الأموال
الجمعة، 26 أبريل 2024 01:17 مـ
  • hdb
17 شوال 1445
26 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

 أسامة أيوب يكتب : حسابات المكسب والخسارة الثقافية في معرض الكتاب

الأموال

جاء انطلاق مهرجان سور الأزبكية يوم الثلاثاء الماضى بمنطقة المكتبات أعلي محطة مترو العتبة والذى يستمر شهرًا كاملا.. بمثابة مبادرة ثقافية بالغة الذكاء والحرفية التسويقية من جانب بائعى الكتب وأصحاب المكتبات.. استباقًا لافتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب في يوبيله الذهبى المقرر يوم الأربعاء المقبل (23يناير الجارى)، وهو الإجراء الذى لجأ إليه باعة سور الأزبكية بعد اضطرارهم للانسحاب من المشاركة في المعرض هذا العام.

تعنت وزارة الثقافة ممثلة فى هيئة الكتاب ومعها اتحاد الناشرين وبحسب تعبير أصحاب مكتبات سور الأزبكية هو السبب في انسحابهم الجماعى من المشاركة فى المعرض هذا العام ولأول مرة، حيث أرجعوا هذا التعنت إلى الارتفاع الكبير فى أسعار إيجارات مساحات العرض وضيق المساحات المخصصة لهم وعلى النحو الذى لا يتيح لجميع العارضين المشاركة مثلما لا يتيح لهم تحقيق مكاسب من العائد المتوقع من بيع الكتب المعروضة مقارنة بأسعار الإيجارات.

< < <

ورغم تبرير الجهات المنظمة لهذا الإجراء بضيق مساحة المعرض الذى انتقل هذا العام من مقره السابق بشارع صلاح سالم بمدينة نصر إلي المقر الجديد بالتجمع الخامس، مما تسبب في ضيق المساحات المخصصة للمعرض سواء لدور النشر أو سور الأزبكية.. رغم هذا التبرير إلا أن باعة السور ومعهم كثير من الحق اعتبروا رفع أسعار الإيجارات وضيق المساحة المخصصة لهم تستهدف تقليل مشاركتهم خاصة مع تسريب أن ثمة توجهات تعتبر مشاركة سور الأزبكية علي النحو السابق تسهم في تشويه صورة المعرض الحضارية والثقافية بسبب ما يحدثه من ضوضاء وصخب وسلوكيات الباعة في النداء علي معروضاتهم من الكتب.

< < <

ورغم حرص منظمى المعرض علي إشراك بعض باعة سور الأزبكية.. لا يتجاوز عددهم ستة عارضين، فإن جموع الباعة المنسحبين البالغ عددهم أكثر من 130 عارضًا.. اعتبروا أن هذه القلة المشاركة لا تمثلهم بقدر ما تُعد مشاركتهم ـ ومعهم الحق ـ محاولة لتجميل صورة المعرض، في الوقت الذى يرى الكثيرون أنها محاولة للتغطية علي تغيب سور الأزبكية من خلال هذه المشاركة المظهرية والضعيفة.

< < <

المفارقة المثيرة في المشهد الثقافى هى أن يتواكب تغييب سور الأزبكية لأول مرة عن معرض الكتاب مع احتفاله باليوبيل الذهبى، والذى يُعد السور أحد أهم مظاهره وفعالياته الأكثر جذبًا لغالبية رواده سنويا لما تحتويه معروضاته من كتب تراثية وكتب قديمة لا تتوفر طبعات حديثة لها في دور النشر، فضلا عن انخفاض أسعارها القياسى الذى يزيد من الإقبال علي اقتنائها.

لقد تبدّت وتأكدت وبكل الوضوح القيمة والأهمية المضافة لمعرض الكتاب من سور الأزبكية مع ذلك الإقبال الجماهيرى في اليوم الأول من انطلاق المهرجان وهو الإقبال المرجح تزايده خلال الأيام المقبلة وطوال شهر كامل وحتى موعد ختامه خاصة مع بدء إجازات المدارس والجامعات، حيث يعد هذا المهرجان مرادفًا إن لم يكن بديلا أيسر بل أرخص من المعرض ذاته وحيث يظل سور الأزبكية مقصدًا للكثيرين خاصة من فئات الشباب والطلاب والأكاديميين والباحثين أيضًا.

< < <

ومن ثم فإن الإقبال علي مهرجان سور الأزبكية المقام هذا العام والمرجح تزايده مع ملاحظة موقعه وسط القاهرة سوف يكون خصمًا لا يستهان به من الإقبال علي معرض الكتاب والذى ستبدأ فعالياته بعد أكثر من أسبوع من انطلاق المهرجان، مع ملاحظة موقع المعرض البعيد خارج وسط القاهرة فى التجمع الخامس.

ولذا فإن منظمى مهرجان سور الأزبكية والذين كانوا يترقبون معرض الكتاب في مثل هذا التوقيت كل عام لتسويق مخزون الكتب لديهم.. نجحوا بإطلاقهم لمهرجانهم في الإفلات مما كان يحيق بهم من خسارة فادحة، بل إنهم بهذا المهرجان سوف يحققون مكاسب ربما بل غالبًا تفوق ما كان يتحقق بمشاركتهم في المعرض في السنوات السابقة خاصة أنهم تخففوا من تكلفة الإيجار والانتقال ونقل الكتب، وكأن لسان حالهم يقول رب ضارة نافعة وعلي النحو الذى قرروا معه عدم المشاركة في المعرض في السنوات المقبلة.

هذه النتيجة التى فطن إليها أصحاب مكتبات سور الأزبكية هذا العام تؤكد أنهم لم ولن يضاروا بانسحابهم من المشاركة فى المعرض، بينما سيكون المعرض هو المضار نتيجة لأداء المنظمين.

< < <

وفي نفس الوقت ومع غيبة سور الأزبكية عن هذا الحدث الثقافى السنوى الكبير، ومع البعد المكانى لمقر المعرض الجديد، ومع ضيق المساحات المخصصة للعارضين، فإنه يمكن المراهنة علي أن ضعف الإقبال وقلة الرواد سيكون هو الاحتمال الأرجح.

وفي هذا السياق فإنه مما يُعد مدعاة لتساؤل مهم وضرورى هو لماذا تم نقل المعرض من مقره المعتاد والدائم منذ عقود إلى ذلك المقر الجديد البعيد وبمنأى عن حركة النقل والمواصلات خاصة مع ضيق المساحة، وهو الأمر الذى يتعارض مع تيسير وصول الزائرين إليه، أو إتاحة مساحات مناسبة لدور النشر والعارضين ومن بينهم سور الأزبكية.

< < <

يبقى أنه بحسابات المكسب والخسارة.. ثقافيًا واقتصاديًا، فإن سور الأزبكية هو الرابح الأول والأكبر رغم غيابه عن المعرض، بينما بدا معرض الكتاب وفي مفارقة لافتة الخاسر الأكبر في احتفاله باليوبيل الذهبى، وفي نفس الوقت فإن جمهور معتادى زيارة المعرض سنويا والحائرين بين المهرجان والمعرض هم أكثر المضارين رغم أنهم المستهدفون من جانب وزارة الثقافة بهذا الحدث السنوى الكبير.

< < <

الأخطر وفي كل الأحوال.. أن الثقافة هى الخاسر الأكبر هذا العام.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE