الملاذ الآمن: قفزة في أسعار الفضة محليًا وعالميًا وسط مخاوف جيوسياسية وتيسير نقدي مرتقب

سجلت أسعار الفضة قفزة قوية خلال تعاملات اليوم الجمعة، لتلامس أعلى مستوياتها منذ 13 عام مدعومة بمزيج من التوترات العالمية وتوقعات خفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، في وقت يتجه فيه المستثمرون نحو الملاذات الآمنة.
وارتفع سعر أوقية الفضة عالميا إلى 37.90 دولار، متجاوز القمة التي سجلها في فبراير 2012 عند 37.49 دولار فيما صعد سعر جرام الفضة عيار 800 محليا إلى 51.25 جنيه، بزيادة قدرها 0.75 جنيه.
الملاذات الآمنة تعود للواجهة الفضة تقود المكاسب
بحسب تقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن» (Safe Haven Hub)، فإن تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتزايد الحديث عن تيسير السياسة النقدية في الولايات المتحدة، دفع المستثمرين إلى تعزيز حيازاتهم من الفضة، التي ارتفعت بأكثر من 30% منذ بداية 2025.
كما بلغ سعر جرام الفضة عيار 925 نحو 59.50 جنيه، وعيار 999 نحو 64 جنيها بينما وصل سعر جنيه الفضة (عيار 925) إلى 476 جنيها.
دوافع القفزة.. ترامب يعيد إشعال الحرب التجارية
جاءت هذه القفزة في أسعار الفضة مدفوعة بعودة نبرة التصعيد في الحرب التجارية، إذ فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوم جمركية جديدة على كندا (35%) والبرازيل (50%)، مع تهديدات بفرض رسوم إضافية تصل إلى 20% على شركاء تجاريين آخرين.
وقد أسهمت هذه الخطوات في اضطرابات بسوق العملات، تراجع خلالها الدولار الكندي والريال البرازيلي، ما عزز التدفقات الاستثمارية نحو المعادن النفيسة.
مؤشرات الفيدرالي تفتح شهية الأسواق
تزامنت هذه التطورات مع إشارات من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي باحتمال اللجوء إلى خفض مزدوج للفائدة خلال العام الجاري، في ظل تراجع طلبات إعانة البطالة إلى 227 ألف طلب، بما يعكس مرونة سوق العمل لكنه لا يغير التوجه الحذر للبنك المركزي.
الفجوة مع الذهب تعزز جاذبية الفضة
أوضح تقرير صادر عن معهد الفضة أن النسبة المرتفعة بين سعر الذهب إلى الفضة خلال الربع الثاني جعلت المعدن الأبيض يبدو "منخفض القيمة نسبيا ما حفز مستثمري صناديق المؤشرات على زيادة حيازاتهم، والتي تجاوزت 95 مليون أوقية خلال النصف الأول من 2025، لترتفع إجمالي الحيازات إلى 1.13 مليار أوقية بقيمة تتجاوز 40 مليار دولار للمرة الأولى في التاريخ.
العرض تحت الضغط والعجز مستمر للعام الخامس
رغم النمو القوي في الطلب، يعاني المعروض العالمي من الفضة من عجز سنوي مستمر منذ 2021، وقد بلغ العجز في 2023 نحو 184 مليون أوقية.
ويتوقع تكراره خلال 2025، في ظل تراجع الإنتاج من المناجم الأساسية، واعتماد السوق بنسبة 70% على الفضة المستخرجة كمُنتج ثانوي من معادن مثل الزنك والنحاس.
الطلب الصناعي يتصدر المشهد والطاقة الشمسية في المقدمة
وتظهر بيانات المعهد أن الطلب الصناعي، خاصة من قطاعات التكنولوجيا الخضراء والطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية، يواصل دفع أسعار الفضة للأعلى.
ومن المتوقع أن يستحوذ قطاع الطاقة الشمسية وحده على 30% من الإنتاج العالمي السنوي بحلول 2030، مع استخدام كل لوح شمسي لنحو 20 جرام من الفضة.
توقعات متفائلة والرهانات تتجه نحو 40 دولار
توقعت بنوك استثمار عالمية كبرى، من بينها "بنك أوف أمريكا"، و"جيه بي مورجان"، و"ساكسو بنك"، أن يصل سعر أوقية الفضة إلى 40 دولارًا خلال 2025 أو 2026.
وتشير هذه التقديرات إلى استمرار الزخم الحالي بدعم من سياسات نقدية توسعية، وضعف الدولار، ونمو الطلب الصناعي.
تحول استراتيجي في مركز الفضة
كانت أعلنت روسيا عام 2023 عن خطة لشراء ما قيمته 535 مليون دولار من الفضة عبر بنكها المركزي، ما يعكس تغير استراتيجي في النظرة للمعدن، الذي بدأ في التحول إلى أصل استثماري مستقل، له محركاته وسلوكه الخاص بعيد عن الذهب.
فرصة نادرة أم فقاعة مؤقتة؟
رغم تقلبات السوق، يرى محللون أن عامي 2025 و2026 قد يمثلان لحظة تحول فارقة للفضة، وسط ندرة العرض، وذروة الطلب الصناعي، وزيادة المخاطر العالمية، ما يجعلها مرشحة للعب دور أكثر بروز في المحافظ الاستثمارية عالميا﮼