الرقابة المالية تطلق أول معايير مصرية لتقييم الأصول غير الملموسة

في خطوة هي الأولى من نوعها في مصر، أصدر مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، برئاسة الدكتور محمد فريد، القرار رقم 136 لسنة 2025 بشأن اعتماد المعايير المصرية لتقييم الأصول غير الملموسة، وذلك ضمن إطار تطوير بيئة الأعمال وتعزيز الشفافية في السوق المالي غير المصرفي.
إطار علمي لتحديد القيم العادلة
تهدف المعايير الجديدة إلى تحديد القيمة العادلة للأصول غير الملموسة بناء على منهجيات علمية ومبادئ مهنية، لتصبح مرجعية معتمدة تمكن المقيمين والمستثمرين من الوصول إلى تقييمات دقيقة وموضوعية، وذلك تعزيزا للثقة في الشركات وتعبيرا عن القيمة الحقيقية لأصولها.
دعم التوجه الوطني نحو اقتصاد المعرفة
يتماشى هذا القرار مع الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية التي أطلقتها الحكومة المصرية، وبالتحديد مع الهدف الثالث منها والمتعلق بتفعيل المردود الاقتصادي لأصول الملكية الفكرية.
كما يعد هذا التطور امتداد لجهود الدولة نحو بناء اقتصاد قائم على المعرفة، حيث تلعب الأصول غير الملموسة، مثل البرمجيات والعلامات التجارية وبراءات الاختراع، دور متزايد في تشكيل القيمة السوقية للمؤسسات.
ما هي الأصول غير الملموسة؟
تشمل الأصول غير الملموسة جميع الأصول غير النقدية التي لا تتمتع بخصائص مادية ولكنها تمنح مالكها حقوقا ومنافع اقتصادية، مثل حقوق النشر، برمجيات الكمبيوتر، العلامات التجارية، براءات الاختراع، بيانات العملاء، تراخيص التشغيل، واتفاقيات عدم المنافسة.
وتتميز هذه الأصول بخصائص اقتصادية فريدة مثل الملكية، والموقع السوقي، والحماية القانونية، والسمعة المؤسسية.
أدوات تقييم متقدمة ومرنة
اعتمدت المعايير ثلاث منهجيات رئيسية لتقييم الأصول غير الملموسة، وهي منهج الدخل، الذي يعتمد على حساب القيمة الحالية للمنافع الاقتصادية المتوقعة للأصل، ومنهج السوق الذي يقدر قيمة الأصل بناء على معاملات مماثلة تمت في السوق، ومنهج التكلفة الذي يقدر قيمة الأصل وفقا لتكلفة إنشاء أو استبدال أصل مشابه.
وتتناول المعايير اعتبارات هامة مثل عمر الأصل الاقتصادي، ومعدل العائد المناسب، وإمكانية الفصل أو النقل أو التنازل عن الأصل، بما يضمن اعتراف دقيق به في التقارير المالية.
تسهيل التمويل وتعزيز فرص الاستثمار
ويشكل وجود معايير واضحة لتقييم الأصول غير الملموسة عنصر مهم في دعم قدرة الشركات، وبخاصة الشركات الناشئة، على الوصول إلى مصادر تمويل جديدة.
حيث تعتمد الكثير من تلك الشركات على أصول مثل البرمجيات والتطبيقات التي كان من الصعب تقدير قيمتها سابقا بشكل دقيق.
وتوفر المعايير الجديدة أساسا مهنيا لتقييم هذه الأصول، مما يفتح الباب أمام استثمارات أكبر وزيادة ثقة المستثمرين المحليين والدوليين.
دعم عمليات الاندماج والاستحواذ
تعتبر المعايير الجديدة أداة رئيسية في عمليات تقييم الشركات عند إجراء صفقات اندماج أو استحواذ أو إعادة هيكلة، حيث توفر معلومات دقيقة تساعد المستثمرين على اتخاذ قرارات مستنيرة مبنية على بيانات واضحة وشفافة حول قيمة الأصول غير الملموسة، وهو ما ينعكس على تحسين مناخ الأعمال في السوق المصري.
الشفافية والعدالة في السوق
من خلال توفير معلومات قابلة للمقارنة والتحقق، تساهم هذه المعايير في رفع جودة التقارير المالية وتعزيز مستويات الشفافية، ما يعزز مصداقية السوق ويمكن من تخصيص الموارد بكفاءة أعلى، ويحقق العدالة في تقييم الشركات.
برامج تدريبية لرفع كفاءة المقيمين
أعلنت الهيئة أنها ستدعم تطبيق هذه المعايير عبر برامج تدريبية وتوعوية تستهدف رفع كفاءة المهنيين العاملين في مجال التقييم المالي، لضمان الالتزام بالمعايير الدولية وتطبيقها بشكل دقيق في كافة التقييمات التي تخضع لإشراف الهيئة، وخاصة في القطاعات ذات الصلة بريادة الأعمال والتكنولوجيا المالية.
خطوة تنظيمية تدعم الابتكار وريادة الأعمال
يمثل إصدار هذه المعايير جزء من حزمة إصلاحات وتشريعات نفذتها الهيئة لدعم بيئة الابتكار وريادة الأعمال، حيث كانت الهيئة قد سبقت هذه الخطوة بإصدار معايير خاصة لتقييم الشركات الناشئة، بما يسمح بتقدير عادل لقيمتها حتى في مراحلها الأولى التي تسبق تحقيق الإيرادات.
تمكين الشركات من النمو والتوسع
من خلال هذه الخطوة التنظيمية الجديدة، تسعى الهيئة إلى تمكين الشركات الناشئة والتكنولوجية من تعزيز مكانتها في السوق، والحصول على التمويل اللازم لتوسيع أعمالها، خاصة في ظل النمو الكبير الذي يشهده قطاع الابتكار وريادة الأعمال في مصر والمنطقة