الأموال
الجمعة، 19 أبريل 2024 01:10 صـ
  • hdb
9 شوال 1445
19 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب : بعد حصوله على ثقة البرلمان.. ميقاتى يبدأ مهمته الانتحارية

الكاتب الصحفي أسامة أيوب
الكاتب الصحفي أسامة أيوب

بحصول حكومة نجيب ميقاتى الجديدة في لبنان على ثقة البرلمان يوم الاثنين الماضى بأغلبية ٨٥ صوتا مقابل معارضة ١٥ صوتا، وهى الأغلبية المريحة والمتوقعة، فإن مجلس النواب يكون قد منح الحكومة الضوء الأخضر لتنفيذ برنامجها السياسى الذى عرضه ميقاتى على المجلس في جلسة منح الثقة.

كان لافتا أن جلسة مجلس النواب التى بدا أنها انعقدت على عجلٍ في أجواء من التوتر قد تأجلت لنحو ٤٠ دقيقة بسبب انقطاع التيار الكهربائى عن قاعة البرلمان مما دعا نبيه برى رئيس المجلس إلى مطالبة نجيب ميقاتى باختصار كلمته تحسبًا لعودة انقطاع الكهرباء مرة أخرى.
المفارقة التى تبدت في انقطاع الكهرباء بينما يبدأ رئيس الحكومة الجديدة فى عرض برنامجه السياسى على البرلمان تبدت بوضوح فى أن أزمة الكهرباء التى يعانيها اللبنانيون هى إحدى التحديات الكبيرة أمام ميقاتى.
ورغم ذلك فقد طالت مدة انعقاد الجلسة إلى أكثر من سبع ساعات استغرقتها كلمات النواب التي تضمنت نصائح للحكومة الجديدة بشأن المهام المطلوب من ميقاتي إنجازها في أقرب وقت وفي نفس الوقت، فقد تضمنت أحاديث النواب انتقادات للحكومات السابقة وسياساتها التى أسهمت فى تفاقم وتراكم أزمات لبنان الاقتصادية والمالية.
< ‫<‬ ‫<‬
أما نجيب ميقاتى فقد حرص من جانبه على أن يركّز في برنامجه السياسى على ثلاث نقاط أساسية في مقدمتها تحسين الأوضاع المعيشية المتردية التى يعانيها غالبية اللبنانيين، وتليها أزمة الكهرباء والوقود والمحروقات التى انعكست بتأثيرها السلبى على كل المرافق والخدمات الضرورية وأرهقت الشعب وعطلت حركة الحياة في لبنان.
تركيز ميقاتى على حل تلك الأزمات المعيشية منذ اليوم الأول لعمل حكومته بدا خطابا موجها للشعب اللبنانى الذى ينتظر انفراجة على يدى الحكومة الجديدة التى أوضح رئيسها أنها ستعمل بروح الفريق الواحد دون مساجلات أو تجاذبات أو صدامات.
وفي نفس الوقت فإنه لم يفت ميقاتى التعهد بالسعى الجاد إلى إحياء التفاوض مع صندوق النقد الدولى والتوجه نحو المانحين الآخرين للحصول على الدعم اللازم والضرورى لمساعدة الحكومة في تحقيق الإصلاحات المطلوبة لإخراج لبنان من أزماته وإنقاذه من الانهيار.
< ‫<‬ ‫<‬
من المعلوم أن حصول لبنان على دعم الصندوق والمانحين الآخرين مرهون بنجاح حكومة ميقاتى فى تحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية بما فيها التصدى للفساد المستشرى، باعتبار أن هذه الإصلاحات تعد شرطًا أساسيا لتقديم أى دعم مالي للبنان وحكومته الجديدة.
<‫<<‬
وفى هذا السياق جاء تأكيد ميقاتى على ضرورة تعزيز علاقات لبنان مع الدول العربية والأوروبية، مع ملاحظة أنه سبق له فور الإعلان عن تشكيل حكومته الأسبوع قبل الماضي الأوضاع صراحة عن رغبة لبنان وبالأحرى رغبته في العودة إلى ما وصفه بالحضن العربي، وهو الأمر الذى بدا مطلبا ضمنيا من دول الخليج العربية لتقديم الدعم المالي لإنقاذ لبنان خاصة بعد أن بدا واضحا امتناع السعودية والكويت والإمارات عن تقديم أى دعم مالى للبنان في الوقت الراهن في ظل النفوذ الإيرانى المتزايد من خلال حزب الله.
< ‫<<‬
ولعل ذلك مادفع نجيب ميقاتى إلى أن يبدأ مهام حكومته بالمواجهة مع إيران وإعلان رفضه لتدخلها فى الشأن اللبنانى والذى تزايدت حدته مع تدفق شحنات البترول التي تحملها السفن الإيرانية إلي سوريا لإدخالها إلى لبنان فى شاحنات تحملها إلي مناطق بعينها بعد أن يتسلمها حزب الله ويقوم بتوزيعها على المناطق حسبما يريد، وحتى يبدو أنه هو الذى يحل مشكلة نقص الوقود وليس الحكومة.
تدفق البترول الإيرانى إلى لبنان حتى لو بطريق غير مباشر والذى يمثل انتهاكا للسيادة اللبنانية ويعرّض لبنان للعقوبات الدولية على خلفية العقوبات المفروضة على إيران، فإنه يُمثل أيضًا وفى نفس الوقت محاولة من جانب حزب الله لفرض الأمر الواقع باعتبار أن هذا البترول الإيرانى الممنوح لحزب الله هو الذى يخفِّف معاناة اللبنانيين.
ولذا فإن الأمر يبدو مثيرًا للحيرة، إذ إنه من غير الممكن رفض تدفق البترول الإيرانى يسهم نسبيا في التخفيف من حدة الأزمة، وفى نفس الوقت من غير الممكن أيضا الترحيب بهذا البترول الذى يدخل لبنان دون إذن من الدولة وبمعزل عن أى جهة رسمية تشرف على دخوله وتوزيعه، بينما يتولى حزب الله منفردا مهمة توزيعه علي مناطق فى لبنان، مع ملاحظة أن شحنات البترول الإيرانى لم تفلح فى حل الأزمة فى ظل سلوكيات التهريب والاحتكار والتخزين وحيث لاتزال أسعار المحروقات مرتفعة وفى غير قُدرة اللبنانيين.
< ‫<‬ ‫<‬
وإذا كان الانطباع العام السائد فى لبنان هو أن حزب الله دولة أو دويلة داخل الدولة وتسيطر على الدولة ذاتها حتي باتت أقوى من الدولة، فإن ذلك يعنى أن حكومة ميقاتى التى تواجه تحديات ومشكلات بالغة الصعوبة تحتاج إلى ما يشبه المعجزة لحلها، تواجه فى نفس الوقت مشكلة أخرى بالغة الصعوبة أيضا بسبب نفوذ حزب الله علي الأرض وسيطرته على الدولة ومن خلاله تتدخل إيران فى الشأن اللبناني، ومن ثم فإنها مشكلة يتطلب مواجهتها بالكثير من الحِكمة والمواءمات السياسية بقدر ما تتطلب بالضرورة دعما عربيا ودوليا كبيرا وواضحا.
< ‫<<‬
ولأن كارثة انفجار مرفأ بيروت قبل أكثر من عام في عهد حكومة حسان دياب المستقيلة عقب الانفجار وبسببه والتي ظلت طوال هذه الفترة تمارس عملها بوصفها حكومة تصريف أعمال دون صلاحيات حقيقية فى انتظار تشكيل حكومة جديدة، لأن الكارثة لاتزال ماثلة فى الأذهان، بينما لاتزال التحقيقات بشأنها تراوح مكانها دون أى تقدم يُسفر عن تحديد المسئولية والمسئولين عن الانفجار حتى الآن.
لذا فإن حديث ميقاتى عن ضرورة الانتهاء من التحقيقات وتحديد ومحاسبة المسئولين يعد أحد المهام المؤجلة التى جاء الدور عليه لإنجازها على وجه السرعة، وفى هذا السياق يُذكر أن حسان دياب تم استدعاؤه للتحقيق للمرة الثانية فى الخامس من أكتوبر المقبل بعد أن رفض المثول للتحقيق فى المرة الأولى، ومن المعلوم أن حسان دياب هو المسئول الأول بحكم أنه كان رئيس الحكومة وقت وقوع الانفجار بسبب وجود كميات كبيرة من نترات الأمونيوم شديدة الانفجار كانت مخزنة بشكل سرى في المرفأ.
<‫<<‬
ومن المفارقات أن يعلن وزير الداخلية فى حكومة ميقاتى وقبيل أن تنال ثقة البرلمان عن اكتشاف الأجهزة الأمنية لكميات كبيرة (٢٠ طنا) من نترات الأمونيوم شديدة الانفجار مخبأة في مكان سرى وأنه تم نقلها إلى مكان آمن، وهى نفس المواد التى تسببت في انفجار المرفأ العام الماضى، وهو الأمر الذى يمثل لغمًا وفخًا جرى نصبه للحكومة الجديدة مع بداية عملها، غير أن وزير الداخلية لم يعلن حتى الآن عن الجهات أو الأشخاص المسئولين عن تهريب وتخزين تلك المواد المتفجرة.
‫<<<‬
ثم إن ثمة مهمة سياسية أخرى ضمن المهام المنوطة بحكومة ميقاتى وهى الإعداد للانتخابات النيابية والبلدية المقرر إجراؤها فى الربيع القادم، وهى المهمة التى يختتم بها ميقاتى مهام حكومته لتتسلمها حكومة جديدة وفقا لما تسفر عنه نتائج الانتخابات ومن ثم تكليف رئيس حكومة جديد بالتزامن مع انتهاء عهدة ميشال عون الرئاسية الأولى وحيث من المرجح أن ينتخب مجلس النواب الجديد رئيسًا للجمهورية لعهدة رئاسية جديدة.
‫<<<‬
من الواضح أن حكومة نجيب ميقاتى الجديدة تبدأ أعمالها وسط أجواء من التفاؤل الحذر رغم حصولها على ثقة مجلس النواب بأغلبية كبيرة جدا «٨٥ صوتا» إذ إنها لا تحظى بهذه الثقة فى الشارع اللبنانى حتى الآن، فى الوقت الذى يعتبرها المعارضون السياسيون خاصة فى مجلس النواب امتدادا للحكومات السابقة واستمرارا لنهج السياسات المستمر فى لبنان والذى لم يعد صالحًا لتحقيق الإصلاحات وإنقاذ لبنان وإخراجه من أزماته، وتلك هى المعضلة التى تواجه ميقاتى وحكومته.
‫<<<‬
هذه المعضلة هى ما استشعرها ميقاتى عند تكليفه بتشكيل الحكومة، ولعل أبلغ تعبير عن هذه المعضلة هو ما جاء على لسانه حيث وصف مهمته بأنها مهمة انتحارية ولكنه ضحى بنفسه وقبِلها.
‫<<<‬
ويبقى السؤال الذى يترقب اللبنانيون إجابته فى قادم الأسابيع بالأفعال لا الأقوال هو: هل ينجح ميقاتى فى حل المعضلة وفى مهمته الانتحارية كما وصفها، أم تكون هذه الحكومة التى قبِل رئاستها بمثابة نهاية مسيرته ومن ثم انتحاره وخروجه من المشهد السياسي اللبنانى؟.

مصر للطيران
ثقة .البرلمان.ميقاتى .

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE