رواية ”مرايا في بلاط العميان” ترصد المجتمع المصري في عصر المماليك وتؤصل الهوية الوطنية

شهدت ساقية عبد المنعم الصاوي بالزمالك، ندوة وحفل توقيع رواية "مرايا في بلاط العميان" للكاتب الدكتور محمد عثمان الإمام، بحضور نخبة من الشخصيات الثقافية والأكاديمية، على رأسهم الدكتور محمد عبد المنعم الصاوي، رئيس الساقية ووزير الثقافة الأسبق، والدكتورة إيمان نور الدين، أستاذ الاقتصاد بجامعة قناة السويس، والناشر محمود مدبولي، إلى جانب عدد من المثقفين ونجوم المجتمع.
وفي كلمته، أشاد الدكتور الصاوي بالطرح الأدبي العميق الذي قدمه المؤلف، مؤكدًا أن الرواية تغوص في أعماق الحياة المصرية خلال حقبة المماليك، وتقدم تفاصيل دقيقة عن مختلف طبقات المجتمع في ذلك الوقت، متجاوزة الصورة النمطية التي تقدمها الأعمال التقليدية. وأوضح أن السرد الروائي جاء ثريًا بالأوصاف التي تضع القارئ في قلب المشهد، مشيرًا إلى قدرة الكاتب على استحضار المعاني والتفاصيل بعين فاحصة وموهبة أدبية نادرة.
من جانبها، اعتبرت الدكتورة إيمان نور الدين أن الرواية تمثل تجربة إبداعية فريدة، تربط بين عبق التاريخ وأسئلة الواقع المعاصر، مشيدة بطريقة الكاتب في تسليط الضوء على نهاية عصر المماليك وبداية الحكم العثماني، من خلال تحليل عميق لطغيان النخب الحاكمة وانعكاسه على مصير الدولة.
من جهته، أوضح الدكتور محمد عثمان الإمام أن الرواية تمثل الجزء الأول من ثلاثية تاريخية جارٍ العمل على إصدارها بالتعاون مع دار مدبولي للنشر، وتهدف إلى توثيق الملامح الاجتماعية والسياسية في مصر أواخر فترة حكم المماليك. وأضاف أن هدفه الأساسي من العمل هو ترسيخ الهوية المصرية التي تشكل نسيجًا وطنيًا موحدًا، مؤكدًا أن التماسك المجتمعي هو السد المنيع في وجه محاولات التفكيك والطائفية.
وأشار الإمام إلى أن الرواية تسلط الضوء على أطياف متنوعة من المجتمع، من المماليك إلى عامة الناس، مرورًا بالخدم والمشعوذين، كما تتناول حياة اليهود والمجوس والمجاذيب وطقوسهم اليومية، دون الإخلال بالوقائع التاريخية، بهدف نقل القارئ إلى عمق الحياة المصرية في تلك الحقبة، معتمدًا على السرد القصصي الواقعي لاستخلاص دروس الحاضر من صفحات الماضي.
كما كشف أن عشقه للكتابة يعود إلى نشأته في بيت محب للثقافة، حيث كان والده مولعًا بالأدب الروسي، ما دفعه للانفتاح على عوالم دستويفسكي وتولستوي، ومن ثم المزج بين التأثيرات العالمية والمحلية، وصولًا إلى أسلوب أدبي يستهدف العالمية عبر بوابة الخصوصية المصرية، مستلهمًا من تراث نجيب محفوظ وجمال الغيطاني وغيرهم من الرواد.
وفي ختام اللقاء، أكد الدكتور محمد عثمان أن مشروعه الأدبي لا ينفصل عن شغفه بالتاريخ والحضارة، رغم ابتعاده المهني عن هذا المجال، معتبرًا أن الكتابة بالنسبة له "عالم موازٍ" يطمح من خلاله إلى غرس قيم الانتماء والهوية في وعي الأجيال القادمة.