الأموال
السبت 18 أكتوبر 2025 02:00 مـ 25 ربيع آخر 1447 هـ
الأموال رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي
غرفة الصناعات الغذائية تشارك في افتتاح مهرجان النباتات الطبية والعطرية ببني سويف وزيرا الاستثمار والتخطيط يبحثان مع مؤسسة التمويل الدولية التوسع في تمويل القطاع الخاص «إمداد» المصرية و«EMC» السعودية تطلقان شراكة صناعية مشتركة «أوكاسا للتطوير» تطلق مشروعين جديدين في العاصمة الإدارية والقاهرة الجديدة الدكتورة سحر نصر تؤدي اليمين الدستورية بعد تعيينها عضوًا بمجلس الشيوخ رجال أعمال الإسكندرية والسفير الأيرلندي يبحثان فرص التعاون الاقتصادي رقمنة المحتوى الأثرى المصرى وإتاحته عبر بوابة تراث مصر الرقمى ”باور وادي” تطلق أحدث إصدارات جهاز INSPECTOR خلال معرض ”إنرجي إيجيبت 2025” أحمد صبري: افتتاح المتحف المصري الكبير سيحدث نقلة عالمية في السياحة الثقافية أسامة ايوب يكتب: قراءة ما جرى في الكنيست وشرم الشيخ بعد اليمين الدستورية.. محمد ثابت يعلن أولوياته التشريعية المقبلة بيت الزكاة والصدقات يختتم الموسم الثالث لمبادرة «التدريب من أجل التوظيف» بالتعاون مع شركة بنوك مصر والمعهد المصرفي

كُتاب الأموال

أسامة ايوب يكتب: قراءة ما جرى في الكنيست وشرم الشيخ

أسامة ايوب
أسامة ايوب


"إنك لن تستطيع مواجهة كل العالم".. هذه العبارة التى قالها دونالد ترامب لرئيس حكومة الكيان اليهودى الصهيونى مجرم الحرب نتن ياهو، هى التفسير الحقيقى والوحيد لإسراع الرئيس الأمريكى إلى طرح خطته لوقف الحرب على غزة وإطلاق سراح الإسرائيليين لدى حركة المقاومة حماس.
لقد أراد ترامب إنقاذ إسرائيل ذاتها قبل نتن ياهو من حالة العزلة الدولية حيث صارت دولة منبوذة بعد أن كشفت حرب الإبادة والتجويع الوحشية أمام شعوب العالم بما فيها الشعوب الأوروبية همجية ذلك الكيان الصهيونى وعلى النحو الذى بدد أكاذيب كل الروايات الإسرائيلية التى ظلت آلة الإعلام الصهيونى تبثها للعالم طوال العقود السابقة.
وفى نفس الوقت فقد أراد ترامب بخطته لوقف الحرب على غزة والتى دعمها وشارك فيها والتى أسماها مبادرة للسلام فى الشرق الأوسط أن يقفز على اعترافات غالبية دول العالم وفى مقدمتها حلفاؤه الأوروبيون.. بريطانيا وفرنسا وإسبانيا بدولة فلسطين حتى يقلل من أثرها من خلال طرح مبادرته لتجميل وجه أمريكا وإدارته أمام شعوب العالم.
...
إن مشاهد حرب الإبادة والتجويع والحصار والقتل التى شاهدها العالم على الهواء مباشرة والتى راح ضحيتها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والذين فقدوا أطرافهم وغالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن من الشعب الفلسطينى الأعزل.. هى التى فجرت غضب الشعوب والتظاهرات المليونية الحاشدة فى العواصم والمدن الأوروبية بوجه خاص، وهو أمر له دلالته باعتبار أن هذا التحول الأوروبى من التعاطف مع الخداع والأكاذيب الإسرائيلية هو الذي أكد أن إسرائيل صارت دولة منبوذة.
ولقد كانت المظاهرات الأوروبية وفى دول أخرى التى ظلت طوال الليل حتى الصباح تنديدًا باعتراض البحرية الإسرائيلية لقوارب أسطول الصمود لكسر حصار غزة وباعتقال الناشطين على متنها دليلا آخر على همجية ووحشية حكومة مجرم الحرب نتن ياهو أمام العالم كله.
لقد امتد الغضب الأوروبى الشعبى ضد دولة الكيان ومجرم الحرب نتن ياهو حتى إلى كرة القدم حين خرجت المظاهرات الشعبية فى إيطاليا ضد استضافة فريق كرة القدم الإسرائيلى فى مباراة مع المنتخب الإيطالى فى تصفيات كأس العالم.
