الأموال
السبت، 4 مايو 2024 04:05 صـ
  • hdb
25 شوال 1445
4 مايو 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د.محمد فراج يكتب : الفرص الضائعة فى العلاقات الاقتصادية المصرية - العراقية

د.محمد فراج أبوالنور
د.محمد فراج أبوالنور


زيارة رئيس الوزراء العراقى محمد شياع السودانى إلى القاهرة للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر إشارة لا تخطئها العين إلى الوتيرة المتسارعة التى يشهدها تطور العلاقات المصرية - العراقية، وهو تطور مستمر خلال الأعوام الأخيرة، انعكس فى تعزيز متصاعد للعلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية بين القاهرة وبغداد، وتوقيع عدد من اتفاقيات التعاون الاقتصادى والتجارى - التى شمل بعضها الأردن في آلية للتعاون الثلاثى ــ وامتد إلي التنسيق في عدد من القضايا السياسية بحيث أصبحت العلاقات المصرية - العراقية من الملامح البارزة للعمل العربى المشترك.
السودانى جاء إلى القاهرة فى زيارته الأخيرة على رأس وفد رفيع المستوى ضم وزراء الخارجية والتخطيط والإسكان والتجارة والكهرباء ومحافظ البنك المركزى العراقى، ورئيس هيئة الاستثمار، ومسئولين عراقيين آخرين، والأمر الذى يُشير إلى اتساع نطاق قضايا التعاون التى تمت مناقشتها خلال الزيارة.
والتقى رئيس الوزراء العراقى بالرئيس السيسى، وأشارت تصريحاتهما إلى عزم الطرفين على تعزيز التعاون السياسى والاقتصادى والأمنى بين القاهرة وبغداد.
كما شهدت الزيارة انعقاد الدورة الثانية للجنة العليا المشتركة بين البلدين، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى من الجانب المصرى، وبحضور الوزراء العراقيين المشار إليهم ونظرائهم من المسئولين المصريين، وتم توقيع ١١ اتفاقا ومذكرة تفاهم في مختلف الجوانب الاقتصادية والتجارية والثقافية والرياضية، ويكتسب اجتماع اللجنة العليا أهمية خاصة من كونها آلية قديمة للتعاون أُقيمت منذ خمسة وثلاثين عامًا (١٩٨٨) وظلت معطلة لفترة طويلة.
ومن هُنا فإن حرص الطرفين علي انعقادها يُشير إلى اهتمامهما «بمأسسة» التعاون بينهما من مختلف الجوانب ضمن آليات منتظمة ونشيطة، وتعويض سنوات طويلة من الفرص الضائعة لتطوير العلاقات بين البلدين، تم إهدارها بسبب الظروف المترتبة على الغزو الأمريكى للعراق (٢٠٠٣) وما ألحق من دمار شامل بالبلد الشقيق، وما تلاه من تغلغل للنفوذ الإيرانى فى بلاد الرافدين وعزوف الأحزاب الحاكمة الموالية لطهران عن توسيع العلاقات مع الأشقاء العرب، وما حدث بعد ذلك من سيطرة الإرهاب «الداعشى» على حوالى ثلث العراق، واستنزاف قوى البلاد فى حرب ضد الإرهاب استغرقت ثلاث سنوات (٢٠١٤ – ٢٠١٧).
وبديهى أن هذه الظروف كلها لم تكن مواتية لازدهار العلاقات المصرية - العراقية، بما فى ذلك جانبها الاقتصادى. وإن كانت القاهرة قد ظلت حريصة على عدم الابتعاد عن بغداد بقدر ما تسمح الظروف، خاصة أنه كانت هناك دائمًا علاقات تجارية تقليدية بين البلدين.
وتشير الأرقام إلى أن حجم التبادل التجارى بين مصر والعراق بلغ ١٫١٨ مليار دولار عام ٢٠١٧ زادت إلى ١٫٦ مليار دولار عام ٢٠١٨.. لكن التبادل التجارى انخفض بصورة مفاجئة إلى ٥٥٤ مليون دولار عام ٢٠١٩ ثم بدأ يتذبذب ليصل إلى ٩١٦ مليون دولار خلال الشهور الأحد عشر الأولى من عام ٢٠٢١ لينخفض إلى ٤٩١٫٦ مليون دولار خلال نفس الفترة من عام ٢٠٢٢ حسب أرقام مكتب التمثيل التجارى المصرى (صدى البلد، ١١ يونيو ٢٠٢٣).
ونود أن نشير إلى أننا قرأنا أرقاما متباينة منسوبة إلى مصادر رسمية.. لكنها كلها بعيدة تمامًا عن الرقم القياسى المتفق عليه الخاص بعام ٢٠١٨ وهو ١٫٦ مليار دولار الأمر الذى يُشير إلى قصور فى متابعة تطوير التبادل التجارى مع العراق، والتصدير تحديدًا، حيث إن الميزان التجارى يحيل بصورة تامة لصالح الصادرات المصرية.
ويبدو هذا غريبًا فى ظل التطور الكبير فى العلاقات السياسية الذى شهدته ولاية رئيس الوزراء العراقى السابق مصطفى الكاظمى، الذي سعى إلى بناء علاقات متوازنة بين العراق ومحيطه العربى، وخاصة مع مصر ودول الخليج كما يبدو غريبًا فى ظل وجول اتفاق (النفط مقابل إعادة الإعمار) والذى يقضى بتزويد مصر بكميات من البترول العراقي مقابل مواد ومستلزمات البناء المصرية، من السيراميك والأدوات الصحية والمواسير، والكابلات الكهربائية وغيرها، علاوة على الصادرات المصرية التقليدية من الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية واللدائن والخضروات والفواكه وغيرها (المال نيوز - ٢٤/ ٨/ ٢٠٢٢).
< <<
والحقيقة أن عملية إعادة إعمار العراق هى عملية ضخمة للغاية، فى بلد كبير وغنى دمرته الحروب ولديه ناتج محلى إجمالى يبلغ نحو مائتين وخمسين مليار دولار (العوائد البترولية وحدها أكثر من مائة مليار دولار سنويا).. ويتجه بقوة نحو الاستثمار في إعادة الإعمار، من الخطوات التى حققتها حكومة مصطفى الكاظمى ثم حكومة السودانى فى مكافحة الفساد الهائل الذى كان يمسك بخناق الاقتصاد.. علمًا بأن عملية إعادة الإعمار الضخمة تقدم فرصًا ممتازة لشركات المقاولات والإنشاءات المصرية الكبرى ذات الخبرات والإمكانات الكبيرة، وليس فقط لتصدير مواد ومستلزمات البناء والخبرة المصرية يمكن أن تكون لديها فرص ممتازة أيضًا فى إعادة تأهيل البنية التحتية والمشروعات الصناعية والزراعية المدمرة، وباختصار فإن إعادة إعمار العراق تمثل ورشة بناء وتعمير هائلة، تحتاج إلى استثمارات بمئات المليارات من الدولارات، وقد بدأت حكومة السودانى تتجه بوضوح فى هذا الاتجاه، وتحكم قبضتها تدريجيًا على موارد البلاد لتوفير الاستثمارات اللازمة.
ومن ناحية أخرى فإن أزمة المياه التى يواجهها العراق بسبب انتهاك كل من تركيا وإيران لاتفاقاتهما مع بغداد بشأن تدفق المياه من نهرى دجلة والفرات «تركيا» والأنهار الصغيرة التى توجد منابعها فى إيران وتصل إلى شرقى العراق ــ هذه الأزمة - التى نتمنى أن يتوصل البلد الشقيق إلى حلول لها توجب اللجوء إلي أساليب الزراعة الحديثة والرى بالرش والتنقيط.. إلخ، والتى حققت مصر خبرة كبيرة فيها.. كما نجعل أرض الرافدين في حاجة لاستيراد المزيد من الخضر والفواكه وكل ذلك يقدم فرصًا مهمة للمستثمرين والمصدرين المصريين فى سوق كبيرة يبلغ عدد سكانها أكثر من أربعين مليونًا، وفى بلد نفطى غنى شقيق، يمكنه أيضًا أن يكون مصدرًا للاستثمارات مع نهوض اقتصاده، وأن يحقق مع مصر أشكالا مهمة من التكامل الاقتصادى، خاصة فى ظل التقارب السياسى المتزايد، والعلاقات التاريخية الطيبة بين الشعبين الشقيقين.
فهل نستفيد من الفرصة السانحة لتحقيق المنفعة المتبادلة بين الشعبين المصرى والعراقى؟
السؤال موجه إلى المسئولين الاقتصاديين ورجال الأعمال المصريين.

مصر للطيران
الفرص الضائعة. العلاقات. الاقتصادية .المصرية العراقية

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE