الأموال
الجمعة، 26 أبريل 2024 05:32 مـ
  • hdb
17 شوال 1445
26 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د.محمد فراج يكتب : سيناء.. خط أحمر للأمن القومى المصرى

الأموال


سيطرة الدولة والقوات المسلحة على «أرض الفيروز» ضرورة مطلقة لأمن الوطن
الدعوات المشبوهة لإضعاف سلطة الدولة فى سيناء.. خيانة وطنية
لا تنمية ولا قضاء على الإرهاب.. بدون القبضة القوية للدولة والجيش

المؤامرات والمخططات الهادفة لإضعاف مصر وتقسيمها؛ قديمة نطالعها فى الكتابات الصهيونية والغربية منذ عقود طويلة.. لكن الجديد هذه الأيام أن يجىء طرح المؤامرة بقلم يحمل صاحبه جواز سفر مصرياً. لا يستحق شرف حمله.
كاتب اسمه المستعار «نيوتن» خرج علينا فى جريدة «المصرى اليوم» (الأحد 12 أبريل).
بمقال يطفح بالأكاذيب وخلط الحقائق والأفكار بصورة خبيثة تنتهى إلى فكرة واحدة واضحة، هى إقامة كيان جديد فى شبه جزيرة سيناء، مستقل عن الدولة المصرية اقتصادياً ومادياً وقانونياً واستثمارياً، ومن حيث الإدارة والحكم المحلى.. ولا يربطه بالدولة إلا الشئون الخارجية والدفاع!! ولكنك إذا أمعنت النظر قليلاً فى خطة السيد «نيوتن» فستكتشف أن هذه الرابطة الدفاعية والخارجية لابد أن تنتهى إلى سلخ هذا «الإقليم» عن جسد الدولة، ثم إقامة «أقاليم جديدة» تنسلخ بدورها عن الدولة المصرية، فى حالة نجاح الكيان المشبوه فى سيناء!!
بائع الأوهام
المقال المسموم يحمل عنوانا يبدو بريئاً.. «استحداث وظيفة».. لكنك سرعان ما تكتشف أن هذه الوظيفة هى «حاكم سيناء»!! وأن الكاتب الهمام يقترح الوظيفة «ويتصدر لها» وإذا كنا نفهم اللغة العربية فإن تعبير «أتصدر لها» يعنى أن السيد نيوتن يرشح نفسه لشغل هذه الوظيفة!! التى ستكون «بالتعاقد لمدة 6 سنوات«!!
والغريب أننا لا نعرف اسم السيد الكاتب المرشح لأن يكون حاكماً «لإقليم سيناء»!! لأن السيد نيوتن يختبىء خلف اسم مستعار!! وقد سئل الأستاذ/ صلاح دياب صاحب وناشر «المصرى اليوم» عما إن كان هو «نيوتن» فأنكر.. وإذن فنحن أمام مجهول يرشح نفسه «لحكم» سيناء وفصلها عن الدولة المصرية - ونأمل أن نعرف اسمه حين يحل أوان «التعاقد« معه!.
أما عن صفات هذا السيد «الحاكم» فيبادر الكاتب للقول بأن «عمره ليس مهماً» ويضرب المثل بصانع المعجزة الصينية «دنج شياو بنج» الذى تولى الحكم وعمره (81 عاماً) كما أن الشعب الماليزى أعاد مهاتير محمد إلى الحكم وعمره (91 عاماً).. فيتجاهل الأستاذ / نيوتن أموراً (بسيطة) من قبيل أن (دنج) كان أحد زعماء الثورة الصينية منذ الأربعينيات ثم أحد زعماء الدولة وزملاء مؤسسها (ماو تسى تونج) .. وأن مهاتير محمد هو صانع المعجزة الاقتصادية الماليزية، واستقال من رئاسة الوزراء برغبته.. ثم عاد حينما طلبه الشعب.. بينما نحن لا نعرف عن نيوتن حتى اسمه الحقيقى!! فعلى أى أساس سنتعاقد مع سياته «كحاكم» لسيناء.. أعز قطعة فى أرضنا والتى روت دماء شهدائنا كل شبر فيها.. ومنطقتنا الحدودية مع الدولة الصهيونية؟؟!!.
المهم.. سيتمتع الحاكم المرتقب «بالاستقلال التام» عن «بيروقراطية القوانين السائدة فى الدولة».. و«عن ميزانية الدولة».. وسيكون من حقه التصرف فى «الاستثمار فى الأراضى». ولنلاحظ أنها الأراضى المروية بالدم المصرى، والتى تتلمظ عليها الدولة الصهيونية..
فيضيف- لا فض فوه -: لن نضيع وقتاً فى اختراع نظم بقوانين جديدة سنستعيد النظم والقوانين المطبقة فى دول ناجحة مثل سنغافورة أو ماليزيا أو هونج كونج و«سيكون هذا الإقليم قاطرة للتقدم والازدهار لمصر».. وإذا نجحت الفكرة فسوف» تنطلق سيناء لتصبح أحد النمور الإفريقية - الآسيوية» أما إذا فشلت التجربة فليس هناك الكثير لكى نبكى عليه».
أما مقومات النجاح التى يقول عليها الأستاذ نيوتن فهى نفس المقومات الموجودة حالياً.. أى عناصر الجذب السياحى والثروات المعدنية الموجودة في أرض الفيروز - حسناً - لماذا لا تنجح الدولة المصرية فى استخدام هذه المقومات لتحويل سيناء إلى نمر آسيوى.. إفريقى؟؟.
لا يقدم الأستاذ نيوتن أى برنامج للتنمية والاستثمار يحول «الفشل» الحالى إلى معجزة سوى عبقرية سيادته واستقلاله شبه التام عن الدولة المصرية، واستيراد قوانين ونظم من دولة ناجحة .. بغض النظر عن التباين الكبير بين ظروف هذه الدول، وتطورها التاريخى، وتعداد سكانها وتركيبتهم والعلاقات فيما بينهم والموقع الجغرافى، والتحديات الخاصة التى تواجهها التنمية سواء كانت محلية أو إقليمية أو دولية.. ولا كلمة عن هذا كله يذكرها السيد نيوتن.. وبالطبع.. ولا كلمة عن علاقة مشروعة فى سيناء بالأمن القومى.
كذب وإرهاب فكرى
أما إذا لم يعجبك مشروع الأستاذ نيوتن الغامض والخطر على الأمن القومى، فالاتهام جاهز لك بأنك من أصحاب التفكير سيئي النية، وإنك تعتبر سيناء خطاً أحمر لتظل مهجورة جرداء، أو ملعباً مفتوحاً للجماعات المتطرفة والصفقات المشبوهة».
وإذا لم يكن هذا إرهاباً فكرياً سافراً ومغالطة فجة، فماذا يكون بالله عليك يا سيد «نيوتن»؟؟!!
نعم يا سيدى نحن نعتبر سيناء خطاً أحمر لأمننا القومى، لأنها منطقة حدودنا الشرقية مع دولة لا تخفى أطماعها فى أرضنا، بل وفى كل المنطقة الممتدة من النيل إلى الفرات، التى يعتبرها الصهاينة «أرضاً موعودة» لهم بحكم «وعد إلهى» مزعوم ولأن إسرائيل احتلت سيناء مرتين خلال فترة زمنية قصيرة فى ١٩٥٦ ـ ١٩٦٧ ، وكلفنا تحريرها دماء زكية غزيرة فى حرب أكتوبر ١٩٧٣ .. ولأنها كانت على مدى التاريخ طريق الغزاة إلى الدلتا ووادى النيل أو الحاجز الذى يحمى بلادنا من الأعداء.
وإذا لم يكن هذا كله يكفى لاعتبار سيناء خطاً أحمر لأمننا القومى فهذه مشكلتك أنت.. ولا نظن أن هذا الأمن القومى وخطوطه الحمراء تعنيك.. ولكننا لن نسمح لك أو لغيرك بإرهابنا فكرياً.. وستظل سيناء خطاً أحمر ومنطقة حدودية بالغة الحساسية يجب أن تظل دائماً تحت القبضة القوية للدولة المصرية والقوات المسلحة.. ولا يمكن التصرف فى أرضها بدون موافقة الدولة والجيش.. وهذا أمر لا يمنع استثمارها وفق الضوابط المحددة.
وهنا نأتى إلى الكذب الذى يمارسه السيد نيوتن بوقاحة حينما يزعم أن من لا يوافق على مشروعه المشبوه يريد أن «تظل (سيناء) مهجورة جرداء»!! فأرض الفيروز ليست مهجورة ولا جرداء، وإن لم يكن مستوى استثمارها مرضياً لنا.. ويكفى أن نشير إلى الاستثمارات السياحية والعمرانية فيها من رأس سدر إلى شرم الشيخ ثم إلى نويبع ودهب وطابا على خليجى السويس والعقبة.. وإلى الاستثمارات الكبيرة فى منطقة شرق بورسعيد، واستصلاح الأراضى الزراعية فى المناطق المحيطة بالقنطرة شرق وصولاً إلى بئر العبد ـ ومشروعات من ترعة السلام ومياه النيل إلى سيناء، والأنفاق الجديدة التى تصل بين سيناء وغربى القناة .. وغير ذلك كثير، فضلاً عن الطرق القديمة والجديدة والمطارات وامتدادات المدن.. فكيف يمكن القول إن سيناء مهجورة جرداء.
أما قولك إن سيناء «ملعب للإرهاب» وأن من يعارض مشروعك المشبوه يريدها أن تظل كذلك، فهو تطاول وقح يا سيد نيوتن، على الحقيقة وعلى الجهود الكبيرة للقوات المسلحة المصرية فى التصدى للإرهاب.. وهى جهود حققت نتائج جيدة لا ينكرها إلا جاحد ـ وهى تتكامل مع جهود التعمير لتجتث الأرض التى يتحرك عليها الإرهاب.
ويعرف الجميع أن القوى التى تقف وراء الإرهاب وتدعمه بكل السبل هى القوى الراغبة فى إضعاف الدولة المصرية وسلخ سيناء عن الوطن- وهو حلم لن ينجحوا فى تحقيقه مهما فعلوا ـ فكيف سينجح مشروعك البائس فى القضاء على الإرهاب بدون جهود الدولة المصرية وسيطرتها على سيناء؟
وإذا كان وجود الدولة والقوات المسلحة ضرورياً لتحقيق هدفى التعمير والقضاء على الإرهاب، فلماذا تسلم الدولة سيناء «لحاكم» مشبوه يستبعد سلطتها وسيطرتها؟ ويفتح الباب على مصراعيه للتصرف فى أرضها وامتلاك الأجانب لها، وسيطرتهم على الاستثمارات فيها.. لنصحو ذات يوم فنجد الصهاينة وغيرهم من الطامعين فى سيناء وقد سيطروا عليها، وحققوا بالمال والتغلغل مختلف الأشكال ما عجزوا عن تحقيقه بالحرب، وما أراق شعبنا دماء أبنائه الزكية عزيرة لكى يحول دون تحقيقه.
صفقة القرن .. والمؤامرات على سيناء
الأحداث الاستعمارية لإضعاف مصر وتقسيمها معروفة منذ عهد الاحتلال البريطانى.. وإذا كانت بريطانيا قد سعت لتقسيم مصر على أساس طائفى إلى دولتين مسلحة وقبطية، وأطاح شعبنا فى حينه بهذه المؤامرة، فإن الخطط الاستعمارية الصهيونية والأمريكية تهدف الن ـ وبصورة معلنة تتحدث عنها خطط ومشروعات مراكز إسرائيلية وأمريكية مختلفة منها مثلاً مؤسسة راند التابعة للبنتاجون ـ تهدف لتقسيم مصر إلى خمس دويلات «إسلامية ـ وقبطية ونوبية فى أقصى الجنوب ـ وأمازيجية فى سيوة وغيرها من الواحات ـ وبدوية فى سيناء» وهذه النقطة الأخيرة بالذات هى ما تهدف خطتك المشبوهة لتحقيقه.. سلخ سيناء عن مصر وتحويلها إلى مجال حيوى للتوسع الصهوينى، وظهير للكيان الإسرائيلى، مع اقتطاع جزء من الشمال الشرقى من شبه الجزيرة لإقامة كيان فلسطينى عميل باسم «غزة الكبرى» فى إطار صفقة القرن التى أفشلها الشعب الفلسطينى والرفض المصرى والعربى.
والآن تجيء خطة مشبوهة مثل خطة نيوتن للالتفاف على هذا الرفض المصرى والعربى والفلسطينى لمحاولة إدخال صفقة القرن و«غزة الكبرى» وتبادل الأراضى من مدخل آخر.
وهدف ثان ـ يستحق كتابة مستقلة هو استغلال العلاقات الإسرائيلية الأثيوبية للضغط على مصر فى قضية سد النهضة، لإجبارها على توصيل مياه النيل لإسرائيل عبر سيناء، مقابل تسوية الخلافات بين القاهرة وأديس أبابا حول مياه النيل .. وهو أيضاً ما لا يمكن أن تقبل به مصر.
وتأتى كل هذ المخططات المشبوهة والمؤامرات فى سياق محاولة فرض الهيمنة الأمريكية ـ الصهيونية على المنطقة، عبر إضعاف مصر وحصارها وتقسيمها إن أمكن، لأن مصر هى الصخرة التى يستند إليها العالم العربى بمجمله .. لكن الشعب المصرى ودولته وجيشه سيهزمون هذه المؤامرة، كما فعلوا عبر التاريخ.
وخلاصة القول أن «خطة نيوتن» المشبوهة والمفضوحة، وإن كان كاتبها يحمل جواز سفر مصرياً، فإنها تعبر عن أهداف ومخططات أعداء مصر وشعبها وجيشها ـ ويتصور هؤلاء أن انشغالنا بكارثة وباء كورونا وبمشكلة سد النهضة يمكن أن يتيح لهم الفرصة لتمرير أفكارهم المنحطة إلى الرأى العام، وإغرائه بالمكاسب الاقتصادية الوهمية، لتكتسب هذه الأفكار الخبيثة نوعاً من حق الوجود فى مجال النقاش العام.
ولكننا نثق أن الرأى العام المصرى لن يتجاوب بأى شكل من الأشكال مع هذه الأفكار المشبوهة التى تنحط إلى درك الخيانة الوطنية .. وأن المثقفين والإعلاميين المصريين سيتصدون لها بكل قوة وحسم، ويفضحونها، ويئدونها فى مهدها.. فسيناء خط أحمر.. وكل ما يتعلق بالأمن القومى المصرى خط أحمر.. ولو كره الكارهون من العملاء والإرهابيين فى الداخل وأسيادهم خارج الحدود.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE