الأموال
الجمعة، 26 أبريل 2024 08:50 مـ
  • hdb
17 شوال 1445
26 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

مركز الأموال للدراسات

(ملف شامل)..دراسة مصرية للصراع  الصيني – الأمريكي ..الحلقة 4

د. نادية حلمي
د. نادية حلمي

.. يعد التنسيق الهندى مع الجانب الفرنسى بعد توقيع إتفاقية أوكوس بين الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا، رداً مهماً فى مواجهة واشنطن، فضلاً عن عدد من التحركات الهندية الأخرى، والتى تسعى من خلالها إلى ضمان مصالحها، والتى قد تتعارض مع حليفتها واشنطن، كالآتى:

الهند وإيران

١) الإتفاقيات الهندية - الإيرانية، وزيادة الإستثمارات الهندية فى (ميناء تشابهار)، رغم العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.

٢) كذلك إعلان الهند عدة مرات عبر سياسييها عن رغبة الهند فى تسوية الأزمة النووية الإيرانية مع واشنطن، يعد أيضاً مثالاً مهماً فى هذا السياق.

٣) كذلك، يمكن القول أنه فى حالة تسوية الأزمة الإيرانية-الأمريكية، فإن ذلك سينعكس بلا شك بالإيجاب على فرص تنفيذ المحور الهندى- الإيرانى فى مواجهة النفوذ الأمريكى بالأساس.

ربط أسيوي أوروبي

٤) تحاول الهند إحياء فكرة (إنشاء ممر تجارى يربط بين أقاليم جنوب وغرب ووسط آسيا وغرب أوروبا، وكلها أنظمة ودول حليفة بالأساس للصين)، وبدأت الهند فعلياً البدء فى تنفيذ هذا المشروع فى سبتمبر ٢٠٠٠، بتوقيع إتفاق فعلى بين (الهند، روسيا، إيران) لإنشاء هذا الممر، وكلها دول غير حليفة تماماً لواشنطن فى نفس المنطقة المحيطة بمنطقتى المحيطين الهندى والهادئ.

٥) عملت الهند إتخاذ إجراءات فعلية لإنشاء هذا التحالف السابق بل وتقويته، وذلك لعمل ممر تجارى كبير، للربط بين عدة أقاليم تحيط بمنطقة (الإندو-باسيفيك)، عبر التفاوض مع عدة دول محيطة للإنضمام إليه وتقويته، وكلها دول غير حليفة بالمرة لواشنطن، مثل:

(دول آسيا الوسطى، منطقة القوقاز، أرمينيا، أوكرانيا، تركيا، بالإضافة إلى بلغاريا كعضو مراقب)

٦) ورغم الأهمية الكبيرة لهذا المشروع لكلاً من (الهند وإيران)، لكن فرص تنفيذه تأثرت بشدة بفعل أزمة البرنامج النووى الإيرانى، وما إرتبط به من موجات العقوبات الإقتصادية الدولية على إيران، مما أدى لتوقفه مؤقتاً، مع توقع إكتماله بمجرد عودة التفاوض الأمريكى مع إيران، وهو الأمر الذى باتت تشجعه الهند بشدة.

٧) ويبقى الأخطر، هو سعى الهند إلى إحياء مشروع "ممر الشمال-الجنوب"، والذى يضم دول حليفة للصين بالأساس

International North-South Transport Corridor (INSTC)

ويهدف الممر السابق إلى (الربط بين الهند عبر ميناء مومباى الذى يقع على بحر العرب، ومنطقة غرب أوروبا عبر عدد من المسارات البحرية والبرية المختلفة).

٨) ورغم تعدد المسارات المقترحة للممر الهندى مع تلك الدول القريبة من غرب أوروبا وبحر العرب، لكن (المسار البحرى من ميناء مومباى بالهند إلى ميناء بندر عباس الإيرانى على مضيق هرمز، ثم المسار البرى داخل إيران عبر شبكة السكك الحديدية)، يمثل مكوناً رئيساً فى هذا المشروع المقترح من قبل الهند بمساراته المختلفة.

٩) كما أن أكثر م قد يثير حفيظة واشنطن أكثر تجاه حليفتها الهند فى "تحالف كواد الرباعى"، هو هذا الإتجاه الهندى الصارم نحو تعزيز ودعم نفوذها فى (ميناء تشابهار الإيرانى)، وذلك لموازنة (النفوذ الصينى فى ميناء جوادر الباكستانى).

١٠) ومن هنا، نجد أن تنامى العلاقات الهندية-الإيرانية يأخذ بالأساس أبعاداً أوسع وأخطر من التواجد الهندى فى ميناء تشابهار الإيرانى، خاصةً مع كثافة التحليلات حول تطور "المحور الهندى-الإيرانى" لموازنة "المحور الصينى-الباكستانى". ومن هنا، فإن الإصرار الهندى على التحالف الإقتصادى والسياسى والجيو إستراتيجى مع الجانب الإيرانى، يهدد بفشل "تحالف كواد الرباعى بقيادة واشنطن وحلفائها لمواجهة بكين"، خاصةً مع تلك الشراكة الإستراتيجية العميقة بين الصين وإيران فى مواجهة واشنطن، بينما تقيم الهند التى تشكل واشنطن جبهة معها ضد بكين علاقات فعلية مع الجانب الإيرانى عدو واشنطن اللدود، والنظام الأكثر قرباً من الصين.

