زياد بهاء الدين: الاقتصاد في حاجة إلى «تحرير ذكي» يوازن بين القطاع الخاص والدور الحكومي

في تصريحات مهمة تناولت دور الدولة في إدارة الاقتصاد وتوجيه المجتمع، أكد الدكتور زياد بهاء الدين، الخبير الاقتصادي ونائب رئيس الوزراء الأسبق، أن الدولة لا تزال تمثل الفاعل الأهم في تشكيل الواقع العام، سواء على مستوى التشريع، أو صناعة الرأي، أو الإعلام، مشددًا على أن هذا التأثير يجعل من دور الدولة عاملًا محوريًا في أي محاولة لتغيير المجتمع.
وأشار بهاء الدين إلى أن منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها مصر، شهدت تاريخيًا دورًا طاغيًا للدولة في إدارة الشأن الاقتصادي، موضحًا أن هذا الدور لم يكن ثابتًا، بل عرف فترات من التراجع والتمدد تبعًا للظروف السياسية والاقتصادية المحلية والدولية.
وأوضح أن العقود من الخمسينيات حتى السبعينيات اتسمت بسيطرة شاملة للدولة في ظل التوجه الاشتراكي الذي كانت مصر جزءًا منه، قبل أن يبدأ الانفتاح الاقتصادي في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات في تقليص هذا الدور جزئيًا وفتح المجال أمام القطاع الخاص، إلا أنه يرى أن السنوات العشر أو الخمس عشرة الأخيرة قد شهدت عودة واضحة للدور المركزي للدولة، وربما بدرجة أكبر من ذي قبل.
واعتبر بهاء الدين أن هذه العودة يجب ألا تُقرأ فقط من منظور سيطرة الدولة على مفاصل الاقتصاد، بل من حيث تأثيرها الواسع في تشكيل البيئة العامة، بما في ذلك مناخ الاستثمار والقرارات الاقتصادية الكبرى.
وقال إن المسألة لا تتعلق فقط بالمال أو رأس المال، بل بـ"الطاقة" التي تحرك المجتمعات والدول، وهو ما يجعل من الصعب على أي فاعل اقتصادي أن يعمل خارج ظل الدولة.
وفي هذا السياق، دعا زياد بهاء الدين إلى ضرورة تبني سياسة "تحرير منظم" للاقتصاد، لا تقوم على إلغاء دور الدولة أو البيروقراطية أو التنظيم، وإنما تهدف إلى تقليص أثر الدولة التدخلي بشكل تدريجي وذكي، بما يسمح بنمو القطاع الخاص دون فوضى، مستبعدًا في الوقت ذاته النهج الراديكالي الذي شهده العالم في بعض التجارب الغربية مثل ما حدث في الولايات المتحدة على يد دونالد ترامب أو إيلون ماسك.
وأكد بهاء الدين على أن المسألة ليست في "كم" الدور الذي تلعبه الدولة، وإنما في "كيف" يتم هذا الدور، مشددًا على أهمية إيجاد توازن مدروس بين التمكين الاقتصادي للدولة، وفتح المجال أمام القطاع الخاص والطاقات المجتمعية للمساهمة في التنمية.