الأموال
السبت، 27 أبريل 2024 02:59 صـ
  • hdb
17 شوال 1445
27 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : جائحة كورونا وسنينها.. واللقاحات وعدالة توزيعها

الأموال

رغم النجاح العلمي الذى تحقق فى التوصل إلى عدد من اللقاحات المضادة لفيروس «كورونا» المستجد وبدء التطعيم فعليا منذ أكثر من أربعة أسابيع إلا أن إجمالى من تم تلقيحهم على مستوى العالم لم يزد حتى كتابة هذه السطور على ١٠٥ ملايين شخص من أصل ٤ مليارات على الأقل.. يمثلون ما بين ٦٠٪ و٧٠٪ من سكان الكوكب.. يتعين تطعيمهم حتى يمكن تحقيق المناعة المجتمعية واحتواء الجائحة.
ولذا فإن استمرار معدلات التطعيم على هذا النحو يعنى وفقا للتقديرات أن البشرية أمامها نحو ٦ سنوات في حالة إعطاء جرعتين حتى يتم احتواء الفيروس والقضاء عليه نهائيا ومن ثم يظل العالم ولسنوات مقبلة تحت رحمة كورونا وتداعياتها.
حتى في حالة الاكتفاء بجرعة واحدة في بعض اللقاحات بدلا من جرعتين حسبما ذهبت بعض الدراسات والبروتوكولات الطبية والتي أكدت قدرة وفاعلية الجرعة الواحدة للوقاية من الإصابة فإن ذلك يعنى ومع استمرار تباطؤ الإنتاج والتوزيع أن الانتهاء من تطعيم ٦٠٪ من المجتمعات سوف يستغرق ثلاث سنوات!
وفي نفس الوقت فإنه من غير المؤكد أو المرجح الحكم على فاعلية كل تلك اللقاحات أو أى منها لتحقيق الوقاية النهائية من الإصابة بالفيروس والتى تتباين نسب فاعليتها ما بين ٦٧٪ إلى ٩٠٪ فى أحسن الأحوال حسبما يقال عن لقاحى «مودرنا» و«فارما» وحيث تتباين آراء علماء الفيروسات والمناعة.
بل إنه من غير المعلوم حتى الآن مدة صلاحية اللقاحات للوقاية من الإصابة حيث تتباين الآراء والتوقعات عن أن مدة الصلاحية تتراوح ما بين ٥ أشهر إلى سنة واحدة وهو الأمر الذى يثير التساؤل حول ضرورة تكرار الحصول على اللقاح سنويا.
‫<‬ ‫<‬ ‫<‬
ثم إنه مما يُعد مدعاة للقلق والتشكك فى جدوى اللقاحات في الأساس هو تأكيد علماء الفيروسات فى العالم على أن التطعيم لا يقى تماما وبنسبة ١٠٠٪ من الإصابة مرة أخرى مع المخالطة مع أشخاص مصابين بل إن الشخص الذى حصل علي اللقاح يمكنه في حالة إصابته أن ينقل العدوي إلى شخص آخر غير مصاب ولعل الجدوى الوحيدة من اللقاح هى أن الشخص الذي تم تطعيمه يكون أقل عُرضة للأعراض الخطيرة وإنما تكون إصابته من النوع الضعيف أو المتوسط فقط وهو ما يعنى تضاؤل احتمالات تعرضه للوفاة.
‫<‬ ‫<<‬
أمام هذه المعطيات والحقائق ومع تباين الآراء العلمية والطبية ومع توالى تحورات الفيروس وموجات التفشى فإن العالم سيبقي أمام لغز هذا الفيروس اللعين ولأجل غير مسمى حتى يمكنه حل اللغز والتوصل إلى لقاحات فاعلة ١٠٠٪ تقضى على الفيروس نهائيا خاصة مع عدم التوصل إلى علاج دوائى يمكنه التعامل معه مثل الفيروسات الأخرى.
‫<‬ ‫<‬ ‫<‬
ومع التباطؤ الملحوظ حتى الآن من جانب الشركات العالمية المنتجة للقاحات فى إنتاج اللقاحات بالمعدلات المطلوبة فإن ثمة ملاحظات وتساؤلات بالغة الأهمية حول عدالة توزيع هذه اللقاحات حيث تتضاءل قدرة دول كثيرة علي الحصول عليها بينما تنعدم قدرة الدول الفقيرة ثم إن هذا التباطؤ يثير تساؤلا آخر وهو هل التباطؤ بسبب التكلفة أم بسبب التنافس بين هذه الشركات؟
‫<‬ ‫<‬ ‫<‬
إن غيبة العدالة فى توزيع اللقاحات على دول العالم غير المنتجة لها تتبدى بوضوح في أن إنتاج بعض الدول المتقدمة (أوروبا وأمريكا) يمثل أربعة أضعاف احتياجاتها وفقا لأعداد سكانها وهو الأمر الذى يستلزم تبرع هذه الدول بالفائض للدول غير القادرة علي الإنتاج أو الشراء حسبما تقضى بذلك قيم العدالة الإنسانية.
‫<‬ ‫<‬ ‫<‬
ثم إن قيم العدالة الإنسانية تقتضى التزام الشركات المنتجة للقاحات بنقل تقنية تصنيعها إلى الدول التي لديها بنية تحتية وقدرات وكفاءات علمية قادرة على تصنيع اللقاحات محليا لتطعيم شعوبها في أقرب وقت ممكن دون انتظار لقاحات تلك الشركات العالمية خاصة أن حقوق الملكية الفكرية ومن ثم أسرار تقنية التصنيع تسقط بالضرورة تماما مع تبشي جائحة خطيرة تُهدد البشرية جميعها.. أغنياءها وفقراءها على حد سواء.
‫<‬ ‫<‬ ‫<‬
ولأن العالم صار قرية صغيرة متصلة الأطراف ولأن الدول الكبرى الغنية عليها مسئولية عالمية فإنه يتعين عليها أن تقوم بمسولياتها وأن تتحمل تكلفة المالية سواء تكلفة نقل تقنية تصنيع اللقاحات أو بالتبرع بتوزيع اللقاحات على شعوب الدول الفقيرة إذ لا يخفى أن التركيز على تطعيم شعوب الدول الغنية والقادرة علي إنتاج اللقاحات فقط حسبما تفعل دول الاتحاد الأوروبى في الوقت الراهن لن يجعلها بالضرورة في مأمن من انتقال الإصابات بالفيروس إليها حيث إن الأمان الكامل والنجاة التامة لن يتحققا إلا بأمان ونجاة كل شعوب الأرض.
‫<<‬ ‫<‬
إن هذه الجائحة التي ضربت البشرية منذ أكثر من سنة ولاتزال تداعياتها الصحية والاقتصادية والحياتية تتفشى في كل دول العالم بأكثر من تفشي الوباء.. باتت تفرض على الجميع خاصة الدول الكبرى المتقدمة علميا والغنية اقتصاديا التوحد في مواجهة «كورونا» بعيدا عن التنافس السياسى والعلمى وبعيدا عن الربح والخسارة سبيلا وحيدا وضروريا لاحتواء الفيروس والقضاء عليه في أقرب وقت ممكن.
‫<‬ ‫<‬ ‫<‬
ومع التوقعات وتزايد احتمالات بقاء كورونا في العالم لسنين قادمة فإنه يبقى ضرورة الالتزام باتباع الإجراءات والتدابير الاحترازية.. ضمانة أكيدة حتى الآن وحتى بعد الحصول على اللقاح للوقاية من الإصابة وتجددها أيضا.
‫<‬ ‫<‬ ‫<‬
يبقى أخيرًا وفي اعتقادى الشخصى وفي اعتقاد ملايين كثيرين أن هذه الجائحة رسالة ابتلاء من السماء إلى أهل الأرض ثم إنه ليس لها من دون الله كاشفة.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE