الأموال
الجمعة، 19 أبريل 2024 11:02 صـ
  • hdb
10 شوال 1445
19 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د. محمد فراج يكتب : أوقفوا جريمة اغتيال شركة الحديد والصلب!

الأموال

الشركة "أم الصناعة الثقيلة" والاقتصاد المصرى فى مسيس الحاجة لمنتجاتها

"تخسير" متعمد.. ووقائع فساد غير مسبوقة تثبتها تقارير الأجهزة الرقابية

مطلوب محاكمة المسئولين فى الشركة.. و"القابضة" والوزارة بتهمة تخريب الاقتصاد

"الحديد والصلب" تملك كل مقومات النهوض بشرط :  قيادات كفؤة نزيهة


قرار الجمعية العمومية غير العادية للشركة المصرية للحديد والصلب "بحلوان" بتصفية الشركة.. كارثة حقيقية للاقتصاد المصرى ـ الجمعية العمومية غير العادية ـ برئاسة المهندس محمد السعداوى رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية ـ قررت تقسيم شركة الحديد والصلب إلى شركتين:

الأولى: شركة الحديد والصلب بحلوان.. التى تمت تصفيتها.

الثانية: شركة المناجم والمحاجر "المملوكة لشركة الحديد والصلب بحلوان" التى تقرر أن تكون شركة مساهمة، من المنتظر أن يدخل القطاع الخاص في تشغيلها خلال الفترة المقبلة.

(اليوم السابع ـ الاثنين ١١ يناير ٢٠٢١ ومواقع أخرى)

السبب الذى استندت إليه الجمعية العمومية فى قرارها بتصفية شركة الحديد والصلب هو ارتفاع الخسائر وعدم قدرة الشركة على العودة للإنتاج، إذ بلغ إجمالى الخسائر خلال السنوات الأخيرة (٩ مليارات جنيه) منها (٩٨٢.٨ مليون جنيه) خلال العام المالى من يوليو ٢٠١٩ إلى ٣٠ يونيو ٢٠٢٠.. و(١.٥ مليار) خلال العام المالي السابق له.

وذكر البيان الصادر عن اجتماع الجمعية العمومية غير العادية أنه ستجرى خلال الفترة المقبلة عملية تصفية الشركة وإجراء تعويض العاملين.. (اليوم السابع، ١١ يناير ٢٠٢٠ ومواقع أخرى)

أم الصناعات الثقيلة

قرار تصفية شركة الحديد والصلب يمثل كارثة حقيقية للصناعة المصرية والاقتصاد المصرى لأن الشركة العملاقة يمثل إنتاجها أساسا لصناعات كثيرة بالغة الأهمية لتطور الصناعة والاقتصاد المصرى عموما.. فالمعروف أن إنتاج الحديد والصلب هو أساس للصناعات المعدنية والهندسية والصناعات المرتبطة بالنقل والإنشاءات وغيرها، مما يجعل صناعة الحديد والصلب هى "الصناعة الأم للصناعات الثقيلة" التى لا يمكن بدونها أن يتطور اقتصاد أى بلد بصورة جدية شاملة. ومعروف أن شركة الحديد والصلب المصرية هى الشركة الوحيدة التى تملك دورة إنتاجية كاملة لهذه الصناعة ذات الأهمية القصوى، بدءا من صهر الخام إلى صناعة منتجات تنفرد بإنتاجها فى السوق المحلية وتحتاجها مختلف فروع الاقتصاد المصرى بصورة ماسة، مثل قضبان وفلنكات السكك الحديدية والصلب المشكَّل على هيئة ألواح وقضبان مختلفة الأحجام والسُمك، والكمرات والستائر والزوايا الحديدية من مختلف المقاسات، وأنابيب وخزانات البترول وغيرها من المنتجات الهامة لصناعات أساسية كثيرة. وكل هذا سوف تحتاج لاستيراده من الخارج، إذا تم تنفيذ هذ القرار المشئوم، كما سنخسر خبرات وكفاءات هندسية وفنية ثمينة لا تقدر بثمن، استغرق إعدادها عقودا من الزمان ولا يمكن تعويضها بسهولة.

ولا يمكن بالطبع نسيان الدور الكبير الذى لعبته منتجات شركة الحديد والصلب في إقامة المنشآت الدفاعية وحائط الصواريخ العملاقة على الجبهة أثناء حرب الاستنزاف، وفى بناء السد العالى وغيره من المنشآت الهندسية الكبرى. كما لا يمكن الاستغناء عن منتجات صناعة الصلب في الصناعات الدفاعية، وجوانب عديدة من ضروريات الدفاع عن البلاد.

حلم راود الأجيال

لهذا كله فإن إقامة صناعة متطورة للحديد والصلب في مصر ظلت حلمًا كبيرًا لرواد الصناعة والاقتصاد في مصر حتى صدر القرار الجمهورى بإنشاء الشركة عام 1961 في منطقة التبين بالقرب من حلوان بضواحى القاهرة مع تخصيص مساحة ٢٥٠٠ فدان (أى ما يعادل ٩٠.٥ مليون متر مكعب) أقيمت عليها مصانع الشركة، والمدينة السكنية للعاملين فيها، بالإضافة إلى مسجد كبير ثم آلت إلى الشركة (بوضع اليد) مساحات كبيرة من الأراضى منها ٧٩٠ فدانا فى منطقة التبين، و٦٥٤ فدانا فى الواحات البحرية، بجوار منطقة المناجم بالإضافة إلى ٤٥ فدانا اشترتها من الشركة القومية للأسمنت عام ١٩٧٩.. (تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات - المنشور على موقع "البورصة نيوز"، ١١ نوفمبر ٢٠١٩).

وقد بدأت الشركة الإنتاج عام ١٩ وتطورت طاقاتها الإنتاجية وإسهامها فى تنمية الصناعة الوطنية خلال سنوات الستينيات، وخاصة فى مرحلة الخطة الخمسية الأولى (١٩٦١ - ١٩٦٥) وما تلاها، التى شهدت تطورا واسعا للصناعة المصرية وبناء السد العالى وإقامة أبراج الكهرباء وأعمدتها.. إلخ، ثم إسهامها في الدفاع الوطنى فى أعوام حرب الاستنزاف.. إلخ، على النحو الذى ذكرناه فيما سبق من مقالنا.. وبلغ عدد العاملين فيها أكثر من ٢٥ ألف مهندس وفنى وعامل فى منتصف السبعينيات.

الخصخصة وتراجع دور قطاع الدولة

ثم بدأ اهتمام الدولة بالشركة يتقلص تدريجيًا مع تطبيق سياسة "الانفتاح الاقتصادى" فى سياق تراجع الاهتمام بالصناعة عموما، تحت ضغط الدول الغربية الكبرى ومؤسسات التمويل الدولية، والتخلى عن سياسة الإحلال محل الواردات تدريجيا، وفتح الأسواق المصرية أمام المنتجات الأجنبية في مختلف المجالات.. وفرض التوسع الكبير في الخصخصة فى التسعينيات وبداية القرن الحالى وترافق مع هذا تقليص الإنفاق الاستثمارى للدولة عموما، وعلى شركات القطاع العام خصوصا.. ولم يتوقف الأمر عند هذا بل تفاقمت ظاهرة نزح أرباح وموارد شركات ذلك القطاع لصالح الخزانة العامة، مع إجبار أغلب تلك الشركات على بيع إنتاجها "بأسعار اجتماعية" وفرض شروط غير متكافئة فى المنافسة عليها "مع شركات القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية".

وهكذا بدأت تتراجع بصورة متزايدة قُدرة شركات قطاع الدولة على توجيه استثمارات للإحلال والتجديد، وبدأت تستفحل ظاهرة التكنولوجيات المتقادمة والآلات والمعدات المتهالكة وكثيرة الأعطال، ونقص قطع الغيار.. إلخ، فى شركات قطاع الأعمال.. ومن ثم تراجع الإنتاجية وتدهور معدل الربحية، ثم الخسائر.. ولم تكن شركة الحديد والصلب المصرية استثناء من هذا كله، مع ضرورة ملاحظة الدور الكبير وبالغ الأهمية لمنتجاتها التى ظلت مستمرة فى القيام به ـ منفردة ـ فى السوق المصرى.

الفساد المتجذِّر.. والتخسير المتعمد!!

وضاعف من التأثير السلبى لهذه الظواهر المترابطة تغلغل الفساد في عهد مبارك، وخاصة فى سنواته الأخيرة حتى أصبح شائعا أن يُوصف بأنه "فساد مؤسسى" مع الإضعاف المتعمد لدور الأجهزة الرقابية "كالجهاز المركزى للمحاسبات والرقابة الإدارية" تحت دعوى أن المسئول لا يجب أن تكون "يده مرتعشة" عند التوقيع على قرار أو صفقة أو عقد!! وهو ما رأينا نتائجه الكارثية فى صفقات وعقود خصخصة كثيرة شابها فساد يفقأ العين، وخسائر ضخمة أمام هيئات التحكيم الدولي مما لا يتسع لها المجال هنا.

وحسبنا أن نقول إن سوء الإدارة والفساد الإدارى قد طالا كثيرا من الشركات الرابحة التى بيعت بأبخس الأسعار وامتد ليشمل "التخسير" المتعمد لشركات رابحة أو متعثرة ـ لكنها ذات أهمية استراتيجية للاقتصاد الوطنى ـ ليغرقها فى خسائر كبيرة، تجعل الحديث عن تصفيتها "مبررًا"!! مثل الشركة القومية للأسمنت وشركة الحديد والصلب.. وكان هذا يتم تحت سمع وبصر المسئولين فى الشركات القابضة أو حتى الوزراء وبرعاية هؤلاء المسئولين المتعاقبين فى أغلب الأحيان.

مأساة شركة الحديد والصلب

وبلغت الأمور فى شركة الحديد والصلب المصرية درجات من سوء الإدارة والتسيُّب والفساد لم يكن يمكن للمرء أن يصدقها لولا أنها متضمنة فى تقارير رسمية، ومن أعلى جهاز رقابي في البلاد.. نعنى الجهاز المركزى للمحاسبات.

ونود أن نؤكد هنا أن كل الوقائع المهمة فيما يتصل بشركة الحديد والصلب والأرقام الواردة فيها مأخوذة من تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات المقدم إلى الجمعية العمومية للشركة، المنعقدة فى شهر نوفمبر ٢٠١٩.. مع ضرورة التأكيد أيضا على اختلافنا مع الاستنتاج الذى يذهب إليه تقرير الجهاز، حول ضرورة التفكير فى تصفية الشركة.

ونقدم فيما يلى أمثلة لبعض وقائع الفساد وسوء الإدارة التى تحمل على القطاع ـ وليس الظن بأن انهيار أوضاع شركة الحديد والصلب كان نتيجة "لفعل فاعل" ولتعمد "تخسير" الشركة بما يؤدى إلى تصفيتها فى النهاية.. وكلها وقائع تمت تحت سمع وبصر الشركة القابضة للصناعات المعدنية، ووزارتى قطاع الأعمال العام، والتجارة والصناعة وعلى مدى سنوات طويلة.

١ - يشير تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات (فى نوفمبر ٢٠١٩) إلى أن الانعدام شبه التام لعمليات الإحلال والتجديد هبطت بنسبة أوقات التشغيل إلى ٨٪ (ثمانية بالمائة) فقط من وقت التشغيل الإنتاجى المفترض للشركة!

وذلك نتيجة لتعطل ثلاثة من أفرانها الأربعة تماما، ولأن الرابع كان يعمل بجزء صغير فقط من طاقته المفترضة! أى أن التشغيل والإنتاج كان الاستثناء "النادر" بينما التوقف عن الإنتاج كان القاعدة (٩٢٪) من الوقت المفترض!

وبديهى أن هذا الوضع الشاذ لم ينشأ فجأة، وإنما تدهورت الأوضاع تدريجيًا لتصل إليه، فأين كان المسئولون فى الشركة وفي الشركة القابضة، وفى وزارتى قطاع الأعمال والتجار والصناعة طوال تلك السنوات؟! وكيف أمكن أن يستمروا فى الحصول على مرتباتهم الضخمة بل ومكافآتهم وحوافزهم؟! وكيف أمكن أن يستمر وجود سكرتارياتهم وسائقيهم وسياراتهم الفارهة؟!! ثم يحاسبون الشعب المصرى على "الخسائر"؟!!

٢ - معروف أن شركة "ميت يروم" (الصناعات المعدنية) الروسية العملاقة التى أسست مجمع الحديد والصلب في حينه، قد تقدمت عدة مرات بعروض لإعادة تأهيل شركة الحديد والصلب المصرية بدءًا من عام ٢٠١٤ وعرضت الشركة الروسية استثمارات تبلغ ١٤٠ مليون يورو قابلة للزيادة حتى ٢١٠ ملايين يورو) من خلال شراكة مدتها ٢٠ سنة بين الشركتين، لإعادة تأهيل شركة حلوان، لكن كلا من الشركة القابضة للصناعات المعدنية وشركة الحديد والصلب أبلغت البورصة أن العرض "غير مناسب" دون أن تهتما حتى بمناقشة العرض أو التفاوض حوله مع الشركة الروسية "اليوم السابع، ١٧ يونيو ٢٠١٩" مع أن هذا العرض كان الرد الوحيد الذى تلقته شركة الحديد والصلب على دعوة وجهتها للشركات العالمية لمساعدتها على عملية إعادة التأهيل.

وبديهى أننا لن نأخذ كلام الجانب الروسى على علاته، لكن ما يلفت النظر هو أن قيادة الشركة لم تهتم بشرح موقفها للرأى العام المصرى، بالرغم من التصريحات المتكررة لممثل الشركة الروسية لوسائل إعلام مصرية (جريدة المال وموقع مصراوى ١٧ ابريل ٢٠١٩).. ونُكرر.. بالرغم من أنه العرض الوحيد الذى تقدمت به شركة عالمية لضخ استثمارات فى شركة الحديد والصلب المصرية!!

٣ - وإذا كانت شركة الحديد والصلب تملك أصولا ضخمة غير مستغلة، وغير داخلة فى عملية الإنتاج (٧٩٠ فدانا فى التبين/ و٦٥٤ فدانا في الواحات البحرية/ و٤٥ فدانا مشتراة من القومية للأسمنت) وذلك بخلاف الأماكن الخالية من المساحة الرئيسية لمنطقة المصانع (٢٥٠٠ فدان) فلماذا لم تفكّر الشركة.. أو الشركة القابضة.. أو الحكومة فى بيع جزء من هذه الأصول لاستثمار العائد فى الإحلال والتجديد و(تعويم) وضع الشركة؟؟!! هل هذا يحتاج إلى ذكاء خاص؟!!

و٤ - وبمناسبة الأصول غير المستغلة فإن شركة الحديد والصلب لديها مثلا "خردة" تزيد على ٩٣٠ ألف فدان وتبلغ قيمتها ٤ إلى ٥ مليارات جنيه بأسعار البورصة العالمية للخردة.. أى ما يغطى أكثر من نصف قيمة الخسائر ويمكن أن يوفّر سيولة عالية.. لكن المحاولة الوحيدة للاستفادة من هذه الخردة تحولت إلى مهزلة حقيقية.

فقد عقدت الشركة صفقة مع "شركة المصريين للصلب/ أبوهشيمة" في سبتمبر ٢٠١٨ تبيع بموجبها ٢٣٠ ألف طن خردة قدَّر الخبراء قيمتها وقتها بنحو ١.٢ مليار جنيه (بوابة الأهرام واليوم السابع، وصحف ومواقع أخرى، ٢٥ سبتمبر ٢٠١٨) وينص العقد على إجراء معالجة محددة للخردة قبل تسليمها.. فماذا حدث؟

يذكر تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات أن شركة الحديد والصلب حققت خسائر بقيمة ٥٩ مليون جنيه عن كميات الخردة المُسلَّمة لشركة حديد المصريين.. والبالغة ١٥.٨ ألف طن فقط!! بسبب ارتفاع نسبة الفاقد أثناء التجهيز (٢٥٪) وارتفاع تكلفة المعالجة (لأسباب لم يذكرها التقرير).. أى أن الشركة خسرت ٥٩ مليون جنيه مع تسليم ٧٪ فقط من الصفقة!! ولا نعرف شيئًا عن مصير بقية الصفقة، لكن المؤكد أن ما حدث لا يمكن تسميته إلا "بالتجارة في الخسارة!! والمؤكد أن هناك ما يثير الريبة.

٥ - ثروات فى مهب الريح وقد أشرنا أعلاه إلى مساحات كبيرة من الأراضى غير المستغلة التي تملكها الشركة.. تقدر بنحو ألف وخمسمائة فدان والغريب أن هذه المساحات الشاسعة لاتزال حتى الآن غير مسجلة، مما يعرضها للعبث بها والاستيلاء عليها من جانب بعض الفاسدين أو أصحاب النفوذ والخارجين على القانون.. (تقرير الجهاز المركزى المشار إليه).. ولا نرى سببا لتقاعس الشركة في حماية هذه الأراضى بتسجيلها قانونا حتى الآن..

فضيحة اسمها "فحم الكوك"!!

٦ - من المعروف أن صناعة الحديد والصلب تحتاج إلى فحم الكوك، كما يحتاج الإنسان إلى الهواء.. ولذلك فإن هاتين الصناعتين متلازمتان وقد أقامت الدولة شركة الكوك إلى جانب شركة الحديد والصلب مباشرة في التبين لتأمين سهولة إمدادها باحتياجاتها من الكوك الذى تحتاج منه (ألف طن يوميا) لأفران صهر الحديد.. كما أن من الضرورى أن يكون لدى الشركة احتياطى استراتيجى من فحم الكوك تحسبا لأى طارئ.

لكن تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات يشير إلى عدم وجود أى احتياطى بسبب عدم انتظام توريدات فحم الكوك إلى شركة الحديد والصلب.. والتى تنخفض إلى ١٠ أطنان يوميا بدلا من ١٠٠٠ طن هى احتياجات الشركة!!

المفاجأة التى يفجّرها تقرير الجهاز مرجعها إلى أن شركة الحديد والصلب لا تسدد ديونها لشركة الكوك (أكثر من ٤٠٠ مليون جنيه) فتمتنع شركة الكوك عن التوريد.. فماذا تفعل شركة الحديد والصلب؟ تستدين من البنوك أموالا بالدولارات!! لتستورد فحم الكوك من الخارج (كما حدث فى شهر سبتمبر ٢٠١٨)!! حيث استوردت الشركة (٣٢ ألف طن) بالعملة الصعبة!! وتكبدت نفقات نقلها من الخارج إلى مصر، ثم من الموانئ إلى حلوان!! بدلا من أن تدفع ديونها للشركة المجاورة (الحيط فى الحيط)!! ويتم النقل بمنتهى السلاسة.. فهل هناك جنون وفساد وتسيب أكثر من هذا؟! الحقيقة أنه كان من المستحيل تصديق مثل هذه النكتة السمجة.. أو الفضيحة المدوية، لولا ورودها فى تقرير جهاز محترم عالى المصداقية، كالجهاز المركزى للمحاسبات!!

والأغرب من الخيال أن يكون المسئولون عن هذه المهزلة السوداء والفضيحة المدوية لايزالون جالسين على مقاعدهم حتى الآن!! وبعلم رؤسائهم!!

ويمكن أن نستمر فى ذكر الأمثلة المخيفة.. ومن واقع تقارير رسمية لكننا نعتقد أن ما ذكرناه يكفي للتدليل على أن ما حدث مع شركة الحديد والصلب المصرية هو عملية اغتيال بدم بارد على امتداد سنوات طويلة.. وعلى مرأى ومسمع من أطراف عديدة مسئولة.. ومن أجهزة رقابية رفيعة المستوى.

أوقفوا المهزلة!

وبكلمات أخرى فإن المصير الذى وصلت إليه شركة الحديد والصلب المصرية لم يكن محتوما بأى شكل من الأشكال وقرار تصفية الشركة هو قرار خاطئ تماما، بالرغم من الأوضاع الصعبة التى أوصلها إليها المسئولون عنها.. فمقومات نهوض الشركة موجودة من أصول ضخمة يمكن استخدامها فى عملية إعادة تأهيل الشركة ومناجم مملوكة لها.. وعمالة فنية رفيعة المستوى.. وشركاء أجانب يملكون اسمًا محترما ويمكن الاعتماد علي جديتهم وخبرتهم الفنية، والتفاوض معهم حول الشروط العادلة للشراكة وإعادة التأهيل.. والسوق فى مسيس الحاجة لمنتجات ذلك الصرح الصناعى العملاق، الذى أنفق عليه المصريون الكثير من عرقهم الغالى.

لكن الشرط الضرورى لبدء أى تحرك هو إحالة جميع المسئولين عن عملية الاغتيال الإجرامية هذه إلى المحاكمة.. وكنسهم جميعا من أى موقع للمسئولية مهما يكن صغيرا.. وإحلال آخرين محلهم من الشرفاء الجادين من خبراء الشركة الحاليين والسابقين وبدء العمل لإحياء الصرح الصناعى العملاق "شركة الحديد والصلب" على أسس جديدة.

نعم.. يجب إحالة كل ملف الشركة والمسئولين عنه إلى النائب العام ووقف وإلغاء قرار التصفية الخاطئ والضار بالاقتصاد الوطنى وهذا هو ما تدعو إليه اللجنة النقابية للعاملين بالحديد والصلب وما يدعو إليه الخبراء المحترمون المعروفون بنزاهتهم.

ويجب وضع كل الحقائق أمام الرأى العام، ليكون شريكًا فى مراقبة عملية إعادة تأهيل أهم صروح الصناعة المصرية.. من أجل مستقبل وطننا وأبنائنا.

 

 

 

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE