من الممكن أن يُسهم فى رفع قيمة المعاش وبما يقترب كثيرًا من قيمة المرتبات التي كان يتقاضاها المتقاعدون قبل تقاعدهم.

ومن ثم فقد كان علي الحكومة الحالية إعادة تلك الأموال إلى أصحابها الحقيقية أى إلي أصحاب المعاشات.

< < <

وإذا كانت الحكومة الحالية وما سبقها من حكومات بعد إسقاط نظام مبارك وهروب بطرس غالى قد عجزت وتقاعست حتى الآن عن رفع قيمة المعاشات لتخفيف المعاناة عن الذين أحيلوا إلي التقاعد وعلى النحو الذى يتيح لهم الحياة الكريمة الآمنة في سن الشيخوخة والمرض.

.. إلا أنه يتعين عليها وعلى الأقل الانصياع إلى حكم القضاء النهائى.. احترامًا للقضاء وتنفيذًا لأحكامه فى المقام الأول، ثم احترامًا لهيبة الدولة وتجسيدًا فعليًا وعمليًا لدولة القانون الذى هو فوق الجميع.. حكومة وأفرادًا وشعبًا.

< <<

ومن المثير واللافت في هذا السياق أن الحكومة نفّذت بالفعل ولاتزال تنفّذ الأحكام القضائية الصادرة بضم العلاوات الخمس لكل صاحب معاش يرفع دعوى قضائية منفردة يطول أمدها وعلى نحو ما حدث في بعض المواقع، بينما تمتنع عن تنفيذ الحكم الصادر بأحقية جموع أصحاب المعاشات في ضم العلاوات!

أى أن الحكومة معترفة بأحقية جميع أصحاب المعاشات في ضم العلاوات، ولكنها تلجأ إلي المماطلة والتسويف من خلال تنفيذ الأحكام القضائية المنفردة فقط، وهو الأمر الذى لا يقدر جموع أصحاب المعاشات علي تكلفته وأيضًا علي طول إجراءات التقاضى.

< < <

ولذا فإن الحكومةالمعترفة والمقرة بأحقية ضم العلاوات الخمس، لا تلتزم بتنفيذ هذا الإقرار بالحق إلا بالقطعة ولكل صاحب معاش علي حدة بعد حصوله على حكم قضائى منفرد لصالحه، أى أن الحكومة تكيل بمكيالين.. في مخالفة قانونية وقضائية واضحة وغير لائقة، بل في مخالفة لأحكام الدستور الذى ينص علي المساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات.

< < <

ولعل طلب الإحاطة الذى تقدم به النائب البرلمانى سيد عبدالعال رئيس حزب التجمع الأسبوع الماضي لوزيرة التضامن الاجتماعى حول ضرورة تنفيذ الحكم القضائى لصالح أصحاب المعاشات.. لعله يلقي استجابة فورية من جانب الحكومة، أو لعل مجلس النواب باعتباره السلطة التشريعية المنوط بها التشريع والرقابة على أداء الحكومة يجبر الحكومة علي تنفيذ الحكم القضائى.

< < <

أخيرًا.. لم يبق أمام أصحاب المعاشات بعد حكم المحكمة سوى انتظار حكم الحكومة وتأكيد احترامها للقانون وللقضاء.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE