الأموال
الإثنين، 29 أبريل 2024 06:26 صـ
  • hdb
20 شوال 1445
29 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : 820 مليون جائع.. والضمير الإنسانى العالمى غائب

الأموال

عندما تعلن منظمة الأمم المتحدة  للأغذية والزراعة "الفاو" فى تقريرها الصادر فى شهر سبتمبر الجارى أن أعداد الجياع في العالم بلغت 820 مليون شخص، فإن المنظمة الأممية بهذا التقرير تدق ناقوس خطر داهم ومحدق بالإنسانية كلها أمام هذه الأعداد الضخمة من البشر الذين يعانون أوضاعًا بالغة البؤس وإلى درجة الجوع.

إن إعلان المنظمة الأممية عن وجود 820 مليون جائع يمثلون نحو عشر سكان العالم، إنما يعنى في واقع الأمر أن من بين كل تسعة أشخاص يوجد إنسان جائع يواجه ضراوة الجوع ومخاطر سوء التغذية.

تفاصيل تقرير المنظمة الذى أعده خبراؤها المتخصصون تكشف عن أن الـ820 مليون جائع يعيشون فى 51 دولة.. موزعة بين ثلاث قارات.. آسيا وأمريكا اللاتينية وتأتى أفريقيا فى المقدمة وهو الأمر الذى يعنى أن المجاعة تضرب نحو ربع دول العالم.

< <<

الأخطر فى هذا التقرير هو أن أكثر من 250 مليون طفل يمثلون نحو 30% من إجمالى الجياع يعانون من سوء تغذية كبير وعلى النحو الذى يتسبب في إصابتهم بضعف شديد فى النمو تنعكس تداعياته الخطيرة على هؤلاء الأطفال في المستقبل عندما يصيرون رجالا ونساء حيث تقل وربما تنعدم قدرتهم على العمل والإنتاج.

هذه التداعيات الخطيرة للجوع وسوء التغذية تمتد لتطال تلك الدول فى حاضرها ومستقبلها ومن ثم فقدان القدرة على إحداث تنمية اقتصادية حقيقية، لتظل تدور فى حلقة مفرغة.. غير قادرة على الخروج من دائرة الفقر.

> > >

ومع الإقرار بالأسباب التى أرجع إليها تقرير المنظمة الأممية تزايد المجاعة وأعداد الجياع في تلك الدول الـ51 ومن بينها العوامل المناخية من جفاف تارة وسيول وأعاصير تارة أخرى وإتلاف المحاصيل الزراعية، إضافة إلى النزاعات المسلحة والحروب الأهلية والتى تتسبب فى نزوح مواطنى تلك الدول وتشريدهم خارج أراضيهم خاصة مع ضعف أو غيبة سلطة الدولة المركزية.

< < <

غير أن ثمة أسبابا أخرى بعيدة عن حروب الطبيعة واحتراب البشر ونزاعاتهم وصراعاتهم المسلحة يتعين عدم إغفالها، من المؤكد أن أهمها تنصُل الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة خاصة الدول الكبرى من تعهداتها التى تضمنها برنامج المنظمة الدولية الذى وقعت عليه عام 2015 والذى استهدف إنهاء الجوع تماما فى أنحاء العالم بحلول 2030 بحيث لا يوجد إنسان واحد جائع.

< < <

ومع تعثر تنفيذ هذا البرنامج الأممى الطموح، فإن أعداد الجياع لم تقل بها إنما تزايدت، ومن المؤسف أنه مع استمرار هذا التعثُر بفعل تنصل الدول من تعهداتها، فإن أعداد الجياع مرشحة للزيادة والتى قد تصل إلى مليار جائع خلال سنوات قليلة، وهو الأمر الذى يعنى فشلا ذريعا لبرنامج القضاء على الجوع بقدر ما يعنى إدانته للمجتمع الدولى والدول الكبري بصفة خاصة.

< < <

الوجه الآخر لكارثة الجوع وتزايد أعداد الجياع فى العالم يتمثل فى واقع الأمر فى هيمنة الدول الكبرى ذات الثراء المتراكم والمتقدمة صناعيا واقتصاديا وسيطرتها على الاقتصاد العالمى وسطوتها على موارد ومقدرات الدول الفقيرة في نفس الوقت الذى تمارس فيه سياسات إفقار هذه الدول، إضافة إلى إشعالها للصراعات والنزاعات المسلحة القبلية والطائفية والعرقية بين فرقائها.

ثم إن هذه الدول الكبري لا تقوم ـ عن عمد ـ بواجبها الأخلاقى والإنسانى والحضارى لتقديم الدعم والعون لتلك الدول الفقيرة لمواجهة كارثة الجوع ليس فقط من خلال الدعم المالى والعينى والتقنى لمواجهة العوامل المناخية بل أيضًا من خلال ضخ استثمارات وبرامج تنمية بشرية واقتصادية.

< < <

هذه الدول الكبرى.. أوروبا والولايات المتحدة على وجه الخصوص بتنصلها من مسئولياتها الإنسانية والأخلاقية فإنها تغفل عن مردود هذا التنصل متمثلا فى موجات الهجرة غير الشرعية الى تنهال عليها حاملة الجياع من الدول الفقيرة وما تمثله هذه الهجرة من أزمات وتوترات تنعكس علي أمن واستقرار الدول الكبرى وأمنها القومى.

< < <

وفى نفس الوقت فإنه من الضرورى الالتفات إلى أن قضية الفقر والجوع ليست داخل الدول الـ51) المشار إليها في التقرير الأممى فقط، وإنما إلى غيرها من بعض الدول التى تتباين فيها مستويات المعيشة وتتسع الفجوة بدرجة خطيرة بين طبقة الأثرياء وبين الأغلبية الفقيرة التى تعانى من تدن خطير فى مستوى المعيشة خاصة بين الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والتى قد ترقى إلى درجة الجوع فعلا، بينما تتقاعس أو تتجاهل الحكومات رفع معاناتهم من خلال مظلة حماية اجتماعية تقلل من درجة الفقر وحدة الجوع، وعلى النحو الذى يتطابق بدرجة أو أخرى مع الحالة الدولية المتمثلة فى الدول ذات الثراء والرفاهية والأخرى الفقيرة التى يعانى مواطنوها من الجوع.

< < <

إن إعلان تقرير منظمة »الفاو« عن وجود 820 مليون جائع فى العالم.. مرشحين للزيادة إلى مليار جائع خلال سنوات قليلة، هو فى نفس الوقت إعلان آخر يؤكد أن الضمير الإنسانى العالمى غائب.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE