الأموال
السبت، 27 أبريل 2024 12:25 صـ
  • hdb
17 شوال 1445
27 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

د. محمد فراج يكتب :السوريون في مصر.. أهل وأصحاب بيت.. وليسوا لاجئين (2-3)

الأموال

تحدثنا في الجزء الأول من هذا المقال (الأموال ـ 16 يونيو 2019) عن قضية اللاجئين السوريين في مصر، بمناسبة الحملة الظالمة ضدهم، التى استندت إلي مبالغات وتعميمات واضحة الخطأ ــ كما أوضحنا بالأرقام الموثقة والوقائع ــ بما يكشف عن تحامل أصحابها ضد وجود إخوتنا السوريين بين أهلهم وأشقائهم في مصر.. وأشرنا إلي الحملة الشعبية الجارفة التي شهدتها وسائل التواصل الاجتماعي دفاعًا عن إخوتنا وأهلنا السوريين، ورفضًا للحملة الظالمة ضدهم التي شملت الجميع دون تفرقة بين أغلبية ساحقة محترمة، ويمثل وجودها إضافة إيجابية للاقتصاد المصرى، وأقلية منحرفة يمكن ـ ويجب ـ محاصرتها وإبعادها حفاظًا على أمن البلاد، مؤكدين أن هذا الأمن خط أحمر لا يمكن التساهل فيه.
وقد ناقشنا في الجزء الأول من مقالنا عددًا من القضايا المهمة المتصلة بوجود إخوتنا السوريين في مصر. ونعتز بأن «الأموال» كانت أول صحيفة تتعرَّض بنقاش موسع لهذه القضية الهامة سواء على صفحاتها أو على موقعها الإلكتروني.
غير أن المناقشات التى دارت خلال الأسبوع المنقضي سواء حول مقالنا أو حول مقالات أخرى أو برامج تلفزيونية أو منشورات على وسائل التواصل الاجتماعى، قد أوضحت وجود نقص فادح في المعلومات الاقتصادية المتصلة بوجود إخوتنا السوريين في مصر، والأوضاع الاقتصادية والسياسية والعسكرية في سوريا وانعكاسها على قضية اللجوء الجماهيرى الواسع لمواطنيها، والعقبات التي تقيمها الدول الغربية الكبري وبعض المنظمات الدولية أمام عودة اللاجئين السوريين إلي بلادهم.. كما كشفت عن خلل جسيم لدى كثير من القراء (وربما الكُتّاب) فيما يتصل بقضايا الأمن الاقتصادى وأمن الاستثمارات الأجنبية وعلاقته بالأمن القومي المصري، مما يقتضي المناقشة والتوضيح.
ولنبدأ بقضية الأمن نظرًا لحساسيتها الخاصة..
وقد أوضحنا في الجزء الأول من مقالنا المبالغة الشديدة للغاية في تقدير حجم الاستثمارات السورية في مصر بـ23 مليار دولار. والتى ربط السيد المحامى الذى فجَّر الحملة بينها وبين الإخوان، بما يجعل سحبها فى أى لحظة يمكن أن يكون سببًا في انهيار الاقتصاد المصرى!! أو يجعل وجودها وتغلغلها في هذا الاقتصاد أساسًا للسيطرة عليه!! (ولم يقدم السيد المحامى أى مصدر أو سند للرقم الذى ذكره)..
وأوضحنا أن حجم هذه الاستثمارات (حسب إحصاءات الأمم المتحدة) يبلغ 800 مليون دولار ولا يمكن أن يزيد عن 1.5 مليار دولار في حالة عدم تسجيل كل هذه الاستثمارات بصورة دقيقة.. وهو ما أكدته جريدة «المصرى اليوم» (الاثنين 17 يونيو 2019 ـ ص12) استنادًا إلى أرقام هيئة الاستثمار، ووزارتى الاستثمار والتعاون الدولى، والتجارة والصناعة لعام 2018 (800 مليون دولار من خلال 30 ألف مستثمر ــ و818 شركة صغيرة ومتوسطة) «المصرى اليوم ـ 17 يونيو 2019»..
كما أوضحنا أن حجم الاستثمارات الخارجية المتدفقة علي مصر منذ عام 2011 لا تسمح إطلاقاً بوجود أرقام خرافية مثل 23 مليار دولار.. بمعدل تدفق 3 مليارات دولار سنويا منذ عام 2011!! (راجع بالتفصيل «الأموال» 16 يونيو.. وموقع الأموال ـ الخميس 13 يونيو 2019).
وبديهى أن الأرقام الحقيقية الموثقة التى ذكرناها لا يمكن أن تمثل تهديدًا من أى نوع لاقتصاد ضخم كالاقتصاد المصرى.. بل علي العكس تمثل إضافة إيجابية له.
وأشارت بعض المناقشات إلى أن اللاجئين السوريين يمثلون تهديدًا لقوة العمل المصرية.. والحقيقة أن هذا يمكن أن يصبح فقط في حالة ثبات حجم الاقتصاد، لكن الواقع أن اللاجئين السوريين يجلبون معهم استثمارات، ويقيمون مشروعات جديدة.. أى أنهم يخلقون فرص عمل جديدة لأنفسهم ولإخوانهم المصريين.. ويؤكد خلدون الموقع رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين أن نسبة العمالة المصرية في المشروعات السورية تبلغ 90٪ مقابل 10٪ من السوريين (المصرى اليوم ـ الثلاثاء، 18 يونيو 2019).. وحتى لو افترضنا أنه يرسم صورة وردية، فالواضح أن أغلبية العاملين في هذه المشروعات من المصريين.. وبالمناسبة فإن هيئة الاستثمار المصرية هى المسئولة عن أى خلل في تطبيق القانون في هذا الصدد.. وهو يفرض أن تكون أغلبية العاملين من المصريين.
وربما ليس من نافلة القول أن نعيد التذكير بأن عدد اللاجئين السوريين في مصر يبلغ (550 ألفا) بنسبة 10٪.. أى عُشر عدد اللاجئين العرب والأفارقة، الذين لا يجلبون معهم استثمارات، بل يحتاجون إلى فرص العمل والمساعدات.. فهل يستقيم مع ذلك كله أن يخرج علينا من يزعم أن وجود السوريين يمثل تهديدًا لفرص عمل المصريين؟! أليست هذه محاولة مكشوفة لإثارة نعرات وطنية زائفة ضد إخوتنا السوريين؟
وإخلاصًا للحقيقة لابد أن نشير إلى أن بعض التجار والصنَّاع السوريين (ونكرر: بعضهم وليس كلهم طبعًا) يقومون بتهريب الملابس الجاهزة أو المنسوجات أو خيوط الغزل.. دون دفع الجمارك الواجبة (المصرى اليوم ـ 18 يونيو 2019).. لكن الحقيقة أيضًا تقتضي الاعتراف بأن تجارًا وصناعًا مصريين ــ أكثر بكثير جدًاــ يرتكبون هذه الجريمة الضارة باقتصادنا الوطنى، وبموارد الدولة من الجمارك (نعنى التهريب).. وأن أجهزة الأمن المصرية لابد أن تقوم بجهود أكبر بكثير لإغلاق حدودنا ومنافذنا ضد التهريب، وتطبيق القانون بصرامة تامة على أى منتهك له.
وقد تحدثنا في الجزء الأول من مقالنا (موقع «الأموال» الإلكترونى ـ 13 يونيو وجريدة «الأموال» ، 16 يونيو 2019) عن الاتهامات التى وجهها منظمو الحملة المعادية لوجود إخوتنا السوريين في مصر إلى هؤلاء اللاجئين في عمومهم بالانتماء إلى «الإخوان» والتعاون معهم في استثمار وغسل أموال التنظيم الدولي للجماعة الإرهابية.. وأوضحنا بجلاء أنه لا يجوز أخذ الأغلبية الساحقة من الناس المستقيمين الشرفاء بجريرة أقلية ضئيلة من المجرمين والمنحرفين.. كما أوضحنا أن أجهزة الأمن المسئولة عن مراقبة «الإخوان» المصريين مطلوب منها كذلك مراقبة كل من يتصل بهم.. وكل من يثير الشبهة من المصريين وضيوف البلاد لقطع دابر الإرهاب.. ونضيف هنا أن أجهزة مخابرات وسفارات أجنبية (غربية وإقليمية) عديدة يمكن أن تقوم بأدوار قذرة، مما يقتضى اليقظة القصوى، واتخاذ الإجراءات الأمنية والقانونية ضد المجرمين، وليس إبعاد مجموعات وطنية أو قومية بأكملها.. فما بالك إذا كانت هذه المجموعات من إخوتنا وأهلنا!!
وهنا نأتى إلى قضية بالغة الأهمية فيما يتصل بالاستثمارات الأجنبية وعلاقتها بأمننا القومى.. فمن المعروف أن الشركات وصناديق الاستثمار الأمريكية والأوروبية الكبري يدخل في ملكيتها وإدارتها أعداد كبيرة من مزدوجى الجنسية (الإسرائيلية ـ الأمريكية أو الفرنسية أو البريطانية..إلخ) أو من المرتبطين بالحركة الصهيونية العالمية وإسرائيل.. ومعروف أن الحركة الصهيونية متغلغلة بعمق في أسواق المال العالمية.. وتلعب دورًا بالغ الأهمية والخطورة فى حركة رؤوس الأموال، (وفي حركة «الأموال الساخنة» التي تنهب ثروات البلدان الصغيرة بالذات عبر المضاربات والتلاعب في البورصات).. وكلنا نعرف مثلا دور المضارب الصهيونى المجري جورج سوروس في أزمة الأسواق المالية العالمية.
وبالتالي فإننا لا نستطيع أن نحصر اهتمامنا فيما يخص أمن مصر الاقتصادى (وأمن ونظافة الاستثمارات الخارجية) في أموال الإخوان وحدها، بالرغم من خطورتها، والخطورة الفادحة للإرهاب في اللحظة الراهنة.. مع التأكيد على ضرورة عدم التوانى عن ملاحقتها بكل يقظة وحزم.. فمصادر الخطر على أمننا القومى من بوابة الاقتصاد والاستثمارات الخارجية عديدة جدًا.. ولا تقل خطورة بالمعني الاستراتيجي عن خطر الإرهاب والتهديدات العسكرية.. وكل هذه المخاطر يجب أن تكون نُصب أعين أجهزة الأمن القومى على اختلاف تخصصاتها.. وأيضًا نُصب أعين الخبراء المعنيين ـ كل في مجاله ـ وأعين المثقفين الوطنيين وأهل الرأى والإعلام.
واللافت للنظر أن الاهتمام العام بهذه القضايا قد تراجع كثيرًا منذ أن انتشرت أفكار العولمة وحرية حركة رؤوس الأموال.. التي يتراجع عنها أصحابها الأصليون الآن.. ويشنون الحروب التجارية على العالم بأسره.. ومع ذلك تجد «خبراء» الاقتصاد ووكلاء الشركات الأجنبية ومافيا التصدير والاستيراد ودعاة تنصيب إسرائيل زعيمة اقتصادية وسياسية وعسكرية للمنطقة، وفقًا للمخطط الأمريكى.. بينما هم لا يبدون أدنى اكتراث تجاه تلك المصادر للخطر الفادح علي أمننا الاقتصادى والقومى.
أما نحن فلا ننسى استغلال إسرائيل للاستثمار في مجال الغزل والنسيج للتجسس الاقتصادي من خلال الصهيونى «عزام عزام» الذى كان مديرًا لأحد مصانع الاستثمار في مدينة العاشر من رمضان.
ولا ننسى شراء مستثمرين قطريين لمساحة من أرض سيناء للاستثمار السياحى في عهد مبارك ثم إدخالهم لمستثمرين إسرائيليين كشركاء، في هذه البقعة الغالية والحساسة من أرضنا، مما أدى لتدخل الدولة المصرية لتصفية المشروع كله.. ثم أدى فيما بعد إلى وضع القوات المسلحة لضوابط علي الاستثمار في سيناء، وخصوصا ملكية الأرض، حفاظا علي الأمن القومي.
وباختصار فإننا نعيش في عالم مفتوح، ومصادر الخطر علي أمننا القومى (وأمننا الاقتصادي كجزء أساسى منه) متنوعة وكثيرة.. ولذلك فإن نظرتنا لهذه القضايا يجب أن تكون واسعة.. وأعين أجهزة أمننا القومى لابد أن تكون مفتوحة على كل مصادر الخطر هذه.. وبديهى أن هذا يتطلب جهدًا هائلاً.. ولكن لا مفر منه كما برهنت الوقائع وتبرهن كل يوم.
وبالمناسبة فإن توظيف كل هؤلاء المتربصين بنا «للإخوان» ضد أمننا يظل احتمالا قويًا، إذا لم يكن العمل جاريا علي هذا الصعيد بالفعل.. فالمال لا دين له.. والإخوان لا وطن لهم!! والوطن عندهم «ليس إلا حفنة من تراب عفن»!! حسب تعبير سيد قطب الشهير.
فهل يترك البعض كل هذه الأخطار والاعتبارات الكبيرة ليصبوا اتهاماتهم علي إخواننا وأهلنا السوريين.. وكأنهم أصبحوا مصدر الخطر الأكبر علي أمننا القومى؟!! نسأل الله أن ينير بصائرنا..
(وللحديث بقية)،،

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE