الأموال
الجمعة، 26 أبريل 2024 12:10 مـ
  • hdb
17 شوال 1445
26 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب: رمضان فى زمن كورونا.. خواطر وملاحظات

الأموال

بينما يوشك رمضان أن تنقضي أيامه ولياليه المباركة بعد أيام قلائل، فإن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ينتظرون بشغف بالغ قدوم ليلة القدر بعد ساعات قليلة.. في ليلة السابع والعشرين من هذا الشهر الفضيل وهو الموعد الذي غاب فيه ظن الأئمة والعارفين وعموم المسلمين علي أنه الأكثر تحققا من بين الليالى الوتر من العشر الأواخر من رمضان التي أخبر الرسول صلي الله عليه وسلم أنها إحداها.

< < <

في ليلة القدر هذا العام سوف تتجه أفئدة المسلمين إلي السماء وترتفع أصواتهم.. تضرعا إلى الله تعالى بأن يرفع الوباء والبلاء عن الأمة وعن البشرية جمعاء.. راجين الاستجابة في هذه الليلة ذات القدر التى هى خير من ألف شهر، إذ إن إحياءها بالقيام والقرآن والدعاء يعدل بل يفوق عبادة ألف شهر، فهي الليلة التى تتنزل فيها الملائكة والروح (جبريل) فيها إلى الأرض، ولذا فهى «سلام هى حتى مطلع الفجر».

< < <

لقد استقبل المسلمون في بقاع الأرض شهر رمضان هذا العام وصاموا نهاره وقاموا ليله وسط تداعيات كورونا الذي ضرب العالم من أقصاه إلى أقصاه، وبينما أفسد الوباء اللعين القاتل على سكان الكوكب حياتهم وعطل حركتهم وحبسهم في بيوتهم وقتل ما يقرب من ٣٠٠ ألف من بين أكثر من ٤ ملايين مصاب حتى كتابة هذه السطور، فإنه أفسد على أكثر من مليار ونصف المليار مسلم فرحتهم برمضان وعلى نحو غير مسبوق طوال أربعة عشر قرنا.

فى رمضان هذا العام أصاب الوباء المسلمين بحزن شديد إذ حرمهم من صلاة التراويح في المساجد بعد أن حرمهم من صلوات الجماعة والجمعة، غير أنهم اعتبروه بلاءً استقبلوه راضين محتسبين أجرهم عن هذا الصبر، باعتبار أن المؤمن أمره كله خير، إن أصابه خير فشكر أُجر، وإن أصابه شر فصبر، أُجر، حسبما جاء في الحديث الشريف.

< < <

ومتحدثا عن مصر والمصريين في رمضان حيث عاصر جيلي والأجيال السابقة واللاحقة هذا الشهر بمظاهره المصرية ذات الخصوصية.. الاجتماعية والعائلية، العامة والخاصة، والتى افتقدناها هذا العام.

لقد سرق هذا الوباء اللعين من المصريين تلك المظاهر الاحتفالية في رمضان.. في البيوت وبين العائلات والجيران وفي الشارع، حيث فرضت التدابير الاحترازية وإجراءات التباعد الاجتماعى على المصريين البقاء في البيوت، وحيث غابت تجمعات العائلات والأصدقاء على موائد الإفطار الجماعى والتي كانت من التقاليد المتوارثة عبر الأجيال بوصفها جزءً من الثقافة الاجتماعية والدينية الرمضانية المصرية.

< < <

في نفس الوقت فإن غيبة موائد الرحمن التي كانت تملأ شوارع وميادين مصر فى القاهرة وسائر المدن والقرى في مختلف المحافظات بدت عدوانًا من كورونا على المصريين وعلى هذا المظهر من مظاهر التكامل الاجتماعى في هذا الشهر الفضيل.. غير أنه يتعين الإشارة إلى قدرة المصريين على التحدى فى مواجهة الأزمات والتحايل العبقرى على ما يفرضه الأمر الواقع، إذ ابتكروا حلا سريعا بنقل الموائد إلى المحتاجين في بيوتهم والذين فرضت عليهم الأزمة التعطل عن العمل، سواء بجهود فردية أو جماعية وبمشاركة من الجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدنى، ولأن رب ضارة نافعة، فقد كان توصيل «شنط وكراتين» المواد الغذائية إلي هؤلاء دعمًا أكثر مروءة وعونًا أكرم من الموائد، وتلك من عبقريات المصريين.

< < <

وعن الخصوصية المصرية فإن ثمة ملاحظة لا يفوتنى الإشارة إليها، وهى أن مظاهر الابتهاج والاحتفال بشهر رمضان لم تكن أبدًا في يوم من الأيام قاصرة على المسلمين فقط، إذ كان ومازال المسيحيون في مصر مشاركين بل حريصين على المشاركة في تلك المظاهر باعتبارها مظهرا مصريا عاما.

مازلت أذكر أن الأصدقاء والجيران والزملاء المسيحيين كانوا يشاركون المسلمين في الصيام بالامتناع عن تناول الطعام والشراب علنًا في مسلك نبيل يعكس التعايش الجميل بين عموم المصريين، بل لعلنا جميعًا نلاحظ مشاركة المسيحيين المصريين لإخوانهم المسلمين حتى في تناول الحلوي التى اعتادوا تناولها في رمضان باعتبارها أيضًا من مظاهر الاحتفال الاجتماعى بهذا الشهر الكريم.

< < <

وإذا كان الوباء قد أفسد كثيرا من بهجة المصريين برمضان هذا العام وفرض عليهم تباعداً اجتماعياً بفعل الحظر، حال بينهم وبين التجمعات والزيارات العائلية المعتادة في هذا الشهر، فإنهم أو غالبيتهم استطاعوا أن يجعلوا من المحنة منحة، سواء بالإكثار من العبادة والصلاة وقراءة القرآن، أو بتوثيق الصلات الأسرية، حيث أتاح الحظر تقاربًا أكثر بين أفراد الأسرة، وهى فرصة لم تكن متاحة من قبل لغالبية الأسر المصرية.

< < <

يبقى الحديث عن صلاة التراويح التى يحرص المصريون على أدائها فى المساجد والتى تعطلت إقامتها هذا العام مع صلاة الجمعة والجماعة بحكم الإجراءات الوقائية من تفشي الوباء، حيث لم يحل الوباء بين المصريين وبين إقامتها فى بيوتهم.. بديلا شرعيا جائزا ومقبولا ولا ينقص من أجرهم شيئا.

< < <

وهنا أجدنى أتوقف أمام مسلك البعض من المزايدين علي الإسلام والمتزيدين والذين تحايلوا علي منع الصلاة في المساجد، بإقامتها في جماعات أمام المساجد وفي سرادقات خاصة وأعلي أسطح البيوت، وهو مسلك فيه من التزيد بقدر ما فيه من افتئات على الشرع، باعتبار أن صحة العباد والأبدان مقدمة علي صحة العبادات، وباعتبار أنه لا ضرر ولا ضرار وفقًا للقاعدة الشرعية.

< < <

الأمر الآخر هو أنه غاب ويغيب على الكثيرين أن صلاة التراويح لم يرد بها نص قرآنى أو حديث شريف، بل إن الرسول صلي الله عليه وسلم لم يصلها جماعة في المسجد إلا مرة واحدة، وأن أول من أقامها جماعة في المسجد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ومن ثم اعتبرها المسلمون بعد ذلك سُنة حميدة دون اعتبارها واجبة، لذا لزم التنويه حتى يتوقف المتزيدون عن تزيدهم.

< < <

كانت هذه السطور خواطر من خواطرى الرمضانية في هذا الشهر الفضيل.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE