صعود كرة القدم في مصر: كيف أصبحت اللعبة شغف وطني

كرة القدم تجري في عروق المصريين منذ أكثر من قرن كامل. الشوارع والحارات تمتلئ بالأطفال يركلون الكرة من الفجر للمساء. الأهلي والزمالك يقسمان البلد لمعسكرين متنافسين بشراسة. المقاهي تتوقف عن العمل والطرقات تفرغ عندما يلعب المنتخب. منصات مثل parimatcheg.com تعكس حجم الاهتمام الهائل بالمباريات المحلية والدولية. الجدات يشجعن أحفادهن من الشرفات والآباء ينقلون العشق لأبنائهم. المدرس والطبيب والعامل يتوحدون أمام الشاشة في اللحظات الكبرى. كرة القدم ليست مجرد لعبة في مصر بل هوية وانتماء وفرح جماعي.

https://ffs.sumy.ua/wp-content/uploads/2023/01/Football-e1674663810665.jpg

البدايات المبكرة مع الاستعمار البريطاني

الإنجليز جلبوا كرة القدم معهم لمصر في أواخر القرن التاسع عشر. الجنود البريطانيون لعبوا المباريات في معسكراتهم بالقاهرة والإسكندرية. المصريون شاهدوا اللعبة الغريبة بفضول وبدأوا يقلدونها في الشوارع. النوادي الرياضية الأولى تأسست للأجانب لكن المصريين انضموا سريعاً.

النادي الأهلي تأسس عام 1907 كرد فعل وطني على الاستعمار. المؤسسون أرادوا نادي مصري خالص ينافس أندية الأجانب بقوة. الزمالك بدأ للأجانب ثم فتح أبوابه للمصريين تدريجياً. التنافس بين الناديين بدأ مبكراً واستمر لأكثر من قرن.

أول دوري مصري منظم انطلق في عشرينيات القرن الماضي بمشاركة قليلة. الأندية كانت محصورة في القاهرة والإسكندرية فقط في البداية. الصحف بدأت تغطي المباريات والنتائج بانتظام متزايد. الجماهير تجمعت على أطراف الملاعب البدائية تشجع بحماس عفوي.

الخمسينيات والستينيات العصر الذهبي الأول

منتخب مصر شارك في كأس العالم 1934 أول منتخب أفريقي يفعل ذلك. الخسارة أمام المجر لم تقلل من فخر المصريين بالإنجاز التاريخي. التأهل وحده كان معجزة في ذلك الوقت البعيد.

الخمسينيات شهدت صعود جيل ذهبي من اللاعبين المصريين الموهوبين. محمود الجوهري وعبد الرحمن فوزي أصبحا أساطير حية. المنتخب فاز بكأس الأمم الأفريقية مرتين في 1957 و1959. الملاعب امتلأت بجماهير غفيرة تابعت النجوم بعشق.

مراحل التطور المبكر:

● 1920s - تأسيس أول دوري منظم بمشاركة محدودة؛

● 1930s - أول مشاركة عالمية في إيطاليا 1934؛

● 1950s - جيل ذهبي يفوز بكأسين أفريقيتين متتاليتين؛

● 1960s - انتشار الأندية خارج القاهرة والإسكندرية.

الستينيات رأت توسع كبير في عدد الأندية عبر المحافظات المصرية. الإسماعيلي والمصري والزمالك البورسعيدي ظهروا بقوة. الدوري أصبح أكثر تنافسية وإثارة من أي وقت مضى. التلفزيون المصري بدأ بث المباريات فوصلت للقرى النائية.

لماذا كرة القدم تعني كل شيء للمصريين

كرة القدم توفر هروب من ضغوط الحياة اليومية الصعبة. ساعة ونصف من الفرح الخالص تنسي الهموم والمشاكل مؤقتاً. الفوز يخلق نشوة جماعية تجمع الغرباء في احتضان واحد. الخسارة تحزن الملايين وتخيم كآبة على البلد لأيام.

أسباب الشغف الجنوني بكرة القدم:

● توفر هوية جماعية قوية في مجتمع يبحث عن انتماء؛

● تخلق أبطال محليين يفخر بهم الناس عالمياً؛

● النجاح الرياضي يعوض الإحباطات في مجالات أخرى؛

● المباريات متنفس شعبي آمن للتعبير عن المشاعر.

كرة القدم المصرية واجهت أزمات كثيرة عبر تاريخها الطويل. مأساة بورسعيد 2012 قتلت 74 مشجع وأوقفت الدوري سنتين. الأزمات الاقتصادية والسياسية أثرت على مستوى البطولات. لكن الشغف لم يمت أبداً والجماهير عادت أقوى دائماً.

المستقبل يبدو واعد مع جيل جديد موهوب ينتشر في أوروبا. الاستثمارات في الأكاديميات الشبابية تؤتي ثمارها تدريجياً. الملاعب الجديدة بمواصفات عالمية تستضيف بطولات قارية كبرى. كرة القدم المصرية عاشت قرن من الشغف وستعيش قرن آخر بنفس القوة.