رشا القاضي: رفع اسم «أبو مينا» من القائمة الخطر بداية لنهضة سياحية تعتمد على الثقافة والتنمية

أكدت المهندسة رشا القاضي، المتخصصة في السياحة المستدامة وريادة الأعمال وعضو الأمانة العامة لريادة الأعمال بحزب الجبهة الوطنية، أن قرار منظمة اليونسكو بشطب موقع "أبو مينا" من قائمة المواقع المعرضة للخطر، يعكس نجاحًا نوعيًا يُضاف إلى الجهود الوطنية في صون المعالم التاريخية، ويبرهن على جدية الدولة في إعادة الاعتبار لمواقعها الأثرية على الساحة الدولية.
وأضافت القاضي أن هذا التحول الإيجابي لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة تعاون استمر لنحو 20 عامًا بين الجهات المعنية داخل مصر ومكتب اليونسكو الإقليمي بالقاهرة، إلى جانب مساهمة المجتمع المحلي، ما يؤكد فاعلية التخطيط التشاركي طويل الأجل إذا اقترن بالإرادة والتنسيق.
وتابعت موضحة أن إدراج "أبو مينا" على القائمة الحمراء عام 2001 كان يمثل إنذارًا مبكرًا، لكنه لم يكن نهاية المطاف، بل دفع الجهات المصرية المعنية إلى إطلاق برنامج طموح لإعادة تأهيل الموقع، شمل تحسين البنية التحتية ومعالجة مشكلات الصرف، بما ساعد في تهيئته مجددًا أمام الزائرين. وأشارت إلى ضرورة استثمار هذا التحول إعلاميًا وسياحيًا لتقديم صورة واقعية عن مصر كبلد يمتلك القدرة على إنقاذ مواقعه الأثرية وإعادة إحيائها.
وشددت القاضي على أن السياحة الثقافية لم تعد مجرد نشاط ترفيهي، بل قطاع اقتصادي متكامل يسهم بنحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي ويخلق ما يزيد عن مليوني فرصة عمل، بحسب بيانات وزارة السياحة لعام 2024. وتوقعت أن يشهد هذا القطاع قفزات واسعة عالميًا، مع بلوغ قيمة سوق السياحة الثقافية أكثر من 1.2 تريليون دولار بحلول 2030، استنادًا إلى تقارير منظمة السياحة العالمية.
ودعت إلى ضرورة تبني خطة وطنية تستوعب أهمية المواقع التراثية وتربطها مباشرة بمسارات التنمية، من خلال دمج الثقافة ضمن أولويات الاقتصاد الوطني، لا كعنصر رمزي، بل كركيزة داعمة للنمو المستدام. وقالت إن الاحتفاء بالتراث لا يجب أن يتوقف عند الترميم فحسب، بل يتطلب دمج هذا المكون الحضاري في السياسات التنموية باعتباره أداة فعالة لبناء الصورة الذهنية وتعزيز العلاقات الدولية.
وفي سياق متصل، دعت القاضي إلى تمكين الشباب من لعب دور قيادي في هذا المجال، عبر دعمهم من خلال مبادرات مثل "حافز" التي توفر تمويلًا وتدريبًا لرواد الأعمال. وأكدت أن مصر تضم طاقات شابة قادرة على تقديم حلول مبتكرة في مجالات التكنولوجيا والسياحة إذا ما توفرت لهم البيئة الحاضنة والمحفزة.
كما استعرضت القاضي نماذج إقليمية ناجحة، منها تجربة الإمارات التي استطاعت تنشيط حركة السياحة الثقافية بعد تسجيل موقع "فايا" بالشارقة ضمن قائمة التراث العالمي، وهو ما ساهم في جذب مزيد من الزوار ودعم الاقتصاد المحلي. وأشارت إلى أن مصر قادرة على تحقيق نجاح مماثل إذا تم توظيف إمكاناتها التراثية بطريقة أكثر احترافية وذكاء تسويقي.
واختتمت القاضي تصريحها بالتأكيد على أن مصر تمتلك مفاتيح الريادة في السياحة الثقافية، لما تملكه من مخزون حضاري فريد وكوادر بشرية مؤهلة، مشددة على أن النجاح يبدأ من النظرة الجادة للتراث باعتباره فرصة للاستثمار والبناء وليس مجرد مظهر احتفالي.