حشد أمريكي

١١) وفيما يتعلق بالحشد الأمريكى لنيودلهى ضد البحرية الصينية فى منطقة المحيط الهندى بالأساس، فقد إتضح عدم الإهتمام الهندى بمشاركة طموحات واشنطن حيال ذلك، مع إهتمام الحشد البحرى الهندى فقط، بأن يتجه بشكل أساسى نحو (مناطق نفوذ نيودلهى المباشرة)، والتى تمتد من (الساحل الشرقى لأفريقيا، وصولاً إلى مناطق التوقف الإستراتيجية المؤدية من وإلى المحيط الهندى، ولا سيما مضيقى ملقا وسنغافورة) وغيرهما. وبالنظر إلى تلك المناطق، فإن الحشد الهندى موجه أكثر نحو (تأمين المصالح داخل منطقة المحيط الهندى المباشرة وليس لتأمين مصالح واشنطن)، فى حين أن إبراز القوة البحرية الهندية فى مناطق أبعد يشكل مهمة ثانوية بالنسبة للهند عكس الإستراتيجية الأمريكية فى تلك المنطقة.

ومن خلال التحليل التفصيلى السابق للباحثة المصرية، فقد إستطاعت البرهنة بشكل عملى بأن حلفاء واشنطن الديمقراطييين فى (منطقتى المحيطين الهندى والهادئ والإندو- باسيفيك)، وعلى رأسهم الهند بالأساس حليفة واشنطن فى (تحالف كواد الرباعى فى مواجهة الصين)، تتحالف بالأساس مع أنظمة ودول تشكل مساساً بالأمن القومى الأمريكى مثل (إيران) ودول آسيا الوسطى والقوقاز الأكثر قرباً من روسيا والصين فى مواجهة واشنطن. ومن هنا، فذلك يصدق عليه نفس المقولة بأن (الديمقراطيات تحارب بعضها وتتصارع بحثاً عن مصالحها حتى فى مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية).

٤) توحيد جبهة التحالفات الشيوعية البحرية الصينية فى مواجهة الديمقراطيات الإستبدادية البحرية

تأتى أهمية تحالفات الولايات المتحدة الأمريكية مع كلاً من (أستراليا وبريطانيا) تحديداً فى منطقتى "الإندو-باسيفيك" المحيطة بالصين، نتيجة لمجموعة من العوامل المهمة، أبرزها:

أ) تنامى النفوذ الصينى وتجاوزه منطقة المحيط الهادئ وبحر الصين الجنوبى، وإمتداده إلى منطقة المحيط الهندى ومجموعة الأقاليم الفرعية المرتبطة به.

ب) أخذ التخوف الأمريكى من الصين أكثر من مستوى، بسبب: كبر المساحة الجغرافية لمبادرة الحزام والطريق، وإمتداد المبادرة الصينية إلى عدد من الأقاليم الرئيسية بمنطقتى المحيطين الهندى والهادئ، فضلاً عن الأقاليم الأخرى الفرعية المرتبطة به.

ج) بالإضافة إلى الإمتيازات الصينية الكبيرة داخل الموانئ البحرية على سواحل المحيطين الهادئ والهندى، وإتجاه الصين، وهو الأهم إلى بناء (حوكمة بحرية جديدة).

- ومن هنا تسعى الصين إلى تنشيط عدد من تحالفاتها الإقليمية فى مواجهة تحالفات واشنطن فى منطقتى المحيطين الهندى والهادئ، وذلك من خلال:

١) دعم (طريق الحرير البحرى الصينى) كخطة إستراتيجية صينية لتطويق منطقتى المحيطين الهندى والهادئ ومنطقة الإندو-باسيفيك فى مواجهة إتفاقية أوكوس الدفاعية بين واشنطن وأستراليا بالأساس.

٢) ستضيف الصين إلى شبكتها البحرية العديد مما يعرف بشبكة "المغذيات أو الممرات الإستراتيجية"، مثل (تأمين وتقوية الممر الإقتصادى الصينى الباكستانى)، وتطلق على هذه الممرات إسم "الممرات الإقتصادية"، والتى تعمل فى الواقع كطرق إستراتيجية سريعة، تتيح للصين الوصول إلى (المحيط الهندى عبر بحر العرب الشمالى وخليج البنغال).

٣) ستقوض الصين تحركات البحرية الأمريكية والأسترالية، عبر تقوية شبكة تحالفاتها مع الدول الآسيوية التى إنضمت إلى (مشاريع الحزام والطريق الصينية)، مثل: (باكستان، ميانمار، مالديف، سريلانكا) من خلال تقديم إستثمارات ضخمة للبنية التحتية لهذه الدول الصديقة لبكين، وهو الأمر الذى يخولها فى النهاية إستخدام موانئ تلك الدول القريبة من مناطق النفوذ الأمريكى فى منطقتى المحيطين الهندى والهادئ والباسيفيك لتطويق والسيطرة على الطموحات الأمريكية فى المنطقة المحيطة بالصين.

٤) كذلك ستتوسع الصين فى إنشاء "قواعد بحرية وعسكرية" حمايةً لمصالحها فى مواجهة واشنطن، ونجد أن (القاعدة البحرية للصين فى جيبوتى) هو مثال على التطور المتزايد فى إستراتيجية الصين البحرية.

٥) كما أن وصول الصين وإستثماراتها فى عدة موانئ قريبة، مثل: (ميناء جوادر فى باكستان، ميناء هامبانتوتا فى سريلانكا، موانئ جزر المالديف)، من شأنه أن يسهل إستخدام الصين لمثل هذه الموانئ (كمراكز دعم لوجستى للسفن الصينية لتوسيع نفوذها البحرى على هذه المساحات البحرية المواجهة للتحركات الأمريكية).

٦) ستدعم الصين الثقل الإقتصادى لها داخل الدول الإقليمية المحيطة بمنطقتى "إندو-باسيفيك"، عبر إنشاء:

(سوق صينية ضخمة، مركز صينى مستقر يضمن لها صناعة قرارات تدفقات التجارة والإستثمار فى المنطقة، نفوذ الصين كمركز ثقل للفاعلين الرئيسيين داخل المجموعات الدولية البازغة، مثل: مجموعة العشرين، البريكس، البنك الآسيوى للإستثمار فى البنية التحتية، بنك التنمية الآسيوى، وعشرات الإتفاقيات التجارية الحرة والإقليمية)، والتى تمخض عنها تعظيم مكاسب إقتصاديات تلك الدول فى علاقاتها بالصين.

٧) سعى الصين لعمل مجموعة من (التحالفات الإستقطابية)، أى لإستقطاب الشركاء فى مواجهة واشنطن. والواقع أن معضلة الصين فى إنتهاج (سياسات متوازنة فى الإندو-باسيفيك) لن تقتصر على حدود هذا الإقليم فقط، ولكنها تنسحب أيضاً إلى معظم الأقاليم الفرعية الأخرى، بما فى ذلك إقليم جنوب شرقى آسيا. ويمكن التأكيد على ذلك، بحديث وزير خارجية أندونيسيا، والذى أقترح فيه (توقيع معاهدة للصداقة والسلام فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ)، وذلك فى دلالة واضحة على إنشغال دول الإقليم بمخاطر الصراع والإستقطاب بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وحلفائهم فى تلك المنطقة، مما سينعكس على مستوى الثقة بينهم وفى مواجهة بعضهم البعض.

٨) تسعى الصين لتقوية مسار المشروع الصينى "الحزام والطريق" لتطويق والسيطرة على الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال (الممر الإقتصادى) الذى يربط الصين مع كل من (آسيا الوسطى-غرب آسيا)، ويهدف بالأخص لربط الصين بمنطقة آسيا والمحيط الهندى والهادئ عبر المنطقة الإستراتيجية المحيطة به، مما يمكن بكين بشكل دقيق من مراقبة تحركات واشنطن فى منطقتى المحيطين الهندى والهادئ، مما يعزز من فشل التحالفات الأمريكية فى تلك المنطقة المواجهة للصين وشركائها الإقليميين.

٩) كما أن الصين ستحاول إفشال التحركات الأمريكية فى منطقة آسيا والباسيفيك، مع خلال تكثيف إعتماد الإقتصادات الرئيسة بمنطقتى "الإندو-باسيفيك" (خاصةً فى شرق وجنوب شرق آسيا) على الصين لتوفير النسبة الأكبر من وارداتها المختلفة، الأمر الذى يعطى للصين أهمية خاصة داخل منطقة "الإندو-باسيفيك"، حتى وإن كانت دول منها كأستراليا حليفة بالأساس للولايات المتحدة الأمريكية.

١٠) كذلك ستعيد الصين التأكيد على (إستراتيجية الإنتشار البحرى فى مواجهة التمدد الأمريكى)، وذلك يذكرنا بما حدث عام ٢٠١٤، والذى شهد إمتداداً ملحوظاً للإنتشار الصينى فى المجال البحرى للمحيطين الهندى والهادئ، وذلك عندما أبحرت (ثلاث سفن من البحرية الصينية عبر مضيق لومبوك)، وذلك للمرة الأولى التى يتم فيها التحرك من (بحر الصين الجنوبى إلى جزر المحيط الهادئ)، وأعقبها دخول عدة سفن حربية صينية إلى (المياه الهندية) بذريعة البحث عن طائرة ماليزية مفقودة، وهو ما زاد من المخاوف الهندية والأمريكية وقتها من تحركات بكين فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ.

مصر للطيران
الصين أمريكا الصراع البحري الأمني الاقتصادي

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE