الأموال
الأموال

مركز الأموال للدراسات

استاذ زراعة المنوفيه : الاقتصاد الأخضر في بليم... استثمارات المناخ تعيد رسم خريطة النمو العالمي

فتحى السايح -

كشف ا.د إبراهيم درويش وكيل كلية زراعة المنوفية السابق واستاذ الزراعة

مع انطلاق المؤتمر الثلاثين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغيّر المناخ (COP30) في مدينة بليم البرازيلية خلال الفترة من 6 إلى 21 نوفمبر 2025، تتحوّل أنظار العالم من الشعارات البيئية إلى لغة الأرقام، إذ أصبحت الاستثمارات الخضراء والطاقة المتجددة محركات رئيسية للاقتصاد العالمي الجديد.

التحوّل المناخي... من العبء إلى الفرصة

واضاف فى تصريحات صحفية اليوم بعد ثلاثين عامًا من المفاوضات، بات تغيّر المناخ قضية اقتصادية قبل أن يكون بيئية.

واوضح ان تقديرات البنك الدولي تشير إلى أن الخسائر السنوية الناجمة عن الكوارث المناخية تتجاوز 300 مليار دولار عالميًا، فيما يتطلب تحقيق أهداف اتفاق باريس استثمارات تتخطى 4 تريليونات دولار سنويًا حتى 2030.

ولفت استاذ الزراعة في المقابل، يقدّر تقرير وكالة الطاقة الدولية (IEA) أن التحوّل إلى الطاقة النظيفة قد يخلق أكثر من 14 مليون وظيفة جديدة بحلول 2030، مقابل فقدان نحو 5 ملايين وظيفة في الصناعات الأحفورية، ما يعني أن الانتقال العادل للطاقة هو أيضًا إعادة هيكلة اقتصادية شاملة.

الطاقة المتجددة... سوق بـ 2.2 تريليون دولار

وقال درويش في عام 2024، بلغ حجم الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة نحو 2.2 تريليون دولار، بزيادة 20% عن العام السابق، لتصبح ثاني أكبر قطاع استثماري في العالم بعد التكنولوجيا الرقمية.

واوضح تقود الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أكثر من 75% من هذه الاستثمارات، بينما لا تتجاوز حصة القارة الإفريقية 2% فقط، ما يضع العدالة التمويلية في صلب نقاشات مؤتمر بليم.

وأشار إلى ان المؤتمر يهدف إلى تسريع الوصول إلى صافي انبعاثات صفري بحلول 2050، من خلال خطط وطنية جديدة لخفض الانبعاثات وتحفيز الاستثمار في الطاقة النظيفة، إذ تشير الدراسات إلى أن كل دولار يُستثمر في التحوّل الأخضر يحقق عائدًا اقتصاديًا يتراوح بين 3 و8 دولارات في الأجل المتوسط.

مصر... نموذج التحوّل المتوازن

وقال تعد مصر من أبرز الدول النامية التي انتقلت من مرحلة الالتزامات إلى التنفيذ.

ففي إطار الاستراتيجية الوطنية للمناخ 2050، تستهدف الدولة خفض انبعاثات قطاع الكهرباء بنسبة 37% بحلول 2030، ورفع حصة الطاقة المتجددة إلى 42% من مزيج الطاقة.

وتبلغ القدرات المركّبة من الطاقة الشمسية والرياح حاليًا نحو 7 غيغاوات، مقارنة بـ 2.8 غيغاوات فقط عام 2019.

بلغت الاستثمارات الخضراء في مصر خلال الفترة (2023–2025) نحو 13 مليار دولار، بزيادة 35% عن الأعوام الثلاثة السابقة.

كما ساهمت مشروعات بنبان للطاقة الشمسية (1.65 غيغاوات) وخليج السويس للرياح (500 ميغاوات) في خفض انبعاثات تعادل نحو 2.5 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.

وفي قطاع النقل، أسهم برنامج إحلال السيارات للعمل بالغاز والكهرباء في خفض استهلاك الوقود التقليدي بنحو 10% سنويًا.

واوضح استاذ زراعة المنوفيه رغم تعهد الدول المتقدمة بتوفير 100 مليار دولار سنويًا للدول النامية منذ عام 2009، لم يتجاوز التمويل الفعلي 83 مليار دولار حتى عام 2024.

هذا العجز المالي دفع مصر — ومعها الدول الإفريقية — إلى المطالبة في مؤتمر بليم بآليات تمويل مستدامة ومباشرة، تُربط بمشروعات واضحة الأثر في الطاقة والمياه والزراعة.

ويركّز الوفد المصري في بليم على تفعيل صندوق الخسائر والأضرار الذي أُقرّ رسميًا في COP28، لتوفير دعم حقيقي للدول الأكثر تضررًا من موجات الجفاف والفيضانات، مع الدعوة إلى زيادة تمويل التكيّف بنسبة 50% من إجمالي التمويل المناخي العالمي.

الاقتصاد المناخي... ملامح العقد القادم

وقال التحوّل المناخي لم يعد عبئًا على الاقتصادات، بل أصبح فرصة استثمارية ضخمة.

فوفقًا لتقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي، قد تصل قيمة سوق الاقتصاد الأخضر عالميًا إلى 10 تريليونات دولار سنويًا بحلول 2030، تشمل الطاقة النظيفة، النقل الذكي، والزراعة المستدامة.

وفي هذا السياق، تمضي مصر بخطى متسارعة نحو اقتصاد منخفض الكربون، قائم على الشراكات الدولية، وتمويل الابتكار، وربط النمو الاقتصادي بالحفاظ على البيئة.

وبينما تتفاوض الدول في بليم حول الأرقام والنسب، تظل الحقيقة الثابتة أن كل استثمار في المناخ هو استثمار في مستقبل الاقتصاد نفسه.