اشرف غراب : مبادلات الديون آلية مصرية ذكية لتحويل الأعباء لفرص استثمارية

قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي ونائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بجامعة الدول العربية، إن توجه الدولة نحو تفعيل اتفاقيات مبادلة الديون باستثمارات مع عدد من الشركاء الدوليين، وعلى رأسهم الصين وألمانيا، يُعد خطوة عملية لتحويل جزء من الالتزامات الخارجية إلى مشروعات تنموية تُنفذ داخل مصر بالعملة المحلية، مما يسهم في تنشيط الاستثمار وزيادة النمو الاقتصادي.
وأشار غراب إلى أن الاتفاق الذي تم توقيعه مؤخرًا بين مصر والصين خلال زيارة رئيس الوزراء الصيني، يمثل بداية المرحلة الأولى لمبادرة تبادل الديون بين البلدين، كما أن حجم الديون الألمانية التي جرى تحويلها إلى مشروعات تنموية تجاوز 340 مليون يورو، وهو ما يعكس اتساع نطاق هذا التوجه.
وأوضح أن هذه النوعية من المبادرات ليست جديدة على الساحة العالمية، بل لجأت إليها دول عديدة من أجل تخفيض ديونها الخارجية دون التأثير على استقرارها الاقتصادي. وتعتمد الفكرة على تخلي الدولة الدائنة عن جزء من مستحقاتها مقابل تنفيذ استثمارات مباشرة في الدولة المدينة، مما يقلل من حجم الدين العام، ويحسن من نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي، فضلًا عن مساهمته في جذب رؤوس أموال جديدة.
وأضاف غراب أن مردود هذه المبادرات لا يقتصر على تخفيف الأعباء المالية، بل يمتد إلى خلق فرص عمل، وتعزيز الطاقة الإنتاجية، وتقليل الاعتماد على العملة الأجنبية في تنفيذ المشروعات، الأمر الذي يساعد على تقليص الفجوة في النقد الأجنبي، وتوفير مزيد من العملات الصعبة للأسواق المحلية.
كما أكد أن الحفاظ على رصيد جيد من الاحتياطي النقدي الأجنبي هو أحد المكاسب المباشرة لهذا التوجه، بما يساهم في استقرار سوق الصرف، ويقلل الضغط على الجنيه المصري. وأشار إلى أن المبادلات تفتح مصادر تمويل جديدة دون الحاجة إلى اقتراض مباشر، خاصة في ظل وجود منظومة حوافز قوية تدعم مناخ الاستثمار في مصر.
ونوّه غراب إلى أن مصر تمضي قدمًا في توسيع هذا الإطار مع شركائها الدوليين، خاصة الصين التي تُعد أكبر شريك تجاري لمصر خلال السنوات الأخيرة، بإجمالي تبادل تجاري بلغ نحو 17 مليار دولار في عام واحد، وكذلك ألمانيا التي تجاوز حجم تبادلها التجاري مع مصر 7 مليارات يورو.
كما أشار إلى اتفاقية مبادلة العملات التي وقعها البنك المركزي المصري مع نظيره الصيني في ديسمبر 2016، بقيمة تعادل 2.62 مليار دولار لمدة ثلاث سنوات، إضافة إلى إصدار مصر لسندات "الباندا" بقيمة 3.5 مليار يوان (نحو 500 مليون دولار) داخل السوق الصيني، لتصبح مصر أول دولة من الشرق الأوسط وأفريقيا تدخل هذه السوق المالية.
واختتم غراب حديثه بالتأكيد على أن مبادرات مبادلة الديون تمثل أداة مالية مرنة وفعالة تتيح للدولة تحويل التزاماتها إلى فرص تنموية، مع تعزيز قدرتها على استقطاب استثمارات أجنبية مباشرة، وتحقيق معدلات نمو مستقرة ومستدامة.