خبير صناعي: مصر بحاجة إلى أفران عالية التقنية لتصنيع خامات الحديد من المصدر
وشراكة ثلاثية لتوطين صناعة الصلب
أكد المهندس محمد عبد القوي، رئيس مجلس إدارة شركة TCS ميتلز وعضو غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصرية، أهمية التوسع في صناعات الحديد من خاماته الأولية، مشددًا على أن هذه الخطوة تمثل ركيزة أساسية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الضغط على العملة الأجنبية، في ظل اعتماد أغلب المصانع المحلية على استيراد خام "البيلت" المستخدم في صناعة الحديد.
وقال عبد القوي، خلال لقائه ببرنامج "أوراق اقتصادية" على قناة النيل للأخبار، إن مصر بحاجة إلى إنشاء فرن أو اثنين عاليي التقنية لتصنيع خام الحديد من مكوناته الأولية، لافتًا إلى أن تلك التكنولوجيا الحديثة تتيح إنتاج الصلب الموصّف الذي تعتمد عليه الصناعات الهندسية الدقيقة، والذي لا تنتجه المصانع المصرية حاليًا بسبب محدودية التكنولوجيا المستخدمة.
وأضاف أن الشراكة الثلاثية بين الدولة والقطاع الخاص والاستثمار الأجنبي تمثل الطريق الأمثل لتأسيس صناعات صلب عالية التقنية، بحيث تسهم الدولة في تقديم الحوافز المالية والضريبية والجمركية وتوفير البنية التحتية، بينما يتولى القطاع الخاص الإدارة الفنية والخبرة التشغيلية، ويشارك المستثمر الأجنبي في نقل وتوطين التكنولوجيا الحديثة، خاصة في مجالات الأفران العالية المستخدمة في تحليل خامات الحديد والكربون والمنجنيز وفتح أسواق تصديرية جديدة.
وأشار إلى أن مصر تمتلك مزايا جغرافية ولوجستية كبيرة تؤهلها لأن تكون مركزًا إقليميًا لصناعة الحديد من خاماته الأولية، داعيًا إلى استغلال مبادرات تمويل الصناعة لجذب استثمارات ضخمة في هذا المجال، على أن تعتمد الأفران الجديدة على أنظمة متطورة لتقليل استهلاك الطاقة والانبعاثات الكربونية بما يتماشى مع توجهات الاستدامة البيئية.
وأوضح عبد القوي أن أهمية صناعة البيلت من الخامات الأولية ترجع إلى كونها حجر الأساس لإنتاج الصلب الموصّف، وهو النوع المطلوب في الصناعات الهندسية المتقدمة، مشيرًا إلى أن إنتاج هذا الصلب لا يمكن تحقيقه إلا من خلال أفران تحليل الخامات المعدنية الأولية التي تتيح التحكم في نسب العناصر المعدنية المضافة.
كما دعا عبد القوي إلى إطلاق حوافز جديدة للمستثمرين الأجانب في هذا المجال، مؤكدًا أن الأسواق العالمية تشهد توجهًا من كبرى الشركات لنقل مصانعها إلى الدول التي تقدم حوافز استثمارية قوية، مثلما فعلت الصين التي نجحت في جذب استثمارات أمريكية وألمانية بفضل سياساتها المرنة في هذا الشأن.
وفي سياق متصل، أشاد خبير صناعة الحديد بخطوات الدولة في تحديث صناعة الصلب، مشيرًا إلى أن مصر كانت تستورد نحو 40% من احتياجاتها من خام البيلت قبل عام 2021، إلا أن الإجراءات الحكومية – من فرض رسوم إغراق على الواردات إلى تطوير خطوط الإنتاج المحلية – ساهمت في رفع نسبة الاكتفاء الذاتي إلى نحو 90%، بفضل الاعتماد على أفران التحليل الكهربائي والحث المغناطيسي التي تعمل على إعادة تدوير الخردة واستخلاص البيلت منها.
ورحب عبد القوي بقرار وزير الصناعة الفريق كامل الوزير بشأن إعادة تشغيل مصنع الحديد والصلب بالتبين، مؤكدًا أن إنشاء خط إنتاج جديد لمكعبات البيلت عبر إعادة تدوير الخردة يمثل خطوة مهمة، لكنه شدد على ضرورة تحديث الأفران القديمة بالمصنع، كونها تستهلك كميات كبيرة من الطاقة وتنتج بكفاءة منخفضة، داعيًا إلى تبني تكنولوجيات الأفران الحديثة لضمان إنتاج اقتصادي ومنافس.
