تراجع التضخم لا يعني الاطمئنان.. خبير اقتصادي يضع خريطة الاستقرار النقدي في مصر

مع تسجيل التضخم العام في المدن المصرية انخفاضًا ملحوظًا إلى 14.9% في يونيو مقارنة بـ16.8% في مايو، يرى الدكتور أشرف غراب، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بجامعة الدول العربية، أن هذا التراجع مؤشر إيجابي لكنه يتطلب سياسات مستمرة للحفاظ عليه ضمن نطاق آمن، خاصة في ظل تحديات إقليمية قائمة.
تحقيق توازن بين النمو وكبح الأسعار
ويؤكد غراب أن الاستمرار في كبح جماح التضخم يتوقف بدرجة كبيرة على قرارات لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، والتي يجب أن تواكب تقلبات التضخم الشهري من خلال إدارة مرنة لأسعار الفائدة، بهدف تحقيق توازن بين النمو وكبح الأسعار.
وأشار إلى أن استقرار سعر صرف الجنيه خلال الفترة الماضية لعب دورًا مهمًا في تهدئة موجات ارتفاع الأسعار، مرجحًا أن يشهد الجنيه تحسنًا إضافيًا مستقبلاً مع ارتفاع إيرادات الدولة من العملات الأجنبية، لا سيما من تحويلات المصريين بالخارج، وطفرة السياحة، وزيادة الصادرات، وتدفق الاستثمارات الأجنبية. هذه العوامل مجتمعة تعزز قدرة الدولة على توفير مستلزمات الإنتاج والسلع الأساسية دون تقلبات سعرية حادة، بما يسهم في نمو الإنتاج المحلي ووفرة المعروض.
تعظيم الاستفادة من المشروعات القومية والقطاعات الإنتاجية
وشدد غراب على ضرورة تعظيم الاستفادة من المشروعات القومية والقطاعات الإنتاجية، مع توفير بيئة استثمارية مرنة وداعمة. وأوضح أن خفض تكلفة التشغيل وتذليل العقبات الإدارية والتشريعية أمام المصنعين والمستثمرين، من شأنه أن يرفع من كفاءة الاقتصاد، ويحفّز النمو الصناعي.
كما دعا إلى التركيز على دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، من خلال تقديم التيسيرات التمويلية والحوافز الضريبية، مع تسريع وتيرة الإفراج الجمركي لتقليل التكلفة النهائية للمنتج. وأوضح أن هذا النوع من المشروعات يشكل ركيزة قوية لتعميق التصنيع المحلي وزيادة التنافسية.
وفي سياق متصل، اقترح غراب إعادة النظر في هيكل الواردات وتحديد السلع القابلة للتصنيع المحلي، مع إعداد دراسات جدوى تشاركية مع القطاع الخاص لبدء خطوط إنتاج محلية لهذه المنتجات، ما يساهم في تقليص فاتورة الاستيراد وتخفيف الضغط على العملة الأجنبية.
وأضاف أن تنويع أدوات التبادل التجاري باستخدام العملات المحلية، خاصة مع دول تجمع "بريكس"، بات خيارًا استراتيجيًا لتقليل الاعتماد على الدولار، وهو ما سيوفر سيولة أكبر لاحتياجات السوق المصري.
وأوضح غراب أهمية استمرار المبادرات الحكومية التي تتيح السلع بأسعار مناسبة، من خلال إقامة معارض وشوادر بيع منتظمة، لما لها من دور في ضبط حركة الأسعار في الأسواق.
وفي ختام تصريحاته، أكد غراب أن تعزيز الأمن الغذائي يتطلب توسيع قاعدة الإنتاج الحيواني ودعم المربين الصغار عبر توفير الأدوية البيطرية والمستلزمات اللازمة، إلى جانب تكثيف العمل على استصلاح الأراضي وزراعة المحاصيل الاستراتيجية، مما يخفف من فاتورة الاستيراد ويعزز الاستقرار الاقتصادي.
كما شدد على ضرورة تفعيل الرقابة التموينية والتصدي للممارسات الاحتكارية التي تتسبب في رفع الأسعار بشكل لا يتناسب مع كلفة الاستيراد أو سعر العملة، داعيًا إلى نهج أكثر صرامة لحماية المستهلك ودعم السوق المنضبط.