خبير اقتصادي يحذر من تصاعد غسل الأموال عبر التكنولوجيا

حذر الدكتور محمد عبد الوهاب، المحلل الاقتصادي والمستشار المالي، من تزايد استغلال التكنولوجيا الحديثة ومنصات التواصل الاجتماعي في تنفيذ عمليات غسل الأموال عالميًا، معتبرًا أن هذه الظاهرة باتت من أخطر التحديات التي تواجه الاقتصاد الدولي وأنظمة الرقابة المالية.
تكنولوجيا التواصل تتحول إلى منصات لغسل الأموال
أوضح عبد الوهاب أن تطبيقات مثل "تيك توك"، "إنستغرام"، "تليجرام" و"سناب شات" أصبحت بيئة خصبة لضخ أموال مشبوهة تحت غطاء إيرادات رقمية، سواء عبر الهدايا الافتراضية أو الحملات الترويجية الوهمية. كما تُستغل التطبيقات المشفرة مثل "واتساب" و"سيغنال" لتنسيق التحويلات المالية بسرية بالغة، مما يصعّب عملية تتبع مصادر الأموال.
أرقام صادمة.. 5 تريليونات دولار سنويًا
استنادًا إلى تقارير أممية ودولية، أشار عبد الوهاب إلى أن حجم الأموال المغسولة عالميًا يتراوح بين 3 و5 تريليونات دولار سنويًا، أي ما يعادل 3-5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. كما ارتفع غسل الأموال عبر العملات المشفرة من مليار دولار في 2018 إلى 40.9 مليار دولار بنهاية 2024.
الأساليب الأكثر شيوعًا
كشف عبد الوهاب أن 50% من عمليات غسل الأموال تتم عبر هياكل مؤسسية معقدة، ويُستخدم العقار في نحو 30% منها. وتشمل الأساليب الأخرى:
إنشاء شركات وهمية أو أعمال زائفة.
غسل الأموال عبر التجارة الدولية (التلاعب بالفواتير).
شراء عقارات في أسواق تفتقر للرقابة.
تهريب الأموال نقدًا عبر الحدود.
استغلال التمويل اللامركزي (DeFi) غير الخاضع للرقابة.
إفريقيا تخسر 90 مليار دولار سنويًا
في القارة الإفريقية، تقدر الخسائر الناتجة عن التدفقات المالية غير المشروعة بنحو 90 مليار دولار سنويًا، أي ما يعادل 3.7% من الناتج الاقتصادي للقارة.
خريطة الدول المتورطة
وفق مؤشر بازل لمكافحة غسل الأموال 2025، تتصدر هايتي وتشاد وميانمار وجمهورية الكونغو الديمقراطية وموزمبيق وغينيا بيساو والجابون وفنزويلا قائمة الدول الأكثر عرضة للمخاطر، في ظل ضعف الرقابة وغياب الشفافية. كما تشهد اقتصادات كبرى مثل الولايات المتحدة، الصين، روسيا والمكسيك معدلات مرتفعة بسبب ضخامة حجم المعاملات المالية.
الشرق الأوسط تحت المراقبة
ذكر عبد الوهاب أن موريتانيا احتلت سابقًا المرتبة الـ13 عالميًا في مؤشرات المخاطر، بينما تواجه الإمارات، كمركز مالي إقليمي، ضغوطًا دولية لتشديد إجراءات مكافحة غسل الأموال.
التكنولوجيا.. سلاح مزدوج
رغم المخاطر، شدد عبد الوهاب على إمكانية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين لتعقب حركة الأموال وكشف الأنماط المشبوهة، داعيًا لتشريعات مرنة تواكب التطور التقني، ولرفع وعي الشباب بمخاطر الانخراط في معاملات مالية غير مشروعة.
تحرك عالمي متزايد
أشار عبد الوهاب إلى أن عام 2024 شهد فرض أعلى قيمة غرامات مالية على مؤسسات متورطة في غسل الأموال، خصوصًا في الولايات المتحدة، في مؤشر على تصاعد الإجراءات الرقابية.
واختتم بالتأكيد على أن المواجهة الفعّالة تتطلب تحديث القوانين وتعزيز التعاون الدولي، لملاحقة الأساليب الرقمية المستجدة التي يعتمدها المجرمون لإخفاء الأموال القذرة.