في جنازة أشبه بعرض مسرحي.. الآلاف يشيّعون زياد الرحباني بالزغاريد والأغاني

تحولت جنازة الفنان اللبناني الراحل زياد الرحباني إلى احتفال حزين في شوارع بيروت، حيث احتشد الآلاف في مشهد مهيب امتزج فيه الحزن بالأغاني، والدموع بالتصفيق، لتودّع المدينة واحدًا من رموزها الثقافية والإنسانية على طريقتها الخاصة.
من الحمراء إلى كنيسة السيدة
منذ الصباح، توافد محبو زياد إلى أمام مستشفى بخعازي خوري في الحمرا، حاملين صوره ولافتات تعبّر عن امتنانهم، مردّدين مقاطع من أغنياته وأشعار والدته فيروز، في وداع خارج عن المألوف، تمامًا كحياته وأعماله.
من أبرز المشاهد، لافتة كُتبت بجوار الجثمان تقول:"هيدي بس تحية.. وكأن البلد لا يتّسع لاثنين معًا – رفاق المناضل جورج عبد الله" رسالة رمزية تعكس انحياز زياد الدائم للقضايا الثورية والحرية، وتُذكّر بموقفه الذي لم يكن يومًا منفصلًا عن معاناة الناس.
رحل زياد الرحباني عن عمر ناهز 69 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا ضخمًا جمع بين الموسيقى الساخرة والمسرح السياسي.
منذ ظهوره في سبعينيات القرن الماضي، شكّل حالة خاصة في الفن الملتزم، ومثّل صوتًا جريئًا ضد الحرب والطائفية والاستبداد.
مزج زياد بين الجاز والمقامات الشرقية، وابتكر أسلوبًا موسيقيًا فريدًا عبّر من خلاله عن البؤس والتمرد والحب والفوضى. كتب وغنّى للحب حينًا، وللسخرية من الواقع حينًا آخر، ولم يتردّد في المواجهة.
أعمال مثل "بالنسبة لبكرا شو؟" و"فيلم أميركي طويل" لم تكن مجرد عروض فنية، بل كانت مرآة لواقع عربي متصدع، حيث قدّم زياد نقدًا ساخرًا لواقع اجتماعي وسياسي معقّد، جعله هدفًا للرقابة لكنه ظل وفيًا لقناعاته.
لم يكن زياد مجرد فنان، بل صوت مهمّشين، وضمير وطن تعب.
وتبنّى التوجّه اليساري، وانتصر في أعماله لمن لا صوت لهم، وجعل من الفن سلاحًا فكريًا في مواجهة القمع والطائفية.