...
أما المشهد الفارق الذى أكد عزلة إسرائيل وهو مشهد بالغ الإهانة والإذلال فكان عندما انسحبت وفود الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة أثناء إلقاء نتن ياهو لخطابه فى اجتماعات الجمعية العامة وحيث بدا يخاطب المقاعد الخالية وحيث كانت كل تلك المشاهد أبلغ رد سياسى عالمى من شعوب العالم وحكوماتها التى تماهت مع غضب شعوبها على جرائم الإبادة والإعلان عن الاعتراف بدولة فلسطين وفقًا للقرارات الأممية ومرجعيات الشرعية الدولية.
....
ومع كل تلك المشاهد كان لصمود الشعب الفلسطينى.. أطفاله ونسائه وشيوخه، وتمسكه الصلب بالبقاء فى أرضه رغم افتقادها لكل مقومات الحياة الإنسانية أثره البالغ الذى تبدى فى احترام شعوب العالم بقدر ما تبدى أيضًا فى التعاطف الكبير مع مظلومية الشعب الفلسطينى الرازح تحت جرائم الاحتلال اليهودى الصهيونى طوال ثمانية عقود والتى بلغت ذروتها فى حرب الإبادة والتطهير العرقى والتجويع على غزة طوال العامين الماضيين.
لكل تلك الأسباب جاء ترامب بمبادرته لإيقاف الحرب ليس تعاطفًا مع الشعب الفلسطينى وليس انحيازًا للحق والعدالة والإنصاف والشرعية الدولية وإنما لإنقاذ إسرائيل من العزلة الدولية وكذلك إنقاذ نتن ياهو من الفشل والهزيمة بعد أن عجز طوال 24 شهرًا من الحرب على غزة فى تحقيق أهداف هذه الحرب بالقضاء على حماس وإطلاق سراح الرهائن بالقوة العسكرية.
وفى نفس الوقت فقد استهدف ترامب بمبادرته وبالاتفاق الذي جرى توقيعه يوم الاثنين الماضى فى قمة شرم الشيخ التعمية والتغطية على جرائم الإبادة التى ارتكبها نتن ياهو فى غزة ريثما يتلاشى أو يتراجع تأثيرها، ثم إنه استهدف أن تكون موافقة نتن ياهو على إنهاء الحرب بمثابة حفظ لماء وجهه وكأنها جاءت انصياعا لترامب ونزولًا على رغبته بحسب مبادرته!
...
إن السؤال المنطقى والمشروع هو لماذا تأخر ترامب فى طرح خطته أو مبادرته للسلام ووقف الحرب فى غزة طوال تسعة أشهر منذ وصوله إلى البيت الأبيض، ثم لماذا وافق نتن ياهو على إنهاء الحرب مقابل إطلاق سراح الرهائن بينما ظل يرفض كل المقترحات السابقة من جانب الوسطاء والولايات المتحدة ذاتها بل يعرقل المفاوضات ويتهرب من استكمالها لمواصلة الحرب.
الإجابة على السؤالين فى السطور السابقة، وحيث بدا واضحا أن الهدف الحقيقي والأول هو إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.. الأحياء والأموات بعد أن فشل نتن ياهو فى تحريرهم بالقوة المسلحة وأن ذلك لن يتحقق إلا بالمفاوضات حسبما أكدت حماس مرارًا وتكرارًا وكذلك بعد تصاعد الاحتجاجات والمظاهرات المتواصلة، في الشارع الإسرائيلى ومن جانب أهالى الأسرى ضد نتن ياهو واتهامه بالتضحية بحياة الأسرى مقابل مصلحته الشخصية والبقاء فى السلطة والهروب من المحاكمة والسجن، ولذا فقد كان لافتا أن ترامب فى خطابه أمام الكنيست وقبله تركيزه فى مبادرته على إطلاق سراح الأسرى دون أى إشارة ولو بكلمة واحد إلى مأساة الشعب الفلسطينى جراء العدوان والإبادة والتجويع، وحيث بدت مبادرته للسلام ووقف الحرب على غزة فارغة من مضمونها المفترض والمنصف والعادل بقدر ما بدت انحيازًا مطلقًا معتادًا لإسرائيل!
أما المسخرة السياسية التى تبدت فى تدشين مبادرته لوقف الحرب والتى بدأت فى الكنيست الإسرائيلى فإنه لا وصف حقيقيًا لها سوى أنها كانت مهرجانًا للنفاق والكذب والتضليل من جانب نتن ياهو الذى بالغ فى إطراء الرئيس الأمريكى الذى يعجبه الإطراء بحسب شخصيته المتسمة بجنون العظمة والزهو وكذلك من جانب أعضاء الكنيست الذين أطالوا التصفيق له، أما خطاب ترامب فقد كان استعراضيًا بأكثر منه خطابًا سياسيًا على خلفية مبادرته لوقف الحرب، وحيث حرص على تأكيد إطلاق سراح الأسرى وتباكى على معاناتهم فى الأنفاق الضيقة طوال عامين وعلى أحزان ذويهم.. متغافلًا أحزان الشعب الفلسطينى ومعاناته المأساوية طوال عامين من القتل والتجويع والإبادة التى راح ضحيتها أكثر من مائتى ألف من الشهداء والجرحى والمصابين ومتغافلًا أيضًا عن تدمير غزة بالكامل والتى يحتاج إعادة إعمارها إلى سنوات، ثم إنه فى نفس الخطاب لم يفته الثناء على مجرم الحرب نتن ياهو وإلى درجة مطالبة رئيس الدولة بإصدار عفو رئاسى عنه حتى يتجنب المحاكمة والسجن لإدانته بالرشوة والفساد، متغافلًا أيضًا عن أنه مطلوب للعدالة كمجرم حرب بحسب حكم المحكمة الجنائية الدولية.
...
أما قمة شرم الشيخ التى تأخر ترامب عن موعدها ثلاث ساعات بعد أن أطال حديثه فى الكنيست وبعد أن استمع إلى خطاب النفاق من نتن ياهو فى استهانة مخالفة للأصول وقواعد البروتوكول بقادة الدول التى دعاهم لحضور القمة وتوقيع اتفاق وقف الحرب، فقد حولها إلى مهرجان لاستعراض قوته وأنه الرئيس الوحيد القادر على إيقاف الحروب وإحلال السلام فى الشرق الأوسط والعالم.
بخطابه الممل وبعباراته المكررة ومفرداته اللغوية الفقيرة مثل "أشخاص رائعون" و"عمل رائع".. وقف ترامب وخلفه عدد من القادة بينما جلس آخرون إما لأنهم لا يستطيعون الوقوف طويلًا وإما لرفضهم الوقوف خلفه.. وقف يتحدث عن بطولاته الخارقة فى وقف الحروب فى سبع مناطق فى العالم وأن حرب غزة هى الثامنة! بل إنه لم يفته أن يستعرض إنجازاته الخارقة فى الداخل الأمريكى والتى لم يأت بها رئيس قبله!
إن مجمل ما جرى فى شرم الشيخ هو أن ترامب استهدف تأكيد وتكريس أنه الرئيس الأمريكى الذى يحكم العالم بعد أن أوقف القادة خلفه وظل يداعب بعضهم وينادى على بعضهم بكلمات غير لائقة بروتوكوليًا فى مثل هذه المناسبة وهذا المحفل الدولى، وحيث بدا أن ذلك هو الهدف الخفى والحقيقى الآخر من مبادرته ودعوته لقادة دول العالم ومنهم قادة أوروبيون للحضور إلى شرم الشيخ وليكونوا شهودًا على التوقيع على اتفاق وقف الحرب فى غزة الذى نجح وحده فى التوصل إليه!
...
خلاصة القول فى مبادرة ترامب للسلام المزعوم وبعد كل ما جرى فى الكنيست وفى شرم الشيخ أنه لا جديد بشأن القضية الفلسطينية ولا الدولة الفلسطينية إذ لم يشر ترامب بكلمة واحدة إليها ولا عن تكرار رفضه لضم الضفة الغربية رغم حرص نتن ياهو الحديث أمامه فى الكنيست عن يهودا وسامرا بينما لم يعقب ترامب.
...
خلاصة القول أيضًا إن خطة ترامب أو مبادرته تستهدف عزل غزة عن هويتها الفلسطينية وعن الضفة حتى بعد إعادة إعمارها وحتى بعد الانسحاب الإسرائيلى الكامل هذا إن تحقق هذا الانسحاب، أى أن الخطة تستهدف إخضاع غزة للوصاية أو الانتداب الأمريكى بديلًا عن الاحتلال الاسرائيلى!!
وتلك هى قراءة ما جرى حتى كتابة هذه السطور مساء الثلاثاء الماضى.