الأموال
الأحد 28 سبتمبر 2025 03:40 مـ 5 ربيع آخر 1447 هـ
الأموال رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

بنوك وتأمين

خبراء: التأمين البنكي يعزز الشمول المالي ويوفر حماية أوسع للمواطنين

خبراء التأمين سمير محمود و محمد صلاح
خبراء التأمين سمير محمود و محمد صلاح

شهد سوق التأمين في مصر خلال السنوات الأخيرة تحولًا لافتًا، بعدما أصبح التأمين البنكي إحدى أهم قنوات توزيع وثائق التأمين، بل وأحد أكبر مصادر تحصيل الأقساط وتوفير السيولة لشركات التأمين، في انعكاس مباشر لحجم الثقة التي حازت عليها هذه الآلية وارتفاع إقبال العملاء عليها عبر شبكات البنوك المنتشرة في مختلف المحافظات.

وفي هذا السياق، تستعرض جريدة الأموال في هذا التقرير آراء خبراء القطاع حول الدور المتنامي للتأمين البنكي، ومزاياه للعملاء من حيث سهولة الحصول على الخدمات وتوسيع نطاق الحماية التأمينية، فضلًا عن التحديات التي تواجهه داخل السوق المحلية، إلى جانب استعراض أبرز فرص النمو المتاحة أمام هذا النشاط في ضوء خطط الدولة لتعزيز الشمول المالي وزيادة قاعدة المتعاملين مع القطاع المصرفي والتأميني.

في البداية يؤكد سمير محمود المدير التنفيذي السابق لمعهد التأمين بمصر، أن التأمين البنكي أصبح خلال السنوات الأخيرة أحد أبرز قنوات توزيع وثائق التأمين في السوق المصرية، وأصبح مصدر رئيسي لتحصيل الأقساط وتوفير السيولة لشركات التأمين، موضحا أن هذه الآلية تعكس حجم الثقة المتزايدة لدى العملاء ومدى إقبالهم عليها عبر شبكات البنوك المنتشرة في جميع المحافظات.

وأوضح " محمود" في تصريحات خاصة لـ الأموال، أن التأمين البنكي يقوم على تقديم البنوك لعملائها منتجات تأمينية بالتعاون مع شركات التأمين، بحيث يتمكن العميل من الحصول على خدمات مالية وتأمينية متكاملة من مكان واحد، سواء من خلال الفروع أو التطبيقات الإلكترونية، وهو ما يحقق سهولة ومرونة أكبر في التعاملات.

أهداف التأمين البنكي

وأضاف أن شركات التأمين لجأت إلى البنوك لتحقيق عدة أهداف، في مقدمتها الوصول إلى قاعدة عملاء ضخمة، حيث يتجاوز عدد عملاء البنوك في مصر عشرات الملايين، ما يمنحها فرصة للتوسع دون الحاجة إلى فتح فروع جديدة. كما يتيح لها ذلك تحصيل الأقساط بسهولة عبر الحسابات البنكية، وخفض التكاليف التشغيلية المرتبطة بالتسويق والتوزيع.

تقديم حزمة متكاملة من الخدمات المالية والتأمينية لعملاء البنوك

وأشار إلى أن البنوك بدورها تحقق مكاسب كبيرة من خلال الحصول على عمولات مقابل تسويق وثائق التأمين، إلى جانب تعزيز ولاء العملاء عبر تقديم حزمة متكاملة من الخدمات المالية والتأمينية، الأمر الذي يزيد من ارتباط العميل بالبنك ويعزز الثقة في التعامل معه.

أبرز تحديات التأمين البنكي

ورغم المزايا الكبيرة، اشار إلى أن هناك بعض التحديات، أبرزها ميل بعض الموظفين للترويج للمنتجات بغرض تحقيق العمولة أو المستهدف الشهري، ما قد يؤدي إلى خلط لدى العملاء بين خدمات البنك ومنتجات التأمين. كما لا تزال منتجات الحياة وتكوين الأموال تتفوق من حيث الانتشار على غيرها من منتجات التأمين الأخرى.

وتوقع المدير التنفيذي السابق لمعهد التأمين بمصر، أن يشهد سوق التأمين البنكي طفرة خلال السنوات القليلة المقبلة، مع توسع البنوك في الخدمات الرقمية والمحافظ الإلكترونية، مؤكدًا أن هذه الآلية مرشحة لتكون المحرك الرئيسي لنمو سوق التأمين في مصر، خاصة في ظل دعم الدولة لخطط تعزيز الشمول المالي والتأميني.

وفي السياق ذاته أكد محمد صلاح منصور، رئيس قسم التأمين البنكي والأخطار الخاصة بإحدى شركات التأمين وباحث دكتوراه في إدارة الأعمال، أن التأمين البنكي أو الـ Bancassurance ليس منتجا جديدا بحد ذاته، بل هو آلية مبتكرة للتوزيع، تقوم من خلالها البنوك بتسويق وبيع منتجات التأمين لعملائها سواء عبر الفروع أو المنصات الرقمية، بما يختلف عن النمط التقليدي الذي يعتمد على الوسطاء أو شركات التأمين مباشرة.

وأوضح “منصور” في تصريحات خاصة لـ الأموال، أن التأمين البنكي يرتبط عادة بخدمات مصرفية مثل القروض أو البطاقات الائتمانية، ما يخلق قيمة مضافة للعميل وللبنك معًا".

و يرى “منصور” أن السهولة والسرعة هما أبرز مزايا التأمين البنكي، حيث يحصل العميل على التغطية التأمينية في نفس توقيت تعامله مع البنك، سواء لفتح حساب أو الحصول على قرض. كما أن هذه المنتجات غالبا ما تكون مرتبطة بالقروض العقارية أو الشخصية، ما يوفر حماية مزدوجة للعميل والمؤسسة المالية، فضلًا عن أسعار تنافسية وعروض خاصة تعزز ثقة المتعاملين.

و بحسب منصور، تمتلك البنوك قاعدة عملاء واسعة تصل إلى شرائح لم تكن ضمن متناولي خدمات التأمين التقليدية، خاصة في المناطق الريفية. واستشهد بالأرقام التي تكشف عن ارتفاع محفظة التمويل متناهي الصغر من 78.3 مليار جنيه في يونيو 2023 إلى نحو 93.2 مليار جنيه في يونيو 2024، معتبرًا أن هذه الشريحة تمثل سوقًا واعدة للتأمين البنكي، ما يعزز الشمول المالي ويضمن حماية للفئات الأكثر هشاشة اقتصاديًا.

وأشار إلى أن منتجات الادخار المرتبطة بالتأمين، مثل unit-linked أو endowment، توفر مزيجًا من الحماية والاستثمار، ما يساعد الأفراد على تأمين مدخراتهم وتنميتها. كما أن تغطية الأصول المرتبطة بالقروض البنكية ضد المخاطر تقلل من فرص التعثر وتحافظ على استقرار الوضع المالي للعملاء.

دعم استقرار القطاع المصرفي

يؤكد منصور أن التأمين البنكي يسهم في تحسين جودة المحفظة الائتمانية، إذ تقل معدلات التعثر بفضل التغطيات ضد الوفاة أو العجز أو الأخطار مثل الحريق والسرقة. كما يتيح للبنوك مصدر دخل إضافيًا عبر العمولات، بجانب الفوائد، بما يحقق تنويعًا لمصادر الإيرادات واستقرارًا أكبر للنظام المالي.

ولفت إلى أن وجود تكامل بين القطاعين البنكي والتأميني يعكس نضج السوق المالية وقدرتها على إدارة المخاطر، وهو ما يعد عامل جذب مهما للاستثمارات الأجنبية.

ويضيف أن التوجهات الحكومية مثل إلزام البنوك بتخصيص 25% من محافظها للمشروعات الصغيرة والمتوسطة تعزز هذا التوجه وتزيد من ثقة المستثمرين.

واضاف أن مصر ما زالت في مرحلة النمو السريع في مجال التأمين البنكي، إذ لا تزال نسبته من إجمالي السوق أقل مقارنة بدول مثل الصين والهند. ففي الصين مثلًا شكل التأمين البنكي نحو 39% من أقساط الحياة في 2023، بينما بلغ حجم السوق عبر هذه القناة في الهند نحو 105.2 مليار دولار عام 2024. ويرى أن هذه المقارنة تعكس الإمكانات الكبيرة المتاحة أمام السوق المصرية.

من أبرز العقبات التي حددها منصور: ضعف الوعي المجتمعي بالمنتجات التأمينية، تعقيدات تشغيلية وتنظيمية تحتاج إلى تبسيط، تحديات تقنية تتعلق بدمج أنظمة البنوك مع شركات التأمين، إضافة إلى نقص النماذج المرنة لتسعير منتجات موجهة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة

و اقترح منصور إنشاء لجنة متخصصة للتأمين البنكي داخل اتحاد شركات التأمين تضم البنوك الكبرى والهيئة الرقابية، بهدف وضع معايير موحدة للمنتجات والعقود والتقنيات. كما شدد على ضرورة:

تصميم حزم مبسطة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

تفعيل ربط الأنظمة عبر API وتطبيق آليات e-KYC.

إطلاق حملات توعية وتدريب لموظفي البنوك.

وأكد “ منصور” على أن التأمين البنكي يمثل حلقة وصل بين القطاع المالي والأفراد، إذ يوفر الحماية للعملاء، ويدعم استقرار البنوك، ويعزز مناخ الاستثمار، ويضع مصر على مسار متسارع نحو تحقيق أهداف رؤية 2030 في الشمول المالي والتنمية الاقتصادية.