رئيس الرقابة المالية: تحديثات حوكمة مرتقبة للشركات المقيدة لرفع الشفافية والجودة

كشف الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، عن تعديلات مرتقبة في معايير الحوكمة للشركات المقيدة والعاملة في الأنشطة المالية غير المصرفية، تتضمن وضع ضوابط واضحة وعادلة لعملية تغيير المراجع الخارجي، بما يعزز استقلالية المراجع ويرفع كفاءة عمليات الفحص المالي.
كما أعلن عن توجه الهيئة لإصدار معايير جديدة للمحاسبة والمراجعة مخصصة للشركات الصغيرة والمتوسطة، بهدف دعم قدرتها على الامتثال ورفع جودة تقاريرها المالية، إضافة إلى التحرك نحو رقمنة مكاتب المراجعة لإحداث نقلة نوعية في جودة التقارير، من خلال تعاون بين معهد المحاسبين والمختبر التنظيمي للهيئة لدراسة آليات أتمتة عمليات المراجعة.
وفي سياق متصل، أكد الدكتور محمد فريد أن الهيئة العامة للرقابة المالية تقود إصلاحًا شاملًا وغير مسبوق لتحديث البنية التشريعية والتنظيمية لمهنة المحاسبة والمراجعة، استعدادًا للتعامل مع التحديات والفرص التي يفرضها عصر الذكاء الاصطناعي.
وجاء ذلك خلال كلمته الرئيسية في افتتاح مؤتمر "مستقبل مهنة المحاسبة والمراجعة في مصر في عصر الذكاء الاصطناعي" الذي عقد بالقاهرة السبت، بحضور أحمد كجوك وزير المالية، وممثلين عن الجهاز المركزي للمحاسبات ونقابة التجاريين.
وبصفته رئيسًا للجنة الدائمة لمعايير المحاسبة المصرية والمعايير المصرية للمراجعة والفحص المحدود ومهام التأكد الأخرى، أوضح فريد أن اللجنة أدخلت أكثر من 15 تعديلًا وتحديثًا جوهريًا على معايير المحاسبة المصرية، مشيرًا إلى أن استحداث بعض هذه المعايير كان يمثل "حلمًا" لأبناء المهنة قبل أن يتحول إلى واقع مطبق.
وأكد رئيس الهيئة أن عام 2027 سيكون محطة فارقة لاستكمال تحديث معايير المراجعة، مشددًا على أن "الوقت يمر سريعًا" وأن الهيئة ستطبق المنظومة الجديدة بحزم كامل على الشركات الخاضعة لرقابتها والشركات ذات الأسهم المتداولة بالأسواق.
وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، قد أصدر في مطلع نوفمبر الجاري القرار رقم 3725 لسنة 2025 بتطبيق المعايير المصرية الجديدة للمراجعة والفحص المالي، ليتم بموجبه إلغاء العمل بالمعايير السابقة اعتبارًا من أول يناير 2027، في خطوة تُعد أول تحديث شامل منذ عام 2008.
وأوضح فريد أن التحديثات الجديدة شملت موضوعات كانت تُعد شديدة التعقيد، مثل معايير تقييم الاستثمارات العقارية، والأصول الثابتة، والأصول غير الملموسة وكيفية تضمينها ومراجعتها.
وفيما يتعلق بتأثير الذكاء الاصطناعي، قال رئيس الهيئة:
"الاعتقاد بأن الذكاء الاصطناعي لن يكون له تأثير على مستوى التوظيف غير حقيقي… فالتأثير واقع بالفعل."
وأشار إلى تقارير صادرة عن شركات كبرى مدرجة ببورصات عالمية مثل ناسداك ونيويورك ولندن، والتي أعلنت عن الاستغناء عن موظفين نتيجة الاعتماد على كفاءات إنتاجية مدعومة بالذكاء الاصطناعي.
وأكد الدكتور فريد أن الذكاء الاصطناعي لن يعمل بكفاءة دون إطار صارم من المعايير المحاسبية والمراجعية المنضبطة، مشيرًا إلى أن الهدف الأول للهيئة هو تمكين المهنيين وضمان توافق النظام المصري مع المعايير الدولية.
وأضاف أن جوهر عملية المراجعة، القائم على التشكك المهني وحسن اتخاذ القرار، سيظل عنصرًا بشريًا أصيلًا، بينما سيعمل الذكاء الاصطناعي كأداة داعمة تقدم قرائن ومؤشرات أدق، وهو ما يستلزم تطويرًا نوعيًا لقدرات العاملين في المهنة.
وشدد على أن الرهان الحقيقي الآن هو على تطوير الكوادر البشرية، مؤكدًا انتهاء المخاوف السابقة من عدم قدرة العاملين على تطبيق المعايير الأكثر تعقيدًا، بفضل الإيمان بقدرات المهنيين المصريين.
واستشهد الدكتور فريد بمقولة:
"لا يزال المرء عالمًا ما طلب العلم، فإذا ظنّ أنه قد علم فقد جهل".
وأوضح أن الهيئة تتعاون مع كافة الجهات المرتبطة لتطوير المهنة، مشيرًا إلى خطة التدريب المتكاملة التي يقودها معهد الخدمات المالية بالتعاون مع نقابة التجاريين وجمعية المحاسبين والمراجعين والمعهد المصري للمحاسبين والمراجعين، والتي ستراعي احتياجات آلاف الشركات في السوق المصرية، وليس الشركات المقيدة فقط.
وأكد رئيس الهيئة على أن المنظومة الجديدة ستقود مهنة المحاسبة والمراجعة إلى مرحلة أكثر مهنية وانضباطًا وشفافية، قائلا:"أؤكد لكم… لن يسمح لأي طرف بالتأثير عليكم أو استبدالكم بسبب رأي مهني سديد في التقارير المالية."

