الأموال
السبت، 27 أبريل 2024 10:44 مـ
  • hdb
18 شوال 1445
27 أبريل 2024
بنك القاهرة
CIB
الأموال

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرماجد علي

كُتاب الأموال

أسامة أيوب يكتب : خواطر سياسية في مئوية السادات

الأموال

 

مهما كان الخلاف مع الرئيس السادات أو الاختلاف حوله وحول سياساته وإنجازه الوطنى بانتصار السادس من أكتوبر 1973 وتحرير سيناء.. حربا وسلاما، وهو الإنجاز السياسي الوطنى الذى لايزال البعض من خصومه ومعارضيه لا يريدون الاعتراف به..

.. إلا أن مرور مائة عام علي ميلاده بعد غد (الثلاثاء) 25 ديسمبر الجارى.. مناسبة وطنية وتاريخية مصرية يتعين أن تحتفل بها مصر كلها.. قيادة وحكومة وشعبا، بل إنها مناسبة تستوجب احتفال كافة هيئات ومؤسسات ومنظمات الدولة.

إن مصر التي أنجبت أنور السادات يحق لها بل يجب عليها أن تفخر بابنها البار.. بوطنيته التى مارسها وأكدها وضحى من أجلها من سنوات كفاحه الأولي قبل يوليو 1952، ثم بدوره في الإعداد لحرب أكتوبر وإحراز النصر الذى أعاد للعسكرية المصرية مجدها التاريخى بقدر ما أعاد لمصر كرامتها التى اهتزت بشدة بهزيمة 5 يونيو 1967.

ثم إن لمصر أن تفخر بالسادات لدهائه السياسى واستشرافه للمستقبل بتحولاته الإقليمية والدولية وعلى النحو الذى دفعه للتوجه نحو السلام.. سبيلا ثانية بعد الحرب لاستكمال تحرير سيناء حين قام بمبادرته الشجاعة في نوفمبر 1977 وهو القائد المنتصر فى الحرب، وهى المبادرة التي زلزلت إسرائيل من الداخل مثلما زلزلها نصر أكتوبر والتي استحقت احترام المجتمع الدولي كله، والذى اعتبر السادات رجل سلام ورئيس بلد يرفض استمرار الحروب وإسالة الدماء وإنما يسعى للسلام العادل.

ثم إنه باقتدار سياسى أدار مفاوضات شاقة مع إسرائيل ورئيس حكومتها مناحم بيجن واستطاع بصبر بالغ لم يكن غيره يمتلك القدرة عليه أن يتوصل إلى السلام عبر اتفاقية كامب ديفيد في سبتمبر 1978، ثم معاهدة السلام في مارس 1979 والتي بمقتضاها استردت سيناء بالكامل.

< < <

ورغم هذا الإنجاز الذى حققه السادات وأحدث تحولا كبيرا في مسيرة الصراع العربي ـ الإسرائيلى، إذ فتح الباب أمام إمكانية حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية وتحرير الجولان السورية.

.. إلا أن الرفض المسبق من جانب السوريين والفلسطينيين وغيرهما من العرب الذين زايدوا على السادات واتهموه بالخيانة.. أغلق هذا الباب المفتوح والذى مازال موصدًا حتى الآن، بل إن ما كان ممكنًا في نهاية السبعينيات من القرن الماضى بات صعب المنال إن لم يكن من المستحيلات حتى وقتنا هذا وإلي أجل غير مسمى.

ولعل قراءة المشهد السياسى العربي والإقليمي بل الدولي أيضا في الوقت الراهن وقبل سنوات تؤكد أن السادات كان أبعد نظرًا من كل معاصريه بين الزعماء والسياسيين العرب وأكثرهم حرصا علي الشعوب العربية وفي مقدمتهم الشعب الفلسطينى، إذ أنه وكما أسلفنا استشرف المتغيرات الدولية والإقليمية، حيث كانت الفرصة سانحة عندما قام بمبادرته لأفضل حل ممكن للصراع العربي ـ الإسرائيلى قبل فوات الأوان.

< < <

وأحسب أن كل من عارضوا السادات وخوّنوه في تلك الأيام يعترفون الآن بأنه كان علي صواب وأنهم كانوا علي خطأ كبير، بل إن ما جرى للعراق ولصدام حسين الذى قاد المعارضة ضده وعبر ما أسماها جبهة الصمود والتصدى ثم ما جرى لسوريا وليبيا بعد ذلك سيظل يؤكد عمق رؤية السادات السياسية والاستراتيجية.

ولقد جاء وقت اعترف فيه الكثيرون من معارضى السادات وخصومه السياسيين سواء من المصريين أو المزايدين العرب بما أنجزه وأعاد لمصر أرضها المحتلة وأتاح لها الانطلاق بعد أن تحررت من ويلات وتكاليف الحروب الباهظة.. سياسيا واقتصايا وبشريا.

< < <

ومن المفارقات فإنه يُذكر لمحمد حسنين هيكل الذى كان أشد معارضي معاهدة السلام وخصوم السادات أنه اعترف في أحد أحاديثه بأن السادات كان علي صواب، غير أنه من المؤسف ومن المثير للدهشة أنه عاد وسحب اعترافه، وقال إنه غير مسئول عما يقوله بلسانه شفاهة ولكنه مسئول فقط عما يكتبه بقلمه!.. منتهى الضاد واللدد في الخصومة علي حساب الحقيقة التاريخية والمصالح الوطنية العليا.

< <<

وفى نفس الوقت فإنه يحسب للسادات شجاعته السياسية والوطنية حين بادر بالسلام بعد النصر في الحرب وعلى نحو علنى أمام شعبه وأمته العربية، بينما نشهد الآن تحركات ومساعى سرية وخفية من جانب بعض الأنظمة العربية للتقارب والتطبيع مع إسرائيل وهو تطبيع مجانى لا يحقق أى إنجاز حقيقى للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى الذى يتعرض لممارسات بلطجة الاحتلال الإسرائيلى!

< <<

ثم إنه يحسب للسادات أيضًا أنه فتح الباب الذى ظل موصدًا منذ يوليو 1952 أمام الحريات العامة وحرية التعبير وحرية الصحافة، ثم إنه فتح الباب أمام الحرية السياسية والديمقراطية بإعادة الحياة الحزبية وعودة الأحزاب التي أحدثت حراكًا سياسيًا ديمقراطيًا بعد غياب طويل.

< <<

ورغم أن الأقدار لم تشأ أن يشهد السادات آخر مرحلة من مراحل الانسحاب الإسرائيلي من سيناء ومن ثم لم يشهد اكتمال نصره في معركة السلام السياسية، حيث تم اغتياله يوم السادس من أكتوبر 1981 في ذكرى نصر أكتوبر الثانى، إلا أنه يظل صاحب قرار الحرب والنصر والسلام واستحق وصف العالم له بأنه بطل الحرب والسلام.

وإذا كان السادات قد ظُلم حيًا من معارضيه وخصومه السياسيين واغتيل في يوم عرسه، فإنه من المؤسف.. وطنيا وتاريخيا أنه لايزال يتعرض لبعض الظلم ميتا وهو ما يُعد اغتيالا ثانيا له بعد أن اغتيل جسديًا أول مرة.

<< <

ويبقى أن نترقب احتفالا وطنيا كبيرا بعد غد.. يليق بالسادات وبما قدمه لوطنه وشعبه وجيشه من عطاء سيظل في سجل التاريخ، إذ لا يليق أن تحتفل الولايات المتحدة بمئوية السادات وتمنحه الميدالية الذهبية كأول شخصية عربية يحصل عليها، وأن تمر هذه المناسبة فى صمت أو بما لا يجوز.

<< <

تلك كانت خواطرى السياسية والصحفية في مئوية السادات.. كواحد من أبناء جيل عاش انكسار هزيمة يونيو 67 ثم عاصر السادات ونصر أكتوبر وتحرير سيناء.

مصر للطيران

آخر الأخبار

بنك الاسكان
NBE