الأموال
الثلاثاء، 30 أبريل 2024 09:29 صـ
  • hdb
21 شوال 1445
30 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

 أسامة أيوب يكتب : تراجيديا بائعة الخضار ورئيس مدينة رأس البر

الأموال

حسنًا فعلت الدكتورة منال عوض محافظ دمياط باستقبالها للسيدة المكافحة كريمة حمدان بائعة الخضار في سوق (63) بمدينة رأس البر لتطييب خاطرها والاعتذار لها عما تعرضت له من إهانة لا إنسانية وضرب وإذلال علي أيدى رجال شرطة المرافق والسيد اللواء سمير صادق رئيس المدينة الذى لم يشفع لها عنده أنها ركعت وقبلت رِجله.

هذه المرأة البائسة الفقيرة الضعيفة الساعية علي رزق أسرتها (زوج كفيف وطفلين أكبرهما 4 سنوات) تعرّضت لاعتداء وحشى غير إنسانى.. نعم اعتداء وحشى، فذلك هو الوصف الحقيقى الذى ينطبق على ما جرى.

< < <

بائعة الخضار هذه هاجمتها شرطة المرافق وحاولت الهروب من السوق الذى اعتادت الجلوس فيه إلي شوارع جانبية للإفلات بما تحمله من خضار علي »عربة زق« أى عربة يد، إلا أن أشاوس شرطة المرافق هرولوا وراءها تنفيذًا لأوامر السيد اللواء رئيس المدينة »هاتوها« وحيث بدا وكأنه يقود حملة أمنية لمطاردة وملاحقة إرهابيين، ورغم أنها واصلت الهروب حتى باب بيتها فإنهم لحقوا بها لتبدأ المعركة الحربية.

ورغم بكائها المرير وتوسلاتها الواهنة للأشاوس بأن يتركوها ويتركوا العربة والخضار الذى لم تسدد ثمنه (2000 جنيه)، إلا أنهم قلبوا العربة وأتلفوا الخضار ثم طرحوها أرضا.

< <<

وفي تصاعد درامى للمشهد هرولت المرأة إلى رئيس المدينة الذى كان واقفًا يدُير المعركة بهذه التجريدة ضد بائعة الخضار.. توسلت إليه واستغاثت به لنجدتها حتى يأمر رجاله بأن يتركوا لها العربة وسيلتها فى حمل بضاعتها، غير أنه وبحسب تعبيرها »شاطنى ووقعنى علي الأرض«.

وفى ذروة درامية لذلك المشهد التراجيدى المخزى وحسبما جاء علي لسانها »وطيت على رِجل رئيس المدينة أبوسها وأترجاه يسيب العربية والميزان وحلفت له مش هقف تانى في السوق، فزقنى برِجله ووقعنى على الأرض وخدوا العربية ومشيوا«!

فى خلفية هذا المشهد »التراجيدى« يظهر الزوج الكفيف يستعطف وطفلان يصرخان »أحدهما رِجله محروقة« وخضار تالف ثمنه (2000جنيه) والمرأة ملقاة علي الأرض جراء »شلوت« سيادة اللواء رئيس المدينة، وبذلك تكتمل أحداث هذه »التراجيديا« التي تصلح لتصوير فيلم أحسبه ينافس بقوة فيلم »البؤساء« المأخوذ عن الرواية العالمية المعروفة.

< < <

يبقى أنه رغم استحسان مسلك الدكتورة محافظ دمياط باستقبالها لبائعة الخضار والاعتذار لها وإعلانها عن تحويل المسئولين عن الواقعة للتحقيق وإن لم تذكر رئيس المدينة علي وجه التحديد، إلا أن التحقيق لا يكفي في هذه الواقعة التي تم تداولها علي شبكات التواصل الاجتماعى بالصوت والصورة، مع ملاحظة بالغة الأهمية وهى أنه لولا »الفيديو« المتداول والذي أثار غضب واستياء جموع المصريين، فربما كانت تلك الجريمة النكراء ستمر في صمت، وما كانت المحافظ قد تحركت واعتذرت للبائعة وأحالت الواقعة للتحقيق هذا إن تم التحقيق بالفعل.

< < <

ثم إنه لا رد فعل عادلا وإنسانيا وأخلاقيا وقانونىا ووطنيا لما جرى يُعيد لهذه المرأة البائسة التى تسعى على »لقمة العيش« الاعتبار ويُنزل العقاب والجزاء العادل علي رئيس المدينة سوي إقالته فورا من منصبه أو على الأقل إيقافه عن العمل لحين انتهاء التحقيق الذى تعهدت به الدكتورة المحافظ مع هذا المسئول السادى الذى فَقَد صلاحيته لتولى منصبه.

< < <

وإذا كانت الدكتورة محافظ دمياط قد وعدت البائعة بتوفير مكان ثابت للباعة، فإن ذلك يعنى في واقع الأمر أن السيد اللواء رئيس المدينة مُقصر في أداء مهام وظيفته والتى كانت تقتضى أن يقوم بتوفير هذا المكان الثابت للباعة قبل أن يقوم بتلك التجريدة ضد امرأة بائسة وإهانتها وإذلالها علي نحو ما فعل متجردًا من الإنسانية والرحمة حتى لو كان يطبق القانون.. غافلا أو متغافلا عن مقتضيات المواءمة المطلوبة وتجنبًا لإثارة الغضب والاحتقان وبما يهدد الأمن العام والسلم الاجتماعى.

< < <

ثم إنه يتعيّن على الدكتورة المحافظ أن تتقدم ببلاغ إلي النيابة العامة ضد رئيس المدينة نيابة عن المحافظة وعن الحكومة التى أساء رئيس المدينة أكبر إساءة لها باعتباره ممثلا لها في رأس البر بما ارتكبه من إهانة ووحشية في حق بائعة الخضار، وفى هذا السياق فإن اعتذار المحافظ يتعين أن يتبعه اعتذار من رئيس الحكومة شخصيًا لإبراء ذمتها من ذلك الاعتداء الوحشى وتأكيدًا لاحترام الحكومة للمواطنين جميعا.. الفقراء قبل الأغنياء.. الضعفاء قبل الأقوياء باعتبار أن المصريين جميعا متساوون بنص الدستور، لا فرق بين بائعة الخضار ورئيس الدولة أمام القانون الذى يخضع له الجميع.

> >>

إن ما جرى لبائعة الخضار فى رأس البر التي اضطرها فقرها وبؤسها وسعيها علي الرزق إلى أن »تبوس« رِجل السيد رئيس المدينة فكان جزاؤها ضربها بـ»الشلوت« وطرحها أرضًا بلا رحمة.. لهو جريمة إهانة وإذلال مكتملة الأركان لمواطنة مصرية ولكل امرأة مكافحة معيلة، بل لكل نساء مصر ورجالها، ومن ثم فإنه عار وطنى لا يمحوه إلا إقالة ومحاكمة ذلك المسئول السادى.

مصر للطيران
بنك الاسكان
NBE