الأموال
الجمعة، 26 أبريل 2024 12:56 مـ
  • hdb
17 شوال 1445
26 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب: محافظة القاهرة التى تحارب الثقافة

الأموال

 

 

مشهد مؤسف ومخجل يستوقفنى منذ عدة أسابيع أمام »أكشاك« بيع الصحف وبعضها يبيع الكتب أيضًا، حيث أجدها ملقاة علي الأرض وقد تلطخت بالأتربة وعلي نحو بالغ الإهانة ليس للبائع والقراء فقط ولكن أيضًا للصحافة والثقافة.

هذا المشهد المؤسف الذى يعكس عدوانًا علي الثقافة.. سببه كما أبلغنى بائع للصحف والكتب في أحد ميادين »مصر الجديدة«.. أمر عليه يوميًا ذهابًا وإيابًا هو التجريدة التي شنها مسئولو محافظة القاهرة والحى والتى صادرت الـ»ستاندات« التى تُعرض عليها الصحف كوسيلة حضارية لائقة، وهى بالمناسبة مملوكة للمؤسسات الصحفية القومية.

< < <

ومما يُعد مدعاة للدهشة والعجب أن يبرّر مسئولو المحافظة وحى مصر الجديدة ومسئولو كل الأحياء إزالة »ستاندات« عرض الصحف باعتبارها تمثل إشغالا للطريق العام وتشويهًا للمظهر الحضارى، وكأن إلقاء الصحف والكتب علي الأرض هو المظهر الحضارى من وجهة نظر المحافظة.

< < <

المؤسف أيضًا أن يجرى هذا العدوان علي الثقافة بينما كان معرض الكتاب الدولي الذى يحمل اسم العاصمة المصرية القاهرة.. عاصمة الثقافة العربية والذى اختُتمت فعالياته قبل أسبوعين مفتوحا للمواطنين وللمثقفين من أرجاء العالم العربى وعلي النحو الذى يمثل زخمًا ثقافيًا لا يخفي أثره الكبير في إنعاش الحياة الثقافية وتشجيع الشباب علي القراءة في مواجهة طغيان الثقافة الإلكترونية التى تظل ثقافة هشة لا تؤسس لثقافة عميقة ودائمة، بينما يظل الكتاب والصحف الورقية هما الأصل وهما الوعاء الحقيقي للفكر والمعرفة.

< < <

هذا التضييق علي أكشاك بيع الصحف والكتب يعكس تناقضا في المشهد الثقافى بل خللا فادحًا في المنظومة الحكومية وعلى النحو الذى يتبدّى جليًا بين مسلك مسئولى المحافظة والأحياء وبين مسعى وزارة الثقافة في نشر الثقافة وهو الأمر الذى يعنى أن الأجهزة الحكومية تعمل وكأنها فى جزر منعزلة.

المؤسف أيضًا أن مسئولى محافظة القاهرة والأحياء يتعاملون مع الجرائد والمجلات والكتب علي أنها مثل بقيةالسلع الأخرى التى تُباع علي الأرصفة وفي الشوارع والميادين وتمثل بالفعل إشغالاً للطريق وتشويهًا للمظهر الحضارى، وهو أمر يعكس غيبة الوعى بأهمية وقيمة الثقافة.

< < <

والمفارقة هنا في المشهد وفى مسلك مسئولي محافظة القاهرة وأحيائها هى أنهم يمارسون هذا العدوان على الثقافة، بينما يتغافلون أو يغفلون عن باعة الطماطم والفاكهة ولا يعتبرون ذلك إشغالا للطريق ولا تشويهًا للمظهر الحضارى رغم تلويثهم للطريق بمخلفات البيع ورغم تلويثهم للمظهر الحضارى بالفعل!

< < <

الأمر الآخر وبعيدًا عن العدوان على الثقافة هو العدوان علي أصحاب »أكشاك« بيع الصحف والكتب بالتضييق عليهم ومحاربتهم في أرزاقهم، بعد أن تسبب إلقاء الكتب والصحف علي الأرض في نفور المواطنين من شرائها بعد أن تلوثت بالأتربة.

بل إن أحد أصحاب »الأكشاك« في أحد الميادين الكبري بمصر الجديدة تعرّض لعدوان كبير بعد أن أرغمه مسئولو الحى على إغلاق »كشك« جانبى مرخص لبيع الكتب ولا يمثل أى إشغال للطريق ولا يشغل حيزًا يذكر فوق الرصيف إذ إنه خلف »كشك« كبير لبيع السجائر والحلوى، ومن ثم فقد الجزء الأكبر من رزقه من عائدات بيع الكتب، وفي نفس الوقت فقد الشباب والطلاب الذين اعتادوا شراء الكتب منه فرصتهم في التعرف علي أحدث الإصدارات الثقافية، وهم من كنت أراهم يوميًا يتوافدون عليه لشراء الكتب بل في استبدال كتبهم القديمة التي فرغوا من قراءتها بأخرى حديثة.

< < <

خلاصة القول في هذه القضية المهمة هي أن هذا العدوان علي الثقافة والذى يعكس جهلا حقيقيا وصادمًا يستدعى تدخلا حكوميًا سريعًا وهو التدخل الذى يتعين أن يبدأ من خلال وزارة الثقافة ممثلة في الوزيرة المثقفة المستنيرة د. إيناس عبدالدايم لعرض الأمر على مجلس الوزراء في أول اجتماع مقبل لاتخاذ ما يلزم بالتنسيق مع وزير الإدارة المحلية لوقف هذا العدوان على الثقافة من جانب مسئولي محافظة القاهرة والأحياء.

وفى نفس الوقت فإن هذا التدخل منوط أيضًا بكل من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة بل بنقابة الصحفيين أيضا بحكم مسئولية هذه الجهات عن حماية الصحف والمجلات حتى يتم عرضها للجمهور بشكل لائق.

< < <

ثم لعله لا يخفي أخيرًا أن »أكشاك« بيع الصحف والكتب في مظهر حضارى لائق تُعد بمثابة معارض دائمة للثقافة والمعرفة متاحة للمواطنين وللشباب بوجه خاص في وقت تواجه فيه الدولة المصرية خطر الإرهاب والذى يبدأ بالأفكار التكفيرية الهدامة التى تتسرب إلى عقول الشباب وتجد فرصتها السانحة للانتشار في غيبة الثقافة والتنوير، ومن ثم فإن هذه القضية ودون تهوين أو تهويل هى وبالضرورة قضية أمن قومى، لذا لزم التنويه والتنبيه.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE