الأموال
الخميس، 18 أبريل 2024 04:44 صـ
  • hdb
9 شوال 1445
18 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د.محمد فراج يكتب : حقائق وأوهام حول التطورات الأخيرة فى أفغانستان (1/2)

الكاتب الصحفي د.محمد فراج أبو النور
الكاتب الصحفي د.محمد فراج أبو النور

«طالبان» كانت وستظل صنيعة لأمريكا.. وهذه هى الأدلة

لماذا تركت واشنطن أسلحة بعشرات المليارات كان يمكن أن تسحبها؟!

فضيحة مطار كابول.. أسبابها الحقيقية.. وآثارها على الهيبة الأمريكية

 

مشاهد الفوضى العارمة والذعر الشديد فى مطار كابول ستظل محفورة فى ذاكرة العالم لسنوات طويل.. مئات من المواطنين الأفغان يتصارعون للحصول على موطئ قدم على متن أي طائرة مغادرة، ويتكدسون جلوساً على أرضيات الطائرات العسكرية، ومئات آخرون يهرولون مذعورين على مدرج المطار حول الطائرات التى تستعد للإقلاع بحثاً عن فرصة للهروب من البلاد..

أجساد تسقط من ارتفاع شاهق، بعد أن تعلق أصحابها بعجلات الطائرة بحثاً عن مهرب وآلاف يتدفقون على المطار الذى تحاصره «طالبان» مخاطرين بحياتهم فى طريق المرور إلى بواباته.

مشاهد نالت بشدة من هيبة الولايات المتحدة وحلف «الناتو».. ووصفها الإعلام الأمريكى والغربى.. وسياسيون أمريكيون وغربيون كثيرون، بأنها «مخزية».. وتمثل أكبر هزيمة للولايات المتحدة منذ هزيمتها فى حرب فيتنام عام 1975.

أما فى وطننا العربى، وفى عالمنا الإسلامى فقد أخذ كثيرون يتحدثون ليس عن الهزيمة والخروج المخزى فحسب، بل وعن انتصار «طالبان» كحركة تحرر وطنى، وهزيمة أمريكا أمامها.. وعن انتصار الشعب الأفغانى وحركة تحرره الوطنى على أمريكا.. مؤكدين على اعتبار «طالبان» حركة تحرر وطنى معبرة عن الشعب الأفغانى!!

أما تيارات «الإسلام السياسى» وفى مقدمتها «الإخوان» فقد اعتبرت سيطرة طالبان على أفغانستان انتصاراً للإسلام، وهزيمة لأمريكا أمام «الجهاد».. إلخ!!

بحثاً عن الحقائق

فهل صحيح أن «طالبان» هى حركة تحرر وطنى.. أو حركة مقاومة أفغانية ضد الاحتلال الأمريكى؟ وهل هى تعبير عن «الإسلام» فى مواجهة الاستعمار الأمريكى؟ وهل هناك وجه للمقارنة بين ما حدث فى أفغانستان خلال الأسابيع والشهور الماضية وبين الهزيمة الأمريكية فى فيتنام عام 1975؟

الواقع أننا بحاجة ماسة إلى فحص دقيق لركام هائل من الأحداث والتطورات التى أحاطت بأفغانستان طوال نحو ثلاثين عاماً، والتى تحيط بها فى الوقت الراهن، وبالسياسة الدولية للولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة المذكورة، وما يحيط بذلك كله من تفسيرات وتأويلات ومزاعم لكى نستطيع ترتيب الوقائع بصورة منطقية، تفضى بنا إلى فهم صحيح لحقائق الوضع فى أفغانستان وما حولها، وتصوير منطقى لسيناريوهات المستقبل.

1 - ومن الضرورى - قبل كل شىء - أن نتذكر حقيقة أن «طالبان» قد ظهرت إلى الوجود كصنيعة للولايات المتحدة، تولت المخابرات الأمريكية والباكستانية وبعض أجهزة المخابرات العربية تشكيلها على غرار حركة «طالبان» الباكستانية، فى أوائل تسعينيات القرن العشرين (كلمة «طالبان» تعنى .. الطلاب والمقصود هنا طلاب المدارس الدينية).. وهى حركة دينية سياسية متطرفة، تتركز بين أبناء القومية البشتونية، التى تمثل فى أفغانستان ما بين (42٪ - 45٪) من السكان.. ويغلب عليها الطابع القبلى.

2 - تكونت نواة «طالبان» عند ظهورها فى بداية التسعينيات من الطلاب الأفغان فى المدارس الدينية الأفغانية، وبقيادة (شيوخ) من نفس الاتجاه، على رأسهم الملا (الشيخ) محمد عمر وأعلنت منذ البداية أن هدفها هو القضاء على الفوضى السائدة فى البلاد، نتيجة الصراع المستمر بين فضائل «المجاهدين» الأفغان، بعد نجاح هؤلاء فى الإطاحة بحكم نجيب الله (1992).. وتمكنت الحركة من ضم أعداد كبيرة من أبناء القبائل البشتونية. وتمكنت من السيطرة على السلطة فى البلاد (1994) واتسم حكمها بالتشدد الدينى القاسى، وبإجراءات من نوع منع خروج النساء من بيوتهن بدون محارم وإغلاق مدارس البنات، وجلد الرجال فى حالة تشذيبهم للحية، وما شابه ذلك من إجراءات مختلفة.

3 - اتفقت الحركة مع الولايات المتحدة منذ البداية على مد خط لأنابيت الغاز، بالمشاركة مع شركة «يونوكال» الأمريكية الكبرى، لنقل الغاز الطبيعى من جمهوريتى تركمانستان وكازاخستان (السوفيتيتين السابقتين) عبر الأراضى الأفغانية ومن ثم باكستان إلى سواحل المحيط الهندى لفك الارتباط بين الجمهوريتين المذكورتين وبين روسيا التى يتم تسويق الغاز التركمانى والكازاخى عبر منظومة الأنابيب التابعة لها، وصولاً إلى الأسواق الأوروبية والعالمية،. الأمر الذى يوضح دور «طالبان» منذ البداية فى إطار السياسة الأمريكية لحصار روسيا والصين عبر التغلغل فى منطقة آسيا الوسطى والمعروفة بسياسة «الاحتواء المزدوج» الأمريكية لكل من روسيا والصين.. وهى سياسة لها جوانب أخرى لا يتسع المقام لها هنا، منها مثلاً «توسيع حلف الناتو» باتجاه الشرق.

4 - أفسحت «طالبان» المجال لنشاط تنظيم «القاعدة» الإرهابى، وغيره من التنظيمات الإرهابية المتصلة بالتنظيم الدولى «للإخوان المسلمين» وشهدت سنوات التسعينيات نشاطاً واسعاً للتنظيمات الإرهابية التى مثلت أفغانستان (تحت حكم طالبان) ملاذاً آمناً لها سواء فى بلدان آسيا الوسطى الإسلامية من حيث أغلبية سكانها (وخاصة فى طاجكستان وأوزبكستان) أو فى روسيا (وخاصة فى الشيشان ومنطقة القوقاز).. أو فى يوغوسلافيا السابقة (كوسوفو والبوسنة والهرسك).

كما مثلت ميداناً واسعاً لتدريب وإرسال الإرهابيين إلى الدول العربية وفى مقدمتها مصر.. وكذلك السعودية واليمن  والجزائر وغيرها من البلدان العربية، والذين اشتهروا باسم «العائدين من أفغانستان».

وتمركزت «القاعدة» بقيادة أسامة بن لادن، وأيمن الظواهرى، وغيرها من التنظيمات الإرهابية فى منطقة (تورا بورا) الجبلية الوعرة شرقى أفغانستان، وتحرك إرهابيوها من هذه المنطقة وبين المناطق القبلية البشتونية ذات التضاريس الوعرة، شمال غربى باكتسان.

5 - أدى تغيير اسم «القاعدة» إلى «قاعدة الجهاد ضد الاستعمار والصهيونية» فى التسعينيات وترصد المخابرات الأمريكية لعناصر يشتبه فى انتمائها للتنظيم على الأراضى الأمريكية، إلى حدوث درجة من التوتر فى علاقات الولايات المتحدة «بطالبان» ومطالبتها لحكومة «الإمارة الإسلامية» بإبعاد «القاعدة» أو التعاون فى ضربها.. لكن الملا عمر رفض، حرصاً على مكانة «طالبلان» بين الحركات المتطرفة.

6 - كانت عملية ضرب برجى مركز التجارة العالمية (11 سبتمبر 2001) نقطة تحول فى العلاقات بين الولايات المتحدة وسلطة «طالبان» فقد أعلنت «القاعدة» مسئوليتها عن العملية.. فطالبت واشنطن كابول بتسليم بن لادن وقيادات التنظيم، إلا أن الملا عمر رفض، مما كان سبباً لإعلان أمريكا الحرب على طالبان، واحتلال أفغانستان بمشاركة الدول الكبرى فى حلف «الناتو» وإقامة حكومة موالية للولايات المتحدة، والغرب، وتشكيل جيش حكومى (بلغ عدده مؤخراً 300 ألف).. وفى المقابل لجأت «طالبان» للانسحاب من المدن، والتمركز فى المناطق الجبلية والريفية، وتبنى استراتيجية حرب العصابات ضد القوات الحكومية والغربية والأطلسية.

فشل أمريكى فى أفغانستان وآسيا الوسطى

وبالرغم من الوجود العسكرى الكبير لأمريكا و«الناتو» فى أفغانستان (بالإضافة إلى قاعدة فى قيرغيزستان) ومن الإنفاق العسكرى الضخم، فإنه لا قوات «الناتو» ولا قوات الجيش الحكومى نجحت فى بسط سيطرة كاملة على البلاد، بسبب طبيعتها الجبلية الوعرة من ناحية، ولجوء «طالبان» إلى استراتيجية حرب العصابات بصفة أساسية من جهة أخرى بسبب عدم التعاطف الشعبى جهة ثالثة.

وفى اعتقادنا أن تركيز الولايات المتحدة على إدخال فشور ما تسميه «بالديمراطية» و«التحضير» وإهمال قضية التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى أفغانستان من خلال إدخال الصناعة ومشروعات زراعية منتجة، بدلاً من زراعة المخدرات لعمل وتطوير الخدمات العامة وحل مشكلة البطالة المتفاقمة.. إلخ.

ولذلك فإن بالرغم من بقاء قوات أمريكا و«الناتو» لعشرين عاماً فى البلد فإن البنية الاقتصاردية.. والاجتماعية المتخلفة لم تحقق تطوراً يستحق الذكر، ويمكن أن تستند إليه الحكومة وقوات الجيش.

ومن ناحية أخرى فإن أوضاع عدم الاستقرار لم تسمح لأمريكا بالإستثمار فى الثروات المعدنية الضخمة فى أفغانستان، بما فيها معدن «الليتنيوم» الثمين الضرورى لبطاريات الهواتف والسيارات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية، ومعروف أن أفغانستان تملك احتياطيات ضخمة منه.. ومن النحاس والكوبالت، فضلاً عن كميات لا بأس بها من الغاز الطبيعى.. كما أن عدم الاستقرار لم يسمح بتنفيذ خط أنابيت الغاز السابق الإشارة إليه.

أما بخصوص دول آسيا الوسطى (السوفيتية السابقة) فإن تصاعد نفوذ الصين الاقتصادى والتجارى، ومن ثم السياسى، واستعادة روسيا لقوتها، وتطويرها لعلاقات براجماتية مع تلك الدول، وعلاقات وثيقة للغاية مع طاجيكستان، كانت عوامل أدت إلى إخفاق الولايات المتحدة فى تعميق نفوذها فى المنطقة.. ويضاف إلى ذلك أن الدور الأمريكى فى رعاية تجارة المخدرات أثار حذراً عاماً تجاه الولايات المتحدة فى المنطقة، عزز فيه تساهل واشنطن مع التنظيمات الإرهابية المتطرفة فى آسيا الوسطى، ودعمها المعروف للجماعات الإرهابية فى إقليم شينجيانج الصينى (الأديجور).

وهكذا أصبح واضحاً أن الغزو الأمريكى لأفغانستان لم يحقق النتائج المرجوة منه لا على صعيد احتواء الصين وروسيا، ولا على صعيد أفغانستان نفسها.. وأن تكلفة الوجود الأمريكى فى هذا البلد باهظة وغير مربحة.. وأن من الضرورى مراجعة الأمر برمته.

تغييرات مهمة فى السياسة الأمريكية

وجاء الصعود الصينى الاقتصادى والعسكرى الكبير وزيادة النفوذ الصينى فى شرق وجنوب شرق آسيا ليفرض على أمريكا ضرورة إجراء تغيير جوهرى فى سياستها الخارجية، ونقل مركز ثقلها الاستراتيجى إلى الشرق لمواجهة العملاق الصينى المنافس، مع تخفيض وجودها فى مناطق مثل الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، دون التخلى عن أهدافها الاستراتيجية، وإنما مع إسناد أدوار أكبر فى الدفاع عن مصالحها لشركاء أصغر مثل إسرائيل وتركيا وغيرهما فى إطار مشروع «الشرق الأوسط الجديد» وتقسيم المنطقة الممتدة من آسيا الوسطى إلى شمال إفريقيا (وخصوصاً المشرق العربى) إلى كانتونات عرقية ومذهبية وطائفية متناحرة، أو ما عرف بسياسة «الفوضى الخلاقة».

وفى هذا الإطار بدأ التفكير الأمريكى بصورة جدية فى الانسحاب من العراق (وسورية) وأفغانستان وإسناد أدوار أكبر إلى وكلاء محليين.

العودة إلى طالبان!

وفيما يخص أفغانستان فقد كان واضحاً أن الانسحاب الأمريكى والأطلسى منها سيؤدى إلى انهيار النظام الموالى لواشنطن فيها، وجيشه الهش.. وأن القوة الوحيدة والقادرة على السيطرة على البلاد هى «طالبان».. ومن هنا بدأت المفاوضات معها مجدداً، واستقبل ترامب وفداً من زعمائها. وتم الاتفاق على الانسحاب الأمريكى والأطلسى فى 31 أغسطس 2021 كموعد نهائى أى أن هذا الاتفاق سابق على وجود بايدن فى البيت الأبيض.. وبديهى أيضاً أنه تضمن التوافق على الدور الذى ستقوم به «طالبان» ضد كل من روسيا والصين.

وهنا يثور سؤال حول باكستان، القوة النووية ذات الجيش القوى، ومدى جدارتها الأكبر بلعب دور كهذا.. والإجابة إن باكستان لا يمكن أن تقوم بهذا الدور بسبب علاقاتها الوثيقة مع الصين، وأهمية هذه العلاقات الاستراتيجية لحمايتها من العملاق الهندى المجاور العدو التاريخى لباكستان، والمنافس التقليدى للصين.

وإذن فهى «طالبان».. وهو مشروع «الفوضى الخلاقة» فى آسيا الوسطى، وعلى حدود كل من روسيا والصين.. وهو ما سنعود إلى تفصيل أكبر لاحقاً.

«الانتصار» و«الهزيمة» بأى معنى؟؟

بدء الانسحاب الأمريكى والأطلسى من أفغانستان كان يعنى إعطاء الضوء الأخضر «لطالبان» للتقدم نحو السيطرة على المدن والمنافذ الحدودية تباعاً.. والجيش الحكومى الأشبه بقوات المرتزقة، لم يكن لديه أى دافع معنوى للقتال، مادام يعرف أن القوات الأمريكية والأطلسية تنسحب فعلياً، وأن هزيمته محتومة.. ولذلك فقد كان يسلم مواقعه تباعاً بدون قتال.. بما فيها قواعد عسكرية ضخمة مثل قاعدة «باجرام» بما فيها من طائرات هليوكوبتر وطائرات مسيرة، وعتاد عسكرى هائل.

هنا نجئ إلى مجموعة أخرى من الحقائق المهمة:

1 - أن الولايات المتحدة كانت تعرف أن كميات الأسلحة الهائلة لدى الجيش الأفغانى ستسقط من أيدى «طالبان».. وكان بمقدور أمريكا أن تسحب الأسلحة الأكثر أهمية على الأقل بالتزامن مع انسحاب قواتها.. لكنها لم تفعل!! والمعنى الوحيد لهذا هو أن أمريكا تركت هذه الأسلحة «لطالبان» عامدة.. والتفسير المنطقى هو أنها ستحتاج إليها فيما بعد للقيام بأدوار تريدها أمريكا.. وأى تفسير غير هذا لا يبدو مقنعاً.

2 - إن الولايات المتحدة كان يمكنها أن تبطئ وتيرة تقدم قوات طالبان نحو المدن الاستراتيجية، ونحو كابول من خلال ضربات جوية على الأقل دعماً للجيش الحكومى.. لكنها لم تفعل ذلك على مدى شهور طويلة، مما فاقم من انهيار معنويات الجيش الحكومى، دون أى تدخل أمريكى.. وهذا مريب إلى أبعد حد..

3 - إن خطط إجلاء المتعاونين الأفغان مع القوات الأمريكية والأطلسية كان ينبغى وضعها والبدء فى تنفيذها منذ بدأت «طالبان» تجتاح المدن، وخاصة مع احترامها على إعدام من وقعوا فى أيديها من هؤلاء.. لكن شيئاً من هذا لم يحدث!! وترك هؤلاء المتعاونون لمصيرهم البائس فى مدن عديدة.. كما تأخرت عملية إجلاء المتعاونين من كابول بصورة تحمل على التفكير فى أن الأمر لم يكن محل اهتمام كبير (تذكروا كيف باعت أمريكا الأكراد لتركيا فى سورية، لولا ثورة الإعلام وبعض أعضاء الكونجرس)!! والمقصود أن الخوف من وقوع مذبحة كبرى لهؤلاء المتعاونين، بما يعنيه ذلك من فضيحة دولية لأمريكا و«الناتو» هو ما دفع القوات الأمريكية والأطلسية للعمل على إنقاذ من يمكن إنقاذه منهم متأخراً جداً.. وهو ما تبحث عنه المشاهد المخزية فى مطار كابول، السابق ذكرها. وهنا تصبح فعلاً مقولة: «المتغطى بأمريكا عريان»!!

4 - من الواضح طبعاً أن هناك ارتباكاً تنظيمياً فاضحاً.. لكنه لا يعود إلى أن القوات الأمريكية والأطلسية تلوذ بالفرار أمام قوة «طالبان» الجبارة!! وتحت نيران أسلحتها الفتاكة!! ولكن التفسير المنطقى المقبول هو أنهم فكروا فى الانسحاب وإلقاء عبء أفغانستان عن كاهلهم، دون أن يفكروا فى مصير المتعاونين التعساء (وهو المصير المعتاد لخونة أوطانهم) غير أنهم عادوا فانتبهوا متأخرين لضخامة الفضيحة والمذبحة من ناحية، وللتأثير السلبى على إمكانية تعاون أبناء بلاد أخرى معهم فى المستقبل من ناحية أخرى.

5 - ومما له دلالة هامة هناك أن الولايات المتحدة أصدرت قراراً بتجميد الاحتياطيات الأفغانية لديها (9 مليارات دولار) دون خشية من رد فعل طالبان على هذا القرار تجاه الجنود الأمريكان فى مطار كابول.

وخلاصة القول إن «طالبان» ليست قوة تحرر وطنى ولا يحزنون.. وإن كراهية البعض المفهومة للولايات المتحدة بسبب جرائمها ضد شعوبنا العربية لا ينبغى أن تدفعهم لاعتبار أن أي خسارة تصيبها (معنوية كانت أم مادية) ينبغى أن تكون سبباً لشماتتنا أو سعادتنا. فهذه كلها خسائر (بنيران صديقة) أمريكية - طالبانية .. والأمر المؤكد أن الأضرار التى ستصيب بلادنا العربية من سيطرة «طالبان» على أفغانستان، ومن احتضانها المتوقع للإرهاب ضد شعوبنا قبل كل شىء، ثم من انتعاش الحركات الإرهابية والمتطرفة معنوياً بتأثير هذا «الانتصار».. والأضرار التى ستلحق بصورة الإسلام والمسلمين فى العالم.. كلها أمور ستجعل المتحمسين «لطالبان» يراجعون رأيهم بأقرب مما يتصورون.

وأما عن سعادة الإرهابين والمتطرفين الظلاميين بما حققه رفاقهم فى أفغانستان، فهذا أمر طبيعى.. لكن العقلاء يجب أن يعرفوا أن ما يحدث فى أفغانستان لا علاقة له بالإسلام ولا بالمسلمين.. بل هو ضد مصالحهم على طول الخط..

وللحديث بقية...

مصر للطيران
طالبان أمريكا افغانستان

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE